كليات القمة بمصر.. وجاهة اجتماعية أم أولوية للشباب؟

علاء عبد الرازق-القاهرة
ويسعى طارق للفوز بإحدى المنح التي تقدمها الجامعات الخاصة أملا في الالتحاق بكلية الطب، نظرا لعدم استطاعته دفع تكاليفها الباهظة، وإلا لن يكون أمامه سوى الاستسلام لقدر التنسيق وانهيار أمله في كلية الطب.
ويضيف طارق للجزيرة نت أنه لا يريد بديلا لكلية الطب، فلا يريد دراسة الصيدلة أو طب الأسنان، وأصابته نتائج التنسيق بإحباط شديد للغاية.
طارق ليس وحده فهناك العديد ممن أصابهم الحزن والإحباط رغم تفوقهم في الثانوية العامة، حيث باتت ما يعرفها المصريون باسم "كليات القمة" هي الهدف الوحيد للطلاب وأسرهم، ومن يفشل في الالتحاق بها يعتبر من الفاشلين رغم تفوقه أو مواهبه المميزة في مجالات أخرى.
وتشمل كليات القمة تلك التي تتطلب الحصول على مجموع مرتفع في شهادة المدرسة الثانوية، وتشمل الكليات الطبية والهندسة في القسم العلمي، وكليات الإعلام والسياسة والاقتصاد في القسم الأدبي، وكثيرا ما يجبر الطلبة على الالتحاق بهذه الكليات للوجاهة الاجتماعية، رغم تميزهم بعيدا عن تلك الكليات.
قمة وقاع
يقول سمير -طالب بالصف الثالث الثانوي- إنه لا يوجد كليات قمة ولا كليات قاع، لكن المصريين هم من ابتدعوا هذا المصطلح، ليعتبروا الكليات التي تقدم لخريجيها دخلا ماديا عاليا كليات قمة.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن العبرة بالتفوق في أي كلية يحبها الطالب، فمن الممكن أن تخرج كلية القمة مهندسا مرتشيا أو طبيبا فاشلا.
ولا يرى حسين -مدرس جغرافيا بالمرحلة الثانوية- أن هناك كلية قمة وكلية قاع، الأهم أن يدرس الطالب ما يهتم به، بحسب رأيه.
وأكد للجزيرة نت أنه لا توجد كليات قمة بل قمم في الكليات، ضاربا المثل بمن يتفوق في كليته مهما كانت ويحوز أعلى شهاداتها.

وجاهة ووظيفة
بينما رأت فاطمة -طالبة بالمرحلة الثانوية- أن البعض يلتحق بكليات القمة حتى يقال بين الناس إنه طالب بهذه الكلية، وهذا خطأ كبير.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن الطلبة يخيرون في المرحلة الثانوية بين القسمين العلمي والأدبي، ويقبل كثيرون على الالتحاق بالقسم العلمي لأنه يتيح خيارات أكثر في كليات القمة، فخريج القسم العلمي بوسعه الالتحاق بالكليات الأدبية وليس العكس.
وترى فاطمة أنه من الأفضل أن يفكر الطالب في مستقبله دون النظر لغيره من زملائه أو كلام الناس، وأن يدرس في الكلية التي يحبها وليس ما يحبه الناس له، وأن يختار المجال الذي يعتقد أنه سيتفوق فيه.
بينما يؤكد وائل -ولي أمر طالبة بالثانوية العامة- أنه يريد أن يرى ابنته طبيبة، حتى يضمن لها مستقبلا جيدا، فالأطباء يتم يعينون في المستشفيات بعد تخرجهم، ويمكن لهم العمل في المستشفيات الخاصة أو افتتاح عيادة خاصة أو السفر للخليج، حيث تتوافر فرص عمل لهم بمرتبات مجزية.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أنه يعرف هوايات ابنته واهتماماتها، لكن الدراسة والمستقبل المضمون أهم من الاهتمامات، ويمكنها أن تستمر في ممارسة ما تحبه إلى جانب وظيفة مضمونة، على حد قوله.

فقاعة الأفضلية
في المقابل يرى عمرو -الطالب بكلية الطب- أنه كان دائما يحلم بالكلية الأعلى في المجموع، مضيفا "فلو كانت كلية الآداب ذات المجموع الأعلى، لرغبت في الالتحاق بها".
ووصف عمرو الأمر بفقاعة الأفضلية، فهو كان من أوائل الطلبة في مدرسته، فلابد أن يلتحق بالكلية الأعلى في مجموعها، ولكنه اكتشف وهم كلية القمة عندما التحق بها، لأن هناك قمة أعلى دائما، فهناك كلية طب أخرى في جامعة أخرى تتفوق على كليته، وهكذا.
وشهد العام 2019 ارتفاعا في المجموع المطلوب للالتحاق بكليات القمة، نظرا لارتفاع درجات الطلاب، حيث بلغ عدد طلاب شعبة علمي علوم بالمرحلة الثانوية 66 ألفا، حصل 28% منهم على مجموع يتجاوز 95%.
كما حصل أكثر 13 ألف طالب على مجموع يتراوح بين 96% و97%، وأكثر من 11 ألفا على مجموع يتراوح بين 95% و96%.
وبلغ الحد الأدنى من المرحلة الأولى للتنسيق للتقديم على الكليات -وكلها كليات قمة- 97.7% للقسم العلمي، وأكثر من 80% للقسم الأدبي.
وتتحدد درجات القبول بكل كلية على نسبة إقبال الطلاب عليها والمقاعد المتاحة، فكلما زاد إقبال الطلاب على كلية بعينها ترتفع درجات القبول ويكون الاختيار من بين الطلاب الأعلى درجات، وهو ما يقوم به مكتب التنسيق المسؤول عن توزيع الطلاب على الكليات.