بادوك.. محترف القمار الذي ارتكب مجزرة لاس فيغاس

stephen paddock - reuters

أميركي أبيض، متقاعد ثري ولاعب قمار محترف، في منتصف عقده السابع، برز إلى دائرة الاهتمام الإعلامي حين ارتكب إحدى أسوأ جرائم القتل الجماعي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بمدينة بمدينة لاس فيغاس راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى.

المولد والنشأة
ولد ستيفن كريغ بادوك في 9 أبريل/نيسان 1953.

الوظائف والمسؤوليات
أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن بادوك عمل محاسبا في السابق، فضلا عن كونه طيارا حائزا على شهادة طيران، ورخصة صيد صادرة عن ولاية ألاسكا الأميركية.

التجربة والمسار
قبل جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها بادوك لم تحم حوله أي شبهات جنائية، فقد كان يعيش حياة هادئة ويقضي معظم وقته في هوايته المفضلة المتمثلة في لعب القمار والإدمان على حضور حفلات موسيقى الكونتري بلاس فيغاس، وكان لاعب قمار محترفا ربح في إحدى الليالي 250 ألف دولار على طاولات القمار بلاس فيغاس، حسب إفادة أخيه لوسائل الإعلام.

وقالت وسائل الإعلام الأميركية إن الرجل كان يقطن منذ يونيو/حزيران 2016 في قرية يسكنها عادة المتقاعدون، اسمها "صن سيتي" في مدينة ميسكيت، وتبعد 80 ميلا شمال شرق لاس فيغاس بولاية نيفادا.

وقبل ذلك سكن خلال عامي 2011 و2016 في مدينة رينو بولاية نيفادا، وبين عامي 2013 و2015، كان يعيش في مدينة ملبورن بولاية فلوريدا، كما عاش في مدينة هيندرسون بولاية نيفادا، وفي كاليفورنيا.

ولم يكن بادوك معروفا لدى السلطات الفدرالية، لكنه كان معروفا لدى سلطات إنفاذ القانون المحلية، وفق ما ذكرت قناة "إن بي سي" الأميركية.

ونقلت وسائل إعلام أميركية عن أخيه نفيه وجود أي ارتباط لبادوك بأي جماعات عنصرية أو سياسية أو دينية، مؤكدا أنه كان فقط يهوى السهر وألعاب القمار، وقال إن عائلته مصدومة وكأن نيزكا سقط عليها من السماء.

مجزرة لاس فيغاس
في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2017 وفي حدود الساعة السابعة والنصف مساء بالتوقيت العالمي أطلق ستيفن بادوك النار بكثافة على حفل موسيقي في منطقة ماندالاي باي كازينو بمدينة لاس فيغاس، وأظهرت لقطات فيديو نشرت على الإنترنت ما بدا أنه دوي إطلاق أعيرة نار من سلاح رشاش في حين فر جمهور الحفل الموسيقي فزعا وسقط بعضهم على الأرض وهم يصرخون.

وتبين لاحقا أن بادوك استمر لدقائق في إمطار الجمهور المحتفل بوابل من الرصاص الحي من غرفته في الطابق 32 من فندق "ماندالا باي"، حيث كان الرجل حجز غرفته مسبقا وجمعا سلاحه تحسبا فيما يبدو لهذه المجزرة.

وقد وصل بادوك في 28 سبتمبر/أيلول 2017 إلى الجناح المؤلف من غرفتين الذي حجزه في الفندق من غير أن يلاحظ طواقم الفندق في أي وقت أنه أدخل أسلحة، وقام بتحطيم زجاج النافذة ليتمكن من إطلاق النار بسهولة.

وعثرت الشرطة في غرفة الفندق على 23 قطعة سلاح من عيارات مختلفة بينها بنادق هجومية، وبعض البنادق كان يحمل جهاز تصويب، ويعتقد أنه نقلها في أكثر من عشر حقائب، حسب ما أفاد رئيس شرطة المدينة جوزيف لومباردو.

كما عثرت لاحقا في منزله على ترسانة كاملة تضم 19 قطعة سلاح إضافية وآلاف الذخائر والمتفجرات، وبالإضافة إلى ذلك كان المسلح يخبئ في سيارته مادة نترات الأمونيوم، وهو سماد يمكن استخدامه لصنع متفجرات.

وبعدما أكدت الشرطة الأميركية أنها قتلت منفذ الهجوم الذي كان يتواجد في الطابق 32 من مبنى الفندق، عادت وأعلنت أن منفذ الهجوم قتل نفسه (انتحر) قبل وصول عناصر الشرطة إلى غرفته.

وأعلنت الشرطة الأميركية لاحقا أن عدد ضحايا إطلاق النار ارتفع في اليوم الثاني إلى 59 قتيلا و527 جريحا، وقال مسؤول الطب الشرعي بمنطقة "كلارك كاونتي" جون فودنبرغ إن عدد القتلى مرشح للزيادة.

ولم تتضح بعد دوافع بادوك لارتكاب هذه الجريمة التي توصف بإحدى أكبر المجازر الجماعية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، وإن كانت بعض وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية تحدثت فيها عما وصفته بالسوابق "الإجرامية" في تاريخ عائلة بادوك، حيث كان الأب مطلوبا للعدالة الأميركية ومصنفا باعتباره لصا خطيرا.

وترددت في الساعات الأولى تكهنات تتعلق بدور مفترض لصديقة مطلق النار ماريلو دانلي (62 عاما) في العملية، وأعلنت الشرطة الأميركية أنها تود استجواب دانلي، ولكن المحققين عادوا لاحقا واستبعدوا أي دور لها في الهجوم. وقال لومباردو إنها كانت موجودة خلال اليوم نفسه في طوكيو.

وأعلنت كانبيرا أنها أسترالية انتقلت للعيش في الولايات المتحدة قبل 20 عاما للعمل في الكازينوهات، فيما ذكرت الصحافة الأسترالية أنها جدة.

ورغم أن تنظيم الدولة الإسلامية تبنى العملية وأكد أن منفذها هو أحد جنود الخلافة وأنه اعتنق الإسلام قبل شهور؛ فإن أجهزة الأمن الأميركية استبعدت فرضية انتمائه لتنظيم الدولة، كما لم تتعامل وسائل الإعلام الأميركية مع العملية باعتبارها "إرهابية".

وتعليقا على ما يصفه البعض بازدواجية بعض الساسة ووسائل الإعلام الأميركية في التعاطي مع جرائم القتل تبعا لمنفذها، تساءلت مجلة إنترسبت الأميركية عن سبب غياب غضب أميركا وغضب رئيسها دونالد ترمب بعد حادث القتل الجماعي بلاس فيغاس وعن سبب عدم استغلال ترمب له لتشديد ما يزعمه من حماية لأمن المواطنين الأميركيين.

وقالت في مقال لكاتب العمود بها شون كينغ إن بياض بشرة مرتكب الحادث ستيفن بادوك لم يحمه فقط من الوصف بأنه "إرهابي" بل من الغضب والحنق وحمم الجحيم وروح الانتقام التي كان من المؤكد انطلاقها على كل المستويات بأميركا لو كان القاتل غير أبيض أو مسلما.

وأوضح كينغ أن بعض وسائل الإعلام الأميركية وعلى رأسها صحيفة "يو أس أيه توداي" سارعت قبل ورود أي معلومات عن القاتل الذي نفذ أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ أميركا إلى وصفه بأنه "ذئب منفرد".

وقال إن بادوك أبيض مثل أغلب من يرتكبون أعمال القتل الجماعي في أميركا، وإن هذه المعلومة البسيطة تتسبب في تغيير الأسلوب الذي تتناول به وسائل الإعلام الأميركية كل شيء عن مثل هذه الأحداث المرعبة. فبياض البشرة يحمي القتلة من الوصف بأنهم "إرهابيون".

وأضاف أن الأحكام التي تطلقها وسائل الإعلام بعد كل حادث قتل يرتكبه واحد من غير البيض تجيء كاسحة وتنسحب على مجموعته العرقية أو الدينية بأكملها وعلى دينه الذي يعتنقه أو عرقه أيضا.

أما البيض الذين يرتكبون مثل هذه الأعمال فيوصفون بأنهم "ذئاب منفردة" ولا يُربطون بمجموعتهم العرقية أو الدينية، "وهو امتياز لا يتمتع به في الولايات المتحدة غير البيض".

المصدر : الصحافة الأميركية + مواقع إلكترونية + وكالات