النصوص الكاملة لكلمات رؤساء الوفود في القمة العربية بشرم الشيخ
اختتم قبل قليل مؤتمر القمة العربية في مدينة شرم الشيخ بمصر بعد إصداره للبيان الختامي وبعد أن ألقى رؤساء الوفود المشاركة كلماتهم. فيما يلي النصوص الكاملة لهذه الكلمات.
1- السعودية 2- الأردن 3- العراق 4- فلسطين
5- الكويت 6- السودان 7- المغرب 8- الجزائر
9- منظمة المؤتمر الإسلامي 10- مصر 11- البحرين
كلمة السعودية
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين،،،
كما تعلمون تلتقي القمة العربية اليوم وهى تقترب من إمكانية اندلاع حرب أخرى في منطقتنا التي شهدت حربين خليجيتين وثلاث حروب لمقاومة الاعتداءات والاحتلال الإسرائيلي.. والمنطقة تشهد بصورة تكاد تكون يومية مشاهد التعسُّف والقهر الإسرائيلي للوجود الفلسطيني حتى فيما تبقَّى لذلك الشعب الشقيق من أرض.
وصاحب السمو الملكي ولى العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز يرى ويُشاهد كل ذلك. يرى ويُشاهد شعبين شقيقين يتعرضان لمحنة تُطبق عليهما، وعالماً عربياً وأمة عربية يقع منها كل ذلك موقع البقاء والاستمرار واستحقاق المُشاركة في التأثير على عالم اليوم وهو كقائد من قادة هذه الأمة، وقيل ذلك ومعه وبعده، كابن من أبنائها يُعايش ذلك كله من مسؤولية القيادة ومواطن المواطنة والإحساس العميق بالانتماء لأمة عربية واحدة والإيمان الراسخ بمبادئ الإسلام وقيمة في العدالة والمساواة والإعمار وتاريخه الحضاري الممتد، هذه المُعايشة لواقع الأمة هي التي دفعت سموه للمبادرة دائماً بالتذكير بمَنْ نحن وماذا نُمثل وبمسئوليتنا تجاه معتقداتنا وحضارتنا وواقعنا.
ومن هنا كانت مبادرة سموه التي تبنتها القمة العربية في بيروت لإزاحة كل الادعاءات الإسرائيلية حول السلام، ولوضع القوى العظمى، خاصةً تلك التي ترعى عملية السلام، أمام مسؤوليتها وعلى ذلك أيضاً ينبني موقف سموه نحو العراق.. موقف يصر على عراقٍ موحَّد يُقرر شعبه مَنْ يقوده، وعلى أن لا يُشكل تهديداً حالياً، ومُحتملاً أو استراتيجياً لجيرانه، عراق تُقربه أمته العربية من مسؤولياته الدولية.
وعلى أساس ذلك أيضاً تجئ مبادرة سموه بأن الوقت قد حان ويجب أن لا يفوت قبل أن تلم الأمة العربية شتاتها وتحزم أمرها وتواجه نفسها وتعترف بواقعها – وأنه لا طريق إلى ذلك سوى الصدق مع النفس، صدقاً ينطلق من القيادات، إذ أنه بدون الالتزام الأخلاقي فإن طريق العمل العربي المشترك سيظل دائماً متعثراً متردداً، وبدون إصلاح داخلي يعتمد على المشاركة والشفافية السياسية ستظل القيادات غير مُعبِّرة عن حقيقة الأمة وآلامها وآمالها وبدون عمل اقتصادي عربي فعَّال مشترك فلا نسيج يشد أوصال الأمة بعضها ببعض.
مواقف سموه هذه لا تتأسس على عواطف متأججة أو نظرات متتالية بقدر ما تتأسس على رؤية قيادية تفهم الواقع تستشعر المستقبل وتؤمن بوحدة الأمة ومستقبلها المشترك وكينونيتها كوحدة حضارية قدَّمت وستُقدِّم الكثير بإذن الله.
إلا أنه نظراً للأوضاع الخطيرة التي تواجه الأمة العربية، خاصةً التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها العراق والدول العربية، واحتمال تطور الموقف إلى مواجهة عسكرية، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ورغبة سموه في تركيز البحث على هذين الموضوعين الأساسيين، فقد رأى سموه بطلب تأجيل بحث هذه المبادرة إلى اجتماع القمة القادم المُقرر عقده في تونس بحيث يُخصص جلسة خاصة لبحثها.
_______________________
كلمة الأردن
بسم الله الرحمن الرحيم صاحب الجلالة،
الملك حمد بن عيسى آل خليفة
رئيس القمة ، أصحاب الجلالة والسيادة والسمو، ملوك ورؤساء وامراء الدول العربية ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ، فقد تم انعقاد هذه القمة في أصعب الظروف والتحديات التي تواجه امتنا والتي تستدعي التعامل معها بأقصى الحكمة والواقعية والشعور بالمسؤولية تجاه شعوبنا التي عانت من ويلات الحروب وآثارها طيلة العقود الماضية.
فنحن اليوم أمام قضية تنذر بحرب وشيكة على العراق ولن يكون الشعب العراقي الشقيق وحده الذي سيعاني من تبعات هذه الحرب وآثارها المدمرة بل ستعاني منها شعوب المنطقة بأسرها.
والتحدي الرئيس المطروح على هذه القمة هو كيف نمنع وقوع هذه الحرب وكيف نجنب العراق وشعوب المنطقة المزيد من الكوارث والدمار .
وانطلاقا من هذه القناعة فقد عمل الأردن كل ما يستطيع واستخدم كل علاقاته الدولية لإيجاد تسوية سياسية لهذه القضية كما بذل الأردن جهود كبيرة مع الرئيس الأمريكي وادارته لاقناعه بضرورة عدم استخدام القوة وتسوية هذه الأزمة بالطرق السلمية .
والأردن اليوم يؤكد على خطورة الوضع ويحذر من إمكانية تقسيم العراق إذا وقعت الحرب .
وبالرغم من ان فرصة تجنيب العراق والمنطقة شبح هذه الحرب أصبحت ضعيفة إلا ان هذا يجب ان لا يمنعنا من مواصلة الجهود المخلصة للحيلولة دون وقوعها .
وعلى هذا الأساس فان الأردن يؤكد على ضرورة دعم وتأييد أي جهد يساعد على تجنيب العراق أي عمل عسكري وعلى استخدام كل الوسائل الممكنة لتجنيب المنطقة آثار هذه الحرب وعلى ضرورة تسوية هذه الأزمة بالطرق السلمية واعطاء الوقت الكافي للمفتشين الدوليين لإنجاز مهماتهم كما يؤكد على أهمية استمرار تعاون العراق مع الأمم المتحدة وتنفيذ كافة القرارات الدولية ذات العلاقة بما فيها القرار 1441 تفاديا لحدوث الضربة العسكرية التي أصبحت وشيكة .
وإذا كان التركيز الآن على ضرورة إلزام العراق بتطبيق القرارات الدولية ذات العلاقة فان الأردن يطالب بتطبيق ذلك المبدأ على الصراع العربي الإسرائيلي حتى تكون منطقة الشرق الأوسط بكاملها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل .
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فقد حرص الأردن على بذل كل جهد ممكن من أجل إطلاق عملية السلام من جديد وعلى التشاور والتنسيق مع الأشقاء العرب لاخراج المبادرة العربية والتي تم تبنيها بالإجماع حيث أكدت هذه المبادرة على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وعلى قيام الدولية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل متفق عليه لقضية اللاجئين على أساس القرار 194 وتلبية الاحتياجات الإسرائيلية فيما يتعلق بموضوع الأمن .
وقد اسهم الأردن مع باقي الدول العربية بعد إطلاق هذه المبادرة في إحداث تحول جذري في الموقف الأمريكي بحيث اصبح التركيز على البعد السياسي والحل النهائي بدلا من التركيز على النواحي الأمنية فقط وقد تجسد هذا التحول في خطاب الرئيس الأمريكي حول رؤيته لاحلال السلام في المنطقة عن طريق وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية بحلول منتصف عام 2005، وقد كان هذا الخطاب المرة الأولى التي تتحدث فيها الولايات المتحدة عن قيام دولة فلسطينية ضمن فترة زمنية محددة، ثم واصل الأردن جهوده من أجل ترجمة الالتزام الأمريكي والإجماع الدولي على قيام الدولة الفلسطينية خلال ثلاث سنوات إلى خطة عملية قابلة للتنفيذ من خلال مشاركته في وضع بنود خارطة الطريق التي تحدد الالتزامات لكل من الطرفين والبرامج الزمنية المحددة لتنفيذ هذه الالتزامات وآلية الرقابة والتقييم التي تتولاها الهيئة الرباعية الدولية لضمان حسن التنفيذ وعدم التنصل من الوفاء بهذه الالتزامات .
كما عمل الأردن على إدخال بعض التعديلات الضرورية على هذه الخارطة لضمان الحقوق العربية المشروعة باعتبار هذه الخارطة ستمثل الأساس الصحيح لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بعد إقرارها من الهيئة الرباعية .
وبناء على ما تقدم فإن الأردن يؤكد على ضرورة قبول خارطة الطريق بعد إعلانها كحزمة واحدة فلا يجوز لأي طرف من الأطراف ان يقبل بعض بنودها ويرفض البعض الآخر كما تفعل إسرائيل الآن فهي تقبل بالخارطة من حيث المبدأ لكنها تعترض على الجدول الزمني وتجميد المستوطنات وآلية المراقبة وهذا ليس قبولاً بالخارطة وانما هو نسف لها من أساسها.
وقد أكد الأردن للولايات المتحدة انه لا مجال لتنفيذ هذه الخارطة اذا لم تلتزم جميع الأطراف بقبولها كحزمة واحدة ونحن نؤكد اليوم على ضرورة الإعلان عن هذه الخارطة وتحقيق الالتزام الدولي بتنفيذها بالسرعة الممكنة بعد ان اتخذت الولايات المتحدة قرارها بتأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية .
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ، إن العالم من حولنا ينظر إلى هذه القمة باهتمام كبير ولابد لنا من التأكيد في قمتنا هذه على أهمية دعم مبادرة سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز لتفعيل العمل العربي المشترك وعلى ان من حق شعوبنا وشعوب المنطقة بأسرها ان تنعم بالأمن والسلام والتنمية وان الفرصة مازالت موجودة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلية والقضية العراقية بالطرق السلمية وبالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية التي يجب ان تكون المرجعية الأولى لتسوية أي صراع في أي مكان في العالم بتطبيقها على جميع الدول دون استثناء أو تمييز ودون استقواء من أي طرف على الآخر .
وفي الختام أتوجه بالشكر إلى الجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين وجامعة الدول العربية على الجهود الخيرة التي أسهمت في انعقاد هذه القمة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
___________________________
كلمة دولة العراق
جلالة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة رئيس القمة العربية الخامسة عشرة يسعدني أن أتقدم إلى جلالتكم بالتهنئة على تسلمكم رئاسة قمتنا العربية راجياً من العلي القدير أن يوفقكم لإدارة أعمال قمتنا على طريق الارتقاء بالعمل العربي المشترك وبالتضامن العربي.
كما يسعدني أن أحيي أخي سيادة الرئيس حسني مبارك على جهوده في استضافة هذه القمة وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
كما يسرني أن أتقدم إلى أخي سيادة الرئيس إميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية بالشكر والتقدير الكبيرين على الجهد القومي الرائع الذي بذله لبنان الشقيق تحت قيادته في تعزيز التضامن العربي وحماية الحقوق العربية. كما أحيي سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية على جهوده وجهود المملكة في لم الشمل العربي.
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو ..
تنعقد قمتُنا في ظرف دقيق تتأكد فيه الحاجة الماسة إلى الارتقاء بعملنا المشترك إلى مستوى المسؤولية التاريخية للتصدي لهذه الهجمة الاستعمارية الصهيونية الشرسة على أمتنا العربية المتمثلة بتصاعد العدوان الإرهابي الصهيوني على شعبنا العربي الفلسطيني البطل المجاهد، وبتصاعد التهديدات الاستعمارية الأمريكية الصهيونية ضد سيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه ومستقبل شعبه ووجوده.
إن مواجهة هذه الهجمة الاستعمارية الصهيونية الشرسة تتطلب منا جميعاً أيها الأخوة تضامناً عربياً فعّالاً يحفظ للأمة ودولها وجماهيرها الحقوق والكرامة والخيارات الوطنية والقومية.
إننا في العراق أيها الأخوة إذ نسعى بكل السبل ونبذل كل الجهود كما تأملون وترجون لتفادي مخاطر الحرب والعدوان وتجنيب شعبنا وشعوب المنطقة شرور الحرب والعدوان، وإذ نحرص كل الحرص على إتاحة كل السبل أمام الحل السياسي السلمي للأزمة الراهنة، فإننا نود أن نؤكد لكم أن الولايات المتحدة وحليفها الكيان الصهيوني لا يسألان ولا يبحثان عن أسلحة الدمار الشامل وإنما يتخذان من هذه القضية غطاءً وذريعة لتدمير العراق واستعماره واستعمار المنطقة العربية وتفتيت دولها وإعادة رسم خارطتها السياسية وتحويل الدول العربية إلى دويلات ضعيفة هزيلة متطاحنة خاضعة لكيان الصهيوني .. لسنا الوحيدين الذين نقول ذلك، فالمسؤولون الأمريكيون والصهاينة أنفسهم يتحدثون عن استهداف الدول العربية أيضاً وليس العراق فحسب ..
إننا أيها الأخوة .. بذلنا وما نزال كل الجهود المضنية لتسهيل عمل فرق التفتيش بهدف أن نثبت للعالم كله حقيقة خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل وكذب ادعاءات أمريكا وافتراءاتها ولنفضح نواياها العدوانية ونحن ماضون في هذا الالتزام بكل جهودنا وبما يفضى إلى إثبات هذه الحقيقة وكشف ذلك الزيف وبما يقود إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن برفع نظام الحصار الإجرامي اللأخلاقي المفروض على العراق منذ 13 سنة وبموازاة هذه الجهود أيها الأخوة نقول بإيمان مطلق بالله العلي القدير شعبنا العراقي البطل وبكل الأحرار في أمتنا وخارجها فإننا قد أعددنا شعبنا وجيشنا لكي ندافع عن أرضنا ومقدساتنا وكرامتنا واستقلالنا وسيادتنا سنقاتل المعتدين متوكلين على الله العزيز القدير الذي هو سبحانه أقوى من أمريكا وأقوى من كل طاغية ومتجبر ..
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو ..
إن أشقاءكم في العراق يعاهدونكم على أنهم متوكلين على إيمانهم اللامحدود بالله العزيز القدير وعلى ايمانهم بعدالة قضيتهم وقدسية حقهم في الحياة الحرة الكريمة ومعتمدين على قدرات العراق اللامحدودة وشعبه الأبي البطل وقيادتهم الشجاعة الباسلة التي اختارها شعب العراق سيقفون وقفه رجل واحد ضد المستعمرين المعتمدين وسيجعلون من تخوم العراق مقابر للغزاة وستبقى راية الله أكبر ترفرف عالياً في سماء عراقكم العزيز المقتدر .. عراق العرب والإسلام .. عراق الحضارة والعزة والكرامة .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
____________________________
كلمة دولة فلسطين
صاحب العظمة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة،
فخامة الأخ الرئيس المبارك محمد حسنى مبارك،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة،
أُحييكم من فلسطين وطنكم وأرضكم المُقدسة وأنتم تجتمعون في أرض الكنانة، مصر العزيزة، وأمتكم العربية – دولاً وشعوباً – تقف أمام مُفترض حاسم ومُنعطف خطير، فالحرب الإسرائيلية المستمر والمتصاعدة ضد شعبنا الفلسطيني الصامد قد بلغت ذروتها بإعادة احتلال أرضنا ومدننا المُحررة وإطلاق العنان للاستيطان السرطاني في كل أرضنا الفلسطينية وفى المقدمة تهويد القدس الشريف وحائط برلين حولها ومدينة خليل الرحمن وبيت لحم والمساس بمقدساتنا المسيحية والإسلامية فيها جميعاً،
وتدمير البلدة القديمة التاريخية بنابلس وما حدث في قطاع غزة والضفة ومدنها ومخيماتها وقُراها، كما وأن حكومة إسرائيل المُحرِّض الأول لهذه الحرب ضد العراق الشقيق وتعتبر هذه الحرب حربها ضد الشعب الفلسطيني وضد سلطته الوطنية وكيانه واستقلاله وضد الأمة العربية جمعاء من المحيط إلى الخليج، وهذه الحكومة الإسرائيلية تضع اليوم اللمسات الأخيرة على سيناريوهات دورها وأهدافها في إطار هذه الحرب على العراق وشعبه الشقيق.
ولا يخفى عليكم أن الأطماع التوسعية والاستيطانية لحكومة إسرائيل تجد اليوم في هذه الأوضاع فرصتها السانحة لمزيد من التصعيد العسكري الإجرامي والتخريبي والاستيطاني لتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولة التهجير القسري "الترانسفير" لشعبنا بقوة السلام والقتل والتدمير والحصار والعقاب الجماعي ولفرض وجودهم العسكري المتنفذ في المنطقة كلها، كما أعلنوا ذلك بوقاحة رسمياً في إعلامهم للسيطرة على المنطقة العربية، إن هذه الحرب الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد شعبنا الفلسطيني هي حرب عنصرية وحرب استعمارية وحرب إبادة وتطهير عرقي في مواجهة انتفاضة شعبنا ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي الغاشم لجماهيرنا وأرضنا ولحماية مقدساتنا المسيحية والإسلامية.
صاحب العظمة الأخ حمد بن عيسى آل خليفة
فخامة الأخ الرئيس المبارك محمد حسنى مبارك،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة،
إن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعن وجوده وعن مقدساته وعن مستقبله هو حق مُقدس تكفُله له كل المواثيق الدولية وشرعية حقوق الإنسان، وما تعرَّض ويتعرض له شعبنا الفلسطيني في تاريخ صموده بقوة وإيمان في الثلاثين من شهر الماضية هو عدوان إسرائيلي سافر وشامل هدفه الأول والأخير القضاء على حقنا المشروع في قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتشريد وتهجير شعبنا من أرض وطنه، أرض آبائه وأجداه لإقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تريد أن تفرض هيمنتها من النيل إلى الفرات. ومستعجلة الأحداث القادمة على المنطقة كلها، فالحرب التي تشنها حكومة إسرائيل وجيش احتلالها ضد شعبنا الفلسطيني إنما هي حرب استعمارية ضد الأمة العربية وضد مستقبلها وضد أمنها القومي كما يُعلن دعاة الحرب والتوسع والعدوان في إسرائيل، فأنتم تعلمون وأنتم خير مَنْ يعرف وكذلك دول العالم، وفى المقدمة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة أننا طرقنا كل الأبواب ووافقنا على سلام الشجعان الذي وقَّعناه مع شريكنا الراحل اسحق رابين الذي قتلته هذه القوى المتطرفة التي تحكم الآن في إسرائيل ولقد وافقنا على كل المبادرات والتقارير الدولية من أجل وضع حد لهذا العدوان الإسرائيلي الشامل ضد شعبنا الفلسطيني وضد سلطته الوطنية، ولكن حكومة إسرائيل رفضت كل المبادرات ودمرت كل الاتفاقات حتى الاتفاقات الأمنية التي كانت تصرّ عليها في الماضي كوسيلة ناجعة لحماية أمن الإسرائيليين ليس فقط داخل إسرائيل، بل أولئك المستوطنون الذين يسرقون أرضنا بقوة جيش الاحتلال ويُقيمون فوقها المستوطنات، وقد وافقنا على هذه الاتفاقات والترتيبات الأمنية المؤقتة والدائمة في إطار العملية السياسية والمفاوضات والتي كان مفروضاً فيها التزام حكومة إسرائيل بمواصلة تنفيذ الاتفاقات المُبرمة للانسحاب من أرضنا الفلسطينية المحتلة، إلا أن حكومة إسرائيل بدل السير في عملية السلام والانسحاب من أرضنا والاعتراف بحقوقنا الوطنية في الاستقلال والسيادة شرعت في حملة عسكرية تصعيدية غاشمة استخدمت فيها كل الأسلحة وحتى المُحرمة دولياً لقتل شعبنا وتدمير بنيته التحتية والمسا بمقدساتنا ومنعنا من إجراء انتخاباتنا الرئاسية والتشريعية والبلدية بجانب حملة استيطانية توسعية شاملة لم يسبق لها مثيل ووظَّفت عملية السلام والمفاوضات والمبادرات الدولية والأموال التي تتدفق عليها من التبرعات الأجنبية لبناء المزيد من هذه المستوطنات رافضة بكل غطرسة وصلافة تنفيذ الاتفاقات المُبرمة وقرارات الشرعية الدولية.
وقد بدأت حكومة إسرائيل هذه الحرب الظالمة والعنصرية ضد شعبنا الفلسطيني بالزيارة المشؤومة لشارون للمسجد الأقصى وما تم أثناءها من المجزرة الظالمة للمُصلين في المسجد (19 شهيداً وأكثر من مائة جريح) في عملٍ استفزازي مُدبَّر ومقصود لمشاعر شعبنا وأمتنا العربية والأمة الإسلامية وأن هذه المجزرة الوحشية ضد المُصلين في المسجد الأقصى على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي إنما كانت بداية الاتفاق السري بين باراك وشارون لتدمير عملية السلام ومؤامرتهم ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، والتي حاولت منعها عملياً بلقاء رسمي مع باراك في منزله ولكنه لم يوافق.
صاحب العظمة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة،
فخامة الأخ الرئيس المبارك محمد حسنى مبارك،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة،
إن السلام وخيار السلام وقبول قرارات الشرعية الدولية 242، 338، 425، 194، والتقدم بمبادرات للسلام فلسطينية وعربية ودولية وتوقيع اتفاق أوسلو الانتقالي على أساس الاعتراف المتبادل بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والجهود المُكثفة للرئيس المبارك حسنى مبارك التي تمت في القاهرة وشرم الشيخ والإسكندرية وطابا، إن هذا الموقف الفلسطيني والعرب إنما ينطلق من رؤية سياسية واستراتيجية بأن السلام مع إسرائيل على أساس الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية إلى خط الرابع من حزيران وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين والإفراج الفوري عن أسرانا ومعتقلينا.إن هذا السلام وعلى هذه الأسس مع إسرائيل إنما يخدم أمتنا العربية ويُلبي الحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف والمُعترف بها دولياً بقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا السلام مع إسرائيل إنما يخدم كذلك إسرائيل وشعبها ويوفِّر الأمن والاستقرار لكل دول وشعوب المنطقة بما فيها دولة وشعب إسرائيل، وكان هذا الخيار الفلسطيني والعربي للسلام هو ما عبَّرت عنه مبادرة سمو ولى العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز والتي أقرتها القمة العربية في بيروت لتُصبح مبادرة عربية شاملة للسلام والأمن بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين والدول العربية الشقيقة على أساس الانسحاب الكامل مقابل السلام الشامل، إلا أن حكومة إسرائيل الحالية رفضت مبادرة السلام العربية لأنها تريد الانسحاب من أراضينا المحتلة الفلسطينية والعربية وتصرّ على نهجها الاستيطاني والتوسعي مدعومة بحماية قوى دولية في مجلس الأمن الدولي الذي يقف عاجزاً أمام هذه الحماية لإسرائيل فلا يقوى على تنفيذ قرارات ولا يقوى على فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على إسرائيل كما يقضى ميثاق الأمم المتحدة. إن حكومة إسرائيل تتحدى الشرعية الدولية وتقف فوق القانون الدولي لأنها تلقى الحماية الكاملة من قوى دولية توفِّر لها كل أشكال الدعم المادي والسياسي والعسكري والدبلوماسي، وهذا وضع ليس خافياً عليكم أو على الأسرة الدولية كلها.
صاحب العظمة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة،
فخامة الأخ الرئيس المبارك محمد حسنى مبارك،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة،
ورغم هذه الحرب العدوانية الاستيطانية التي تشنها حكومة إسرائيل وجيش احتلالها المزوَّد بأحدث الأسلحة الأمريكية وحتى المُحرمة دولياً، مثل الدبليتد يورانيوم والغازات السامة وغيرها، فإن شعبنا الفلسطيني لن يتخلى عن خيار السلام العادل بيننا وبين الإسرائيليين على أساس حل الدولتين، دولة إسرائيل ودولة فلسطين، ولن يتخلى كذلك عن أرضه ومقدساته وعن حقه المشروع في الدفاع عن هذه الأراضي وهذه المقدسات، ومهما بلغت التضحيات والاضطهاد والاغتيال والتدمير الشامل لكل مقومات الحياة في أرضنا، فإن الشعب الفلسطيني لا يملك غير خيار الصمود والمثابرة والإيمان والتمسك بأرضه لأن فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني الذي لا وطن له سوى هذا الوطن فلسطين، وما البطولات التاريخية النادرة التي يكتبها أبناء فلسطين بصمودهم وبدمائهم على أرض وطنهم فلسطين ضد الاحتلال والاستيطان إلا تأكيد يومي صارخ وشهادة بالعالم كله بأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن وطنه وأرضه ولن يركع ولن يتخلى عن حقوقه الوطنية الثابتة أمام جبروت ووحشية آلة الحرب والدمار الإسرائيلية فنحن في أرض الرباط المباركة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومهد نبينا محمدe ومهد ورفعة سيدنا المسيحu. ونحن فيها برباط إلى يوم الدين نذود عنها وعن مقدساتها المسيحية والإسلامية طبقاً للعُهدة العُمرية مع البطريريك سفرونس والخليفة عمر بن الخطاب.
إن شعبنا الفلسطيني يتطلع إليكم اليوم من أجل مواصلة نصرته ومواصلة دعمه وإسناده مادياً وسياسياً ودبلوماسياً من أجل الظفر بحقوقه وبأرضه وبسيادته ودولته المستقل، وشعبنا الفلسطيني لن ينسى أبداً كل ما قدمته أمتنا العربية بدمائها وأرواحها وقدراتها ومواقفها القومية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والمادية وغيرها، دولاً وشعوباً من أجل ضد أزره ودعمه ومده بأسباب الصمود والمُثابرة في وجه هذه الهجمة الاستعمارية الاستيطانية التي تريد إعادة عجلة التاريخ وعقارب الساعة إلى الوراء خمسين عاماً أخرى لتوقع على شعبنا نكبة ثانية لا تقل في فداحتها عن النكبة الكبرى في عام 48، والشعب الفلسطيني قال ويقول كلمته يومياً في وجه هذه الهجمة الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية إنها كلمة الحق والعدل والصمود والتمسك بخيار السلام العادل والشرعية الدولية والعربية.
ومن هنا يصمد شعبنا بانتفاضته هذه رغم الحصار الخانق ورغم كل الجراح والآلام والعنف الغاشم والخسائر الفادحة بشرياً واقتصادياً وزراعياً ومائياً وتدمير بنياتنا التحتية تدميراً شاملة وأكثر من 71 ألف شهيد وجريح وحجز أموال ضرائبنا وتجريف مزارعنا وهدم كثير من مدننا ومخيماتنا وقُرانا وتدمير مصانعنا حتى وصل مَنْ هم تحت خط الفقرة في غزة 75% وفى الضفة 54%، وبالرغم من ذلك سيظل شعبنا يُدافع عن أرضه ومقدساته كما وأن شعبنا يتعامل بكل جدية وصدق بالرغم من كل ذلك مع الجهود والمبادرات الدولية والعربية لوقف العدوان والاحتلال والاستيطان الإسرائيلي لأرضنا والجلوس على مائدة المفاوضات لتحقيق الأمن المشترك والسلام العادل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي طبقاً للاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وإن القمة العربية مدعوَّة لاتخاذ القرارات الحاسمة والتاريخية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ولدرء خطر الحرب الوشيكة على العراق من خلال الجهود العربية والدولية بمجلس الأمن والأمم المتحدة لتجنيب الشرق الأوسط بل العالم برمته الاضطراب وفقدان الأمن وعدم الاستقرار ولقطع الطريق على المخططات الجهنمية لحكومة إسرائيل ضد شعبنا وضد الأمة العربية كلها ولحماية الأمن القومي العربي بل والمصير العربي برمته والسلام العالمي.
أُحييكم من فلسطين من الأرض المُقدسة ومن قبل الحصار المفروض علينا وعلى شعبنا الفلسطيني الصامد المُرابط.
ومعاً وسوياً حتى القدس الشريف بعونه تعالى..
بسم الله الرحمن الرحيم
"وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة"
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
رام الله في 1/3/2003
أخوكم
ياسر عرفات
رئيس دولة فلسطين
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
__________________________
كلمة دولة الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
صاحب الجلالة الأخ الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية … سيداتي وسادتي … أود في البداية أن أتوجه بالتهنئة الخالصة لصاحب الجلالة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة على ترأس بلاده لأعمال هذه القمة، مؤكدين ثقتنا بحسن إدارة جلالته وحكمته لنحقق بذلك معاً ما نصبوا إليه من نجاح وتوفيق بإذن الله لأعمالنا.
لقد شرفني حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بترؤس وفد دولة الكويت لهذه القمة، وكلفني سموه نقل خالص تحياته إلى إخوانه أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة وتمنيات سموه لهم بأن تكلل أعمال هذه القمة بالنجاح والتوفيق لنتجاوز الظروف الدقيقة التي نمر بها والتي تنذر بحرب لا تقتصر آثارها على منطقة الخليج فحسب بل فإنها ستمتد لتشمل الوطن العربي بأكمله وتتجاوزه إلى أبعد من ذلك.
كما أود أن أغتنم هذه المناسبة لتقديم وافر الشكر وعظيم التقدير لجمهورية مصر العربية الشقيقة رئيساً وحكومة وشعباً لدعوتها لاستضافة هذه القمة، مشيدين بالجهود الكبيرة والمتميزة لفخامة الرئيس محمد حسني مبارك، والتي تعكس حرص فخامته على دفع عملنا العربي المشترك وتحقيق المصالح العليا لأمتنا العربية، كما أتوجه بالشكر والتقدير لفخامة الرئيس إميل لحود، رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة لما بذله من جهود مخلصة وبناءة خلال ترأسه للقمة الماضية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
كلنا يدرك مدى خطورة المرحلة التي ينعقد فيها اجتماعنا هذا، حيث أن أنظار أبناء امتنا تتطلع إلى هذا اللقاء يحدوها الأمل بأن نتمكن من تجاوز المرحلة الصعبة وصولاً إلى ما يحقق لأمتنا آمالها في عمل عربي مشترك يرتكز على مبادئ الحق والعدل والشرعية، ويوفر لها الأمن والطمأنينة والعيش الكريم ولا يمكن لهذه الآمال أن تتحقق دون توجه يوافق المنطق ويعايش الواقع ويقترن بالمصداقية ويؤمن بالتعامل الجماعي سبيلاً بعيداً عن التمحور.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
لقد عشنا أجواء من التفاؤل في أعقاب مؤتمر القمة في بيروت نتيجة لما توصلنا إليه من توافق في الآراء وخرجنا بقرارات أخص بالذكر منها القرار 227 والذي جاء من ضمنه تأكيدات جمهورية العراق احترام أمن وسيادة دولة الكويت وضمان وسلامة وحدة أراضيها بما يؤدي إلى تجنب كل ما من شأنه تكرار ما حدث عام 1990، كما تضمن النص على تبني سياسات تؤدي إلى ضمان تلك التعهدات العراقية في إطار من النوايا الحسنة وعلاقات حسن الجوار، إلا أن ما أقدم عليه العراق في الأيام الأولى التي تلت القمة بدد ذلك التفاؤل وأدخلنا من جديد في مرحلة من الشك والقلق وعدم الارتياح لمستقبل هذه الأمة وركائز تضامنها، حيث توالت التهديدات العراقية والخطاب السياسي العراقي الرسمي والذي افتقر إلى أبسط معاني حسن الجوار والنوايا الحسنة، والذي كنا نعتقد بأن قمة بيروت قد كانت كفيلة بإقناع العراق بالإقلاع عنه، ولقد كان لهذا السلوك من قبل العراق أثره في أن تذهب كل المحاولات المخلصة لإعادة الحياة لعملنا العربي المشترك ولرفع رايات التضامن العربي أدراج الرياح.
ومن مؤشرات السلوك العراقي على سبيل المثال لا الحصر رسالة الرئيس العراقي والتي وجهها في السابع من ديسمبر عام 2002 والتي جاءت حافلة بالألفاظ والعبارات غير اللائقة بحق دولة الكويت وقيادتها الشرعية فضلاً عما تمثله من انتهاك حكومة العراق لتعهداتها التي نصت عليها قرارات الشرعية العربية والدولية، كما أن تلك الرسالة جاءت لتمثل أيضاً تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لدولة الكويت وتشجيع الإرهاب والعمليات الإرهابية التي عانى منها العالم بأسره وأدانها بكل محافلة، ومن مؤشرات السلوك العراقي أيضاً ما أعلنه نائب رئيس الوزراء طارق عزيز من تهديد بتحويل الكويت إلى ساحة معركة، وما قامت به أجهزة المخابرات العراقية من تعاون مع بعض العناصر للتجسس وضرب المصالح الكويتية في الداخل والخارج عبر مخططات تم العثور عليها والكشف عنها، تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي لدولة الكويت.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
إن مما يضاعف آلامنا بالكويت أن يتواصل العراق في سياسة التسويف والمماطلة في إيجاد حل سريع ونهائي لقضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من رعايا الدول الأخرى وهو ما عكسته نتائج اجتماعات اللجنة الفنية المنبثقة عن اللجنة الثلاثية في العاصمة الأردنية عمان مؤخراً حيث لم يتقدم الجانب العراقي بأي شئ جديد سوى حضوره ومشاركته بهذه الاجتماعات في محاولة منه ليظهر للعالم بأنه المتجاوب ولكن وبكل الأسف تجاوب في الشكل وتجاهل للمضمون، أما فيما يتعلق بتعهدات العراق بإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني لدولة الكويت فإنه على الرغم من موافقته على إعادة هذه الوثائق إلا أن ما تم إعادته لا يرقى إلى مستوى أهمية الوثائق التي يحتوي عليها الأرشيف الوطني للدولة، وقد أبلغنا من جانبنا الأمين العام للأمم المتحدة بموقفنا في عدم قبول ما ادعته الحكومة العراقية بأنها أعادت أرشيف الكويت.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
من أجل الدم الفلسطيني الغالي الذي يراق كل يوم فوق أرض فلسطين الحبيبة، ومن أجل الحفاظ على قضية العرب الأولى لتبقى في صدر اهتمامات العالم بعد التراجع المخيف الذي شهدته، ومن أجل أن نجنب الشعب العراقي الشقيق ويلات حرب قادمة ونحفظ له مقدراته، ومن أجل إنقاذ عملنا العربي المشترك والذي عانى من حالة التردي لسنوات طويلة، نتيجة الإرباك ونتيجة للاجتماعات المتواصلة في ظل خلافات عقيمة استنزفت الوقت والجهد دون طائل، ومن أجل أن نصبح قادرين على توجيه كل القدرات وطاقات أمتنا العربية لتحقيق ما نصبو إليه من معدلات تنموية عالية تمكنها من مواكبة التطور المتسارع في عالمنا المعاصر عالم القرن الـ 21. ومن أجل أبناء أمتنا العربية الذين أصابتهم حالة من الإحباط واليأس من عملنا العربي المشترك ومن قدرتنا كأمة عربية واحدة على مواجهة التحديات والأخطار التي تحيط بنا، لننتقل بهم من هذه الحالة إلى حالة من الأمل والتفاؤل والثقة بمستقبل هذه الأمة، من أجل ذلك فإننا نتوجه بالمناشدة إلى الحكومة العراقية بالمسارعة للتعاون الجاد والفعال والكامل مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة ما يتصل منها بالكشف عن مخزونه من أسلحة الدمار الشامل وتدميرها والتنفيذ التام للقرار رقم 1441 الذي جاء تعبيراً عن إرادة دولية جماعية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
إن لقائنا اليوم على أرض مصر الطيبة وعلى هذا الجزء من ترابها الغالي الذي حررته إرادة الشعب المصري الشقيق وقيادته الحكيمة، في حنكتها العسكرية والسياسية يدعونا إلى أن نتوجه إلى المجتمع الدولي بكافة هيئاته للقيام بمسؤولياته بالضغط على إسرائيل ومطالبتها بالاستجابة لكافة المبادرات السلمية وفي مقدمتها مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود التي تقدم بها في قمة بيروت، كما ندعو المجتمع الدولي إلى تخليص الشعب الفلسطيني من قيود الاحتلال وحمايته من أعمال القمع والبطش الذي تمارس ضده من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي ضاعفت في السنوات الأخيرة من ممارستها القمعية والوحشية ضد المدنيين الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية، كما أننا نهيب بالمجتمع الدولي بالعمل الجاد والفعال بضمان توفير حماية للمدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني ليس من خلال البيانات والنداءات المتكررة بل من خلال الأفعال الملموسة على أرض الواقع كإرسال المراقبين الدوليين وصولاً لتوفير الأمن والطمأنينة للشعب الفلسطيني بما يحقق حلمه ويمكنه من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشريف.
كما أننا ندعو المجتمع الدولي لدعم المطالب المشروعة للشقيقة سوريا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان، والمطالب المشروعة للشقيقة لبنان في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الكامل لبقية أراضيها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
وفي الختام أتوجه إلى الباري عز وجل بأن يكلل بالنجاح أعمالنا ويهدينا سواء السبيل، لنتمكن معاً من تجاوز الأوقات العصيبة التي نمر بها بعمل نؤكد من خلاله لأمتنا وللعالم أجمع بأن الخلاص والملاذ لنا جميعاً هو الالتزام بموقف عربي موحد والتمسك بأسس الشرعية الدولية وبميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
_________________________
كلمة جمهورية السودان
قال تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " .
الأخ العزيز صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة
ملك البحرين الشقيق ورئيس القمة العربية الدورية الخامسة عشر ،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،
يطيب لي ان اهنئكم بمسئولية قيادة سفينة العرب في هذا الظرف العصيب جليل الأهمية عظيم الخطر، واثق في ان حكمتكم ستقود هذه السفينة، رغم التحديات الجسام، إلى مراسي السلام والأمن بتعاوننا جميعاً معكم، بوحدة الصف دفاعاً عن أمننا القومي بتجنيب العراق الشقيق والمنطقة شعور الحرب ، وتداعياتها لا قدر الله وقوعها، وبالحرص على أمن وسلامة واستقرار كل دولنا الشقيقة وفي مقدمتها الكويت وبالاستمساك بكل حقوقنا ومصالحنا وفي مقدمتها الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأتقدم بالشكر والتقدير إلى فخامة الأخ العزيز الرئيس محمد حسني مبارك على مبادرته بالدعوة إلى قمة استثنائية أفضت إلى تعجيل القمة العادية التي تركز على أكثر قضايا امتنا إلحاحاً اليوم، واوجه التحية إلى كل الاخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو المشاركين في القمة.
ولكم تمنيت ان أكون معكم في هذه القمة، ندفع المخاطر عن امتنا ونعلى رايات مصالحنا القومية العليا، لولا مسائل داخلية متصلة بالسلام والأمن فرضت أهمية بقائي داخل الوطن، فانبت الأخ دكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية لينوب عني في المشاركة في هذه القمة وانه موجه بالتعاون معكم ومع كل الاخوة الأشقاء في اتخاذ موقف يشرف امتنا، ويرضي شعوبنا وينصر إخواننا ويدرء خطر الحرب عن منطقتنا، وانتهز هذه الفرصة لاوجه الشكر والتقدير إلى الأخ الكريم فخامة الرئيس أميل لحود على رشد رئاسته لقمتنا السابقة وحسن تدبيره في متابعة تنفيذ قراراتها.
واشكر للاخوة الاعزاء كافة ما منحتها القمة العربية في دوراتها المتتالية من اهتمام بأمر السودان وما أبدته من حرص على وحدته وسيادته وسلامته الإقليمية في ظل وفاق وطني يوحد صفو بنيه على سنن العدل والإنصاف والمواطنة المتساوية .
ان قناعاتنا بأمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي هو الذي دعانا لكي نتقدم بالمبادرة لتحريك الوضع العربي الراهن وتفعيله.
وفي ختام رسالتي هذه اوجه التحية لكم ايها الاخوة كل فرد منكم وجميعكم معاً. وفقكم الله في مداولاتكم وقراراتكم التي تليق بنا كأمة عربية في هذا الظرف العصيب. واقدر لمصر الشقيقة رئيساً حكيماً، وشعباً نبيلاً، وحكومة رشيدة استضافة هذه القمة في ارض الكنانة. واقدر للأخ الأستاذ عمرو موسى جميل صبره ومثابرته في خدمة امته، مقداماً، نير الفكر والبصيرية، وأعده بدعمنا اللامحدود. بارك الله لكم ما بدأتم وما ستنتهون إليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
____________________
كلمة المملكة المغربية
أخي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل مملكة البحرين، رئيس الدورة الخامسة عشرة لقمة جامعة الدول العربية، إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي والسعادة، يغمرني إحساس مفعم بمشاعر التقدير الأخوي، وإلحاح التساؤل الصريح، واستشعار جسامة الالتزام بالمسؤولية، وقوة الإيمان الراسخ، وأنا ألتقي بكم مجدداً، على أرض الكنانة، في هذه القمة التي وإن كانت عادية، فإنها تلتئم في ظروف استثنائية وعصيبة، جهوياً ودولياً.
أما التقدير الكبير الذي أكنه لكم جميعاً، فإني أستأذنكم أن أرفقه بأصدق الدعوات لأخي العزيز، صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بكامل التوفيق في رئاسة هذه القمة؛ متوجهاً بخالص الشكر والامتنان، لكل من أخي الموقر، فخامة الرئيس إميل لحود، على الحكمة التي أبداها في رئاسته للدورة السابقة، ولأخي المبجل، فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، لحرصه على انعقاد هذه القمة، وتفضله بكريم استضافتها.
وحتى تسفر قمتنا هاته عن تدارك الأمر، قبل فوات الأوان، فلا مناص من إيجاد أجوبة عن التساؤلات الملحة، التي تشكل هاجس كل شعوبنا : ما السبيل إلى بلورة موقف عربي موحد، يخدم مصالحنا الوطنية والقومية، ويجعلنا نؤثر في مجرى التطورات الخطيرة التي تعرفها منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط؟ وهل استخلصت أمتنا العربية من نكباتها التاريخية، كافة العبر والدروس، التي تمكنها من مواجهة محنة العراق المحاصر، وفلسطين السليبة ؟
إن خطورة الوضع لا تسمح بالركون إلى موقف التفرج والانتظار، أو الاكتفاء بمجرد الاستنكار، إلى أن تقع الكارثة. ومن منطلق استشعارنا الجماعي لجسامة الأمانة الملقاة على عاتقنا، علينا استنهاض تضامننا، من أجل بلورة موقف عربي مسؤول وهادف، يقدم اقتراحات وحلولا عملية وعاجلة للأزمة العراقية، التي تعرف تطورات متسارعة، تنذر بأوخم العواقب على العراق، بل وعلى المنطقة والعالم أجمع.
لقد دقت ساعة الحقيقة، معبرة عن إجماع الإرادة الدولية على التحري في مسألة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. ولكي لا تتحول دقات ساعة الحقيقة إلى قرع طبول الحرب، فإننا مطالبون، أكثر من غيرنا، بالتحرك الفعال والفوري، لدعم التوجه السلمي، في تدبير هذه الأزمة، والحد من التداعيات المرعبة لوبال الخيار العسكري على الأمن والاستقرار في العالم. كما أن هذه المسؤولية تقتضي الوعي بموازين القوى؛ مستحضرين أن ما هو ممكن اليوم، قد يصير مستحيلا غدا، وأن مؤتمرنا هذا قد يكون آخر فرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لذلك، ومع تأكيدنا على أن الحفاظ على وحدة العراق، شعبا وكيانا، وعلى سيادة وحوزة كافة الدول العربية الشقيقة، مسؤولية قومية مشتركة، فإننا باعتبارنا جزءا من المنتظم الدولي،وحرصا منا على تجنيب الشعب العراقي الشقيق، والمنطقة برمتها مآسي الحرب والدمار، نهيب بالعراق إلى مواصلة التعاون المطلوب مع فرق التفتيش الأممية. وإننا لندعو كل الأطراف إلى التحلي بالحكمة والتبصر، والمضي قدما في التعامل الإيجابي مع قرار مجلس الأمن رقم 1441، وعدم ادخار أي جهد لترجيح الخيار السلمي، كأفضل نهج لبلوغ الأهداف المنشودة، وضمان الأمن والاستقرار لهذه المنطقة، ذات الأهمية الاستراتيجية والحيوية.
وبدل خيار الحرب الذي من شأنه تأجيج صراع الجهالات، وإحداث شروخ بين الحضارات؛ فإن الالتزام بالخيار السلمي للشرعية الأممية، والحوار والتفاوض، من شأنه تعزيز مساندة المجتمع الدولي، لمطالبنا العادلة بتحرير الأراضي العربية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. وذلك ما لم نفتأ نعمل من أجله، بصفتنا رئيسا للجنة القدس الشريف، إيمانا منا بأن انشغالنا البالغ بالمسألة العراقية، لن ينسينا مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق، التي تظل جوهر النزاع في المنطقة.
كما أن انشغالنا بالقضايا السياسية، على أهميتها، لا ينبغي أن يحجب عنا ضرورة إيجاد استراتيجية تنموية عربية مشتركة، بآليات عمل فعالة، قد لا ترقى الآن إلى مستوى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ولكن بإمكانها الاقتداء بمبادرة النيباد الإفريقية.
إن العمل العربي المشترك يحتاج إلى المنهجية العقلانية، التي لا توفرها الآليات الحالية. وهذا ما يتطلب مراجعة عميقة لميثاق جامعة الدول العربية ولمؤسساتها. كما يتعين عدم الاقتصار على التعاون الحكومي؛ بل الانفتاح على المؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، وغيرها من الفاعلين، دعما للعمل التكاملي الذي تقوم به بعض التجمعات الإقليمية العربية، وإقامة فضاء اقتصادي حر وموحد، يكون عمادا لانبثاق سوق عربية مشتركة، كما يطمح إلى ذلك إعلان أكادير.
ويطيب لنا، في هذا السياق، أن ننوه بمبادرة أخينا المبجل، صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، الهادفة لصياغة ميثاق متكامل لإصلاح وضع أمتنا العربية. كما أننا ندعو مجدداً لتحديث وتفعيل العمل القومي المشترك، بما يكفل تحصين الجسد العربي المنهوك بالنزاعات المفتعلة، التي تدفع شعوبنا ثمنها غاليا. وإني لأناشدكم، باسم الشعب المغربي، الغيور على وحدة الأمة ومناعتها : كفانا.. كفانا.. تمزقا وتفككا. فقد آن الأوان لرأب الصدع، ولم الشمل، وإنجاز الاندماج الاقتصادي، الذي هو الأساس العصري المتين لكل تكتل جهوي دولي.
وإن لنا في حلول الذكرى الخالدة للهجرة المحمدية، موعظة إلهية، مفادها أن أداء أية رسالة أو أمانة عظمى، رهين بالتضحية، ونكران الذات، والحفاظ على الجوهر والمصالح العليا للأمة، وتعديل المسار بما تقتضيه الضرورة. تلكم سبيلنا إلى التفاعل الدائم مع المستجدات، والاستجابة لما تصبو إليه شعوبنا من وحدة وعزة وتقدم. والله ولي التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
_____________________
كلمة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أصحاب الجلالة والسمو
أصحـاب الفخامـة أصحاب المعالي، أصحاب السعادة
سادتي الافاضل سيداتي الفضليات يشرفني ويسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى أخي فخامة الرئيس محمد حسني مبارك على دعوته الكريمة إلى قمة تحتضنها أرض الكنانة، التي لم تتخل يوماً عن دورها القومي في جمع الأشقاء ولم شملهم كلما اشتد بهم الخطب وأشكل الأمر، أو عزب الرأي. وأعرب عن العرفان والامتنان لفخامة الرئيس وأخي العزيز أميل لحود على جهوده المخلصة التي بذلها طوال السنة التي تعدل سنوات بما تخللها من أحداث جسام، وما رافقها من تحديات وتهديدات لأمتنا العربية قاطبة وأتمنى لأخي جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل ثاني ملك مملكة البحرين الذي استلم راية العمل واستعد لأداء هذه المهمة السامية. أتمنى له النجاح والتوفيق. ولمعالي الأخ الكريم عمرو موسى، الذي وهبه الله صبر أيوب، فصبر علينا صبره، ومنحه همة أولى العزم من الرسل، فجعل من جامعتنا بيت العرب خلية لا تهدأ، إليه أزجى الشكر وأردده، وأطلب له العون من الله، والمزيد من النجاح.
إن نذر الحرب تدق أبوابنا، والعالم كله يتحرك من حولنا وتتحرك معه الأساطيل والسمسرة، والمساومات، وتصفيات نزاعات عالقة. وأطماع الهيمنة، والحملات الإعلامية، والنعرات العرقية، والنزعات العقدية، حلقات تزداد ضيقاً على أمتنا كل يوم وتفرض معالجتها بصفة مستعجلة وخطيرة، وبموقف صريح وواضح.
لقد قال الاتحاد الأوروبي كلمته في هذا الموضوع. وأوضح الاتحاد الإفريقي موقفه بما يتلاءم ويتضامن وعلاقاته مع الدول العربية. وأبدت دول عدم الانحياز رأيها. وفي اجتماع وزراء الخارجية بالجامعة العربية أجمعوا أو كادوا على موقف واحد.
وتبقى أعين شعوب العالم كله شاخصة إلى العرب تنتظر منهم إعلان موقفهم الواضح الصريح الذي لا لبس فيه، ولا مجاراة ولا مداراة ولا مواربة ليساعدها هي الأخرى على تكييف سياساتها. لقد قيل لنا بكل صراحة : أخبرونا بما تريدون. وسنكون لكم من المؤازرين. ولكن لا تدفعونا إلى مواقف تبدو وكأننا عرب أكثر من العرب.
ليس لدي تصور أطرحه عليكم. ولكن ما دمنا دعاة سلام فإننا لا نرى مخرجاً شريفاً للجميع من الأزمة الشائكة، إلا باحترام الشرعية الدولية من جميع الأطراف. وبقدر ما نلح على الأشقاء العراقيين بالاستجابة للوائح مجلس الأمن بحذافيرها – ونحن لهم من الشاكرين لما أبدوه من تعاون بناءٍ مع الفريق الدولي للتفتيش – بقدر ما ننتظر من مسؤولين في دواليب الأمم المتحدة حفاظ السلم والأمن الدوليين، أن يؤكدوا لنا بكل نزاهة ووضوح، أن القوانين الدولية تطبق بصفة ديمقراطية وعادلة على كل أطراف المجموعة الدولية كبيرها وصغيرها.
غير أن ما يجري في فلسطين يجعل العرب والمستضعفين ومحبي السلام يتساءلون عما إذا كان هناك إنصاف. لاشك في أن هناك شرعية لما تعطيه القوة للأقوياء. ولكننا نرى أن هذه القوة تزداد شرعية ووزناً معنوياً إذا ما تحسس الأقوياء مشاعر الضعفاء واحترموا كرامتهم وحقهم في الوجود. إن المعادلة ليست بسيطة، ولا أميل إلى تبسيطها، ولكن علينا أن نسعى فرادى وجماعات إلى إسماع صوت الحق دون خجل من الأشقاء والأصدقاء.
لا أرى فائدة في أن نعرض هنا أو هناك مقترحات أ و أراء نعجز نحن عن تطبيقا على أنفسنا، ولكن لما كان الهدف من لائحة 1441 يرمي إلى التخلص من أسلحة الدمار الشامل دون سواها من أهداف، فالعمل في هذا النطاق يبدو جلياً واضحاً للجميع. فالسلم ليس له ثمن. فإذا كان لابد أن يعزز الفريق الدولي للمفتشين عدداً وعدةً فليأخذوا من الوقت ما يكفيهم للتأكد من صحة ما يقدمونه من تقارير إلى مجلس الأمن. ونحن نعلم يقيناً أنهم يحملون على كاهلهم مسؤولية تاريخية يتوقف عليها مصير أوطان ووحدة شعوب، وقد تهدد استقرار السلام في مناطق شاسعة من العالم لفترة لا يعلمها إلا الله.
لقد ترامى لنا في المدة الأخيرة أن العراق الشقيق على استعداد للتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة ونفهم من هذا الاقتراح أن هذه المفاوضات تجرى بالشراكة مع الأمم المتحدة وغير موازية لها، الأمر الذي يبقي مجلس الأمن الضامن الوحيد لتطبيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها. فهل ينفذ إلينا بصيص من الأمل من هذا الموقف الجديد؟ وما دامت حبة خردل ترجح كفة السلام على حرب فعلى العرب أن يكونوا إلى جانبها متحاشين بذلك ما لا تحمد عقباه.
فأنتم تعرفون جميعاً المعطيات الأساسية للأزمة العراقية، وما رافقها من انحرافات أفضت إلى منافذ مسدودة وسلطت على الشعب العراقي الشقيق آلاماً لا توصف محناً وإحناً مضنية، وتهدد بحرب كاسحة مدمرة تمس بتلاحم وحدته ووحدة شعبه ووحدة أراضيه وتحط من سيادته، ولها إمكانات مؤكدة لتقويض الاستقرار وزعزعة التوازنات في المنطقة كلها، بل قد تخلف آثاراً سياسية أو أمنية واقتصادية بالنسبة للمجموعة الدولية جميعها. إنها حرب في ثناياها تحديات منقطعة النظير لا سابق لها ولا مثيل، تنعكس على تصور الأمن الجماعي العربي، واشكالية السلم الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، وعلى مكافحة الإرهاب العالمي.
أمام كل هذه الرهانات الكبرى التي تمس فردياً أو جماعياً كافة بلداننا والتي تستوقف ضمائرنا وروح مسؤولياتنا، فإن عدم التحرك ليس خياراً بالنسبة لنا ولن أكون متسرعاً إذا أضفت بأن المزايدات هي الأخرى خيار من الخيارات. فلنكن واقعيين ولنكن إيجابيين. ماذا يمكننا القيام به في هذا الوقت المتأخر لتجنب الحرب وتغليب الخيار السلمي في إطار احترام الشرعية الدولية ؟
وبما أن الأمر أكبر بكثير من مشاركة رمزية في مراسم الافتتاح، فإن ما يربطني من أخوة متينة بفخامة الرئيس حسني مبارك وما يربط الشعب الجزائري بشقيقه المصري، وما يفرضه مقام الرئيس الرفيع من تبجيل وتقدير جعلنا نستأثر بهذا اللقاء الأخوي عوض غياب قد يكون سبباً في تفسيرات وتأويلات ذاتية، لا تغني عن الحق شيئاً.
أما قضية فلسطين، فإنا وإن كنا نحترم ما هو مرجو من جهود المجموعة الرباعية، فإننا ما زلنا متشبثين بما اتخذ من قرارات جماعية في قمة بيروت تتويجاً لما جاء به أخونا العظيم سمو الأمير عبد الله من اقتراح نزيه عادل. ولنقل صراحة بأننا ننتمي إلى شعوب لم تستطع استيعاب ما يجري في فلسطين من أحداث متسارعة هنا وهناك في أفغانستان أو في الهند وباكستان في خلافهما حول قضية كشمير مما ألقى ظلالاً كثيفة حجبت الرؤية الواضحة وتركت المجال فسيحاً والوقت واسعاً للدولة العبرية تتابع فيهما استكمال مخططاتها للهيمنة والتوسع، ضاربة بعرض الحائط القرارات الدولية، ومقوضة كل المبادرات الداعية إلى السلام، وآخرها مبادرة أخينا وصديقنا سمو الأمير عبد الله، التي رد عليها رئيس وزراء إسرائيل باحتلال الضفة الغربية.
واليوم تأخذ أزمة العراق شكلاً آخر من التغطية تستقطب الرأي العام الدولي على حساب الشعب الفلسطيني الشهيد.
فهل هناك من صلة ولو كانت ضئيلة بين السياسة والأخلاق والأهداف الاستراتيجية والحق الأدنى للشعوب؟ أم أننا دخلنا في زوبعة لا نعرف لها اتجاهاً ولا نستشف مقاصدها، ونتوجس منها خيفة لما ينجر عنها من عواقب تطال الجميع.
أستسمحكم إخواني الكرام، إن كنت لم آتي بجديد في تدخلي هذا. وإن ثقتي لكاملة غير منقوصة فيما ستصلون إليه من نتائج ترضي الأمة العربية المتطلعة إلى العدالة والإنصاف وتخدم لا قضاياها فحسب، بل قضايا الاستقرار والأمن والسلم في العالم.
سيـدي الرئيـس ..
أيها الأخوة الكرام ..
إني أستنجد بكرمكم لقبول عذري في مغادرة الاجتماع قبل انتهائه، واثقاً مما تصنعونه وإنكم لعلى يقين من أن ظروفاً قاهرة تجعلني أستعجل السفر، للقيام بالتزامات كانت مبرمجة بصفة نهائية لا تفاوض فيها، قبل تحديد موعد لقائنا هذا المبارك. فهو مبارك بوجودكم. ومبارك بإخلاصكم. ومبارك بكل ما ندين به من تفان من أجل جمع شملنا لأخينا الكبير وصديقنا العزيز الرئيس محمد حسني مبارك ولشعب الكنانة الأبي. فلكم جزيل الشكر والامتنان على تفهمكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_____________________
رئيس منظمة المؤتمر الاسلامي
أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة والسمو
أيها السادة والسيدات،
يشرفني أن تتاح لي الفرصة لمخاطبة جمعكم الموقر هذا، وأنتم تلتئمون في هذه الأيام العصيبة للتداول في مسائل خطيرة استثنائية يتوقف عليها مصير السلام والحرب في المنطقة العربية والإسلامية وما وراءها. ويطيب لي أن أتقدم بالشكر إلى فخامة الرئيس محمد حسني مبارك ولحكومة وشعب جهورية مصر العربية لاستضافة هذه الدورة الخامسة عشرة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، ولما أحطنا به من حفاوة وحسن استقبال.
أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة والسمو
يأتي اجتماعكم هذا، والتحديات الخطيرة تحدق بنا من كل جانب، ونذر الحرب تلوح في الأفق وتتوعدنا بشرورها وويلاتها، وبتداعيات لا يعرف أحد مدى أبعادها، ولا ما تخبئه لنا من مستقبل قد يتهدد أوطاننا وبلادنا وأهالينا وأولادنا إذا ما انتصر دعاة الحرب لجر المنطقة إلى دوامة العنف والخراب وإهدار الكرامة، سيما وأن جرح الأمة العربية والإسلامية الغائر الدامي في فلسطين مازال ينزف بغزارة.
إن العالم الإسلامي والعالم العربي يقفان اليوم معاً يداً في يد، وفي خندق واحد في مواجهة هذه الأوضاع المصيرية، تشدهما إلى بعضهما روابط أخوية متينة، وعرى وثيقة، لا تزيدها فداحة مثل هذه الأخطار المحدقة إلا رسوخاً وقوة، واقتناعاً بحتمية وحدة النضال والتضامن لدرء الشرور والمفاسد، والحفاظ على العزة والكرامة، عن طريق رص الصفوف، وتكاتف الجهود.
ولقد سبق لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن أعلنت مراراً موقفها الصريح الواضح من التهديدات التي يتعرض لها العراق العضو في منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية. وأكدنا أن حل مشكل نزع ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل فيها ينبغي أن يحل بالطرق السلمية التي وضعها مجلس الأمن لهذا الغرض، وأن لا مبرر على الإطلاق لشن حرب عسكرية عليه، تنال المنطقة والعالم بأسره بشرورها. وطالبنا كذلك بضرورة احترام وحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه. بينما يحظى الموقف المناهض للحرب ضد العراق بإجماع شعبي عالمي عارم، قلما توافر لقضية أخرى كما أبانت عنه المظاهرات والمسيرات التي عمت مئات المدن عبر العالم، وما عبرت عنه العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عن منظمات دولية حكومية وغير حكومية في كثير من الدول.
ومما يثير عميق قلقنا وانشغالنا ما نسمعه من أهداف الحرب المحتملة على العراق من احتلال طويل الأمد لأراضيه، وحكمه بقيادات أجنبية، والتحكم في ثرواته، واحتمال تطبيق هذا النموذج من التصرف على بلدان أخرى في المنطقة، مما سيعود بنا إلى عهود الاستعمار والاحتلال الأجنبي التي عفا عليها الزمن، والتي ناضل أجدادنا وآباؤنا للقضاء عليها، والتي نبذتها القيم الإنسانية الحديثة، وحرمتها مبادئ القانون الدولي التي تلح على ضرورة امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن اللجوء إلى التهديد باستعمال القوة أو المساس بوحدة واستقلال الدول الاخرى.
إننا نعتقد أن استعمال القوة العسكرية ضد العراق في الظروف الراهنة التي يقوم فيها العراق بالتعاون الإيجابي مع مطالب مجلس الأمن، ومع المفتشين الدوليين أمر مرفوض، وسيعتبر عدواناً غير مبرر، ونكبة للأمتين العربية والإسلامية، وضربة خطيرة للدور المركزي للأمم المتحدة المكلفة بحفظ السلام والأمن، وتهديداً خطيراً للعلاقات الدولية، وللاستقرار والأمن في العالم، وإضعافاً كبيراً للحملة الدولية ضد الإرهاب وتشجيعاً للتطرف والعنف.
وأمام هذا الوضع الخطير، فإنه لا يسعنا إلا أن نحث العراق على أن يسد جميع الذرائع أمام من يتوعدونه بالحرب، وذلك بمواصلة إبداء كامل التعاون الإيجابي مع المفتشين الدوليين لسحب كل المبررات التي يتذرع بها خصومه للعدوان عليه.
ويكاد الضجيج الذي يدور حول احتمالات الحرب في العراق يغطي على ما تقوم به إسرائيل من ممارسات عدوانية غير شرعية ضد الشعب الفلسطيني، وهي ممارسات شهدت تطوراً وتصعيداً نوعياً وكمياً في الآونة الأخيرة بكيفية ملحوظة تثير القلق والمخاوف.
ولاشك أن حكام إسرائيل يستغلون فرصة الانشغال الدولي بالعراق لتنفيذ سياساتهم ومخططاتهم الاستئصالية عن طريق زيادة وتيرة الاغتيالات والهدم والتدمير، وفرض حالة من اليأس والقنوط على الشعب الفلسطيني. وعلينا واجب كبير في محاربة هذا التوجه وعدم ترك الشعب الفلسطيني يرزح تحت عبء هذه الأخطار، ويتجرع غصص المآسي التي تنزل بأبنائه كل يوم، وذلك بالإلحاح على ضرورة توفير الحماية الأمنية له، والضغط لتطبيق الخطط والمقترحات التي تم طرحها في السنوات الأخيرة، وفي مقدمتها المبادرة العربية التي تقدم بها صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله والتي تبنتها قمة بيروت في العام الماضي، ولاقت تقبلاً دولياً واسع النطاق. إضافة إلى خطة الطريق، والعمل في إطار اللجنة الرباعية للوصول إلى إنهاء هذه الأوضاع المأساوية تمهيداً للحل الشامل القائم على تطبيق الشرعية الدولية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة ..
إننا ونحن نقدر ما ينتظركم من عمل هام، تترتب عليه مسؤوليات تاريخية خطيرة ستنعكس نتائجها على مصيرنا ومصير أبنائنا وأجيالنا القادمة، فإننا موقنون أن جمعكم الموقر سيعرف كيف يعالج بحكمته هذا الموقف الصعب، وكيف يواجه التحديات المفروضة عليه، لما فيه صالح الأمتين العربية والإسلامية.
وفقكم الله وسدد خطاكم. إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهكلمة الدكتور عبد الواحد بلقزيز رئيس منظمة المؤتمر الاسلامي.
______________________
كلمة مصر
صاحب العظمة الملك حمد بن عيسى بن سلمان … رئيس المؤتمر اصحاب الجلالة والفخامة ملوك ورؤساء الدول العربية الشقيقة السيد الامين العام لجامعة الدول العربية السادة رؤساء واعضاء الوفود يسعدنى ان ارحب بكم جميعا باسم شعب مصر، الذى يعتز بوجودكم فى هذه البقعة الغالية من ارضه، للتباحث فى قضايا مصيرية هامة، فى ظل ظروف دولية واقليمية بالغة التعقيد، وفى مناخ دولى يتسم بالترقب والتوتر، مما يجعل من المتعين علينا ان نتصدى للتحديات التى نواجهها برؤية واضحة، واصرار تام على الحفاظ على امننا القومى ومستقبل الاجيال القادمة من ابنائنا، وحماية مصالحنا القومية المشتركة.
واود أن استهل كلمتى بتقديم الشكر للاخ الرئيس العماد اميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية، على كافة المجهودات التى قام بها خلال رئاسته للقمة فى العام الماضى، وان اعبر عن سعادتنا بتجاوبكم مع دعوتنا للتعجيل بعقد هذه القمة ، من منطلق حرصنا على صياغة موقف عربى قوى واضح، يعبر عن روح شعوبنا الابية ويسهم فى تشكيل موقف دولى ايجابى والتأثير فى مجرى الاحداث بفاعلية واقتدار، كذلك فاننا نستبشر خيرا بانعقاد هذه القمة تحت رئاسة الاخ العزيز الملك حمد بن عيسى بن سلمان، الذى نثق تماما فى ان رئاسته سوف تشهد عملا موضوعيا هادفا وانجازات ملموسة، فى سبيل تحقيق اهدافنا القومية السامية، وحماية مصالحنا الاساسية.
الاشقاء الاعزاء
لست بحاجة لان اسهب فى الحديث عن التحديات المتزايدة التى نواجهها جميعا، وعن ضرورة الاتفاق على المبادئ والاسس التى يمكن ان نبنى عليها موقفا يتناسب مع طبيعة التحدى وجسامة المخاطر فى هذه المرحلة العصيبة، التى افرزت بعض الرؤى الخاطئة والخطيرة فى مجتمعات معينة، تهدد تماسك شعوب العالم وحكوماتها، وتعوق تضامنها فى مواجهة الاخطار.
ولعلكم تتفقون معى فى ان من المتعين ان نوفر لسياساتنا وخطواتنا فى تلك المرحلة عناصر معينة اراها ضرورية ولازمة لنجاح تحركنا القومى:
اولا : ان نحرص على وحدة الصف والموقف، والتفرقة بين الاهداف الاستراتيجية العليا التى لا تحتمل الخلاف وتعدد الرؤى والسياسات، وتلك التى يجوز فيها تنوع الاراء وتعدد الاجتهادات، لان الخلاف فيها لا يمس القضايا المصيرية من قريب او بعيد، وهو ما يحتم علينا ان نركز على القضايا التى تشكل اولوية متقدمة فى قائمة الاهداف القومية والاهتمامات الدولية، وتستأثر باهتمام امتنا العربية او تثير قلقها، كل هذا يتطلب ان نعمل لخدمة هذه القضايا بروح الفريق الواحد، ونحرص على الا تذهب جهودنا سدى او تفرقنا الخلافات، والا نهدر اى وقت او جهد فى ما لا يحقق للامة العربية مصلحة او يدفع عنها ضررا، لان الموقف عصيب ، والتداعيات المحتملة خطيرة وجسيمة.
ثانيا: ان نركز عملنا فى هذا المؤتمر على مسألة العراق فى المقام الاول، تلك المسألة التى اصبحت تثير اهتمام الاسرة الدولية كلها هذه الايام، كما انها تثير لدينا – بصفة خاصة – اسئلة مشروعة ذات اهمية بالغة، تنبع من حرصنا على سلامة العراق ومصالح شعبه الشقيق ووحدة اراضيه، وقلقنا من الانعكاسات والتداعيات الاقليمية، التى يمكن ان تنجم عن تطور هذه المسألة فى الاتجاه الذى يقود الى حرب تؤدى الى خسائر بشرية ومادية فادحة لجميع الاطراف دون استثناء، وتنشر فى المنطقة مناخا سلبيا من الترقب المشوب بالخوف وعدم الاستقرار، والخشية من امتداد اثار الحرب الى كثير من الاقطار المجاورة، فى وقت تتوق فيه شعوب هذه الدول الى غد افضل وحياة اسعد، وباختصار فان هذه العناصر التى تولد القلق فى النفوس ادت الى شعور الكثيرين من مواطنينا بان مستقبل الامة العربية اصبح فى الميزان، مما يفرض علينا جميعا ان نقف فى خندق واحد، وان ننسق سياساتنا وحركتنا بكل تقدير لخطورة هذا التحدى، وايمان بان النجاح فى مواجهته مرهون بوحدة الصف والهدف.
ثالثا: اننا نؤمن بان الطريق الامثل للتعامل مع هذه القضية همو حرص سائر الاطراف فى النزاع القائم على الاحتكام الى الشرعية الدولية، وابقائه فى الاطار القانونى والسياسى الذى اختاره العالم – منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية – لحكم المنازعات الدولية، وهو اطار منظمة الامم المتحدة، وبالذات مجلس الامن ، الذى عهد اليه بالفصل فى القضايا التى تهدد الامن والسلم فى العالم، او مناطق واقاليم معينه.
رابعا : اننا نسجل بالتقدير ما اعلنه العراق من التعهد بتنفيذ القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الامن تنفيذا دقيقا وامينا وبالذات القرار رقم 1441 الذى صدر عن المجلس بالاجماع، كما اننا نتطلع الى استمرار وتكثيف الخطى التى يتخذها العراق فى هذا الشأن، وحرصه على تقديم التيسيرات المطلوبة لكى تنجح فرق التفتيش فى اداء مهمتها فى الاطار الذى يدعو رئاستها الى تقديم التقارير الايجابية بلا ابطاء او تحفظات.
خامسا: انه يكون منطقيا وطبيعيا ازاء ذلك، ان نطالب باتاحة المهلة الزمنية اللازمة للعراق لاثبات صدقه وجديته فى تطبيثق احكام تلك القرارات طبيقا دقيقا وشاملا، والا تغلب الاصوات التى تهدد بنشوب الحرب، او تسعى لاعطاء انطباع مؤداه ان تلك الحرب حتمية تاريخية سوف تقع لا محالة، بصرف النظر عن الموقف الذى يتخذه العراق والسياسات التى يتبعها، لان هذا الانطباع كفيل بأن يؤدى – اذا ساد – الى اهتزاز رؤية كل طرف للخط الامثل الذى يلتزم به، فى موقف يتعلق بقضية خطيرة مثل المفاضلة بين الحرب والسلام، او يولد حيرة النفوس بين الميل الى التجاوب مع القرارات الدولية واليأس من نتيجة هذا الموقف، وهو ما يشكل عقبة لا مبرر لها فى طريق السير فى تنفيذ ما قضت به الشرعية الدولية.
سادسا: ان الاهتمام بتنفيذ قرارات مجلس الامن المعبرة عن الشرعية الدولية، لا يجوز ان يقلل من اهمية القرارات التى تصدرها مؤتمرات القمة العربية والمواقف التى تتخذها ، فهى قرارات ومواقف تعبر عن توافق الاقطار المعنية مباشرة بالقضية، والاشد تأثرا بتطورات الموقف، كما ان هذا التوافق هو عنصر اساسى مكمل للشرعية الدولية.
سابعا : انه يجب ان ننوه فى هذا المقام باهتمام كثير من القوى الدولية والاقليمية والمحيلة بمتابعة تطورات الموقف وحرصها على الاسهام فى تهدنته واتاحة المجال لتسوية تزيل اخطار الحرب وويلاتها المدمرة، فى وقت تتطلع فيه شعوب العالم لزيادة قدرتها على مواجهة مشاكل الحاضر وتحديات المستقبل، خاصة شعوب العالم الثالث، التى تتوق الى تعزيز طاقاتها ومواردها، ومضاعفة قدرتها على التصدى لمشاكل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتمكين اقتصادها من مواجهة تحديات العولمة ومتطلباتها.
ثامنا : يجب ان يدرك المجتمع الدولى جيدا ان شرعية ومصداقية التحرك النشط من اجل تدمير اسلحة الدمار الشامل بالعراق تكتملان عندما يتوفر عنصران اساسيان هما :
أ – ان يكون هذا التحرك جزء من توجه دولى اشمل نحو اخلاء منطقة الشرق الاوسط باسرها من تلك الاسلحة، وحظر حيازتها وانتاجها وتطويرها فى جميع دول المنطقة، وهو ما دعت اليه مصر مرارا وتكرارا فى مبادرات طرحتها منذ سنوات عديدة فى شتى المحافل الدولية.
ب – ان يكون هناك حرص مماثل – من القوى والمؤسسات الدولية المعنية – على السعى بكافة الوسائل الى تنفيذ جميع القرارات الصادرة عن مجلس الامن فى القضايا الاخرى المطروحة فى المنطقة، تلك القضايا التى لا تقل خطرا واهمية عن مسألة اخلاء العراق او غيره من الدول من اسلحة الدمار الشامل، وبصفة خاصة عملية السلام فى الشرق الاوسط، التى تتوقف على تطوراتها الايجابية والسلبية نتائج فى منتهى الاهمية، تتعلق بتمكين شعوب المنطقة كافة من العيش فى امن وسلام كسائر الشعوب، ولذلك فان كافة القوى المحبة للسلام تتوق الى احياء عملية التفاوض بجدية على جميع المسارات دون ابطاء ، حماية للحقوق والمصالح الاساسية لجميع دول وشعوب المنطقة، طبقا للقرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية المختصة.
ايها الاخوة الاعزاء
اننا لا نستطيع ان نختتم حديثنا عن المسألة العراقية دون ان نشير الى قضية اخرى ملحة، تثير لدينا اهمية بالغة، نظرا لانها تتعلق بأمن الشعب الفلسطينى الشقيق، الذى يعانى منذ سنونات من اوضاع جائرة واخطار بالغة، تمس الارواح والممتلكات ومصادر الرزق ، وتهدد باجهاض مسيرة السلام ، بل انها تكاد تصيبها فى مقتل، مما يفرض علينا وعلى المجتمع الدولى ان نبذل اقصى جهد ممكن لتغير الوضع الراهن الخطير، والمضى قدما ودون ابطاء فى تنفيذ الصيغة التى وضعتها القوى الدولية الرئيسية المكترثة بالصراع، والمبادرات المتعاقبة التى قدمتها الاسرة العربية فى عدة مؤتمرات قمة، بهدف ازالة الحواجز القائمة فى طريق السلام، والوصول – خلال فترة زمنية قصيرة – الى استئناف مسيرة السلام دون تأخير، لان استمرار الوضع القائمة يولد اخطارا بالغة لأمن واستقرار المنطقة، ويسهم فى تعقيد المشاكل الاخرى فى منطقة الشرق الاوسط باسرها.
ايها الاخوة الاعزاء
اننا نشهد فى المرحلةالراهنة تحديات بالغة الصعوبة والتعقيد، ونواجه عقبات كثيرة فى وقت كنا نتطلع فيه الى تعزيز قدرتنا على النهوض بشعوبنا وامتنا الى مراتب اعلى وافاق اوسع، والاسهام فى التوصل الى صيغة عادلة هادفة، لتعميق التعاون والتفاعل بين الحضارات والثقافات المختلفة.
ونحن نستند فى كل هذا الى شرعية مواقفنا وعدالة مطالبنا، لاننا لا نطلب اكثر مما هو حق طبيعى مشروع لابنائنا واحفادنا.
نحن لا نسعى لعدوان على غيرنا، ولا نضمر شرا لاحد، ولا نريد سوى القيام بدورنا الايجابى الخلاق ، واداء رسالتنا السامية فى التقريب بين الأمم والشعوب، ومحاربة التعصب والارهاب والتطرف.
سبيلنا الى كل هذا هو التعاون مع الشعوب الاخرى فى القارات المختلفة لما فيه خير البشرية المشترك، وبما يحقق ارتقاء الانسان الى مراتب اسمى واعلى.
ولا يسعنا بعد كل هذا سوى ان نجدد العهد والقسم ان نعمل على ما فيه خيرنا وخير الاسرة الانسانية جمعاء، دون تفرقة فى هذا على اساس الدين او العرق او اللون، فنحن جميعا ننتمى الى اسرة واحدة، تشترك فى الماضى والحاضر والمستقبل، وتواجه نفس الاخطار والتحديات.
وليس هناك ما يمكن ان يثب همتنا او يوهن عزيمتنا لان الهدف ساطع امامنا كالشمس، والطريق واضح بين طريق الخير والرشاد.
والله يوفقنا ويرعى عملنا، ويهدينا سواء السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_____________________
كلمة البحرين
بسم الله الرحمن الرحيم القادة الأشقاء …
معالي الأمين العام .. الحضور الكرام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد :
فيسعدني أن أرحب بكم في هذا اللقاء العربي الذي تنادينا إليه، ووفقنا الله إلى عقده في ربوع الكنانة، وهو اللقاء الخامس عشر للقمة العربية والذي تنعقد عليه في هذه المرحلة أنبل تطلعات شعوبنا العربية في منعطف من تاريخها وتاريخ الإنسانية يحتاج توجيهه نحو طريق الخير إلى مسئولية البصيرة النيرة والقرار الحكيم.
وإذ يشرفني تسلم رئاسة القمة من فخامة الأخ الرئيس إميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة مقدرين له ما بذله من جهود بناءة، فانه يطيب لي في الوقت ذاته أن أعرب عن الشكر والتقدير لفخامة الأخ الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة لاستضافة هذه القمة والمشاركة الكريمة في التحضير لها.
داعياً الله جلت قدرته أن يوفقنا جميعاً إلى خدمة أمتنا وتجديد مسيرتها في عالم تعمل مختلف منظوماته على تلبية آمال شعوبها في الحياة الحرة الكريمة بنهج الشفافية والتناصح والمصارحة المخلصة بين الجميع : قادةً ومواطنين.
وذلك ما يتطلب تجاوز الماضي، والانفتاح على المستقبل بروح العصر لمواكبة عالمنا المتحرك والمنفتح على ثقافاته ومستجداته بلا تردد.
ونحن على ثقة أن أقطارنا العربية متجهة بعزم إلى مزيدٍ من اصلاح شئونها وحل مشكلاتها، وثقتنا في الله كبيرة بمستقبل هذه الأمة في سعيها الحثيث نحو إدراك الصلاح والفلاح بحول الله.
وإذ نجتمع اليوم من أجل العراق وفلسطين فلابد من القول أن ما هو خير للعراق خير لأشقائه وجواره، وما يضرهم يضره، فالجميع في قارب واحد. ويؤسفنا أن يصل تعقيد الوضع إلى ما وصل إليه. ولن نستطيع الخروج منه إلا بالعمل متكاتفين على تجنيب المنطقة خطر الحرب التي ستكون الثالثة، إن وقعت، خلال عقدين من الزمن على امتداد الخليج العربي.
وذلك ما استنزف بلدان المنطقة بلا استثناء في العراق ذاته وفي الخليج الذي لا تكن شعوبه له غير المودة مثلها مثل بقية الشعوب العربية الشقيقة في نصرة القضايا العربية والالتزام بالتضامن العربي. ولا يخفى أن قلقنا على العراق كبير ولابد من بقائه موحداً في كل الأحوال. والدرس الذي لابد منه اليوم للجميع هو إعطاء الأولوية لبرامج التنمية التي تحتاجها شعوبنا وتمثل وحدها ضمانة الاستقرار وتفادي نزف الحروب، آملين أن تؤدي مداولاتكم الجادة في هذه المواكبة العربية المخلصة والعاجلة للتطورات إلى تغليب الخيار الأسلم، وتجنيب المنطقة مواجهة أخرى لن تكون لصالح شعوبها. فتلك هي مسئوليتنا القومية جميعاً في هذا الموقف التاريخي.
أما فلسطين – بعاصمتها القدس الشريف – فهي للفلسطينيين في كيان دولتهم الفلسطينية المستقلة التي لن يتأخر قيامها المشروع، بإذن الله، وذلك بتكثيف الجهد العربي، وتحرك المجتمع الدولي. وكم تمنينا لو تمكن الأخ ياسر عرفات من مشاركتنا هذه القمة، وان كان حاضراً معنا بحكم وحدة الشعور، ويسعدنا أن نتمكن من الاستماع إلى كلمته المسجلة.
وحيث تحيط نذر الحرب والمواجهة بأرجاء المنطقة العربية، فإن التحدي الأكبر أمامنا أن نكسب حرب السلام. فالسلام هو التنمية، وهو بيئة التحرر والإصلاح والتقدم الحضاري المستحق لأمتنا مهما اعترضته من معوقات.
وكما أكدتم مراراً فالسلام هو خيارنا الاستراتيجي الذي توافقنا عليه، وذلك بالتحاور البنّاء والجهود الفعّالة مع مختلف القوى الدولية. فمعركة السلام بهذا المنظور هي معركة المستقبل، ولن يبدأ انتصارنا فيها إلا بالانتصار على النفس. ومن حسن الطالع أن تكون بيدنا مبادرة تاريخية كمبادرة صاحب السمو الملكي الأخ الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود التي اعتمدناها في قمة بيروت وتمثل في تقديرنا المنطلق الأفضل للتحرك العربي في هذا المنعطف.
وفقنا الله جميعاً، وأخذ بيدنا إلى سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
________________
كلمة لبنان
أيها الأخوة اصحاب الجلالة والفخامة والسمو، منذ ما يقارب العام انعقدت قمة بيروت العربية فى اجواء اوحت بامكانية التوصل الى سلام عادل وشامل فى الشرق الاوسط، واسفرت عن اقرار مبادرة سلام عربية تاريخية باجماع القادة، وعن مصالحة عربية تجلت بصورة خاصة فى التوافق على مشروع قرار متكامل العناصر بشأن الحالة بين الكويت والعراق.
الا انه لا يسعنا ونحن نجتمع اليوم فى ظروف مصيرية وشديدة الخطورة، الا ان نقارن بين الاجواء التى كانت سائدة نهاية شهر اذار 2002 ومطلع شهر اذار 2003، وهو موضوع تقرير الرئاسة الموجود امامكم، لنستخلص العبر ونتبين معالم المرحلة القادمة.
تذكرون ايها الاخوة انه بموجب قرار قمة بيروت رقم (221) طلب مجلس جامعة الدول العربية من رئاسته تشكيل لجنة خاصة لاجراء الاتصالات اللازمة لدعم مبادرة السلام العربية. وقد قامت الرئاسة بتوزيع هذا القرار كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وسارعت بتشكيل اللجنة، وباشرت باجراء الاتصالات اللازمة لدعم المبادرة.
الا انه بعد ساعات من اقرار هذه المبادرة التاريخية، وفى سعى فاضح لاجهاضها، قامت قوات الاحتلال الاسرائيلى باجتياح الضفة الغربية، متسببة بمجازر جماعية، لاسيما فى مخيم جنين، دون ان يتمكن مجلس الأمن من تنفيذ قراره القاضى بارسال لجنة لتقصى الحقائق.
فى غضون ذلك، تمكن لبنان من استصدار قرار من مؤتمر القمة الفرانكوفونية التاسع الذى انعقد فى بيروت، يؤكد على الدعم الكامل لمبادرة السلام العربية، وهو مازال عاقد العزم فى هذا المجال، على الاستمرار فى مساعيه لاقناع الدول المعنية والفاعلة بأن مبادرة السلام العربية، تبقى الطريقة الافضل للتوصل الى حل شامل وعادل لقضية الشرق الاوسط، بعيدا عن الحلول الجزئية والمرحلية التى اثبتت احداث السنوات الماضية والدامية فشلها.
أيها الاخوة، فى الوقت الذى نلتقى فيه اليوم لاتزال الاراضى الفلسطينية المحتلة تشهد عدوانا اسرائيليا اجراميا متماديا ينذر بمزيد من السوء.
لذلك، فالى جانب تمسكنا بمبادرة السلام العربية، وعدم تخلينا عن خيار السلام كخيار استراتيجى، علينا الاستمرار فى دعم صمود الشعب الفلسطينى، ومواصلة الجهد المشترك لبلورة موقف دولى حازم يساهم فى وقت العدوان دون ابطاء.
أيها الاخوة ، لقد عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا طارئا فى القاهرة قبل ايام لبحث موضوع ملح ومحدد، هو موضوع الحرب المحتملة على العراق. وجاءت مداخلات الاغلبية العظمى للدول فى مجلس الامن الدولى، ولاسيما الاعلان الفرنسى الالمانى الروسى المشترك، ومواقف دول القمة الافريقية الفرنسية، وقمة دول عدم الانحياز، ودعوات الفاتيكان لتثبت رفض العالم للحرب وقلقه البالغ من تداعيات مثل هذه الحرب بما ستسببه من مآس انسانية ومضاعفات على الصعد الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية . ولا يمكننا بهذه المناسبة من منطلق المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا الا ان نؤكد ما ورد فى قرار قمة بيروت رقم 227 ، وان نكرر رفضنا الحرب على العراق او على الكويت او على اية دولة عربية باعتباره تهديدا للامة العربية جمعاء، علما باننا سبق ان دعونا العراق للتعاون مع الامم المتحدة تلافليا لمنع الذرائع لاى اعتداءا عليه، ومازلنا ندعوه لمثل هذا التعاون.
كما لا يسعنا فى هذا المجال الا ان نلفت مجلس الامن الدولى الى عدم جواز الكيل بمكيالين، والمباشرة بالتالى بالزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الامم المتحدة الخاصة بالنزاع العربى الاسرائيلى، وبجعل منطقة الشرق الاوسط باكملها منطقة منزوعة من السلاح النووى والبيولوجى والكيميائى الذى يتدس بصورة خاصة فى ترسانة الدولة العبرية.
ايها الاخوة
ان القرار الخاص "بالحالة بين العراق والكويت" الذى اقرته قمة بيروت كل متكامل. وقد اسفرت الجهود فى الاسابيع التى تلت القمة عن انفراجات معينة فى مجال انفخاض حدة الحملات الاعلامية وطرح الافكار الجديدة بموضوع الاسرى والمرتهنين واعادة بعض الوثائق الى الكويت، الا ان هذه الانفراجات بقيت محدودة. كما ان الظروف الضاغطة المحيطة بالحرب المحتملة على العراق، زادت فى حدة اجواء الريبة والتوتر والقلق. الا ان هذه الصعوبات لن تثنينا ، فى اى حال، عن تكرار الدعوة الصادقة لاستئناف المبادرات والسياسات الكفيلة بتنفيذ قرارا قمة بيروت بكامل بنوده.
ايها الاخوة
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو ،
بنتيجة اعمالنا التى سيسجلها علينا التاريخ ، لابد لنا من ان نقوم، بما يمليه علينا، واجب التضامن فى مواجهة الاخطار المحدقة بالدول العربية جمعاء، وبما يتجاوب مع نبض شعوبنا وحرصها على عزتها وكرامتها ووحدتها وتوقها للسلام والاستقرار والتنمية، كما ان الاجيال الطالعة لن تتسامح مع اى تقاعس او اخلال من قبلنا فى هذا المجال.
علينا ايها الاخوة ان نؤكد تمسكنا بمبادرة السلام العربية دون اجتزاء او انتقاص، وان نحيى المساعى لتفعيل قرار قمة بيروت الخاص بالحالة بين العراق والكويت، والالتزام بتنفيذ كامل بنوده التزاما كاملا وامينا.
علينا بصورة محددة وعاجلة، فى هذه الظروف المصيرية والشديدة الخطورة، ان ننجح فى توجيه رسالة واضحة وقوية الى المجتمع الدولى برفض الدول العربية المطلق للعدوان المبيت على العراق ولاى اعتداء على الكويت او اية دولة عربية اخرى باعتباره تهديدا للامة العربية جمعاء.
ايها الاخوة
انطلاقا من هذا العزم، اتمنى لاخى صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، التوفيق فى المسؤوليات الجديدة التى ستلقى على عاتقه، مؤكدا وقوفنا جميعا الى جانبه، لانجاح مهمته الجليلة. واول شروط هذا النجاح ان نلتزم قولا وفعلا واجب التضامن العربى، كما التزمنا فى قمة بيروت فنتمكن من مواجهة التحديات المحدقة باوطاننا وشعوبنا.
وفقنا الله ، والسلام عليكم.
________________________
الموقع الرسمي لجامعة الدول العربية.