حسن فتحي.. مهندس الفقراء

المهندس حسن فتحي

الميلاد والنشأة
ولد حسن فتحي في 23 مارس/آذار 1900 بالإسكندرية شمالي مصر في أسرة ثرية ذات أصول تركية ومغربية ثم انتقل مع أسرته في سن الثامنة للإقامة في القاهرة، حيث عاش حياته في منزل بدرب اللبانة في حي القلعة.

الدراسة والتكوين
تابع دراسته الابتدائية في مدرسة محمد علي ثم الثانوية في المدرسة الخديوية قبل أن يحصل على دبلوم العمارة من كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) في العام 1929.

الوظائف والمسؤوليات
عمل حسن فتحي في الإدارة العامة للمدارس بالمجالس البلدية، كما كان أول عضو مصري في هيئة التدريس بمدرسة الفنون الجميلة في القاهرة، كما عين رئيسا لإدارة المباني المدرسية بوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم حاليا).

كما عمل خبيرا لدى منظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، وترأس في ستينيات القرن الماضي مشروعا تجريبيا لإسكان الشباب يتبع لوزارة البحث العلمي المصرية، وفي العقد نفسه عمل خبيرا لدى منظمة الأمم المتحدة في مشروعات التنمية بالمملكة العربية السعودية، واشتغل خبيرا بمعهد أدلاي أستفسون في جامعة شيكاغو في السبعينيات.

التجربة المعمارية
وكان أول أعمال حسن فتحي تصميم مدرسة طلخا الابتدائية في ريف مصر، والتي انتهى العمل فيها في العام 1928، ومنها استمد اهتمامه بالعمارة الريفية أو كما أطلق عليها عمارة الفقراء، ثم كلف بتصميم دار المسنين في محافظة المنيا جنوبي مصر، وأمره رئيسه بأن يكون التصميم كلاسيكيا فلم يقبل فتحي تدخله واستقال من العمل في العام 1930.

ارتبط بصداقة قوية بالمفكر والفنان التشكيلي المصري حامد سعيد.

وكانت قرية القرنة الجديدة في الأقصر حلم فتحي الكبير لتعمير القرية المصرية، وخطوته الأولى باتجاه جنوبي مصر حاملا معه أفكاره للعمارة البيئية بمواد البيئة المحلية وبأقل التكاليف للفقراء، وبدأ المشروع في أواسط الأربعينيات عندما عهدت إليه مصلحة الآثار بالتصميم والإشراف على بناء القرنة الجديدة لنقل سكان القرنة القديمة المقيمين في منطقة المقابر الفرعونية إلى مسكنهم الجديد.

سافر فتحي إلى اليونان في أواخر الخمسينيات بعدما جوبهت مشاريعه بالرفض من السلطات المصرية ولا سيما مشروعه لتطوير القرية المصرية، وأسس مع مهندس يوناني معهدا للتصميم والإنشاء، قبل أن يقنعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بداية الستينيات بالعودة إلى مصر، واشتغل بعد عودته على مشروع إسكاني في مناطق متعددة.

وكان حسن فتحي من رموز العمارة العربية في القرن العشرين ومن مبدعي فن العمارة المصرية الأصلية الذي استمد مصادره من العمارة الريفية النوبية المبنية بالطوب، وقد استلهم أفكاره من العمارة الريفية التي كان يسميها عمارة الفقراء، ومن الإرث الحضاري لبلاده متمثلا في المعالم الحضارية والبيوت والقصور التي تعود للعصرين المملوكي والعثماني.

وأصبح فتحي منذ مطلع السبعينيات من القرن العشرين بمثابة المرجع الفكري للكثير من المعماريين الشباب الخارجين لتوهم من ثورات نهاية الستينيات الطلابية، والرافضين لتيار البناء العشوائي المفتقر إلى الجمال، وتحول بيته في درب اللبانة إلى مقصد لعشاق الفنون والثقافة من مختلف الجنسيات والأعمار والراغبين للاستفادة من علم فتحي.

وأشرف حسن فتحي على مشاريع معمارية كثيرة في مناطق متفرقة من مصر وفي عدة دول أخرى، منها العراق وفلسطين والجزائر وباكستان ونيجيريا والولايات المتحدة، وتقلد عدة مناصب استشارية في مصر وخارجها.

في العام 1969 نشرت وزارة الثقافة المصرية في طبعة محدودة كتابا لفتحي باللغة الإنجليزية تحت اسم "القرنة قصة قريتين"، وفي العام 1973 نشرت جامعة شيكاغو الكتاب تحت اسم "العمارة للفقراء" وترجم المؤلف إلى 22 من اللغات الحية، وهو ما منح فتحي شهرة عالمية باعتباره أحد أبرز رواد العمارة البيئية في العالم.

المؤلفات
أصدر حسن فتحي عدة كتب، بينها "القرنة قصة قريتين"، وقصة "مشربية"، و"العمارة والبيئة"، وذلك إلى جانب "الطاقة الطبيعية والعمارة التقليدية.. مبادئ وأمثلة من المناخ الجاف الحار".

الجوائز والأوسمة
حاز حسن فتحي عدة جوائز، بينها جائزة الدولة التشجيعية، وجائزة الاستحقاق من الطبقة الأولى (مصر)، وجائزة آخا خان للعمارة (سويسرا)، وجائزة رايت ليفلي هود (السويد)، ولويس سويلفان للعمارة (الولايات المتحدة)، ثم جائزة بول هوفمان (أستراليا).

الوفاة
توفي حسن فتحي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1989 بالقاهرة عن عمر ناهز 89.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية