إعلام سلوفاكيا والإسلام.. كثير من الجهل قليل من العداء

شادي الأيوبي – براتيسلافا
شأن سائر الإعلام الغربي، تميل الكثير من وسائل الإعلام السلوفاكية إلى التحيز ضد القضايا الإسلامية والتحريض على المسلمين، ولا تكلف تلك الوسائل نفسها عناء البحث عن الحقائق، طالما أن ذلك يحقق لها نسبة متابعة عالية.
في المقابل تقوم المؤسسات الإسلامية في البلد بجهد إعلامي متواضع عبر مواقع إنترنت وإصدارات ورقية توضح رأيها في الأحداث، كما يشارك مسلمون في برامج تلفازية وإذاعية، لكن هذا الجهد لا يزال بحاجة إلى الكثير من الدعم ليعادل صوت الإعلام المتحامل ويوصل صوته إلى المواطن السلوفاكي، كما يقول القائمون على العمل الإسلامي في سلوفاكيا.
ويقول مهاجرون عرب في سلوفاكيا إن من يتابع الإعلام السلوفاكي من قنوات وصحف وإذاعات، ويقارنه بالدعايات الإعلامية في الدول الأوروبية يستطيع أن يميز نمطا فريدا من التغطية يدفعه للتساؤل عن "من يقف وراء الشاشات" وهل هي غرفة عمليات موحدة تدير كل الشاشات والصحف لتظهر بهذا النمط الموحد، بحيث تظهر كل شهرين أو ثلاثة قضية جديدة ملفقة؟

هذا التساؤل يقود إلى سؤال حول قوة النفوذ اليهودي في الدولة السلوفاكية وتاريخه في تشيكوسلوفاكيا. ويقول الأستاذ محمد العمري أستاذ اللغة العربية إنه رغم أن تشيكوسلوفاكيا كانت صديقة للعرب رسميا، ورغم علاقاتها الجيدة مع بلاد عربية اشتراكية مثل مصر وسوريا والعراق والجزائر وليبيا لاحقا، يقال إن أعضاء الحزب الشيوعي المحلي تبادلوا الأنخاب لانتصار إسرائيل عام 1967 لأن أغلبهم كانوا يهودا.
لكن العمري يستبعد أن يكون النفوذ اليهودي وراء التحامل الإعلامي على المسلمين، معتبراً أن التحامل إرثٌ من الحروب الصليبية والحقبة الشيوعية ونتاج العلمانية والجهل ومعاداة كل ما هو غريب وأجنبي والخوف من الاسلام، ولا ننسى أن سلوفاكيا دولة أوروبية تتأثر بمحيطها وتاريخها ودينها وثقافتها، ولكن الغالبية العظمى من الناس ليس عندهم مثل هذا العداء، حسب قوله.
أما محمد صفوان، مسؤول مؤسسة قرطبة فيعتبر أن الشعب السلوفاكي في موقفه من الإسلام لا يشكل استثناء بين الشعوب الأوروبية. ويعتبر أنه ينقسم إلى ثلاث شرائح، شريحة لها موقف سلبي مرتبط بالذاكرة الصليبية التي لا تزال حاضرة في المجتمعات الأوروبية، وشريحة ثانية محايدة، وشريحة ثالثة متعاطفة مع المسلمين، والشريحة الأخيرة تتقلص مع مرور الزمن بسبب الأحداث العالمية، حسب قوله.
ويضيف صفوان أن "أداء وسائل الإعلام السلوفاكية في الغالب سلبي، ليس بالضرورة عن خلفية متحيزة وحاقدة، فربما كان هذا جهلا أو كسلا فكريا يحول دون البحث المتعمق في المسائل، أو ربما كان بفعل عامل السرعة وضغط العمل والمنافسة".

ويقول إن من وسائل الإعلام ما تكون تغطيته لقضايا الإسلام سلبية، مثل صحيفة سميث وهي يومية يمينية، ومنها ما هو أفضل قليلا مثل صحيفة براودا، وهي امتداد لصحيفة برافدا العائدة للحقبة السوفياتية، وقد تحولت إلى صحيفة يسارية.
وهناك وسائل إعلام تحاول أن تكون موضوعية، حسب صفوان، مثل قناة تي آر تي وهو تلفاز وموقع إخباري، وسلوفينسكي روز هلاس، وهو راديو رسمي ويعتبر من أفضل الموجود.
إضافة إلى ما سبق، يضيف صفوان، هناك صحافة صفراء تعتمد الإثارة، مثل نوفي تشاس أو "الوقت الجديد"، وأخرى شعبوية مثل "بلوس يدن دن" أي زائد يوم واحد.
ويلاحظ أن الفروق تتقلص مؤخراً في تعامل وسائل الإعلام مع القضايا الإسلامية، حيث إن معظمها يتعامل بشكل مأزوم وغير حيادي شبيه بطريقة الوجبات السريعة وتغلب عليها الإثارة والسلبية. ملاحظا أن المسلمين لا يظهرون في الإعلام إلا في أوقات الأزمات.
وعن مشاركات المؤسسة في الإعلام يقول "ندرس مسألة مشاركتنا في الإعلام بين الإيجابيات والحسنات، كما نصدر بيانات للتعليق على الأحداث وتبيين رأينا فيها، وعادة تُنشر تلك البيانات.
أتيلا كواج، أستاذ مقارنة الأديان في جامعة كومينيوس، يقول إن الإعلام متخوف من منظمات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وهو لم يكن مهتما بسوريا قبل ظهورها، وأضاف أن الصحفيين اهتموا بهذا التنظيم خاصة. ويقول كواج إن "معظم الصحفيين ليس لديهم أي معلومات، ولو أساسية، عن الإسلام حيث كانوا يسألون أسئلة ساذجة من قبيل: كيف يحتفل المسلمون بعيد الميلاد"؟.

واستبعد كواج بدوره وجود لوبي صهيوني في البلد. وقال إن الجالية اليهودية في سلوفاكيا صغيرة ومعزولة عن الأحداث وليس لديها ثقل مهم في البلد. وقال إن الإسلاموفوبيا ليست موضوعا حاضرا بقوة في سلوفاكيا، مثلما يحدث في التشيك، كما أن الإعلام السلوفاكي ليس قويا مثل إعلام الدول المجاورة. وأوضح أن نفس الصحفيين يعطون تعليقات على الأحداث الجارية في العالم من الصين إلى المغرب دون احترام للتخصص.
أما جوزيف لينتش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ترنافا فقال للجزيرة نت إن الإعلام يستضيفنا عندما يحدث شيء ما فقط، ويدعوك للتبرير والاعتذار، فيما لا يهتم بالأمور الإيجابية.
ويقول لينتش، الذي اعتنق الإسلام منذ سنوات "لا تعلم جميع وسائل الإعلام السلوفاكية أني مسلم، لأن اسمي وأصلي يدلان على أني سلوفاكي. وعندما يسألونني أقول إنني مسلم. وأحيانا يعرفوني بـ (محلل سياسي – مسلم) وأسألهم: لماذا تعرفونني بمحلل سياسي مسلم ولا تعرفون زملائي بالمسيحيين كذلك"؟.
واستبعد لينتش سيطرة معادين للإسلام على الإعلام، وعزا التحامل الإعلامي إلى قلة فهم وإدراك الإعلاميين السلوفاك، موضحا أن الموضوعات التي تطرح عليه بكثرة هي الموضوعات التقليدية مثل مكانة المرأة في الإسلام وموقف الإسلام من العنف ونحو ذلك.