جلسات الشاي الصيني بماليزيا.. متعة وصحة وحنين للماضي
وتبدأ رحلة إعداد فنجان الشاي من خلال اختيار أحد أنواعه التي تزيد على عشرة، وتختلف بالنظر إلى موطن زراعتها، كما تبرز اختلافات أنواع الشاي هذه من حيث مدة سطوع الشمس بتلك المناطق وتوفر الضباب والماء، إضافة إلى طريقة قطف أوراقه.
أما الاختلافات الأخرى في أنواع الشاي فأصلها اختلاف طريقة التصنيع، حيث يتم تغيير ترتيب العمليات التي تجري على أوراق الشاي، وهي (التجفيف، التذبيل، الطوي، العقد والتخمير)، وينتج عن هذه العمليات ثمانية أنواع من الشاي، وهي بحاجة إلى خبرة فائقة لتحضيرها.
إعداد الشاي
وتعتبر طريقة إعداد الشاي الصيني من الفنون المتوارثة، ولها طقوسها ويحتاج معدها للخبرة في هذا المجال.
في البداية يضاف الماء المغلي على الشاي لتتفتح أوراقه، ويصفى الماء مباشرة وتغسل الفناجين به لتعقيمها، ثم يضاف الماء المغلي مرة أخرى وتنقع أوراق الشاي لفترة زمنية حسب النوع قبل أن تسكب في الفناجين، إذ تؤثر درجة غليان الماء ومدة النقع في مذاق الشاي.
وفي المقاهي العريقة يقدم الشاي بالطريقة التقليدية، حيث توجد أدوات إعداده على الطاولة، ويبدأ معد الشاي بشرح العمليات التي يقوم بها مع إعطاء تفصيلات عما يستخدمه من أوراق الشاي وكذلك الأدوات.
ومن الطقوس المتوارثة عند الصينيين شم الشاي لمتعة مضاعفة شربه، ويقبل كبار السن من الماليزيين من أصل صيني على شرب الشاي -باعتباره نوعا من الهواية وإحياء للتقاليد المتوارثة- أما صغار السن فيشربونه لفوائده.
أما عن صغر الفناجين المعدة للشاي الصيني، فيقول "سي كي لي" أحد الزبائن في أحد المقاهي "إن الشاي ليس للشرب العادي، بل للتذوق والاستمتاع"، كما أن طبيعة الجلسة والأدوات وطريقة التحضير تخرج بالجالسين من كونهم يمارسون عملا ماديا إلى أجواء من المتعة والعراقة.
معهد تقاليد الشاي
ومما يدلل على أهمية الشاي في الثقافة الصينية، أن أصحاب شركاته في ماليزيا ومعظمهم من الصينيين عمدوا إلى إنشاء معهد للمحافظة على تقاليد إعداده وتقديمه.
وتشير مديرة قسم خدمة الزبائن في إحدى شركات الشاي بماليزيا "وونج سوك يي" إلى أن الغالبية العظمى من الطلاب هم من الصينيين، أما غيرهم فيشاركون فقط من باب المعرفة والتعرف إلى الثقافة الصينية.
وتعتبر أدوات تقديم الشاي التي تشمل الفناجين الصغيرة والأباريق والصينية والموقد الصغير وغيرها، معلما ثقافيا بارزا لدى الأسرة الصينية، وكثيرا ما تعد إرثا فنيا للعائلة تتناقله الأجيال.
وتتميز هذه الأدوات بثمنها الباهظ، ويرجع ذلك إلى عمرها واسم الفنان المنقوش عليها، فإن كان واحدا من الفنانين المعروفين أو ما يطلق عليهم الأساتذة "ماسترز"، فقد يتجاوز سعر الإبريق الخزفي الصغير ألف دولار.
الشاي للصحة
تتعدد أنواع الشاي الصيني، لكن المشهور منها ستة، هي الأخضر، الأبيض، الأصفر، والأوولنغ، والأحمر أو الأسود، والشاي الداكن، ويتم إعداد الشاي وحده أو بإضافة بعض أنواع الأعشاب والزهور.
أما بعد عمليات تصنيع الشاي فتوضح مالكة أحد محلات بيع الشاي بالعاصمة كولالمبور "كاي لي" أن هناك ثمانية من أنواع الشاي هي الأكثر شهرة في ماليزيا، ويعتبر "بو آر" وهو من أنواع الشاي الداكن الأكثر طلبا من هذه الثمانية، ويمتاز بمذاقه الخشبي العميق الحلو، ويساعد هذا النوع من الشاي في عملية الهضم.
ومن أنواع الشاي الداكن أيضا، شاي "ليو باو" ويمتاز بمذاقه الأرضي، ويتناوله الصينيون لخفض حرارة الجسم وتنقية الجهاز التنفسي، لذلك فقد تناوله عمال المناجم قديما.
أما شاي أوولنغ فيمتاز بمذاقه القوي ورائحة الورد، ويحتوي هذا الصنف من الشاي على الأحماض الأمينية والفيتامينات ومضادات الأكسدة، ويعتبر من المكملات الغذائية التي تؤخر الشيخوخة.
وبالنسبة لشاي الياسمين فيتم سحق زهور الياسمين مع أوراق الشاي ويمتاز بمذاقه الخفيف المنعش ورائحته العطرية، وله فوائد عدة، فهو يخفض الكولسترول وضغط الدم ويقوي جهاز المناعة في الجسم.
أما شاي "البابونج" فهو الأكثر لذة ويستخدم كثيرا في نظام الديتكوس (حرق الدهون والتخسيس) وتنظيف الجسم، وآخرها شاي "دو شو سينج" وقد قام بتركيبه أحد المهاجرين الأوائل من الصينيين لماليزيا.