بوجديمون.. سعى لاستقلال كتالونيا فتحول لمطارد بأوروبا

Catalan President Carles Puigdemont stands and other regional government members in Plaza Sant Jaume as they join a protest called by pro-independence groups for citizens to gather at noon in front of city halls throughout Catalonia, in Barcelona, Spain October 2, 2017. REUTERS/Juan Medina

سياسي إسباني من إقليم كتالونيا الذي يترأسه منذ عام 2016، تحول إلى العدو رقم (1) للحكومة المركزية في مدريد لرفضه الانصياع لها وبسبب تنظيمه استفتاء انفصال الإقليم عن مدريد مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2017.  

المولد والنشأة
ولد كارلس بوجديمون يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1962 في مقاطعة جيرونا في شمال شرق إسبانيا. ينحدر من عائلة معروفة بصناعة الحلويات.

الدراسة والتكوين
درس بوجديمون في جامعة جيرونا وتخصص في الفلسفة الكتالونية، لكنه غادر الجامعة قبل التخرج، حسب بعض المصادر. ويتكلم اللغات الإسبانية والكتالونية والفرنسية والإنجليزية والرومانية.

الوظائف والمسؤوليات
اشتغل عام 1981 بالصحافة المحلية، وتولى رئاسة تحرير صحيفة "آل بونت"، أسس وكالة الأنباء الكتالونية وترأسها بين عامي 1999 و2002. وهو أيضا مؤسس مجلة "كتالونيا اليوم" الناطقة بالإنجليزية.

سافر إلى أوروبا عام 1993 لعمل سلسلة تحقيقات نشرها في كتاب صدر عام 2004 بعنوان "كتالونيا.. ماذا؟".

وتولى بوجديمون لاحقا مناصب سياسية أبرزها عمدة جيرونا (1 يوليو/تموز 2011 ـ 11 يناير/كانون الثاني 2016) ثم رئيس إقليم كتالونيا يوم 12 يناير/كانون الثاني 2016.  

وخلف في منصب رئيس الإقليم أرتور ماس، وذلك بعد اتفاق في اللحظة الأخيرة بين الأحزاب المؤيدة للكتالونية.

وفي سبتمبر/أيلول 2015 فاز ائتلاف "معا من أجل نعم" الانفصالي، وحزب "سي يو بي" اليساري الأكثر تطرفا بأغلبية مقاعد البرلمان المؤلف من 135 مقعدا بالمنطقة الشمالية الشرقية بإسبانيا الغنية التي يبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين نسمة.

التجربة السياسية
 ترك بوجديمون العمل الصحفي عام 2006 وتوجه إلى عالم السياسة، وذلك عندما عرض عليه "التحالف القومي الكتالوني" الترشح لعضوية البرلمان الكتالوني.

حلم بوجديمون مبكرا باستقلال كتالونيا ودافع منذ كان طالبا عن الثقافة الكتالونية، حيث ساهم عام 1981 في تأسيس "الشبيبة الوطنية الكتالونية" ضمن حزب "التقارب الديمقراطي في كتالونيا" وهو الذي  قاد حملة مقاطعة في بلدته لتغيير اسم جيرونا من الإسبانية إلى الكتالونية.

وعام 1991، مكنته رحلة قام بها إلى سلوفينيا من مراقبة عملية استقلال جمهورية يوغسلافيا السابقة، وكانت تجربة غذت ميوله الانفصالية.

وتحول السياسي الكتالوني بوجديمون إلى العدو رقم (1) للحكومة الإسبانية في مدريد بعد أن تمسك بإجراء استفتاء انفصال إقليم كتالونيا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2017.

فقد تحدى بوجديمون حكومة رئيس الوزراء ماريانو راخوي ونظم استفتاء بالإقليم -الذي يقطنه 16% من سكان إسبانيا- فاز فيه مؤيدو الانفصال بأكثر من 90% من الأصوات، حسب نتائج غير نهائية.

كما ذهب مع الكتالونيين "حتى النهاية" كما صرح بذلك يوم 29 سبتمبر/أيلول 2017 في رده على السلطات الإسبانية التي اتخذت إجراءات عديدة لعرقلة الاستفتاء من خلال السيطرة على العديد من مراكز الاستفتاء، ونشر تعزيزات أمنية كبيرة، ومصادرة بطاقات التصويت.

وبعد ظهور نتائج الاستفتاء، قال بخطاب متلفز في برشلونة "إن الكتالونيين كسبوا الحق في أن تكون لهم دولة مستقلة" وحاول استمالة الاتحاد الأوروبي بقوله "نحن مواطنون أوروبيون ونعاني من انتهاكات لحقوقنا وحرياتنا".

وتمسكت حكومة بوجديمون بإجراء الاستفتاء باعتباره خطوة مشروعة رغم أن المحكمة العليا الإسبانية حظرته باعتباره يخرق الدستور.  

ويوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2017، قررت حكومة مدريد خلع رئيس كتالونيا وتعليق مهام مسؤولين بوزارة الداخلية والشرطة بالإقليم، وذلك بعيد إعلان برلمان الإقليم في نفس اليوم الانفصال.

ويوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أصدر قاض إسباني مذكّرة توقيف أوروبية بحق بوجديمون الموجود في بلجيكا. وكان صرح في وقت سابق بأنه لا يسعى للحصول على اللجوء السياسي، وأنه مستعد للعودة إن حصل على ضمانات بمحاكمة عادلة.

ويوم 24 يناير/كانون الثاني 2018 أعلن بوجديمون أنه ينوي العودة لينصّب مجددا رئيسا بعد ثلاثة أشهر من المنفى الطوعي في بلجيكا، في خطوة شجعها رئيس برلمان الإقليم روجر تورنت. وصرح بوجديمون لصحافيين بالعاصمة البلجيكية بأن حفل التنصيب المثالي (الذي كان مقررا يوم 31 من الشهر نفسه) سيكون بحضوره، مؤكدا أن "الاحتمال وارد".

وكان وزير الداخلية الإسباني أعلن قبل يوم أن قوات الأمن في حال تأهب لمنع بوجديمون من الدخول خلسة إلى إسبانيا.

ويوم 28 يناير/كانون الثاني 2018 قررت المحكمة الدستورية الإسبانية بالإجماع بأنه لا يجوز لبرلمان كتالونيا أن يلجأ إلى وسائل الاتصال عن بُعد لانتخاب بوجديمون رئيسا للإقليم، بعد أن تقدمت مدريد بالتماس للمحكمة الدستورية تطلب منعه من تولي رئاسة حكومة الإقليم مجددا "لأنه هارب من العدالة".

واشترط قضاة الدستورية حضور بوجديمون بنفسه وبإذن من قاضي المحكمة جلسة برلمان كتالونيا المقررة الثلاثاء المقبل. ولكن حكومة مدريد ردت بأنها ستطعن في أي محاولة منه للعودة من بلجيكا إلى كتالونيا لتولي رئاسة الإقليم، مشيرة إلى التهم الموجهة إليه، ومنها التمرد والعصيان.

ويوم 30 يناير/كانون الثاني 2018 قرر رئيس برلمان كتالونيا إرجاء جلسة اختيار زعيم جديد للإقليم، لكنه أكد أن بوجديمون هو المرشح الوحيد الذي يُعتد به لقيادة كتالونيا.

وقال تورنت في مؤتمر صحفي إن جلسة اليوم تأجلت، لكنها لن تلغى تحت أي ظرف، وأضاف أنه لن يتقدم مرشح آخر. واتهم تورنت الدستورية -التي منعت تنصيب بوجديمون من دون إذن قضائي- بـ "انتهاك حقوق ملايين الكتالونيين".

وفي الوقت ذاته، أكد راخوي مجددا أن بوجديمون لا يمكنه الترشح نظرا لوجوده في بروكسل عقب صدور أمر باعتقاله بعدما أعلن بشكل غير قانوني استقلال الإقليم نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويوم 31 يناير/كانون الثاني 2018 قال بوجديمون إنه المرشح الوحيد الممكن لرئاسة كتالونيا، معبرا عن أسفه لإرجاء برلمان الإقليم جلسة الاقتراع على منحه الثقة. وقال بوجديمون في تسجيل فيديو من بلجيكا بثه عبر شبكات التواصل الليلة الماضية "من المؤسف أن جلسة اقتراع الثقة لم تنعقد. لقد اختار رئيس البرلمان الكتالوني طريقا آخر، ويجب علينا احترام قراره".

وتابع بوجديمون "نعتقد أن الديمقراطية لا يمكن تأجيلها ولا تعليقها. نحن لا نرضى برئاسات قادمة من مدريد بأي شكل من الأشكال".

ويوم 25 مارس/آذار 2018 أوقفت الشرطة الألمانية بوجديمون لدى عبوره الحدود بالسيارة من الدانمارك بموجب مذكرة توقيف أوروبية أصدرها قاض إسباني قبل شهور.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدث باسم الشرطة الألمانية قوله إن بوجديمون "أوقفته شرطة الطريق السريع في (مقاطعة) شلزفيك هولشتاين" مضيفا أن التوقيف بناء على مذكرة اعتقال أوروبية.

وفي 6 أبريل/نيسان 2018، أفرج القضاء الألماني عن بوجديمون بكفالة قدرها 75 ألف يورو (91 ألف دولار)، وذلك بعد يوم من قرار المحكمة العليا رفض تسليمه إلى إسبانيا بتهمة التمرد.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية