كيف يحمينا ميكروبيوم الجلد من المشكلات الصحية المزمنة؟
يمكن للأشياء التي نلمسها أو نضعها على بشرتنا كل يوم أن تؤثر على صحتنا من خلال تغيير ميكروبيوم الجلد وجعلنا أكثر أو أقل عرضة للأمراض المزمنة. الجلد مثل الأمعاء تسكن فيه ملايين البكتيريا والفيروسات والفطريات، وهي كائنات دقيقة تسمى الميكروبات، وهي تساعد أجسامنا على العمل بشكل صحيح، تشكل هذه الكائنات معا ميكروبيوم الجلد.
ولكن ما ميكروبيوم الجلد؟
تخيل أن بشرتك هي موطن لملايين الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات. هذه المجموعة المتنوعة من الكائنات الحية تسمى الميكروبيوم، وهي تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة بشرتك. قد يبدو غريبا أن يكون هناك كائنات حية تعيش على جلدنا، ولكن هذه الكائنات ليست ضارة بل مفيدة. فهي تشكل حاجزًا واقيًا يحمي الجلد من البكتيريا الضارة، ويساعد في الحفاظ على رطوبة الجلد، ويقوي جهاز المناعة في الجلد.
لا يزال شكل ميكروبيوم الجلد الصحي بالضبط وكيفية الحفاظ عليه قيد البحث. لكن بعض الخبراء يخشون أن يؤدي انخفاض الوقت الذي يقضيه الناس في الهواء الطلق، إلى جانب الإفراط في استخدام المواد الكيميائية القاسية والمضادات الحيوية وحتى بعض منتجات التجميل، إلى إفساد حياة الميكروبيوم الجلدي النافع.
ارتبط اختلال توازن الميكروبيوم -وهي الحالة التي يقل فيها عدد الميكروبات المفيدة أو يزداد عدد الميكروبات الضارة- بالأمراض المزمنة. على سبيل المثال، ترتبط الصدفية والأكزيما باختلال التوازن في ميكروبيوم الجلد. وتشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى أن ميكروبيوم الجلد يلعب دورا مهما في تنظيم جهاز المناعة لدينا ويمكن ربطه بحالات مزمنة ليست على الجلد، مثل الربو وتسوس الأسنان ومرض التهاب الأمعاء وأنواع معينة من التهاب المفاصل.
كيف يؤثر الجلد على الجهاز المناعي؟
تساعد الميكروبات في الحفاظ على الحاجز الذي يشكله الجلد. تنتج بعض ميكروبات الجلد مواد مضادة للبكتيريا أو مضادة للالتهابات.
قالت جولي سيجري، عالمة الوراثة في المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري في الولايات المتحدة، والتي تدرس ميكروبيوم الجلد في حوار مع صحيفة الواشنطن بوست نشر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، إنها تلعب أيضا دورا مهما في تدريب الجهاز المناعي للجسم ومنع الالتهاب المزمن.
تحتوي البشرة على ما يقرب من 3 إلى 4% من خلايا المناعة في الجسم؛ يعلم التعرض للميكروبات الجلدية المتنوعة والطبيعية الجهاز المناعي الصبر على وجود البكتيريا والفطريات والفيروسات المفيدة أو غير الضارة. وقالت سيجري "إنه بدون هذا التسامح، يمكن أن يصبح الجهاز المناعي مفرط الاستجابة، مما يزيد من خطر الإصابة بالحساسية أو الحالات المناعية الذاتية، حيث يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة الجسم".
الاتصال بالطبيعة يفيد البشرة
تشير مجموعة متنامية من الأبحاث إلى أن المزيد من الاتصال بالحيوانات والنباتات وأجزاء أخرى من العالم الطبيعي يمكن أن يساعد في تحسين تنوع ميكروبيوم الجلد.
يمكن أن يفسر هذا أيضا السبب الذي يجعل بعض الناس أقل عرضة للحساسية، كما قال آكي سينكونين، العالم الرئيسي في معهد الموارد الطبيعية في فنلندا، وهو معهد أبحاث فنلندي.
عمِل سينكونين على العديد من الدراسات حول تأثيرات التعرض البيئي على ميكروبيوم الجلد، بما في ذلك دراسة أجريت عام 2020 وضع فيها الباحثون مواد أعشاب ومواد مأخوذة من الغابات إلى أرضية مراكز رعاية الأطفال ودرسوا التأثير على ميكروبيوم الجلد والأمعاء لدى الأطفال. بعد 28 يوما، وجدوا أن الأطفال الذين ذهبوا إلى المراكز التي وضعت فيها هذه المواد الطبيعية ليس لديهم ميكروبات جلدية أكثر تنوعا فحسب، بل لديهم أيضا عدد أقل من المواد الالتهابية في دمائهم وخلايا مناعية تنظيمية أكثر.
يمكن للمواد الكيميائية القاسية والمضادات الحيوية ومنتجات التجميل أن تلحق الضرر بالجلد
إن حماية الجلد من التلف أمر بالغ الأهمية أيضا لخلق بيئة مواتية للميكروبات الجيدة. لكن بعض الباحثين يخشون أن العديد من المنتجات والمنظفات قد تضر ببشرتنا.
قال سيزمي أكديس، مدير المعهد السويسري لأبحاث الحساسية والربو وأستاذ بجامعة زيورخ في دافوس بسويسرا، إن تجفيف الجلد كثيرا بالمواد الكيميائية يمكن أن يتلفه، مما يسمح للكائنات المسببة للأمراض بالمرور عبر حاجز الجلد والتوغل في أعماق أنسجتنا.
وقال أكديس إن الجسم يستجيب بعد ذلك بالالتهاب، والذي يمكن أن يصبح أكثر جهازية بمرور الوقت. وقد ارتبط التهاب الجلد أو الأمراض بمشاكل مثل التهاب المفاصل أو الربو أو الحساسية. وأضاف أكديس أنه بالإضافة إلى تجفيف الجلد، فإن المواد الكيميائية الموجودة في العديد من المنظفات أو المضادات الحيوية تتسبب في موت العديد من الميكروبات الجيدة على الجلد.
لحماية الميكروبات الجيدة في الجلد بشكل أفضل، انتقل إلى المنتجات التي تحتوي على عدد أقل من المواد الكيميائية القاسية مثل المواد الخافضة للتوتر السطحي (مادة تنظيف يمكنها تكسير غشاء الخلية وقتل الميكروبات)، كما قال أكديس. وعلى وجه الخصوص، اقترح محاولة تجنب مادة خافضة للتوتر السطحي تسمى كبريتات لوريل الصوديوم، وهي مادة مهيجة معروفة للجلد موجودة في العديد من منتجات التنظيف.
يمكن أن تؤثر حامضية منتجات التجميل والصابون المختلفة أيضا على ميكروبيوم الجلد. البشرة تميل لأن تكون حمضية قليلا. تعمل هذه الحموضة للدفاع عن الجلد ضد الأمراض الضارة وتساعد الجلد على الاحتفاظ بالميكروبات المفيدة. كما قال كيت والين راسل، المؤسس المشارك لمدرسة ميكروبيوم الجلد، وهي شركة مقرها إنديانا تعمل في مجال التعليم والبحث حول ميكروبيوم الجلد.
ومع ذلك، قال إن بعض المنتجات مثل بعض مستحضرات التجميل والشامبو وكريمات الوقاية من الشمس أو الصابون يمكن أن يكون لها قيمة حامضية أعلى أو أقل من الحامضية الطبيعية للبشرة، قال كيت والين راسل المؤسس المشارك لمدرسة ميكروبيوم الجلد في الولايات المتحدة "الجلد حساس للغاية وإذا غيرت هذه الظروف الكيميائية الحيوية، فقد تقلل حقا من التنوع البيولوجي وتسبب أشياء مثل تهيج الجلد وعيوب في الحاجز الجلدي وجفاف الجلد".