وداعا للأرق.. الضوضاء البيضاء تمنحك نوما هادئا لعشر ساعات
ماري هارون
توحي كلمة الضوضاء فور سماعها بالإزعاج، لكن مفهوم الضوضاء البيضاء على عكس المتوقع، فهي أصوات تبعث على الاسترخاء أو النشاط والتركيز، بل يمكن استخدامها من أجل الحصول على قسط جيد من النوم، كما ينصح بها خبراء النوم لتهدئة الأطفال والرضع. غير أن أنواعها تختلف بحسب كيفية استخدامها وهدفه ووقته.
قد يبدو الأمر معقدا، لكن فور ربط الصوت بالتأثير الذي يسببه على النفس ستعرف النوع المناسب لاحتياجاتك.
تشمل الضوضاء البيضاء الأصوات الهادئة أو المكررة والرتيبة، وتتمثل في أصوات الطبيعة كموج البحر أو أصوات أوراق الخريف، وأحيانا تتضمن أصوات بعض الأجهزة الكهربائية مثل غسالة الملابس أو مجفف الشعر. فكما يبعث بعضها على النشاط والتركيز، يبعث غيرها على الهدوء والاسترخاء.
هدوء واسترخاء
لا يستطيع البعض الخلود إلى النوم إلا في حالة من السكون التام والصمت الشديد، هؤلاء ليس عليهم تجربة الضوضاء البيضاء من أجل الاسترخاء والنوم لأنها ليست مخصصة لهم، لكنْ ثمة أشخاص لا يستطيعون النوم إلا على صوت الإذاعة أو التلفزيون، وهؤلاء هم المؤهلون لتجربة النوم على أصوات الضوضاء البيضاء كأصوات الأجهزة مثل مبرد الهواء أو أجهزة إصدار الأصوات المنتظمة الباعثة على الاسترخاء.
وربما توفر بعض التطبيقات محاكاة للأجهزة الكهربائية وأصوات موج البحر. وبحسب كتاب "وداعا للأرق" للباحث غريغ جاكوب، فإن الضوضاء البيضاء تعمل عن طريق حجب الضوضاء المزعجة والأصوات المتباينة، إضافة إلى إصدارها أصواتا منتظمة تضفي جوًّا من الاسترخاء.
هذا الأمر أكده الدكتور ديفد نيو باور -أحد الأطباء العاملين في قسم اضطرابات النوم بمستشفى جونز هوبكنز- وقال إن مرضى الأرق عندما ينامون في هدوء تام، ترصد مسامعهم أصواتا دقيقة قد تزعجهم وتصيبهم بنوم متقطع، وهو ما جعله ينظر إلى الضوضاء البيضاء بوصفها حلا حقيقيا لهم.
كشفت دراسة أجريت في جامعة "ترابيز" الإيرلندية على ألف حالة من بلدان عدة محجوزة بالعناية الفائقة لإصابتها بالأرق، أن المرضى الذين ينامون بمعدل 4-7 ساعات بجوار أجهزة تصدر ضوضاء بيضاء ارتفع معدل عدد ساعات نومهم إلى 7 ساعات، مقارنة بالمرضى الذين لم يتعرضوا لتلك الأصوات.
زيادة التركيز
ولا يقتصر دور الضوضاء على الاسترخاء فحسب، بل إنها قد تساعد في تجديد النشاط وزيادة التركيز. فعندما يخبرنا الجسد أن بطاريته أوشكت على الانتهاء بسبب الشعور بالإرهاق وفقدان الطاقة، وهو شعور طبيعي ينذر بضرورة أخذ قسط من الراحة، لكن ذلك ليس متاحا معظم الوقت، فمواعيد تسليم المشروعات ومهام العمل والاختبارات تلاحق الجميع، وبين الحين والآخر يكون لزاما علينا تجاهل ذلك الشعور والعمل بكد ونشاط من أجل التزامات لا مفر منها.. هنا يأتي دور الضوضاء البيضاء لتشحن طاقة الجسم بإيجابية وتحفزه على المزيد من النشاط.
فقد كشف موقع "سيكولوجي توداي" عن دراسة أجريت عن طريق تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي، وهي أشعة رنين مغناطيسي أثناء قيام الشخص بأنشطة وظيفية محددة.
توصلت الدراسة إلى وجود رابط غير محدد بين سماع الضوضاء البيضاء وزيادة نشاط الدماغ، الأمر الذي عزاه أطباء نفسيون إلى ربط المخ بين الصورة والصوت، مما يعزز قدرات الذاكرة.
سميت الضوضاء المستخدمة لذلك النوع بالمنتجة، وهي مزيج من الأصوات مثل زخات المطر وصوت مطعم وصوت مدفأة، حيث تنتج أصواتا عدة ممتزجة بالنهاية معزوفةً من نوع الضوضاء البيضاء المنتجة، وهي متوفرة على العديد من التطبيقات والمواقع المخصصة لها مثل موقع "نويزلي" (Noisly).
كما يوفر موقع الأغاني والموسيقى "ساوند كلاود" العديد من النماذج الموسيقية المتخصصة في الضوضاء البيضاء.
العلاج السمعي
تعتبر الضوضاء البيضاء إحدى أذرع العلاج السمعي المتعارف عليه، ولعل أبرز النقاط الفاعلة في تلك التقنية هي ما يسمى "قناع طنين الأذن" الذي يعد أكبر مشاكل التركيز أو الاسترخاء. فالطنين يحتاج إلى العزل، والإزعاج والأصوات البعيدة مربكة، لذلك تعتمد العديد من مقاطع الضوضاء البيضاء على أقنعة طنين لتغطي أصوات الطنين وأي أصوات مزعجة، وهو ما اتضح في تقرير لجمعية "طنين الأذن" الأميركية (أي.تي.أي)، أوضح أهمية استخدام تطبيقات الضوضاء البيضاء للحصول على قسط كاف من النوم.
إلى جانب ذلك، تتنامى صيحات استخدام الضوضاء البيضاء مع الخدج والرضع وحتى الكبار، حيث ينصح العديد من الأطباء باستخدامها للرضع الذين يعانون من صعوبة في النوم أو حتى لمجرد شعورهم بالانزعاج، حيث ثبت نجاحها مع الأطفال.