مفتى البقاع اللبناني: أخشى من تصفية حسابات مذهبية في العراق


undefined"مع أية طلقة أميركية على العراق أقول شرعاً ينبغي أن تلتهب المعركة على مدى العالم العربي والإسلامي في مواجهة مصالح الأميركان في أرضنا، وأقول: ما لم تستطعه الدول لماذا لا تقوم به الشعوب؟". "وأخشى من تصفية حسابات مذهبية قديمة في العراق إذا اندلعت الحرب".

هذا ما قاله مفتي البقاع الغربي وزحلة في لبنان الشيخ خليل محيي الدين الميس في حوار مع الجزيرة نت.

وفي شأن الخلافات المذهبية أبدى الميس تخوفه من تصفية حسابات مذهبية قديمة في العراق.

وليس هناك أفضل من مرجع ديني لبناني لنتحدث معه بصراحة في هذا الشأن، متجاوزين كل الآراء القائلة إن العراق مختلف عن لبنان، لأن البعض ردد بأن الفأس المذهبية قد وقعت بالفعل في الرأس منذ الاجتماع اللندني الشهير للمعارضة وربما قبل ذلك.

حاوره: شفيق شقير

undefined

فضيلة الشيخ خليل الميس، الكل يتحدث عن السيناريو المحتمل لضرب العراق، فما هو السيناريو الممكن لدرء الحرب عن العراق؟

الحقيقة نحن مذهولون من جامعة الدول العربية، ومن الدول العربية مجتمعة أو منفردة، أمام هذا الصمت المطبق الذي يصاحب كل هذا الإعداد العسكري الهائل لضرب شعب العراق وتاريخ العراق وطموحات العراق، وليس لضرب من يحكم العراق.

المسلم في العالم العربي بالذات يقف مدهوشاً أمام ذلك الصمت، حيث أن الدول التي تجهز جيوشها لضرب العراق خرجت شعوبها معبرة عن الاستنكار عن هذا العمل. أما العرب لا شوارع تحركت ولا أنظمة عبرت التعبير المناسب لمواجهة هذه الكارثة المؤكدة. ونرجو أن يجنب الله شعب العراق ما يهيأ له من حرب سبق وعبر بوش عنها بأنها حرب صليبية.

undefinedإذا سمحت تحديداً ما هو الممكن أو المطلوب لدرء الحرب عن العراق؟

المطلوب منا شعباً أن نقول لا، ومن جامعة الدول العربية أن تجتمع وتقول لا، ومن منظمة المؤتمر الإسلامي أن تجتمع وتقول لا، وكذلك من كل منظماتنا ونقاباتنا في العالم العربي أن تقول لا. ثم يا ترى هل ينبغي أن نرى هذه الحشود على العراق ولا نحشد نحن قوتنا في مواجهتها، هذا هو السؤال المطلوب.

نعم لا بد من كلمة، لا بد من موقف، لا بد من إجراء لمواجهة هذا التحدي الذي هو في الحقيقة ليس فقط للعراق، ولكن هو تحد لكل الأمة العربية انطلاقاً وبدءاً من العراق، لأننا قد بلغنا أن المنطقة برمتها مرشحة بتفجيرات من الداخل، وربما هذا ما تهمس به أجهزة الأمن في لبنان. ماذا سيتعرض له لبنان خلال أو بعد حرب العراق، يا ترى هل سينفجر العالم العربي من داخله، هل ستعود المواجهة بين أقلية وأكثرية. ربما العدو ليس فقط سلاحه سلاح التدمير الشامل عسكرياً، فهنالك سلاح تدميري شامل اجتماعياً وسياسياً، لذلك ينبغي أن نتماسك في مواجهة هذا العدوان بأية طريقة.

يا ترى هل يمكن أن نقنع صدام حسين بالاستقالة عن الحكم إن أمكن لتفويت الفرصة، فإذا كان ذلك يوفر علينا ضرب العراق فليكن، إذا كان هناك من ضمانات توفر علينا ضرب العراق فليكن، ومطلوب من هذا الرجل الآن أمام شعبه والتاريخ أن يجنب شعبه هذه المجازر المرتقبة لا سمح الله.

undefined

الولايات المتحدة الأميركية تجهر بضرورة ضرب العراق، فهل يجوز للمسلم التعرض للأميركيين أو لمصالحهم باعتبار أنهم غزاة؟

مع أية طلقة أميركية على العراق أقول شرعاً ينبغي أن تلتهب المعركة على مدى العالم العربي والإسلامي في مواجهة مصالح الأميركان في أرضنا، وأقول ما لم تستطعه الدول لماذا لا تقوم به الشعوب ؟

undefined

ألا يثير هذا الفوضى ويضع الشعوب في مواجهة الأنظمة؟

الحقيقة أن الشعوب في بعض الأحيان لا تستأذن الأنظمة في عمل يكون في مصلحتها، وإذا كانت الأنظمة لم تقدم حلاً فلتفتح الطريق للشعوب لتقدم حلها.

undefinedهل هذا يعني أنكم من موقعكم الفقهي تدعون المسلمين لضرب المصالح الأميركية أم أن الموضوع يحتاج تفصيلا أكثر؟

الحقيقة أن الذي يؤلم أميركا أولاً الاقتصاد، لأن معركتها مع العراق تبدأ عسكرية وتنتهي اقتصادية، فلماذا لا نحاربها على اتساع العالم الإسلامي بالاقتصاد، إذا كنا لا نستطيع أن نحاربها بالسلاح، لأنها هي التي أعلنت الحرب على الإسلام والمسلمين والعرب أجمع.

undefined

هل تعتقد أن لبنان وسوريا يمكن أن يدفعا ثمناً لتداعيات الحرب على العراق؟

هما أول من يدفع الثمن ولسببين:
أولاً: لهذا التلاحم بين قُطرين عربيين ينسقان عسكرياً.
ثانيا: أظن أن إسرائيل لن تنسى انسحابها أمام ضربات المقاومة في الجنوب، وكأني بها ستغتنم الفرصة لترد على هذه الهزيمة التي أوقعها لبنان -في الحقيقة ليس فقط بندقية المقاومة- ولكن هذا التنسيق ما بين لبنان وسوريا على أكثر من مستوى وفي أكثر من ميدان.

undefined

هل من الممكن أن تؤدي الضربة الأميركية المحتملة على العراق إلى قلاقل طائفية في المنطقة عموماً، باعتبار أن هناك من يتحدث عن أن السنة مع صدام ويدافعون عن نظامه؟

لا أدري من هو مع صدام؟ وصدام حسين ليس مشروعاً سنياً لنقول إنه يقاتل بالسنة غير السنة، وإلا فالأكراد جميعهم سنة ونالهم ما نالهم.

إذن التلميح بهذا ينبغي أن يُستبعد، ولا شك أن هذا الاحتقان المذهبي موجود. وهنا نناشد إيران أن تحول دون إشعال هذا الفتيل، وهي بإمكانها أن تفعل ذلك، وأن تخمد هذه الفتنة، وألا نرى -نقول بصراحة- الشيعة سنداً لهم في إيران، وأخشى أن تكون هناك تصفية لحسابات القديمة.

undefined

يقال إن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ومركزه إيران يتعاون مع الولايات المتحدة، ومن المعروف أنه أخذ الحصة الأكبر في تمثيل المعارضة العراقية في مؤتمر لندن الأخير…؟

أخي الكريم أنا أقول بصراحة: لماذا نحن نخفي الأمور. عند اجتياح أفغانستان على يد الجنود الأميركيين، من قاتل مع أميركا وجهاً لوجه؟ ألم يقاتل الشيعة هنالك.. إذن قاتلوا، وهذا لا يجوز أن يتكرر مرة ثانية لأن هذا كان مقدمة. صحيح أن النظام السابق كان بينه وبين الشيعة خلافات، ولكن كيف يأخذ فتوى، ونعلم أن المقاتل الشيعي يأخذ الفتوى من مراجعه الدينية، كيف يأخذ فتوى أن يكون مع أميركا في صف واحد في الوقت الذي يعلن أنه مواجه لأميركا وأن أميركا شر مطلق، إذا كانت شرا مطلقا فما الذي حصل بعد ذلك.

undefined

التحالف الشمالي في أفغانستان كانت السنة فيه رأس الحربة.

الحقيقة الآن.. نحن نخشى -ونسأل الله السلامة- أن يكون هناك إجهاز على هذا الكيان الكردي المتداخل ما بين العراق وإيران في هذه الفترة بالذات. أما في سوريا، فإنها تستطيع بتماسكها السياسي أن تحول دون هذه الفتنة على أرضها بالنسبة للأكراد.

ولكن ليس مستبعداً أيضاً أن تكون هناك فرصة للانقضاض على هذه الشريحة المنتشرة بحجة أنهم يطالبون بدولة، وأن يكون هنالك ربما توافق -الله أعلم- أو تخطيط ما بين تركيا وإيران، للإجهاز على هذه المجموعة التي تتطلع إلى إنشاء حكم ذاتي كما هو معروف.

undefined

لماذا لا يبادر العلماء بإيجاد وفد أو تكوين وفد ما في محاولة للإصلاح.. على الأقل ما بين العرب، تمهيداً لنزع فتيل الأزمة مع الولايات المتحدة؟

سؤالك هام جدا،ً ولكن نحتاج إلى شئ من التقارب بين علماء السنة والشيعة -ولو سياسياً- حتى نريح المنطقة، لأن عامة الناس ربما تلهبها مشاعر وإثارات الفتاوى والخطب من هنا وهناك. والمطلوب من العلماء السنة والشيعة الآن لا أن يتنازلوا عن مفاهيمهم، ولكن ألا تكون مفاهيمهم سبباً في إبادة المسلمين في المنطقة والعياذ بالله.

undefinedاستطراداً لهذا السؤال، أنت تمثل موقعا دينيا رسميا في لبنان، ولبنان يرأس القمة العربية لهذه الدورة. فلماذا لا يكمل العلماء الدور السياسي للدولة اللبنانية، بأن تتبنى دار الإفتاء أي مشروع للإصلاح أو أي شيء من هذا القبيل؟

نرجو لهذا الاقتراح أن يصل بطريقة أو بأخرى إلى المراجع الدينية في لبنان، وبخاصة أن هنالك عناصر تعرف بالاعتدال. ولكن لا أدري عند الطائفة الشيعية، لا أدري إلى أي مدى لها قوة تأثير على القرار السياسي الشيعي إن صح التعبير، فهناك السيد محمد حسين فضل الله، ولكن ما هو تأثيره الآن؟
ــــــــــــــــ
* قسم البحوث والدراسات، الجزيرة نت

المصدر : غير معروف