تشديد الخناق على ترمب

U.S. President Donald Trump speaks to journalists after John Kelly was sworn in as White House Chief of Staff in the Oval Office of the White House in Washington, U.S., July 31, 2017. REUTERS/Joshua Roberts

حتى مع وجود حامٍ جديد يحاول فرض بعض النظام في البيت الأبيض، لا يزال الرئيس دونالد ترمب في دوامة من المتاعب. وقد أدى تنصيب الجنرال المتقاعد جون كيلي -الذي كان يشغل منصب وزير الأمن الداخلي في إدارة ترمب سابقا- رئيسا للأركان ليحل محل ريس بريبوس المخلوع؛ إلى خفض الفوضى الداخلية وحفز المزيد من الانضباط في سلوك ترمب. ولكن كل هذا يمكن أن يتغير أي يوم، أو في أي لحظة.

وقد وضع كيلي حدا للمساعدين الذين كانوا يتوافدون على المكتب البيضوي كلما أرادوا ذلك (وكان ترمب يميل إلى تكرار كلام آخر شخص تحدث معه)، مطالبا بتقديم الأوراق والمذكرات للرئيس أولا. في الوقت الحاضر -على الأقل- تم تخفيض عدد وحدة تغريدات الرئيس على تويتر.

ويتوقع مراقبو ترمب أنه سيبدأ قريبا في الخداع تحت الانضباط الذي شجعه كيلي. فبسبب فهم كيلي الأنا الهائل لترمب؛ يقال إنه يشجعه بلطف بدلا من إرشاده. كما يتمتع كيلي بنظرة ترمب العالية للجنرالات.

وضع جون كيلي حدا للمساعدين الذين كانوا يتوافدون على المكتب البيضوي كلما أرادوا ذلك (وكان ترمب يميل إلى تكرار كلام آخر شخص تحدث معه)، مطالبا بتقديم الأوراق والمذكرات للرئيس أولا. في الوقت الحاضر -على الأقل- تم تخفيض عدد وحدة تغريدات الرئيس على تويتر

لكن يمكن أن يصبح ترمب منزعجا بالأخبار التي تثني على كيلي الذي فرض النظام في البيت الأبيض، خاصة أن المستشار ستيف بانون لم يستعِدْ تماما تقدير الرئيس بعد أن ظهر (أي بانون) على غلاف مجلة تايم بعد وقت قصير من تنصيبه.

وفي الوقت نفسه، فإن نتائج استطلاعات الرأي حول شعبية ترمب انخفضت إلى مستوى أقل من أي وقت مضى، وأدنى مستوى لأي رئيس في مثل هذه المرحلة المبكرة من حكمه. وحتى أعضاء حزبه الجمهوري الخاص أخذوا في الابتعاد عنه.

إن فشل الكونغرس -الذي يسيطر عليه الجمهوريون- مؤخرا في إلغاء الإنجاز المميز لباراك أوباما -وهو قانون الرعاية بأسعار معقولة الذي أتاح الرعاية الصحية لملايين الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الاستفادة منها سابقا- كان هزيمة مهينة لترمب. فقط عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين (ثلاثة، ولكن هناك أكثر في الاحتياط إذا لزم الأمر) رفضوا آخر جهود الحزب للاستغناء عن "أوباما كير".

وكان القصد من استعمال هذا اللقب "قانون الرعاية بأسعار معقولة" من قبل الجمهوريين -عندما صدر القانون في أوائل عام 2010- أن يكون مهينا، ويبدو أن معارضتهم للبرنامج قد برزت في انتخابات منتصف المدة في ذلك العام عندما اجتاح الجمهوريون مجلسي النواب والشيوخ.

لكن الجمهوريين أهملوا أمرين: فمع حصول الناس على التأمين الصحي (حوالي 20 مليون شخص بحلول هذا العام)، أصبح الأمر شائعا، كما فعل أوباما الذي أنهى فترة ولايته الثانية كأحد الرؤساء الأميركيين الأكثر شعبية.

وعلى مدى فترة ولاية أوباما، أدرك الجمهوريون أنه لم يعد يكفي ببساطة الدعوة إلى إلغاء "أوباما كير"، وتحولت خطاباتهم إلى ضرورة "إلغاء واستبدال" هذا النظام. وعقدوا أكثر من خمسين لقاء تصويت، مع العلم بأنه لا جدوى من ذلك حقا لأن أوباما كان سيستعمل حق الفيتو لإفشال أي إلغاء خطير.

وكانت الدعوات في الواقع لجمع التبرعات: وناشدوا القاعدة الجمهورية المطمئنة لإرسال الأموال لمواصلة الكفاح ضد ما كان يُدعى البرنامج المكروه.

ولكن عندما وضعت انتخابات عام 2016 رئيسا جمهوريا في البيت الأبيض، لم يَعُد قادة الكونغرس في الحزب يختبئون. فقد أصبح الجمهوريون الآن يسيطرون سيطرة كاملة على الحكومة، وليست لديهم فكرة حول ما ينبغي أن يحل محل "أوباما كير".

بعد إكماله ستة أشهر في منصبه؛ لم يُحقق ترمب أي إنجاز تشريعي واحد للافتخار به، رغم أنه ادعى أن موافقة مجلس الشيوخ على تعيين نيل غورسوتش قاضيا في المحكمة العليا الجديدة يُعَد انتصارا.

ومن الجدير بالذكر أن القادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ تجاهلوا طلب ترمب بأن يتراجعوا ويُعَوضوا "أوباما كير" مرة أخرى قبل أن ينظروا في أي مسألة رئيسية أخرى.

استأجر روبرت مولر المدعين العامين ذوي الخبرة العالية والمتخصصين في المعاملات المالية الدولية، رغم تحذيرات ترمب من عدم التحقيق في شؤونه المالية- اختار هيئة محلفين كبرى في واشنطن. وبذلك بدأ تشديد الخناق فعلا على ترمب

وبينما كان مشروع قانون الرعاية الصحية يحظى بأكبر قدر من الاهتمام في مبنى الكابيتول هيل؛ رُفضت تشريعات أخرى كانت مطروحة على الكونغرس، مما يمثل نكسة أخرى لترمب.

وقد أثارت الغالبية العظمى من الحزبين في المجلسين مشروع قانون لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، وبشكل غير اعتيادي، لمنع الرئيس من رفع مثل هذه العقوبات. ولأن مشروع القانون تم تمريره بأصوات كافية لتجاوز حق النقض الرئاسي، لم يكن أمام ترمب سوى خيار التوقيع عليه، وهو ما فعله على انفراد دون الحضور المعتاد لداعمي هذا القانون والصحافة.

وفي الوقت نفسه، استمر التحقيق مع ترمب بخصوص علاقات حملته مع روسيا فيما يتعلق بتدخلها لصالحه في انتخابات 2016، بعيدا عن مرأى الجمهور. وقد توسع هذا التحقيق ليشمل صهر ترمب جاريد كوشنر وابنه دونالد الابن.

وفي ربيع هذا العام، صرح ترمب بأنه يريد عزل المحامي الخاص روبرت مولر، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق الذي يحظى باحترام كبير من قبل الطرفين.

وسبق أن عزل بالفعل مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، ولكن بموجب القانون لا يمكنه عزل مولر أيضا، لذلك حاول التسلط على النائب العام جيف سيشنس الذي كان قد انسحب -على نحو مناسب) من التحقيق، معلنا الاستقالة. وبهذه الطريقة، يمكن لترمب تعيين البديل الذي سيستطيع عزل مولر.

وبعد ذلك، وبينما كان أعضاء الكونغرس يستعدون للمغادرة إلى عطلة أغسطس/آب؛ عُلم أن مولر -الذي استأجر المدعين العامين ذوي الخبرة العالية والمتخصصين في المعاملات المالية الدولية، رغم تحذيرات ترمب من عدم التحقيق في شؤونه المالية- اختار هيئة محلفين كبرى في واشنطن. وبذلك بدأ تشديد الخناق فعلا على ترمب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.