قواعد الأمن الوظيفي في قانون العمل التركي

Skyscrapers are seen in the business and financial district of Levent, which comprises of leading banks' and companies' headquarters, in Istanbul, Turkey, March 29, 2019. Picture taken March 29, 2019. REUTERS/Murad Sezer

يتضمن قانون العمل التركي نظامين منفصلين ينظمان إنهاء عقود العمل والفصل من الوظيفة من قبل المؤسسات والشركات العاملة في تركيا. النظام الأول يعتمد على "حرية إنهاء الخدمات" الذي يمنح جهة العمل الحق في إنهاء عقود العمل متى ما رأت ذلك مناسبا، دون الحاجة إلى تبرير الإجراء التي اتخذته أو وجود مبرر قانوني لذلك، ويقتصر الأمر على مجرد دفعها تعويضات إنهاء الخدمة.

أما النظام الثاني في قانون العمل التركي فهو نظام مُوازٍ يُطلق عليه "الأمن الوظيفي"، وهو نقيض النظام الأول ويُلزم أرباب العمل بتقديم أسباب وجيهة وقانونية لإنهاء عقود العاملين لديهم، ولا يمكن اعتبار إنهاء الخدمات ساري المفعول بدون تقديم تلك الأسباب.

ووفقا لهذا القانون؛ فإنه لا يمكن لأرباب العمل فصل الموظفين الذين يستفيدون من هذا النظام الوظيفي متى ما رأوا ذلك مناسبا دون أي مبرر قانوني أو عدلي.

وبما أن تركيا قد أصبحت مؤخرا وجهة للعديد من المستثمرين العرب الذين أطلقوا مشاريع استثمارية؛ فقد كان لزاما على أولئك المستثمرين أن يطّلعوا -بشكل جيد- على قوانين العمل التي يجب عليهم التقيد بها، حتى لا يجدوا أنفسهم متورطين في مشاكل قانونية مع موظِّفيهم.

بما أن تركيا قد أصبحت مؤخرا وجهة للعديد من المستثمرين العرب الذين أطلقوا مشاريع استثمارية؛ فقد كان لزاما على أولئك المستثمرين أن يطّلعوا -بشكل جيد- على قوانين العمل التي يجب عليهم التقيد بها، حتى لا يجدوا أنفسهم متورطين في مشاكل قانونية مع موظِّفيهم

ولكي يكون الموظف مشمولا بقانون الأمن الوظيفي يجب أن يتوفر فيه الآتي:
1- أن يكون قد عمل في نفس مكان العمل لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
2- وأن يكون عدد العاملين في مكان العمل ثلاثين شخصا على الأقل.

وقد يكون تحديد العدد الإجمالي للموظفين في مكان عمل معين أمرا معقدا في بعض الأحيان، ولذلك نورد النقاط المهمة التالية بشأنه:

– إذا كان للشركة التي يملكها المستثمر أماكن عمل عديدة (محلان تجاريان مختلفان أو أكثر أو مصانع في أماكن مختلفة)؛ فإن العدد الإجمالي لموظفيها هو مجموع عدد العاملين في أماكن عملها المختلفة.

– تنص محكمة الاستئناف بوضوح على أن العدد الإجمالي للموظفين في جهة العمل وقت إنهاء عقد العمل ينبغي أخذه بعين الاعتبار.

– كما ذكرنا آنفا؛ فإن عقود عمل الموظفين غير المستفيدين من قانون الأمن الوظيفي يمكن إنهاؤها دون تقديم أي سبب قانوني لذلك. وفي المقابل لا يمكن لجهة العمل إنهاء عقود العمل التي يغطيها قانون الأمن الوظيفي دون تقديم أسباب وجيهة أو مشروعة لذلك. ورغم التشابه بين مفهوميْ "وجيه" و "مشروع" إلا أن ما يترتب عليهما مختلف.

– تعتبر الحالات التي تقْدِم فيها جهات العمل على فصل موظف مشمول بقانون الأمن الوظيفي -دون تقديم سبب وجيه أو مشروع- لذلك غير قانونية، ويمنح الموظف الحق في الاحتفاظ بوظيفته.

1- الفصل من العمل بناء على سبب وجيه: من الأسباب الوجيهة التي يمكن بناءً عليها الفصل من العمل بشكل قانوني عدمُ كفاءة الموظف أو سلوكه أو بسبب ضرورات العمل ومكانه.

ولا يقدم القانون تعليمات محددة أو تعريفا واضحا للعبارات المذكورة أعلاه، وإنما يستخدم لغة عامة يطبعها الغموض. ولذا ينبغي النظر في كل قضية على حدة، والتدقيق في وقائعها وملابساتها قبل الجزم بقانونية الفصل من عدمها.

لذلك من الضروري الاطلاع على الحالات التي سبق النظر فيها في محكمة الاستئناف، لتحديد السلوكيات وأوجه القصور لدى الموظف التي أقرتها المحكمة، وكذلك الأمور المتعلقة بمكان العمل والمقصود بـ"ضروراته" التي يمكن اعتبارها مبررا للفصل من العمل. كما يُنصح المستثمرون بالأخذ بمشورة المحامين قبل الإقدام على اتخاذ أي إجراء ضد موظفيهم.

يمكننا القول إن قانون العمل التركي صُمِّم بطريقة تقدم مصلحة الموظفين على مصلحة أرباب العمل، نظرا لما تتمتع به الفئة الأخيرة من مكانة وقوة وموارد لا تتوفر للموظفين، وهو بذلك يسعى إلى إصلاح الخلل في ميزان القوى بين أرباب العمل والموظفين. وتنحو المحاكم نفس المنحى؛ إذ غالبا ما تُصدر أحكاما لصالح الموظفين

2- الفصل من العمل بناء على سبب مشروع: خلافا للشروط المتعلقة بالفصل بناء على "أسباب وجيهة"؛ تعتبر الشروط المتعلقة بالفصل بناء على "أسباب مشروعة" أكثر وضوحا وتحديدا، وقد ورد شرح مستفيض لها في قانون العمل التركي الذي قسمها إلى ثلاث فئات؛ هي: أسباب صحية، سلوك ينتهك المبادئ الأخلاقية ومبدأ حسن النية، وأي أسباب أخرى مقنعة.

ومن ضمن الأسباب المقنعة على سبيل المثال عجز الموظف عن العمل لمدة تتجاوز الأسبوع نظرا لظروف قاهرة، مما يعطي صاحب العمل الحق في فصله من العمل بناء على سبب مشروع.

يمكننا القول إن قانون العمل التركي صُمِّم بطريقة تقدم مصلحة الموظفين على مصلحة أرباب العمل، نظرا لما تتمتع به الفئة الأخيرة من مكانة وقوة وموارد لا تتوفر للموظفين، وهو بذلك يسعى إلى إصلاح الخلل في ميزان القوى بين أرباب العمل والموظفين.

وتنحو المحاكم نفس المنحى؛ إذ غالبا ما تُصدر أحكاما لصالح الموظفين، ولذلك يُنصح المستثمرون بالحرص على مراجعة ملفات الموظفين، والتعامل بحذر مع إجراءات الفصل من العمل، والاعتماد على خبرة المحامين كي لا يجدوا أنفسهم فجأة عرضة للدعاوي القضائية وما تستلزمه من تكاليف إضافية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.