"أنا أقدر".. مبادرة في قطر تستهدف تغيير واقع ومستقبل ذوي الإعاقة
ست حملات في أقل من عام قادت مبادرة "أنا أقدر" للفوز بالنسخة الثالثة من جائزة "أخلاقنا" التي تنظمها مؤسسة قطر سنويا، وتسلط الضوء على الأخلاق الشاملة التي تتفق حولها معظم الديانات والثقافات.
"أنا أقدر" مبادرة طلابية تهدف لإبراز الدور الاجتماعي الفاعل للأشخاص ذوي الإعاقة، وتسليط الضوء على إسهاماتهم المختلفة، ليرتقي المجتمع بفكره من حصر تلك الفئة في دور المتلقي، إلى الاحتفاء بجهودهم في دور العامل المعطاء.
انطلقت المبادرة من مركز الدمج ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة قطر، في مايو/أيار 2019، وضمت في عضويتها أكثر من 100 شخص غالبيتهم من أصحاب الهمم، ونظمت 6 حملات هي "مشكورين"، و"ما قصرتو"، و"عشانك"، و"وفاء"، و"ديرتنا"، و"تصدق معنا".
تمكين ودمج وتكافل
ويعتبر فهد الحمد رئيس مبادرة "أنا أقدر" أن الفوز بجائزة (أخلاقنا) أفضل مكافأة على الجهود التي بذلها جميع الأعضاء على مدار عام "كما أنها تعزز ثقتنا في أنفسنا وثقة ذوي الإعاقة في قدرتهم على القيام بدور مفيد لخدمة المجتمع".
ويقول الحمد للجزيرة نت، إنه قبل 5 أعوام كان شخصا مختلفا للغاية تؤثر فيه إعاقته الحركية وتبعده عن المجتمع، ولكن طريقة تفكيره تغيرت مع الوقت ونضج مع مبادرة "أنا أقدر" التي أصقلت قدرته على العطاء وأظهرت طاقاته لخدمة المجتمع.
ويرى أن نجاح المبادرة يرجع إلى تأثيرها الملحوظ على المجتمع من خلال الانخراط في الأنشطة التي تسهم في تعزيز معنى المشاركة بين الجهات المختلفة في الدولة، فضلا عن نشر رسالتها بين جميع الفئات من أجل تعزيز مفاهيم التمكين والدمج والتكافل المجتمعي والعمل الجماعي المشترك في سبيل رفعة وتطور الوطن.
ولم يقف حلم الحمد الطالب بكلية الإدارة والاقتصاد (20 عاما) عند الفوز بجائزة أخلاقنا، وإنما يسعى إلى تقلد أعلى المناصب والمراتب العليا في المجتمع مع أقرانه، وكذلك المساهمة في جعل بلاده في مصاف الدول المتقدمة في كافة المجالات.
وتتمحور جائزة (أخلاقنا) التي أطلقتها مؤسسة قطر عام 2017، حول 4 ركائز أساسية وهي: الرحمة والتسامح والصدق والكرم والتي تشكل الركائز الأساسية في شتى مناحي الحياة، كما تهدف لتكريم النشء والشباب الذين يجسدون مثالا يحتذى بطموحهم لنشر تلك الأخلاق عبر مشروعات أطلقوها لخدمة مجتمعهم ووطنهم، وتلهم الآخرين للقيام بذلك.
التغلب على الإعاقة
بدوره، يؤكد أيوب الجناحي أمين سر مبادرة "أنا أقدر" أن حياته تغيرت كليا بعد الانضمام إلى المبادرة، من شخص يخاف من الناس ويبتعد عنهم إلى آخر محب للتعاون وأكثر اجتماعية، وهو ما ظهر جليا عبر مساهمته مع زملائه للفوز بجائزة أخلاقنا.
الجناجي الذي يعاني منذ ولادته من إعاقة في النطق والكلام، أضاع وقتا طويلا من حياته في الخجل من التحدث مع الناس والبعد عنهم، وهو ما كلّفه أيضا عدم الانتظام في الدراسة لسنوات.
ويوضح الطالب بكلية الإدارة والاقتصاد للجزيرة نت أنه منذ انضمامه للمبادرة شارك في العديد من الحملات والأنشطة الاجتماعية التي غيرت الكثير من أفكاره عن الحياة، وجعلته يتعرف على الناس بصورة جيدة ويتأقلم في التعامل معهم.
ويحلم الجناحي بالمشاركة في الكثير من حملات المبادرة المقبلة من أجل مساعدة الناس وخدمة المجتمع، كما يأمل مستقبلا في تطوير نفسه وقدراته من أجل الوصول إلى الأفضل.
إلهام المجتمع
وتعكس جائزة "أخلاقنا" التزام مؤسسة قطر بإلهام المجتمع وتمكين الجيل الجديد من القادة بدولة قطر، الذين يقدمون بأفعالهم وأقوالهم مثالا إيجابيا ويجسدون أفضل طبائع الإنسانية.
ومن خلال ذلك، سيكون المستفيدون من هذه الجائزة بمثابة سفراء لقيمها بأفعالهم اليومية، ما يلهم غيرهم إلى تبني تلك القيم والامتثال بمبادئها، وبذلك تشكل جائزة "أخلاقنا" إرثا إنسانيا واجتماعيا وأخلاقيا يصل إلى خارج حدود دولة قطر.
كسر حاجز الخوف
"لم أكن جريئة بإظهار مواهبي أمام الناس، ولكن مبادرة أنا أقدر جعلتني أكسر حاجز الخوف وأثق بنفسي وقدرتي على تحدي الصعوبات التي تواجهني"،، بهذه الكلمات روت نور المسلماني تغير شخصيتها بعد الانضمام إلى المبادرة والمساهمة في الفوز بجائزة أخلاقنا.
وتقول نور للجزيرة نت، إنها قبل الانضمام للمبادرة لم تكن الإنسانة التي ترى نفسها فيها، حيث كانت تملك حب التطوع ومساعدة الغير، ولكن إعاقتها البصرية كانت تقف حاجزا أمام هذا الأمر.
وتضيف الطالبة بكلية الآداب والعلوم أن إعاقتها التي عانت منها في سنواتها الأولى بسبب خطأ طبي، لم تقف حائلا أمام مشاركتها بحملات المبادرة المختلفة، خاصة في ظل التوجيهات والدعم الذي تتلقاه من مركز الدمج ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة قطر.
نور (24 عاما) التي تحلم بالتخرج وإكمال مشوارها العلمي بحصد درجتي الماجستير والدكتوراه، تبعث برسالة إلى أصحاب الهمم في كل مكان مفادها "اكسروا حاجز الخوف، وطوِّروا قدراتكم، وأظهروا طاقتكم ومواهبكم من أجل خدمة بلادكم".
وفازت مبادرة "أنا أقدر" بجائزة (أخلاقنا) بفضل سلسلة الحملات التي قدمتها وتهدف إلى إبراز دور الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة النواحي الاجتماعية والخيرية والأكاديمية والاقتصادية والبيئية والتي من أبرزها: حملة "مشكورين" التي سعت إلى تعزيز التكافل الاجتماعي وإبراز أخلاق المجتمع القطري، وحملة "ما قصرتو" التي دعمت فئة كبار السن في المجتمع القطري.
كما استهدفت حملة "عشانك" التوعية بمخاطر سرطان الثدي، وحملة "وفاء" التي تغيت بناء نظام تعليمي مميز، وحملة "ديرتنا" التي عززت الحفاظ على البيئة القطرية، وحملة "تصدق معنا" التي ركزت على مساعدة غير القادرين.
يشار إلى أنه يتأهل للتقدم للمشاركة على الفوز بجائزة "أخلاقنا" كل قطري ومقيم في دولة قطر، في مبادرة فردية أو جماعية، ممن تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 25 عاما وطوروا مشروعات تتبنى الأخلاق الحميدة.