لا يوجد وقت نضيعه في سوريا

Refugees and migrants break a fence as they run to cross the border from the northern Greek village of Idomeni to southern Macedonia, Sunday, Sept. 20, 2015. More than 2,000 refugees and economic migrants wait at the small village of about 100 inhabitants every day to be let into Macedonia, from where they continue through Serbia and Hungary to seek asylum in wealthier European countries. (AP Photo/Giannis Papanikos)
أسوشيتد برس


يواجه الاتحاد الأوروبي حقيقتين صارختين نتيجة لوصول مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الساعين للحصول على ملاذ من الصراع، أولاهما أنه ليس جميع الدول الأعضاء في الاتحاد توفي بالتزاماتها سواء تجاه الدول الأخرى ضمن الاتحاد أو طبقا للقانون الدولي. وثانيتهما أن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه الحرب الأهلية في سوريا لا يمكن استدامته.

وحتى نكون واضحين فإن الفشل في العمل من أجل تحقيق السلام في سوريا هو خطأ فادح لا يختلف عن رد أولئك الهاربين من الاضطهاد على أعقابهم.

لقد ظهرت العيوب في قانون اللجوء الأوروبي والاختلافات في الممارسات بين الدول الأعضاء فيها منذ بعض الوقت، ولكن الثلاثمائة وخمسين ألف لاجئ الذين اجتازوا الحدود الأوروبية وما يزيد عن 2600 شخص غرقوا وهم يحاولون الوصول إليها في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام قد فتحوا أعيننا. إن الأوضاع غير الإنسانية التي يواجهها هؤلاء اللاجئون غير مقبولة.

إن ادعاء روسيا أن سوريا تواجه خيارا بين الأسد أو تنظيم الدولة الإسلامية هو ادعاء كاذب. إن الشكوك المتعلقة بالنوايا الروسية قد زادت بشكل كبير مؤخرا بينما تقوم روسيا بزيادة مساعداتها لنظام الأسد

والآن بالإضافة إلى ما يطلق عليه الانقسام بين الشمال والجنوب الناتج عن الأزمة الاقتصادية والخروج المحتمل للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والوضع الحرج في اليونان، هناك فجوة جديدة بين الشرق والغرب قد ظهرت في أوروبا. لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يتحمل المزيد من الشقوق، ولذا يتوجب عليه استخدام جميع الوسائل الممكنة من أجل إجبار الدول الأعضاء فيه على التقيد بالتزاماتها القانونية الدولية والأوروبية.

يجب أن نطبق نفس المقدار من السرعة على صنع السلام في سوريا، فاللاجئون هم نتاج الحرب الأهلية الطويلة والوحشية والمتعددة الجوانب حيث لا يمكن الاستهانة بخطورة الوضع في سوريا.

فمنذ بدء الصراع سنة 2011 نتج عن تلك الحرب أكثر من أربعة ملايين لاجئ وحوالي ثمانية ملايين من المشردين داخل سوريا، وقد توفي أكثر من مئتي ألف شخص. وحتى نقرب الصورة أكثر فإن هذا يعني أن أكثر من نصف سكان سوريا سنة 2011 ويبلغ عددهم 22 مليون شخص إما ميت أو مشرد.

إن السيطرة على الأراضي السورية مقسمة الآن بين نظام الرئيس بشار الأسد ومجموعات المعارضة المسلحة المختلفة والأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية. لقد مكنت الحرب الأهلية تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف من بناء قدراته بحيث لو انهار النظام السوري برمته فمن المرجح أن هذا التنظيم سوف يستغل الفراغ في السلطة من أجل الاستيلاء على كامل البلاد.

مهما يكن من أمر فإن ادعاء روسيا بأن سوريا تواجه خيارا بين الأسد أو تنظيم الدولة الإسلامية هو ادعاء كاذب. إن الشكوك المتعلقة بالنوايا الروسية قد زادت بشكل كبير مؤخرا بينما تقوم روسيا بزيادة مساعداتها لنظام الأسد، وهو حليف قديم لروسيا ويتعالى صوتها في الدعوة للتعاون مع النظام لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

من المرجح أن التركيز الروسي على إبقاء الأسد في السلطة يدفعه مصالحها الذاتية في إبقاء نفوذها في الشرق الأوسط، ولكن روسيا محقة في شيء واحد فقط، وهو أنه يجب وقف تنظيم الدولة الإسلامية.

إن خطأ روسيا الفادح هو اعتقادها بأنه بالإمكان تحقيق ذلك بدون حل سياسي للصراع في سوريا، وهو الصراع الذي ساعد على النمو السريع للتنظيم. إن القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية سوف ينجح فقط في حالة لو فكرت القوى الخارجية إلى ما هو أبعد من العمليات العسكرية وصاغت حلا سياسيا للأزمة.

إن مثل هذا الحل السياسي يجب أولا وأخيرا أن يعكس فهما لأخطاء الماضي والتزاما بعدم تكرارها.

بالنسبة لسوريا فإن هذا يعني أن جزءا من الدولة الحالية بما في ذلك طائفة الأسد العلوية يجب أن تكون ممثلة في ائتلاف عريض مع المعارضة والأكراد، ودون هذا التمثيل الواسع لا يمكن أن تأمل أي حكومة سورية في هزيمة القوى الإرهابية وأن تقود البلاد باتجاه مستقبل أكثر استقرارا.

بالطبع لن يكون تنفيذ مثل هذا الحل سهلا لأسباب ليس أقلها الانقسامات العميقة بين القوى الخارجية ذات العلاقة، علما بأنه مثل روسيا تدعم إيران -التي سوف تكون مهمة للغاية في نجاح أي حل- النظام، وفي الوقت نفسه لا ترغب السعودية وتركيا وقطر في دعم أي حل يتضمن الأسد.

إن جزءا من الدولة الحالية بما في ذلك الطائفة العلوية يجب أن تكون ممثلة في ائتلاف عريض مع المعارضة والأكراد، وبدون هذا التمثيل الواسع لا يمكن أن تأمل أي حكومة سوريه في هزيمة القوى الارهابية وان تقود البلاد باتجاه مستقبل أكثر استقرارا

إن هذا الجمود لا يمكن أن يستمر، ولحسن الحظ فإنه ليس من الضروري أن يستمر، فكل الأزمات تنتهي بالطريقة نفسها، وهي عندما تجلس كل الأطراف على طاولة المفاوضات، وهذا يجب أن يكون الهدف في سوريا الآن.

إن قيادة الاتحاد الأوروبي يمكن أن تلعب دورا حيويا في هذا الخصوص وممارسة تلك القيادة سوف يتطلب أن تتبنى الدول الأعضاء في الاتحاد موقفا موحدا داعما لجهود مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا من أجل العمل مع جميع اللاعبين أصحاب العلاقة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيران والسعودية لتحقيق السلام في سوريا.

من المناسب البدء بحث مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة) بالإضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي على الانعقاد.

ونظرا لأن تلك الدول نجحت مؤخرا في التغلب على خلافاتها الكبيرة من أجل التوصل إلى اتفاقية نووية مع إيران فإن هذا المجموعة يمكن أن تكون المنتدى المناسب من أجل البدء في بناء توافق على حل سياسي في سوريا. وبالإمكان أن تتقدم المفاوضات لاحقا لذلك بحيث تتضمن لاعبين آخرين خاصة السعودية وإيران وتركيا.

لقد نفد الوقت بالنسبة لسوريا، فشعبها عانى من حصار الوحشية والفوضى لفترة أطول من اللازم، فهناك بلدان قليله جدا يمكن أن يلجؤوا إليها وهم مجبرون على القيام برحلات خطيرة للغاية.

لا يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تنهي دورتها السبعين بدون اتخاذ خطوات حاسمة تجاه المفاوضات الفعالة والحل الفعال. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدعو العالم إلى العمل من أجل إيجاد حل لسوريا الآن وتأسيس دولة قوية قادرة على ضمان السلام في المستقبل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.