فاروق الأول.. آخر ملوك مصر

الملك فاروق - الموسوعة - الصورة من ويكيبيديا وليس عليها حقوق

الملك فاروق هو آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من أسرة محمد علي باشا، استمر حكمه 16 سنة إلى أن أطاح به تنظيم الضباط الأحرار وأجبره على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الذي كان عمره حينها ستة أشهر، وما لبث أن خلِع في 18 يونيو/حزيران 1953 بتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية.

المولد والنشأة
ولد الملك فاروق يوم 11 فبراير/شباط عام 1920 في القاهرة. والده هو الملك فؤاد الأول نجل الخديوي إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا، ووالدته هي الملكة نازلي بنت عبد الرحيم باشا صبري.

تـزوج الملك فاروق أول مرة من الملكة فريدة التي كانت تسمي صافيناز عام 1938، وأنجب منها ثلاث بنات هن فريال وفوزية وفاديه، لكنه طلقها فقابل الشعب نبأ الطلاق بالغضب الشديد لحبه للملكة فريدة.

تزوج الملك فاروق من زوجته الثانية الملكة ناريمان وأنجبت له ولي العهد أحمد فؤاد الثاني، الذي تولى العرش وهو في عمر ستة أشهر (خضع للجنة وصاية برئاسة الأمير محمد علي) بعد تنازل الملك فاروق عن العرش.

الدراسة والتكوين
كانت التقاليد الملكية في ذلك الوقت تقضي بعدم ذهاب أبناء العائلة الملكية إلى المدرسة، وإنما يأتي إليهم المدرسون لتعليمهم في البيت، وقد اهتم الملك فؤاد بتربية ابنه فاروق بدرجة كبيرة، حيث جعله محاصرا بدائرة ضيقة من المتعاملين معه، تضم أمه وأخواته الأميرات بالإضافة للمربية الإنجليزية إينا تايلور التي كانت صارمة في التعامل مع الأمير الطفل.

كانت بريطانيا تتابع تنشئة الأمير فاروق وتطورات حياته باعتباره ملك المستقبل، وعندما كبر قليلا طلبت بريطانيا أن يسافر إليها ليتعلم في كلية "آيتون" وهي "أرقى" كلية هناك في ذلك الوقت.

إلا أن صغر سن فاروق ومعارضة والدته الملكة نازلي عطلت ذلك التوجه، فاستعيض عنه بمدرسين إنجليز ومصريين، وكانت بريطانيا تهدف من وراء ذلك إلى إبعاد الأمير الصغير عن الثقافة الإيطالية التي كانت محيطة به بشكل دائم.

عندما بلغ الأمير فاروق سنته الرابعة عشرة كرر المفوض السامي البريطاني سير مايلز لامبسون طلبه للملك فؤاد بضرورة سفر الأمير فاروق إلى بريطانيا، وأصر على ذلك بشدة رافضا أية محاولة من الملك فؤاد لتأجيل سفره حتى يبلغ سن السادسة عشرة.

وبالفعل وافق الأب، فسافر فاروق إلى بريطانيا وألحق بكلية "وولوتش" العسكرية، ولأنه لم يكن قد بلغ ثماني عشرة سنة المشترطة للالتحاق بتلك الكلية، فقد تم الاتفاق على أن يكون تعليم الأمير الشاب خارج الكلية على أيدي مدرسين فيها.

رافقت فاروق خلال سفره بعثه برئاسة أحمد حسنين رائدا للأمير، وعزيز المصري نائبا للرائد، وعمر فتحي حارسا للأمير وكبير الياوران فيما بعد، والدكتور عباس الكفراوي طبيبا خاصا، وصالح هاشم أستاذ اللغة العربية، بالإضافة إلى حسين حسني باشا سكرتيرا خاصا.

عندما علم فاروق بشدة مرض والده الملك فؤاد طلب العودة إلى مصر لرؤيته، فوافقت بريطانيا على أن يعود بعدها لاستكمال دراسته، لكن والده توفي يوم 28 أبريل/نيسان سنة 1936 قبل أن يسافر فاروق إلى مصر.

تجربة الحكم
يُذكر للملك فؤاد الأول أنه سعى لدى بريطانيا لتعديل نظام وراثة الحكم في مصر لينحصر في ذريته بدلا من أكبر أبناء الأسرة، فكان له ما أراد وأخطرته بريطانيا بموافقتها وأن تكون وراثة العرش لفاروق ونسله من بعده، فأصدر الملك فؤاد أمرا ملكيا في 13 أبريل/نيسان سنة 1922 بنظام وراثة العرش، وأصبح اللقب الرسمي لفاروق هو "حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فاروق"، كما لقب أيضا بـ"أمير الصعيد".

كان الملك فؤاد ينتهز أية فرصة ليقدم الأمير الصغير إلى الشعب الذي سيكون ملكا عليه بعد ذلك، 
واصطحبه معه في عدة مناسبات، كما أنابه عنه عندما كان مريضا لحضور حفلة رسمية أقامها سلاح الطيران البريطاني في 23 فبراير/شباط سنة 1934، وفي افتتاح مؤتمر البريد الدولي عام 1934.

أصبح الملك فاروق وليا للعهد وتحمل المسؤولية وهو صغير السن، حيث تولى العرش في سن الـ16 من عمره بعد وفاة والده، وذلك تحت وصاية كل من الأمير محمد علي توفيق، وعزيز عزت باشا، وشريف صبري باشا.

وفي 29 يوليو/تموز عام 1937 اعتلى الملك فاروق عرش مصر دستوريا وذلك إثر بلوغه سن الـ18 (بالتقويم الهجري).

شهدت مصر خلال فترة تولي الملك فاروق عرش مصر العديد من الأحداث السياسية، أبرزها توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون المشترك بين مصر وبريطانيا عام 1936، ووقوع حادثة 4 فبراير/شباط 1942، ومحاصرة الإنجليز قصر عابدين بالدبابات لإجبار الملك على تولية مصطفى النحاس رئاسة الحكومة، وحرب فلسطين عام 1948، ووقوع حريق القاهرة أوائل عام 1952.

استمر حكم فاروق 16 عاما حتى أرغمته ثورة 23 يوليو/تموز 1952 على التنازل عن العرش لطفله أحمد فؤاد الذي كان عمره حينها ستة أشهر، وفي 26 يوليو/تموز 1952 غادر فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي "المحروسة"، وهو نفس اليخت الذي غادر فيه جده الخديوي إسماعيل مصر في 29 يونيو/حزيران 1897، بعد ثلاثة أيام من عزل السلطان العثماني له عن الحكم.

وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية 21 طلقة لتوديع الملك فاروق، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار الذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر، بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها.

وبعد تنازله عن العرش ورحيله عن مصر مصطحبا معه بناته الثلاث من الملكة فريدة، وزوجته الملكة ناريمان والأمير الصغير أحمد فؤاد، أقام فاروق في منفاه بروما عاصمة إيطاليا، وعاش في المنفى حياة فيها الكثير من الآلام والصعاب.

وبعد وصوله إلى منفاه بثلاثة أشهر دبت الخلافات بينه وبين زوجته الملكة السابقة ناريمان فعادت إلى مصر برفقة والدتها تاركة معه الأمير الصغير أحمد فؤاد، ثم طلبت الطلاق بعد وصولها إلى مصر وحصلت عليه عام 1954.

الوفاة 
توفي الملك فاروق في إيطاليا يوم 18 مارس/آذار 1965 بشكل مفاجئ، و قيل إنه قـُتل بالسم في أحد المطاعم، طلبت بناته من الحكومة المصرية أن يدفن في مصر، وقوبل الطلب بداية بالرفض إلا أن الحكومة المصرية وافقت بعد أن قالت بناته إنه سيدفن في السعودية إن لم يدفن في مصر.

أحضِر جثمان فاروق إلى مصر، ولكن الحكومة المصرية لم تسمح بدفنه في مدافن الأسرة العلوية بمسجد الرفاعي حسب وصية فاروق، فدُفن في إحدى المقابر الخاصة بالأسرة,

وبعد أن تولى الرئيس أنور السادات مقاليد الحكم في مصر بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، طلبت بنات فاروق من السادات تنفيذ وصية والدهن بأن يدفن بجوار والده وأجداده، فوافق السادات، ونُقل جثمان الملك فاروق إلى مدفنه الحالي بمسجد الرفاعي.

المصدر : الجزيرة