(سي دي العراق) ناجي صبري
تولى ناجي صبري الحديثي حقيبة الخارجية في الحكومة العراقية في مرحلة من أشد المراحل التي يمر بها النظام العراقي حرجا، وهي مرحلة تهديد النظام برمته، وفي وقت بدأت فيه الإدارة الأميركية بزعامة جورج بوش الإبن والمتشددين في إدارته إعداد العدة لإقصاء هذا النظام وتبديله بآخر يوافق هوى واشنطن ويرعى مصالحها كما كان في السابق.
* من مواليد عام 1951 |
وقد أجمع عدد من المراقبين على أن وزير الخارجية ناجي صبري قد ساهم في تحويل ما بدا ظاهريا على أنه سيل من التنازلات والرضوخ أمام ضغوط المطالب الأميركية، إلى أحد أنواع المهارة الدبلوماسية والحنكة في الاستجابة للمطالب بهدف سلب كل ذريعة أمام الإدارة الأميركية لشن عمل عسكري منفرد ضد بغداد، ونجح بحفاظه على منهج الحكومة العراقية في إدارة الأزمة، في إحراج الإدارة الأميركية أمام الرأي العام العالمي، وإحداث الانقسام المطلوب في مجلس الأمن الدولي بشأن العراق بما أحدث نوعا من التوازن داخل المجلس خدم في مجمله الموقف العراقي وسبب في ذات الوقت نوعا من عدم التوازن في صف الجانب الأميركي وأعوانه.
عودة المفتشين الدوليين إلى العراق:
أبرز الملفات الشائكة التي واجهت ناجي صبري بعد تسلمه مهام منصبه كوزير للخارجية في أغسطس /آب 2001، كان ملف عودة المفتشين الدوليين إلى أراضي بغداد، وأمام إصرار الإدارة الأميركية بقيادة بوش على هذا الأمر أعلن صبري في نوفمبر /تشرين الثاني 2001، موافقة بلاده على عودة المفشين الدوليين واستئناف مهام عملهم بشرط رفع العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ عشر سنوات. وفي هذا الإطار خاض ناجي صبري سلسلة من المباحثات مع الأمم المتحدة بنيويورك وفيينا، وبعض الدول الأوروبية على رأسها روسيا رابطا بين عودة المفتشين ورفع العقوبات عن بلاده، إلى أن أعلن في سبتمبر /أيلول 2002 موافقة بلاده غير المشروطة على عودة المفتشين الدوليين إلى أراضيها وذلك ليقطع الطريق أمام تحرك عسكري أميركي بريطاني ضد العراق، وطالب في الوقت نفسه بوقف الغارات الجوية الأميركية البريطانية فوق مناطق الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبيه، وكذلك استجابة المجتمع الدولي لمطلب بلاده برفع الحصار.
تحركاته على المستوى العربي والدولي:
من بين الملفات الأخرى التي واجهها وزير الخارجية العراقي ناجي صبري عقب تسلمه مهام منصبه ملف العلاقات العراقية بدول العراق وإيران وأوروبا، فحرص على تأكيد سياسة التقارب مع هذه الدول وبدأ بدول الخليج أولا فقام بزيارة البحرين في يناير /كانون الثاني 2002، وأكد لاحقا أن بلاده تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية قوية مع قطر والإمارات وعمان والسعودية. كما توجه مرتين إلى إيران خلال عام 2002، وطار إلى تونس ثم قصد إسطنبول واجتمع هناك برئيس الوزراء التركي آنذاك بولنت أجاويد. وسعى خلال هذه التحركات إلى الحيلولة دون دعم تلك الدول للمساعي الأميركية الهادفة لتوجيه ضربة عسكرية لبلاده.
كما شارك كذلك في العديد من اجتماعات وزراء الخارجية العرب العادية والطارئة، والتي من أهمها الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقد بالقاهرة في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن رقم 1441 بشأن عودة المفتشين الدوليين إلى بغداد، والاجتماع الذي سبق القمة العربية الرابعة عشرة ببيروت والذي شهد التقائه بنظيره الكويتي محمد الصباح، ثم الاجتماع الذي سبق القمة العربية الخامسة عشرة بمدينة شرم الشيخ، والتي أجمع فيها القادة العرب في بيانهم الختامي على رفضهم المطلق للعدوان الأميركي ضد العراق وعدم تقديم التسهيلات لتنفيذه.
وما يزال وزير الخارجية العراقي ناجي صبري يمارس مهام عمله على رأس الدبلوماسية العراقية، في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الصراع مع الإدارة الأميركية واضعا نصب عينيه سياسة بلاده المرتكزة على سحب الذرائع أمام واشنطن بهدف عدم تمكينها من شن ضربة عسكرية ضد بلاده غير مأمونة العواقب على المنطقة برمتها.
________________
الجزيرة نت