ليست صدفة.. لماذا نشعر بالراحة في غرف الفنادق أكثر من المنزل؟
فراش أبيض وثير، مملوء بالوسائد المكتنزة الناعمة، وطبقات من الأغطية النظيفة المشدودة بإحكام، مع إضاءة غير مباشرة موزعة في جميع أركان الغرفة، شديدة التنظيم، مجموعة من المجلات، وستائر ثقيلة تحجب الضوء وإطلالة مميزة من نافذة غرفة الفندق، الذي تلجأ إليه بعد رحلة سفر طويلة عادة.
إذا كنت تشعر بالراحة والاسترخاء بمجرد دخولك إلى غرفة الفندق، فأنت لست وحدك، هناك الملايين حول العالم يجدون راحتهم في هذه الغرف، لكن ما هي الأسباب العلمية لذلك؟
يجد العديد من الأشخاص أنه من الأسهل الحصول على قسط من الراحة طوال الليل بعيدًا عن عوامل التشتيت المعتادة في منازلهم.
في الفندق، لن تثقل كاهلك بأفكار المهام غير المكتملة حول المنزل، مثل إخراج القمامة أو التساؤل عما إذا كنت قد أغلقت الباب، وعن تنظيف المنزل وجمع الملابس وتنظيفها وكيها، لا سيما هؤلاء الذين لديهم أطفال صغار أو حيوانات أليفة، فإنهم عادة لا ينعمون بأي مساحة منظمة في منازلهم، مهما بلغت درجات الرفاهية بها.
ولتدرك حجم مشكلة النوم لدى الأمهات للأطفال حديثي الولادة، فقد كشفت دراسة بريطانية أن الآباء يخسرون 44 يوما من ساعات نومهم المعتادة خلال العام الأول للطفل.
بيئة مثالية للنوم
غرف الفندق مجهزة جيدًا للنوم، حيث يتم تجهيز العديد منها بدرجة حرارة منخفضة، وقد ثبت أن الغرف ذات درجة الحرارة المنخفضة يمكن أن تساعدك على النوم بشكل أسرع، حتى عند الاستيقاظ فسوف تشعر بمزيد من الانتعاش، وهي تتراوح بين 19-21 درجة مئوية.
يمكن أن يكون للإضاءة أيضًا تأثير كبير على النوم، لذلك تحتوي العديد من غرف الفنادق على ستائر معتمة لمساعدتك على النوم العميق بسهولة، ويعد توفير هذه الخيارات طريقة رائعة لضمان أفضل ليلة نوم ممكنة بعيدًا عن بيئة المنزل.
توفر معظم الفنادق للضيوف مجموعة متنوعة من الوسائد الفاخرة لتخفيف أي أوجاع وآلام في الرقبة والظهر، وتعزيز محاذاة العمود الفقري بشكل صحي. غالبًا ما يتم تجاهل استبدال الوسائد في المنزل عندما يصبحون متعبين. لكن، في الفنادق يتم تغيير الوسائد بانتظام مما يضمن حصول الضيوف دائمًا على أفضل جودة للنوم.
ويعلم الجميع شعور النوم على فراش جديد، وهنا وجه آخر للجودة تقدمه الفنادق، إذ تلتزم بسياسات تنظيف صارمة، والتي أصبحت ذات أهمية متزايدة في ضوء جائحة كورونا، مما يعني أن غسل الأغطية بانتظام لن يصبح رفاهية وإنما هو واجب لمنع العدوى.
تعمد الفنادق الفاخرة عادة على لونين أو 3 على الأكثر في تصميم حوائط غرفة النوم وخطوط بسيطة مستقيمة ومتناسقة في التصميم، ومن ثم تحجب عن النزيل أي عوامل إزعاج بصري أو تشتت في الألوان والديكور.
تشعرك الفنادق أن العالم أصبح قريبا منك، ولا داعي لمزيد من الحركة، كأن تجد ماكينة القهوة وأنواع الشاي المختلفة على منضدة أمامية، لتستمع بقهوة الصباح دون أن تضطر للنزول إلى مقهى قريب لشربها، هذا إلى جانب مجموعة مميزة من الشوكولاتة الفاخرة في براد (ثلاجة) الغرفة، ولكن احذر من تكلفتها فهي في أغلب الأحيان غير مجانية.
لا تضطرك الفنادق إلى البحث عن شيء، فإذا لم تجد أي وسيلة من وسائل الرفاهية اليومية، تستطيع الاتصال بالاستقبال ليجلبها إلى غرفتك خلال دقائق، وهو ما لا يحدث في منزلك بسهولة.
تأثير الليلة الأولى
لكن هذا لا يعني أن النوم في الفندق مريح للجميع، فهناك نسبة من النزلاء يعانون مما يسمى "تأثير الليلة الأولى" عندما ينامون في مكان غير مألوف.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة براون أنه خلال الليلة الأولى في مكان جديد، يظل نصف الدماغ مستيقظًا أكثر من الآخر، كما لو كان في حالة تأهب قصوى.
وفي الليالي اللاحقة، نام المشاركون في الدراسة براحة أكبر، مما دفع الباحثين إلى الإشارة إلى هذه الظاهرة على أنها تأثير الليلة الأولى.
أول فندق في التاريخ
كأي فكرة تاريخية، تتنازع الشعوب على لقب الريادة في جميع المجالات، وهنا تتنازع فرنسا واليابان وإنجلترا على لقب أول فندق في التاريخ.
وبحسب المصادر التاريخية، فإن صناعة الضيافة بدأت قبل الميلاد مع كهوف تيه لاسكو في فرنسا والتي تم تطويرها لاستيعاب أفراد القبائل الأخرى، هذا إن صحت تسمية تلك الكهوف بأقدم الفنادق.
في العصور القديمة الكلاسيكية، عرفت رومانيا واليونان المنتجعات المشهورة لمن يبحثون عن الراحة والاسترخاء.
وبحلول القرن 17 تم تسجيل أكثر من 600 نزل في إنجلترا وأوائل القرن 19 تم بناء أول فندق حديث في إنجلترا.
لكن في العصر الحديث، وعلى وجه الدقة أوائل سبعينيات القرن الماضي، تم تسجيل أول فندقين في التاريخ باليابان وكان يُطلق عليهما اسم ريوكان. كانت هذه الريوكانات أماكن للراحة للمسافرين على طول طريق الحرير.
شراء الاسترخاء
شهد مجال الفندقة ثورتان، الأولى في مرحلة ما بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، إذ يسمى العصر الذهبي للفندقة، فقد نجحت عائلات مثل ماريوت وهيلتون وبريتزيكر في تكوين ثروات هائلة من التطوير العقاري، ومن ثم الاتجاه إلى عالم الفندقة والرفاهية، ساعدهم على ذلك ارتفاع مستوى الثراء والدخل السنوي لدى العائلات، وأصبح للفنادق نزلاء يسعون للحصول على قسط من الراحة والرفاهية بها، وليس فقط قضاء ليلة أو عدة ليال في رحلات السفر.
أما الثورة الثانية فبدأت من نهاية الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، إذ شهد العالم نموا مذهلا في معدلات السفر للأفراد ورجال الأعمال وتجار التجزئة، فأصبح نمط الحياة، المرتبط بالسفر المتكرر، يستلزم بلا شك الإقامة في فنادق مناسبة، حتى أصبح الفندق جزءا أساسيا من رفاهية الرحلة.