أمستردام مدينة التناقضات.. فكر وفن ورومانسية
هلا الخطيب-أمستردام
أمستردام مدينة رباعية الشخصية، تشعر عند زيارتها بأنك ربما انتقلت إلى كوكب من السحر. هي العاصمة المنشغلة دوما، ومدينة العشاق الغارقة في رومانسية الألوان، ومدينة الثقافة والفن.
هي عاصمة هولندا المملكة البرلمانية بأراضيها التي يقع نصفها تحت مستوى سطح البحر. وفيها عدد من المتاحف، منها متحف الرسام فان غوخ الشهير الذي يقدم للسائح تجربة بصرية فريدة إلى جانب لوحات غوخ الثمينة. ومتحف مدام توسو الشمعي للشخصيات العالمية، حيث يأخذ السائح صورا مع أي شخصية يختارها وتبدو حقيقية لشدة الدقة في صنعها.
أما الساحات والأسواق فهي متناغمة تماما في هندستها المعمارية مع الجو الساحر للمدينة، وأشهرها ساحة دام سكوير حيث المعالم السياحية والأسواق التجارية والأنشطة الثقافية المختلفة. ولكن تبقى قنوات أمستردام قصة أخرى.
قنوات لها قصص تاريخية
بنيت القنوات المائية في القرن الـ17، وهي تطوق المدينة وتستخدم للنقل والتجارة، وتعتبر طريقة دفاعية لاستيعاب الفيضانات التي تغمر البلاد من حين لآخر. وفي عام 2010 ضمت إلى لائحة مواقع اليونسكو للتراث العالمي. إضافة إلى دورها في إضفاء جو من الهدوء والسكينة على المنطقة.
كما أن الجسور فوق القنوات مرصوفة بطريقة فنية جميلة تكسوها الأزهار الملونة على الجوانب. وعلى ضفاف القنوات تنتشر الأشجار الباسقة والعمارات التقليدية الجميلة، والنصب التذكارية.
لا بد من رحلة عبر القنوات المائية لترى المباني الجميلة الخريفية اللون بمعظمها، وتسمع عن تاريخ البناء وحروب هولندا وملوكها وفنانيها. من القارب السياحي ترى المدينة من زوايا مختلفة، ويمكن أيضا أن تقود القارب وتتحرك في القنوت بإرشادات صاحبه.
من الماء إلى اليابسة
وسيلة أخرى للتنقل في أمستردام هي الدراجات الهوائية، فلا تتوقع أن يكون لسيارتك مكان في المدينة. يخبرك صاحب الفندق أنه سجل اسمه على لائحة الانتظار لجلب سيارته إلى المدينة، ويظن أنه سينتظر كثيرا على الأرجح. فالمدينة محدودة العدد في السيارات، ووسائل النقل العامة داخلها تعتمد على الترام الكهربائي، والحافلات مخصصة لخارج المدينة فقط.
حتى الطرقات قرب القنوات تظهر أنها غير مخصصة للسيارات. لذا فالتجربة الأجمل والأجدى هي الدراجات الهوائية. ويخصص للسياح دراجات ملونة لتمييزهم عن المواطنين الذين ربما ولدوا على ظهر دراجة. وتراهم يحذرون بعضهم البعض صارخين "سائح"، فالسياح لا يجيدون الالتفاف بدراجاتهم ولا يعرفون الطرقات الضيقة مثلهم. ورغم هذا تبقى تجربة ركوب الدراجة الهوائية جميلة ومنعشة.
حكاية العليات
إضافة إلى البيوت العائمة على ضفاف القنوات، هناك أبنية أمستردام القديمة العالية، وهي متشابهة في الشكل، وضيقة نسبة للنظام الضرائبي القديم الذي يزيد كلما كبر الحجم الداخلي للمنزل. وينتهي الطابق الأخير بعلية صغيرة تعطي الطابع العام للمدينة.
قائد القارب السياحي يقول إن نساء هولندا كن يعاقبن أزواجهن إذا عادوا متأخرين من السهرة بالنفي في العلية والنوم هناك.
بعض الفنادق القديمة في أمستردام يزداد سعر الإقامة فيها إذا كان خيار السائح استئجار العلية بشباكها الكبير الذي يطل على القناة، حيث تكون الإطلالة ساحرة، ويستطيع السائح الجلوس على العتبة الكبيرة للنافذة المطلة لمشاهدة أقرب وأجمل.
كثيرة هي التذكارات التي يمكن اصطحابها من المدينة الهادئة، مثل الأجبان ذات الأطعمة الغريبة والشهية في آن والممزوجة مع الأعشاب، ومحلاتها تكون عبارة عن أقبية حيث تعتّق بطرق مختلفة.
هناك أيضا البسكويت المحشي بالعسل الذي يعد من أشهى الحلويات التي يمكن شراؤها كهدية.
ومن سوق الأزهار العائم الجميل تغريك الصور الملونة لأغلفة البذور الصغيرة والكبيرة للأزهار، وأشهرها زهرة التوليب بتشكيلاتها الرائعة فلا تستطيع منع نفسك عن شراء كيس بصل التوليب لزراعته في بلدك.
وبالتأكيد هناك القبقاب الخشبي التقليدي الذي رغم عدم استخدامه في الحياة العملية فإنه يظل رمزا مميزا لهولندا عامة، وتنتشر محلات تصنيعه فتجده خشبا خاما إلى أن يتحول إلى قبقاب مصقول وملون أمام ناظريك.