الديوالي في ماليزيا.. خمسة أيام من الاحتفالات بتنظيف البيوت وتزيينها
سناء نصر الله-كوالالمبور
في ماليزيا بلد التعايش والأعراق المتنوعة، يستقبل السكان -خاصة من ذوي الأصول الهندية- عيد الديوالي بحفاوة بالغة، فتتزين البيوت والأماكن العامة والشوارع بأسراب من الشموع الزيتية والأضواء.
يحتفل أتباع الثقافة الهندوسية في ماليزيا بعيد الديوالي (عيد الأنوار) مثل غيرهم من ملايين الهندوس حول العالم، ويعد هذا العيد من أعياد الأقليات في ماليزيا، ومناسبة لإبراز ثقافتهم، كما هو فرصة للدولة للاحتفاء وتأكيد مبدأ التعايش الذي قامت عليه أركانها.
فلسفة ورموز
يرمز هذا العيد إلى التنوير في الديانة الهندوسية، وانتصار النور على الظلام، والخير على الشر، وتتحدث الفلسفة عندهم عن العتق من الظلام الداخلي والتخلص من الصفات المكروهة كالغضب والغيرة وحب والنفس، ونشر الحب والعلم والسلام.
ويأتي هذا العيد في الخريف من كل عام، وهو يتبع التقويم القمري الهندي في شهر لاشوجيا، ويختلف من عام لعام وفق هذا التقويم، وتتحدث الأسطورة الهندية -وفق رواية المناطق في جنوبي الهند التي ينحدر الماليزيون من أصل هندي منها- عن أن الإله كريشنا قاتل العفريت ناراكاسورا وانتصر عليه وخلص العالم من شروره.
أما في شمال الهند فتختلف الرواية؛ حيث إنها تتحدث عن قصة انتصار الإله راما -حسب اعتقادهم- على رافانا ملك لانكا، واستعادة زوجته سيتا منه، وذكرت هذه القصة في الملحمة الهندية الرمايانا.
زينة ونظافة
يبدأ الهنود احتفالاتهم بتنظيف بيوتهم وتزيينها، كما يعمدون لأخذ حمام الزيت للتطهير الداخلي، وتستمر تلك الاحتفالات خمسة أيام، وتعتبر الدولة اليوم الأول منه عطلة رسمية ويشارك المسؤولون في الاحتفالات.
اليوم الأول: يسمى "دهانتيرز" أو يوم الحظ، ويقومون فيه بالصلاة "للاكشمي" آلهة الحظ والثروة، ويقومون بتنقية الأموال ورشها بالحليب، ويرمز ذلك للتجديد والعمل للصالح العام للأسرة ونزع مشاعر الجشع، وفي هذا اليوم يقومون بشراء الذهب والفضة باعتباره يوما مناسبا لذلك.
اليوم الثاني: يسمى "ناراك شاتور داشي" أو يوم المعرفة، وفيه يصلون للإله كريشنا الذي تقول الأسطورة إنه قتل العفريت في ذلك اليوم، وأنقذ ألفا وستمئة أميرة أسيرة لديه، وحتى لا يشك في عفته يتزوجهن جميعا.
ويحتفل في هذا اليوم طلاب العلم والعلماء وأصحاب التنوير، وفيه تشعل الألعاب النارية، ويقوم البعض بصنع تمثال للعفريت ناركاسورا ويحرقه ليتخلص العالم من الشر والخوف.
أيام النور
اليوم ثالث: يسمى (الديوالي) أو يوم النور، ويكون هذا آخر يوم في السنة الهندية، وهو اليوم الفعلي للاحتفال، وفيه تنظف البيوت وتفتح النوافذ للترحيب "بلاكشمي" آلهة الثروة والحظ.
وهو ذلك اليوم الذي أنقذ راما زوجته فأضاء له شعبه الشموع على طول الطريق ليتمكن من العودة، لذلك جرت العادة على إضاءة الشموع الزيتية تيمنا به، ولتدخل "لاكشمي" بيوتهم وتجلب لهم الحظ.
ويقوم الهندوس أيضا بتزيين مداخل ببوتهم بالرانغولي، وهو فن هندي قديم غاية في الروعة والدقة المتناهية، يتم فيه رسم الأرضيات بحبات الأرز الملونة بألوان زاهية نابضة بالحياة، وتحتوي الرسوم على نقوش هندية وأزهار وبعض الحيوانات كالفيلة والطواويس.
اليوم الرابع: وهو باديوا، وفيه رفع كريشنا تلة جوفاردهان ليحمي شعبه من غضب الإله أندرا، وفيه تبرز تعاليم التواضع والتسامح، ويقدم الهندوس الطعام على أبواب المعابد ويكدسونها على شكل جبل.
اليوم الخامس: هو يوم الأخوة (بهاي دوج) يقوم الأخوة بزيارة أخواتهم، وتقوم الأخوات بوضع التيلاك المقدس (صباغ أحمر) على جباههن تعبيرا عن المحبة والحفظ.
لباس جديد
يرتدي الهندوس في هذه الأعياد أجمل ما لديهم من اللباس، فيرتدي الرجال "سالوار كورتا"، وهو عبارة عن قميص طويل ينسق مع سروال، وتفضل النساء لبس الساري من الحرير أو الشيفون، وهو عبارة عن قطعة قماش طويلة تلف حول الخصر وترفع للكتف.
وتفضل النساء الألوان الاحتفالية كالأحمر والذهبي، وتغالي المرأة الهندية في ارتداء الحلي، وتضعها في اليد والقدم والعنق وعلى الرأس، كما تحرص على وضع رسوم الحنة الجميلة.
ويقدم في هذا العيد العديد من أصناف الحلوى، والتي يفضل صناعتها بالبيت كحلوى الموركو الهندية ذات اللون البرتقالي، وتقدم أصناف متنوعة من الطعام النباتي ذي المذاق الحار والمبهر.
وتقام الاحتفالات بالأسواق والأماكن العامة، وتقدم الرقصات الدينية التي تروي حكاياتهم وأساطيرهم، ويقومون بتلاوة الفيدا (الكتاب المقدس) وزيارة المعابد وإقامة الصلوات.