بلد واحد.. ونظام واحد

Police officers stand in front of the city's Legislative Council prior to an election rally by the Youngspiration political party, Hong Kong, China, 28 August 2016. Hong Kong election officers blocked five candidates from standing in the city’s Legislative Council Elections over questions about whether they acknowledged the city as an 'inalienable part' of China. Disqualified electoral candidate Edward Leung, who is Hong Kong's de facto independence leader, is supp

صادف 1 يوليو/تموز الجاري الذكرى العشرين لتسليم المملكة المتحدة هونغ كونغ إلى الصين، في إطار نموذج يسمى "دولة واحدة ونظامان". لكن السؤال الذي لا يمكن تجنبه خلال الاحتفالات الرسمية هو: هل هناك حقا أي سبب للاحتفال؟

لو سألت دنغ شياو بينغ -وهو مهندس نموذج "دولة واحدة ونظامان"- عن حصيلة الذكرى السنوية العشرين لعملية التسليم، فلربما كان جوابه أن سكان هونغ كونغ سيحتفلون بازدهارهم وحريتهم. ومن جانبهم، سيعرض قادة الصين مصداقيتهم وقدراتهم على الحكم، ويسكتون في النهاية مجموعة المعارضين الذين شككوا في الحزب الشيوعي الصيني، وشككوا في وعودهم تجاه هونغ كونغ.

لكن الواقع مختلف تماما. فاليوم، أصبحت المشاهد -التي لم يكن من الممكن تصورها في هونغ كونغ عام 1997- روتينية، مثل المظاهرات الجماهيرية المناهضة للصين، وانتخاب المتطرفين المناهضين للسلطة التشريعية في المدينة، والدعوة المفتوحة إلى الاستقلال.

لو سألت دنغ شياو بينغ -وهو مهندس نموذج "دولة واحدة ونظامان" في هونغ كونغ- عن حصيلة الذكرى السنوية العشرين لعملية التسليم، فلربما كان جوابه أن سكان هونغ كونغ سيحتفلون بازدهارهم وحريتهم. ومن جانبهم، سيعرض قادة الصين مصداقيتهم وقدراتهم على الحكم

ومما لا شك فيه أن القوى الاقتصادية القوية -بما في ذلك ظهور الصين والعولمة وارتفاع معدلات عدم المساواة وأسعار العقارات- قد ألحقت الأذى بهونغ كونغ منذ 1997، مما قوض القدرة التنافسية للمدينة والمساهمة في السخط الاجتماعي.

لكن في حين أدت العوامل الاجتماعية والاقتصادية السلبية إلى تفاقم الإحباط الشعبي، فإن الاحتجاجات الجماهيرية -التي أصبحت حقيقة من حقائق الحياة في المدينة- هي أساسا احتجاجات سياسية، وتركز على حقوق شعب هونغ كونغ.

وفي ظل هذه الخلفية، يعتبر عدد قليل فقط أن نظام "دولة واحدة ونظامان" يعد نجاحا. والواقع أن النموذج ربما كان محكوما عليه بالفشل منذ البداية، وذلك بسبب العديد من العيوب القاتلة في هيكله.

بداية، فإناللغة التي تلزم الصين باحترام الحقوق الديمقراطية لشعب هونغ كونغ لم تكن واضحة. وحتى الإعلان المشترك -الذي وقعته الحكومتان البريطانية والصينية عام 1984 ومهد الطريق لعملية التسليم عام 1997- عرض وعدا -غير دقيق إلى حد ما- بأن الصين ستعين الرئيس التنفيذي "على أساس نتائج الانتخابات أو المشاورات التي ستجرى محليا".

وعلاوة على ذلك، فإن الحزب الوحيد الذي يتمتع بسلطة تطبيق بنود الإعلان المشترك -ناهيك عن الدستور المصغر لهونغ كونغ المعروف باسم القانون الأساسي- هو الحكومة المركزية في بكين.

ونتيجة لذلك، فإن قادة الصين قد يفشلون في احترام روح أو حتى الشروط الصريحة لالتزاماتهم، مع الإفلات من العقاب. ويعكس التطرف الحالي لمواطني هونغ كونغ -ولا سيما شبابها- الرغبة في تغيير ذلك، لجعل الصين تدفع ثمن التنازل عن وعدها بـ"الحكم الذاتي" والرد على المعارضة بالقمع.

وهناك سمة أخرى من سمات نظام "بلد واحد ونظامان" الذي حُكم عليه بالفشل: قرار الصين المتعمد بحكم هونغ كونغ بالرأسماليين والمحسوبية. ومن المثير للسخرية أن من يسمَّون الشيوعيين الصينيين يثقون بزعماء هونغ كونغ أكثر من جماهيرها (ربما لأن رشوة الزعماء أقل تكلفة بكثير).

لكن نظرا لأن ولاءهم يعتمد على مؤيديهم في بكين وليس سكان المدينة التي يحكمونها؛ فإن الرأسماليين الفاسدين في هونغ كونغ هم من السياسيين السيئين.

نهج "بلد واحد ونظامان" لم يكن كارثة بشكل كامل. ونظرا للثغرات الثقافية والاقتصادية والمؤسسية الكبيرة بين هونغ كونغ والصين الشعبية، فقد كان من المحتمل أن تؤول الأمور إلى ما هو أسوأ بكثير، لكن هذا لا يجعله نموذجا مستداما. وفي الواقع، قد يكون فاشلا بالفعل

وبموجب قانون الحزب الشيوعي الصيني، اكتسبوا السلطة والامتيازات التي كانت غير قابلة للتحقق في ظل الحكم البريطاني. لكن ذلك جعلهم لا يستجيبون لدوائرهم الانتخابية، حيث أصبحت هذه الأخيرة منفصلة بشكل متزايد عن منتخبيها. ونتيجة لذلك، فشل وكلاء الصين بشكل كبير في تأمين الشرعية الشعبية.

ومع الأخذ بعين الاعتبار مصير كبار المسؤولين التنفيذيين في هونغ كونغ الذين اختارهم حكام الصين لإدارة المدينة؛ فقد واجه المسؤول الأول تونغ تشي هوا نصف مليون متظاهر عام 2003، وفي 2005 (منتصف فترة ولايته الثانية) دفعه تراجع شعبيته إلى الاستقالة.

وقد أكمل خليفته دونالد تسانغ فترتيه بالكاد، وسُجن بسبب الفساد (مع خليفته الثاني) بعد مغادرته منصبه. وكان ليونغ تشون يينغ -الذي جاء بعد ذلك- كارثة بجميع المقاييس، مما أجبر حكام الصين على عزله بعد ولاية واحدة فقط.

وبطبيعة الحال، فإن نهج "بلد واحد ونظامان" لم يكن كارثة بشكل كامل. ونظرا للثغرات الثقافية والاقتصادية والمؤسسية الكبيرة بين هونغ كونغ والصين الشعبية، فقد كان من المحتمل أن تؤول الأمور إلى ما هو أسوأ بكثير، لكن هذا لا يجعله نموذجا مستداما. وفي الواقع، قد يكون فاشلا بالفعل.

سعى قادة الصين دائما -في أذهانهم- إلى التحرك نحو نموذج "دولة واحدة ونظام واحد" لهونغ كونغ. واعتقد دنغ شياو بينغ أن مثل هذا الانتقال سيستغرق 50 عاما، لكن خلفاءه نفذوه في 20 عاما فقط، ولم يدركوا حتى ماذا كان يحدث على أرض الواقع.

ومهما كانت السياسات التي تتبعها السلطات الصينية في هونغ كونغ منذ الآن وحتى عام 2047، فإن الهدف هو جعل الحاضر يبدو أكثر مثل المستقبل، ولا سيما على مستوى الحقوق السياسية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.