بعد انقطاع بسبب كورونا.. صيادو العقبة يعودون للبحر والسنارة

أيمن فضيلات-العقبة
بعد انقطاع استمر نحو شهر، عاد الصياد بدر ياسين لبحره وأسماكه. تفقد القارب والمحرك، وحمل معه الشباك بأنواعها (الشوار والشاهة والسخوة)، التي تعينه على قضاء يوم شاق بالبحر، وثلاجة لحفظ الغلة.
يغادر بيته فجرا، متجهزا بالطعوم والسنانير، متنقلا بقاربه بين جنبات بحر العقبة، باحثا عن أنواع السمك والغلة الوفيرة، مستغلا ساعات الصيد المسموح بها قبل إعلان حظر التجول في السادسة مساء.
يقول ياسين للجزيرة نت "قرار عودة الصيادين لعملهم وتخفيف إجراءات حظر التجوال أنقذنا من هجر البحر"، مضيفا "نشأت في البحر وامتهنت الصيد مبكرا، ويشكل مصدر دخلي وعائلتي الذي نعيش منه".
وأعلنت السلطات الأردنية تخفيف إجراءات الحظر عن محافظة العقبة مؤخرا، وسمحت للصيادين بممارسة أعمالهم ضمن شروط صحية، فتوجه 120 صيادا لأعمالهم، ممن يحملون الرخص الخاصة بذلك.

هموم الصياد
وخلال جولة الجزيرة نت على شاطئ الصيادين، تجمع الصيادون ليشكوا همومهم ومشاكلهم؛ فالبحر ضيق، ومساحات الصيد المسموح بها قليلة، والممنوعات تتوسع على حساب الصيادين.
الصياد الخمسيني ماهر حريز أفنى ثلثي عمره في الصيد، ويقول للجزيرة نت إن المنطقة المسموح للصياد بالتحرك فيها ضيقة، فمناطق المرجان والمحميات البيئية، والمناطق الحدودية، والمياه الجنوبية الضحلة بجانب الموانئ وفيرة الأسماك، وشواطئ الفنادق والاستثمارات السياحية كلها يمنع الصيد بها، ويتبقى نحو 17 كيلومترا يتحرك فيها 170 صيادا مرخصا بمراكبهم.
ورغم ذلك، يتغلب الصيادون على مشاكلهم ويستخرجون من البحر أنواعا متعددة من الأسماك، التي تتنوع حسب الموسم. وخلال الأيام الأولى من عودة الصيد، استخرج الصيادون نحو أربعة أطنان، وهي ضعف الكميات المستخرجة في باقي الأيام.

الشوار والسخوة
يستخدم ياسين لصيد الأسماك بالسنارة والخيط بواسطة الطعوم، وكذلك الشوار، وهو عبارة عن شباك طولها ثلاثون مترا وعرضها متران، وفي طرفها قطع من الرصاص تساعدها على النزول في الماء، وفي الطرف الآخر قطع من الفلين، ومنها ما يستخدم لصيد الأسماك الصغيرة، وأخرى للأسماك الكبيرة.
وهناك شبك أخرى تعرف لدى الصيادين "بالشاهة"، وتأخذ الشكل الدائري، وتستخدم لاصطياد الأسماك القريبة من الشاطئ.
أما السخوة، فهي عبارة عن قفص من الشبك الحديدية له فتحة تمتد للداخل، وحجمه متر بالعرض ومتر بالطول، ونصف متر ارتفاعا، ويعد مصيدة للأسماك الكبيرة في قاع المياه، ويوضع به طعم خاص، وينزل لقاع البحر بواسطة أثقال حجرية.

صيد وسياحة وصناعة
المساحة الكلية لبحر العقبة تمتد لـ27 كيلومترا، مقسمة بين المنشآت السياحية، والقطاعات الصناعات، ومناطق الصيد، وهي الأوسع ومساحتها 17 كيلومترا"، كما يقول مفوض البيئة في العقبة سليمان النجادات للجزيرة نت.
ويتابع النجادات أن العمل يجري لإكمال بناء وتجهيز حوض خاص للصيادين في منطقة الشاطئ الأوسط، ويشمل سوقا لعرض وبيع وحفظ الأسماك الطازجة، ومرسى للقوارب ومشاغل لصيانتها، وأماكن لبيع أدوات الصيد، ليشكل معلما سياحيا بارزا في العقبة.
وبحر العقبة -رغم صغر مساحته- فإنه متنوع بأنشطته، فهناك استثمارات سياحية للفنادق العالمية، ويضم ثلاثين موقعا لممارسة الرياضات المائية والغوص، ومحميات بيئية لحماية المرجان والحياة البحرية المتنوعة، وموانئ للركاب والحاويات والبضائع والنفط والغاز، وشواطئ عامة للتنزه، وحدائق للأطفال على جانب البحر.

الصيادية والطرطور
وعلى جنبات الشاطئ يتلقف تجار الأسماك وأصحاب المطاعم السمك المخزن في ثلاجات الصيادين، يبتاعونه بسعر حددوه فيما بينهم مسبقا.
تتجه بعدها الأسماك الطازجة نحو بسطات العرض المثلجة أمام الزبائن في أسواق السمك، ومنها كميات للمطاعم تجهز بها الأكلات المشهورة لدى أهل العقبة، كالصيادية والطرطور والكُشنا والطاجن، إضافة إلى صواني السمك المقلي بالزيت، أو المشوي بالأفران، أو المحضر على الفحم.

وتتسيد الصيادية المجهزة من الأسماك الطازجة مع الأرز مائدة العقباويين، تطهى الأسماك مع البصل والفلفل والبهارات الخاصة بها، ثم تخرج، ويجهز الأرز مع مرق السمك، ويقدم طبق الأرز مزينا بالسمك المطهي مع مقبلاته.
أمّا أكلة الكُشنا العقباوية الشهيرة، فتجهز بقلي السمك مع البصل بالزيت، وتضاف لها الطماطم والفلفل والبهارات، وتؤكل مع الأرز المفلفل.