٢٥ يناير.. ثورة أم احتلال أجنبي مسلح؟!

هل تشهد مصر موجة ثورية جديدة لإكمال أهداف ثورة 25 يناير - ترشح سليمان يحيي الثورة بمصر - أنس زكي – القاهرة
نزلتُ ظهرَ الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني 2011 -ومعي زوجتي وأولادي جميعا- إلى دار القضاء العالي، ثم إلى ميدان التحرير بقلب القاهرة، وانطلقنا في قلب المسيرات الحاشدة عقب صلاة الجمعة (28 يناير/كانون الثاني) من أمام مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر متجهين إلى ميدان التحرير، فحاصرتنا الشرطة وأطلقت علينا الرصاص والقنابل بين رمسيس والتحرير فسقط منا شهداء.

حينها كانت ابنتي أسماء (14 سنة يومئذ) وأخوها حسام (9 سنوات يومئذ) يدركان -كغيرهما من آلاف الشباب والفتيات المشاركين في المسيرة- أنهما يسطّران صفحة من أروع صفحات تاريخ مصر الحديث، وأنهما قد يدفعان أرواحهما ثمنا للسطر الذي يكتبانه في تلك الصفحة المجيدة.

جرت الأحداث بعد ذلك تحمل الكثير من الآمال والآلام والنجاحات والإخفاقات، حتى لقيت أسماءُ ربَّها برصاص قناصة العسكر في مجزرة رابعة يوم 14 أغسطس/آب 2013، واضطر حسام لمغادرة البلاد مع أمه وإخوته جميعا بعد أن قُتلت أخته وحُبس أبوه، وصار -وهو تلميذ في الصف الثالث الإعدادي- مطلوبا للقبض عليه مثل أبيه وأخيه (أنس).

لكنّ أحدا لم يكن يتصور أن يأتي يوم يقدَّم فيه المشاركون في ثورة 25 يناير إلى حبل المشنقة، بتهمة مساعدة القوات المسلحة الأجنبية التي احتلت أراضي الدولة وأسقطت النظام، وأجبرته بالقوة على تسليم السلطة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين!! (الجماعة السياسية التي أسست حزب الحرية والعدالة الحاصل على الأغلبية البرلمانية، والتي قدمت مرشحها للانتخابات الرئاسية فانتخبه الشعب).

هذا ليس تهويلا لجذب التعاطف الإنساني مع قضيتنا ومظلوميتنا، وليس نزيفا من أثر السجن الانفرادي والتعذيب والحرمان من كل الحقوق لأكثر من أربع سنوات؛ ولكنه وصف لإحدى أبشع جرائم الانقلاب العسكري الدموي الذي جرى في مصر يوم 3 يوليو/تموز 2013، وهي لا تقل بشاعة عن الانقلاب ذاته (انقلاب وزير الدفاع على أول رئيس منتخب في أعقاب ثورة عظيمة)، وما صحبه وتبعه من مجازر وجرائم وكوارث لا يزال الشعب يذوق مراراتها كل حين.

لم يكن أحد يتصور أن يأتي يوم يقدَّم فيه المشاركون في ثورة 25 يناير إلى حبل المشنقة، بتهمة مساعدة القوات المسلحة الأجنبية التي احتلت أراضي الدولة وأسقطت النظام، وأجبرته بالقوة على تسليم السلطة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين!! (الجماعة السياسية التي أسست حزب الحرية والعدالة الحاصل على الأغلبية البرلمانية، والتي قدمت مرشحها للانتخابات الرئاسية فانتخبه الشعب

إنها جريمة تزوير التاريخ في محاولة لتغييب وعي المصريين بشأن واحدة من أنصع صفحات التاريخ الحديث، وهي ثورة 25 يناير التي تابعها العالم لحظة بلحظة، ورآها نموذجا حضاريا إنسانيا فريدا في الثورات، ونجح فيها الشعب المصري العظيم في إرغام حسني مبارك على التنحي عن الحكم.

اليوم يعتبر الانقلابُ ونظامُه الحاكمُ في مصر -بشكل رسمي- ثورةَ 25 يناير "احتلالا أجنبيا"، لا أعني ما كان مبارك وعمر سليمان ينعتون به الثورة من أنها مؤامرة أجنبية، بل أعني احتلالا أجنبيا مسلحا لأراضي الدولة المصرية، يقول النظام ومؤسساته الرسمية إنه جرى في 28 يناير/كانون الثاني 2011 بالفعل، واستهدف إسقاط الدولة المصرية وتسليمها للإخوان.

إنه احتلال للعديد من المحافظات المصرية لم يَدرِ به العالم، ولم تغطّهِ شبكاتُ المراسلين الذين واكبوا أحداث الثورة ووقائعها كاملة، بل لم يشعر به المصريون ولم يكتشفوه على مدار سنوات عديدة!!

في حكمها الصادر يوم 16 يونيو/حزيران 2015؛ أعلنت محكمة جنايات القاهرة حكمها بإجماع آراء قضاتها وبعد موافقة مفتي الديار المصرية، وجاء في نص مسودة الحكم ما يلي: "إن المتهمين وآخرين يزيد عددهم عن 800 شخص ينتمون لحركة حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني، في أواخر يناير 2011 وأوائل فبراير، وفي محافظات شمال سيناء والقاهرة والقليوبية والبحيرة؛ ارتكبوا أفعالا تمس استقلال الدولة وسلامة أراضيها.

إذ دخلوا إلى البلاد من حدودها الشرقية مستقلين عربات دفع رباعي مدججة بالأسلحة الثقيلة (آر بي جي وجرينوف)، وتمكنوا من السيطرة على الشريط الحدودي، ودمروا المنشآت الحكومية والأمنية في رفح والعريش، ثم واصلوا زحفهم إلى القاهرة والقليوبية والبحيرة فاقتحموا (160) قسم شرطة، كما اقتحموا سجون أبو زعبل والمرج ووادي النطرون، فحطموا أسوارها وخربوا مبانيها، ونهبوا ما فيها من مخازن وأسلحة وأثاث وسيارات ومعدات.

ومكّنوا أكثر من 20.000 سجين من الهرب، ونشروا الفوضى في البلاد، وعمدوا لضرب وشلّ جهاز الشرطة المصرية لإسقاط الدولة ومؤسساتها، بأن قام قسم من المتهمين بالدخول على مواقع التواصل الاجتماعي وتحريض الجماهير على اقتحام أقسام الشرطة وحرقها، وخلق حالة من الفوضى سمحت للعناصر المسلحة بالدخول للبلاد وإتمام حلقات المشروع الإجرامي بنجاح.

وقام قسم آخر بتوفير احتياجات العناصر المسلحة الأجنبية من سيارات وأسلحة وذخيرة، وتدبير وسائل الإعاشة لهم والدخول والخروج من البلاد بعد قيامهم بالدور المطلوب. وأن هذا تم بناءً على اتفاق جرى سرا بسوريا في نوفمبر 2010 بين ممثلين لحركة حماس والحرس الثوري الإيراني وقيادات الإخوان المسلمين".

هذا نص مذكرة الحكم الذي قضى حضوريا بإعدام كل من: د. محمد مرسي (رئيس الجمهورية المنتخب)، ومحمد سعد الكتاتني (رئيس مجلس الشعب المنتخب)، ود. عصام العريان ود. محمد البلتاجي (عضوا مجلس الشعب المنتخبان)، ود.محمد بديع وم. خيرت الشاطر ود. رشاد بيومي ود. محيي حامد (أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين)، ود. أحمد عبد العاطي (مدير مكتب الرئيس مرسي).

وقضى الحكم غيابيا بإعدام 87 آخرين -على رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي– بتهمة مساعدة القوات الأجنبية المسلحة التي دخلت إلى البلاد في 28 يناير/كانون الثاني 2011، وارتكبت كل تلك الجرائم وخرجت من البلاد بكامل أفرادها وسياراتها وأسلحتها، دون أن يراها أحد من المصريين أو غيرهم أو يسمع عنهم.

حين بدأت هذه المحاكمات في يناير/كانون الثاني 2014 -بعد عدة أشهر من الانقلاب- تعاملنا مع هذه الرواية الهابطة باعتبارها مسرحية هزلية، تهدف لاستمرار حبسنا أطول وقت يمكن ثم تنتهي إلى لا شيء، ولكننا في نهاية المطاف وجدنا أن المحكمة تعلن في نص حكمها: "أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى تحريات الأمن الوطني والمخابرات العامة التي أكدت صحة هذه الوقائع".

حين بدأت هذه المحاكمات في يناير/كانون الثاني 2014 -بعد عدة أشهر من الانقلاب- تعاملنا مع هذه الرواية الهابطة باعتبارها مسرحية هزلية، تهدف لاستمرار حبسنا أطول وقت يمكن ثم تنتهي إلى لا شيء، ولكننا في نهاية المطاف وجدنا أن المحكمة تعلن في نص حكمها: "أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى تحريات الأمن الوطني والمخابرات العامة التي أكدت صحة هذه الوقائع"

لقد ظللنا طوال المحاكمات نطلق النكات ونحن نسمع ونناقش الشهود من رجال الشرطة والمخابرات ونطرح عليهم الأسئلة:

1- كيف دخل هذا العدد الكبير من المسلحين الأجانب (أكثر من 800) بعرباتهم وأسلحتهم الثقيلة إلى عمق أكثر من 300 كم من الحدود الشرقية، ثم عادوا مرة ثانية بعد ارتكابهم كل هذه الجرائم المسلحة، وخرجوا دون أن يراهم أحد أو دون أن تصورهم قنوات الإعلام، ودون أن يتعرض واحد منهم للقتل أو الإصابة أو القبض عليه، أو إحراز مخلفات سلاح أو سيارة أو غيرها من آثارهم؟!

وهل القوات المسلحة وقيادتها لم تكن على علم بدخول هذه القوات الأجنبية حتى خروجها، أم إنها علمت وعجزت عن مواجهتها وصدها، أم إنها تواطأت مع المسلحين الأجانب ضد سلامة أراضي ومنشآت الدولة؟!

2- كيف مرت 200 سيارة عليها أكثر من 800 أجنبي مسلح مدججين بالأسلحة فوق جسر السلام وقناة السويس، دون أن يتعرض لهم الطيران المصري بالقصف أو قوات الجيش الثاني الميداني بالاشتباك المتبادل؟!

3- كيف لم يتم توثيق فضائي أو عسكري أو سياسي أو حتى صحفي لهذه الوقائع الخطيرة منذ 28 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى 3 يوليو/تموز 2013، ثم ظهرت هذه الاتهامات فجأة بعد الانقلاب العسكري؟!

4- هل قامت الخارجية المصرية بإبلاغ المؤسسات الدولية بوقوع هذا العدوان من منظمات رسمية تنتمي لدول شقيقة قريبة، بل وتشارك في سلطاتها (حزب الله والحرس الثوري وحماس)، وهل طالبت الخارجية المصرية بتسليم متهمين في تلك الأحداث؟!

5- هل اعتبرت القيادة السياسية والعسكرية هذا الذي جرى في البلاد على أيدي تلك القوات الأجنبية المسلحة (من تدمير وحرق وإتلاف وتخريب وقتل وسيطرة) احتلالا أجنبيا وعدوانا يتحتم الرد عليه، أم اعتبرته مجرد رحلة سياحية في أراضي الدولة وعلى السلطات المصرية حمايتها وتأمينها وتيسير مهمة أصحابها؟!

6- لماذا إذن اعتبرت القيادة السياسية ما جرى في البلاد يوم 25 يناير/كانون الثاني ثورةً تحتفل بها رسميا، بينما تلك الأحداث (المزعومة) تقطع بأنه كان نكبة تستوجب تنكيس الأعلام بمناسبتها؟

عشرات بل مئات الأسئلة الساخرة ألقيت في وجه الشهود من ضباط الشرطة والأمن الوطني والمخابرات العامة، الذين ظلوا -في حماية هيئة المحكمة وغياب الإعلام الجاد الحر- يعيدون تفاصيل تلك الرواية الهابطة ويتهربون من الأسئلة، وهيئة المحكمة تؤكد حقهم في رفض الإجابات متى شاؤوا.

بل إن هيئة المحكمة كثيرا ما كانت تبادر برفض توجيه السؤال لأسباب رأتها، كما رفضت المحكمة الاستجابة لطلبات دفاع المتهمين باستدعاء أي من القيادات السياسية والعسكرية للبلاد (حسني مبارك، محمد حسين طنطاوي، سامي عنان، عبد الفتاح السيسي)، لسؤالهم عن تلك الأحداث الجسيمة ومدى علمهم بها ومقدرتهم على مواجهتها.

الوحيد الذي استجابت المحكمة لطلب حضوره كان قائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد فريد حجازي، الذي وجه إليه المتهمون سؤالا محددا: هل نمى إلى علمك -بأي طريق- دخولُ قوات أجنبية مسلحة البلادَ في 28 يناير/كانون الثاني 2011، وارتكابُها داخل البلد وفي أعماق أرضه ما من شأنه المساسُ من سيادة الدولة وسلامة أراضيها؟!

فأجاب باقتضاب وصرامة: لم أعلم ولم أبلغ بذلك. لكن المحكمة لم تلتفت إلى شهادة المسؤول العسكري الأول في ميدان الأحداث المزعومة، وأكدت اطمئنانها التام للتحريات المكتبية للأمن الوطني والمخابرات العامة.

جري فصول المسرحية هذه المرة بعد أن جرى تعديل قانون محكمة النقض، وتم تشكيل عشرات من الدوائر الجديدة من خارج هذه المحكمة، وستكون الأحكام هذه المرة تهيئة باتة ننتظر تنفيذها، ليهددونا بحبل المشنقة يقترب من رقابنا. لكننا لسنا قلقين من هذه المحاكمات ولا من أحكامها الجائرة المعلومة مسبقا، ولسنا قلقين من التنكيل الذي يتعرض له الأحرار الآن داخل السجون

ومن ثم أصدرت حكمها -بإجماع آراء أعضائها وبموافقة مفتي البلاد- بالإعدام شنقا (حضوريا) على تسعة، من بينهم رئيس الجمهورية المنتخب في الانتخابات الحرة الوحيدة التي جرت في البلاد في أعقاب ثورة شعبية عظيمة، وهي انتخابات تنافس فيها تنافسا حرا عشرةُ مرشحين، وفاز فيها الرئيس بـ52% وليس بـ99% كسائر الانتخابات المزورة.

وحين عُرض هذا الحكم على محكمة النقض؛ قررت -في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2015- نقضَه ووصفته بالمعيب، لما شابه من قصور في التثبت وفساد في الاستدلال. وأكدت محكمة النقض أن تحريات الأمن الوطني والمخابرات العامة لا تصلح أن تكون دليلا كافيا بذاته، ولا تعتبر قرينة مستقلة على ثبوت الاتهامات، ومن ثم قضت هذه المحكمة بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى.

الآن نعيش مرة ثانية فصول هذه المسرحية الهزلية الهابطة أمام دائرة أخرى تحاكم بعضَنا للمرة الرابعة، قاضٍ مخصوص لمتهمين مخصوصين، وهو القاضي الذي قضى باستمرار حبس الأستاذ مهدي عاكف (المريض بالسرطان ذي التسعين عاما) حبسا احتياطيا، في مخالفة لكل الأعراف الإنسانية والقانونية والحقوقية، حتى مات موتا غير رحيم، بل هو أقرب إلى القتل العمد.

وتجري فصول المسرحية الجديدة وسط صمت إعلامي، إذ كثيرا ما يستدعي الأمنُ الإعلاميين الحاضرين لبعض الجلسات الهامة عِياناً أمامنا، ليعطيهم التعليمات بشأن ما ينشر وما لا ينشر.

تجري فصول مسرحية جديدة مرة ثانية باستدعاء عشرات من ضباط الداخلية، الذين يشهدون -في صفاقة- بأن قوات أجنبية مسلحة دخلت إلى البلاد يوم 25 يناير/كانون الثاني 2015، وقامت في كل محافظات مصر بفتح السجون وحرق أقسام الشرطة، وإخراج الجنائيين وإشاعة الفوضى في البلاد، حتى سقط النظام السابق.

ويرفض القاضي -بإصرار شديد- استدعاء أي من القيادات السياسية والعسكرية -وهي المسؤولة حصريا عن قرار التصدي لأي عدوان أجنبي على البلاد- لسؤالهم عن حقيقة أو كذب هذا الادعاء الفاضح، بل إن القاضي يرفض أي سؤال يوجهه الدفاع ويتعلق بدور القوات المسلحة وواجبها في مواجهة تلك الاعتداءات المزعومة.

تجري فصول المسرحية هذه المرة بعد أن جرى تعديل قانون محكمة النقض، وتم تشكيل عشرات من الدوائر الجديدة من خارج هذه المحكمة، وستكون الأحكام هذه المرة تهيئة باتة ننتظر تنفيذها، ليهددونا بحبل المشنقة يقترب من رقابنا. لكننا لسنا قلقين من هذه المحاكمات ولا من أحكامها الجائرة المعلومة مسبقا، ولسنا قلقين من التنكيل الذي يتعرض له الأحرار الآن داخل السجون، بعد أن تحولت مصر كلها إلى سجن كبير.

وليعلم نظامُ الانقلاب ومساندوه أننا لن نتراجع عن موقفنا من اعتبار ما جرى في 3 يوليو/تموز 2013 انقلابا عسكريا دمويا مجرما، جرّ البلاد إلى هوة سحيقة من الخراب والدمار والأحقاد والثارات، ومن الانهيار الشامل في حياة المصريين حاضرا ومستقبلا.

فقط أردت بهذه الحقائق أن يعلم الشعبُ المصري -الذي لا أشك في وعيه وفطنته أبداً- حقيقةَ موقف النظام الانقلابي من ثورة 25 يناير، وحقيقةَ ما وصل إليه حال القضاء المصري في ظل الانقلاب.

لقد أردت أن يدرك ثوارُ 25 يناير -الذين جمعتهم الثورة العظيمة بكل طيفهم السياسي والوطني ثم فرقتهم الأحداث بعد ذلك- حجمَ التآمر، ليس فقط على نتائج الثورة بل وعلى تاريخها وصفحاتها الوضاءة، لعلنا نستدرك ما فات ونعيد الاصطفاف الوطني على قاعدة أكثر صلابة، مستفيدين من دروس وأخطاء الماضي التي وقعنا فيها جميعا.

أردت أن يعلم الجميع أننا سدّدنا -وما زلنا نسدّد- من أرواحنا ودمائنا وحرياتنا وأولادنا فاتورةَ ثورة 25 يناير المجيدة. لا نقول هذا منة منا على الوطن وعلى الثورة، وإنما نعدّه فداءً للحرية والكرامة التي حلمنا بها وجاهدنا في سبيلها، وحفاظاً على مستقبل وطن حلمنا لكل من فيه بالحياة الكريمة العزيزة لترفرف عليهم رايات الحق والعدل والحرية، وصوناً لحقوق 25 يناير. وكلنا أملٌ في مستقبل عظيم لأمة ووطن عظيم نفتديه بأرواحنا ودمائنا.. "ويقولون: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا".

أردت أن أضع جميع الأحرار في العالم -من سياسيين وحقوقيين وإعلاميين وأكاديميين وغيرهم- أمام مسؤولية أخلاقية تاريخية، تمنعهم من الوقوف موقف المتفرج أمام محاكمات وأحكام إعدام ظالمة تستهدف زمرة سياسية، بناءً على رواية ملفقة هابطة لأحداث ثورة 25 يناير 2011 التي يعلم العالم حقيقتها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.