منير نايفة.. عالم عربي حرك الذرات

منير نايفة

عالم ذرّة فلسطيني الأصل أميركي الجنسية، يملك 23 براءة اختراع في صنع جزئيات النانو سيليكون، وهو مرشح سابق لجائزة نوبل في الفيزياء.

المولد والنشأة
ولد البروفسور منير نايفة في ديسمبر/كانون الأول 1945 بقرية شويكة بجوار طولكرم في فلسطين. ينتمي لعائلة معظم أفرادها من أصحاب الشهادات العلمية، وله خمسة أبناء.

الدراسة والتكوين
درس المرحلة الابتدائية في طولكرم والثانوية في الأردن، وحصل على درجة البكالوريوس من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1968، ثم الماجستير في الفيزياء عام 1970، ثم تقدم لمنحة مقدمة من جامعة ستانفورد الأميركية للحصول على درجة الدكتوراه في حقل الفيزياء الذرية وعلوم الليزر.

الوظائف والمسؤوليات
عمل من عام 1977 وحتى 1979 باحثا فيزيائيا في معامل "أوج رج" بجامعة كنتاكي الأميركية، ثم التحق عام 1979 بجامعة إلينوي، ليتبوأ بعدها منصب بروفيسور الفيزياء في جامعة إلينوي في أوربانا شامباين (UIUC).

كما ترأس نايفة المجلس الاستشاري لمركز التميز البحثي لتقنية النانو في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومنصب نائب رئيس مجلس العلوم الدولي في معهد الملك عبد الله لتكنولوجيا النانو في جامعة الملك سعود.

وزيادة على تلك المسؤوليات والمناصب، قام نايفة بدور المنسق بين جامعة إلينوي والهيئة الملكية لجبيل وينبع السعودية، وأيضا بدور مستشار مركز تميز تقنية النانو في جامعة النجاح، ودور مستشار في حديقة التكنولوجيا العالية في سايغون بـفيتنام.

كما شارك نايفة في عدد من اللجان الاستشارية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وترأس شبكة العلماء والتكنولوجيين العرب في الخارج، وقام مرارا بزيارة مؤسسات البحوث والتنمية في العالم العربي وتعاون معها.

التجربة العلمية
ظهر شغفه بالعلم وإجراء التجارب منذ فترة الطفولة، فقد تمكن نايفة من الإجابة عن استفهام مهم طرحه عالم الفيزياء الشهير ريتشارد فاينمان عام 1959، عندما تساءل: ماذا سيحدث لو استطاع الإنسان التحكم في حركة ومسار الذرة ونجح في إعادة ترتيب مواضعها داخل المركبات الكيميائية؟

ونجح نايفة في الإجابة عن هذا السؤال في أقل من عشرين عاما، من خلال تحريك الذرات منفردة ذرة ذرة، وهو الاكتشاف الذي قالت عنه صحيفة "واشنطن بوست" إنه يؤسس لفرع جديد في علم الكيمياء يدعى "كيمياء الذرة المنفردة"، والذي يمهد بدوره لطفرة طبية تسهم في علاج العديد من الأمراض، حيث يتيح هذا الإنجاز بناء أجهزة ومعدات مجهرية لا يزيد حجمها على عدة ذرات، مما يمكنها من الولوج في جسم الإنسان والسير داخل شرايينه والوصول إلى أعضائه الداخلية.

كما أن اكتشاف نايفة يتيح العديد من التطبيقات في مجالات الطب والهندسة الصناعية والعسكرية والتكنولوجيات النووية.

ويملك نايفة في جعبته 23 اختراعا في صنع جزيئات النانو سيليكون، إضافة إلى براءات الاختراع المشتركة مع علماء في المملكة العربية السعودية والأردن.

البحث العلمي العربي
وعن أحوال البحث العلمي في العالمين العربي والإسلامي، يرى نايفة أنه ما زال في مرحلة الطفولة، وأنه يعاني من ضعف الإنفاق في وقت تحتل فيه الدول العربية المراكز الأولى في مجال الإنفاق على الأسلحة.

وفي حوار أجرته معه الجزيرة نت ونشر يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016، أشار نايفة إلى أن العرب ينفقون نحو ستمئة مليار دولار على الأسلحة وفقا لعدة إحصائيات، بينما حجم الإنفاق على البحث العلمي لا يتجاوز ستين مليون دولار في كل الوطن العربي.

وعلى سبيل المثال، فإن تكلفة ما صرفته الجامعات العربية على البحث العلمي طيلة خمسين سنة هو 2.5 مليار دولار، بينما صرفت جامعة إلينوي وحدها على البحث العلمي خلال عام واحد 1.5 مليار دولار.

ويرجع نايفة عدم تقدم البحث العلمي العربي إلى صعوبات ومعوقات، من أهمها: عدم توفير البنية التحتية اللازمة للبحث العلمي، والنقص في المراجع والدوريات العلمية ودور النشر، وغياب السياسات والإستراتيجيات العلمية الوطنية الواضحة.

ويفصل وجهة نظره بالقول إن "العقل العربي متقدم مثل العقل الغربي أو حتى أفضل منه، وأي مراجعة لتاريخ العلوم في العصور الوسطى تعطي دليلا واضحا على ذلك. ففي الوقت الحاضر نرى إبداع العلماء والطلاب من الأصول العربية عندما يعملون جنبا إلى جنب مع العلماء في الغرب تحت نفس الظروف، ولذلك أرى في الواقع أن المشكلة هي الظروف السيئة للبحث التي يواجهونها في دولهم، والتي لا تقترب من الظروف الموجودة الآن في الغرب أو تلك التي كانت أيام الإمبراطورية الإسلامية في العصور الوسطى".

ويستغرب نايفة من كون العالم العربي يذرف الدموع على هجرة الأدمغة إلى الغرب، لكنه يتجاهل الكم الهائل من العقول المتغربة في أرض الوطن، التي أُهملت وطُمرت تحت أطنان من ركام الخمول وعدم المبالاة.

ويقارن العالم الفلسطيني بين أسباب تقدم المسلمين في العصور الوسطى وواقعهم الحالي، بالقول "كانت هناك إمبراطورية متكاملة في كل جانب من الجوانب، مثل الولايات المتحدة الآن، ثم تفكك العالم العربي والإسلامي إلى 55 من الدول المستقلة والصغيرة والضعيفة، والتي لا يوجد أساسا أي تكامل أو تعاون حقيقي بينها".

ويضيف "في تلك العصور تم إنشاء الجامعات في المدن الرئيسة كما تم تجهيز أكثر من 24 مرصدا أو معهدا متخصصا مدعوما بأحدث الأجهزة في أماكن متعددة من الإمبراطورية، ووظفت هذه المراصد ثلة من أكثر العلماء والمهندسين البارزين مما جعلها مؤهلة لأن تصبح "معاهد تقنية" كما توصف بلغة العصر الحديث".

كما "ازدهرت تجارة الكتب وأنشئت معاهد البحث وقدم الخلفاء الدعم المالي للباحثين.. بالإضافة إلى البحث والحصول على الأدب الأجنبي القديم وترجمة ودراسة وإثبات المكتشفات والمضي بها إلى أعلى رتبة في سلم التطوير".

وعن سبب عدم حصوله على جائزة نوبل رغم ما قدمه في المجال العلمي، يقول نايفة للجزيرة نت إن المعيار الأساسي لنيل مثل هذه الجائزة هو العمل العلمي على المسرح العالمي، لكن هناك دورا لما أسماها التجمعات والشبكات والأطراف، سواء كانت من المجتمع العلمي أو المجتمع العام أو كيانات عرقية أو شبه سياسية أخرى، أو حتى من موظفي الجائزة أو الفائزين السابقين بها.

المؤلفات
نشر نايفة ما يزيد على 180 مقالا وبحثا علميا، وشارك مع آخرين في إعداد وتأليف العديد من الكتب عن علوم الليزر والكهربية والمغناطيسية.

المصدر : الجزيرة + وكالات