جواهر لال نهرو

صورة جواهر لال نهرو Jawaharlal Nehru - الموسوعة

أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها. تأثر كثيرا بمبادئ المهاتما غاندي وشكل هو ووالده والمهاتما ما عرف بـ"الثالوث المقدس" الذي كان يسعى لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني. وهو والد رئيسة الوزراء الهندية إنديرا غاندي. 

الميلاد والنشأة
ولد جواهر لال نهرو في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1889 بمدينة الله أباد لأسرة ميسورة يعمل والدها بالمحاماة.

الدراسة والتكوين
تتلمذ بين عامي 1902 و1904 على يد مدرس خاص، ثم التحق عام 1905 بمدرسة "هارو" أشهر مدرسة ثانوية بريطانية في ذلك الحين، وسافر بعدها إلى بريطانيا وحصل من جامعة كامبريدج على إجازة في العلوم الطبيعية وأخرى في الحقوق.

التوجه الفكري
تبنى نهرو الخط الاشتراكي، وراح يبحث في كتب الأدب والاقتصاد والفلسفة أثناء دراسته في بريطانيا عما يوافق هذا الاتجاه، ومن هناك راسل صحيفة تايمز التي كانت تصدر في الهند وركز في مقالاته على حزب المؤتمر الذي مثل الحركة الوطنية الهندية في تلك الفترة.

المسار السياسي
آمن نهرو بالمنهج الاشتراكي في خططه الخمسية الرامية إلى تنمية الهند، وكان على خلاف في وجهات النظر في هذه القضية مع غاندي الذي دعا إلى تطوير القرى باعتبارها في رأيه أكثر أهمية، فقد اعتبر نهرو التركيز على الصناعة أكثر فائدة للبلاد وكان يردد أن السدود والطاقة هي هياكل العبادة الجديدة.

وسعى إلى التعرف على قادة حركة "الجمهوريين الأيرلنديين" للاستفادة منهم في تعزيز مطالبه باستقلال الهند عن التاج البريطاني وقام بزيارة دبلن عام 1907.

وقامت علاقة مميزة بين نهرو ووالده موتيلال والزعيم الهندي الكبير ألمهاتما غاندي، وقد شكلت هذه العلاقة أهمية كبيرة لحزب المؤتمر الهندي للدرجة التي جعلت وسائل الإعلام الهندية تصفهم بالثالوث المقدس.

وقد تأثر الوالد وابنه بغاندي فباعا ممتلكاتهما وآثرا العيش المتقشف بعد أن التحقا بالحركة الوطنية وتركا مهنة المحاماة، الأمر الذي زاد من إعجاب الهنود بهما.

ثم ظهر نشاطهما بشكل ملحوظ بعد مذبحة "جاليانوالا" التي ارتكبها جنود الاحتلال البريطاني في الهند عام 1919، وشاركا بفاعلية في تأسيس "حركة اللاتعاون"، التي كانت تدعو الهنود لعدم التعاون مع المحتل البريطاني. 

انخرط  نهرو في المعارضة السلمية للاستعمار، ومع ذلك اعتقلته قوات الشرطة عام 1928 وتعرض للضرب المبرح ووجه إليه غاندي رسالة وهو داخل سجنه قال له فيها "فليحمك الله إلى سنوات طويلة قادمة، ويجعلك أداته المختارة لتحرير الهند من الاستعمار".

ولم يكن الاعتقال حينذاك شيئا جديدا في حياة نهرو، فقد تعرض طوال الفترة من 1920 إلى 1947 لاعتقالات متكررة بلغت مجموع سنواتها عشر سنين.

ظل نهرو على رأس العاملين في الحركة الوطنية الهندية الداعية إلى الاستقلال، وانتخب عام 1929 رئيسا لحزب المؤتمر في عموم الهند، كما اختير كبيرا للمفاوضين عن الحزب في المفاوضات التي عرفت بمفاوضات "انتقال السلطة" من الإنجليز، وبعد نجاح تلك المفاوضات أصبح نهرو رئيسا للحكومة الانتقالية التي شكلت آنذاك، وصار أول رئيس وزراء للهند المستقلة في 15 أغسطس/آب 1947.

تعقدت المشكلة بين الهند وباكستان بسبب كشمير خاصة بعد أن تدخل بعض أفراد القبائل المسلمة من أفغانستان إلى جانب الكشميريين الراغبين في الانضمام إلى باكستان، فأرسلت الهند في 22 يناير/كانون الثاني 1948 قواتها المسلحة إلى كشمير مما أدى إلى صدام مسلح نجم عنه تقسيم الولاية ذات الأغلبية المسلمة بعد قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار عام 1949.

رغم سيطرة الهند على أكثر من نصف مساحة الولاية فإن النزاع بينها وبين باكستان لم يتوقف، ففي عام 1957 حاول نهرو تصعيد المشكلة فصرح بأن "كشمير كلها هندية، ولا توجد مشكلة اسمها كشمير، وأن بلاده ترفض الحديث عنها".

واتهم باكستان بدعم الجماعات الكشميرية المسلحة واتخاذها من المناطق الخاضعة للسيطرة الباكستانية مقرا لها، وصعّد من حملته الإعلامية والدبلوماسية ضد باكستان حتى وفاته عام 1964 مما أدى إلى اندلاع الحرب الثانية بينهما بشأن كشمير في بداية عهد ابنته أنديرا غاندي عام 1965.

اشتهر نهرو في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بخطابه السياسي الرافض لما يسميه بالإمبريالية والداعي إلى محاربة الاستعمار، وهو الخطاب الذي كان يلقى صدى طيبا لدى شعوب العالم الثالث الساعية للخلاص من الاستعمار والراغبة في التحرر. ودعا نهرو تلك الدول إلى عدم الانضمام إلى أي من المعسكرين الشرقي أو الغربي، الأمر الذي ولد فكرة تكوين مجموعة دول عدم الانحياز التي ظهرت إلى الوجود بالفعل لاحقا.

توترت العلاقات الهندية الصينية في عهد نهرو، ووصلت إلى حد سقوط المعاهدة الموقعة بين البلدين، الأمر الذي مهد الطريق أمام الحرب التي اندلعت بينهما عام 1962 حيث تمكنت الصين خلالها من احتلال جزء من مناطق كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية. 

الوفاة
توفي جواهر لال نهرو يوم 27 مايو/أيار 1964، وسط حزن شديد من ملايين الهنود، وأصبحت ابنته إنديرا أول رئيسة وزراء للهند.

المصدر : الجزيرة