ما التغيرات الهرمونية التي تحدث للرجال والنساء من عمر 20 إلى 40؟
ما هي التغيرات الهرمونية التي تحدث للرجال والنساء مع التقدم في العمر؟ وكيف يتم التعامل معها؟ وهل لها علاقة بارتفاع نسبة وفيات كورونا بين الرجال؟ وهل تلعب المناعة دورا في ذلك؟ الإجابات في هذا التقرير.
الغدد التناسلية هي المصدر الرئيسي للهرمونات الجنسية، وتتمثل في الخصيتين لدى الذكور، وتفرز هرمونات تسمى الأندروجين (Androgen)، وأهمها التستوستيرون (Testosterone)، وتقوم هذه الهرمونات بتنظيم التغيرات الجسدية المرتبطة بالتطور الجنسي. أما لدى الإناث فالمبيضان هما الغدد التناسلية، وينتجان البويضات ويفرزان الهرمونات الأنثوية: الإستروجين (Estrogen) والبروجسترون (Progestogen).
التغيرات الهرمونية لدى الرجال
نبدأ مع التغيرات الهرمونية لدى الرجال، حيث يقول موقع مايوكلينيك إن إنتاج هرمون الذكورة "التستوستيرون" والهرمونات الأخرى ينخفض عند الرجال على مدى سنوات عديدة ولا تكون العواقب واضحة بالضرورة، وهذا يختلف عن النساء، حيث تنتهي الإباضة وينخفض إنتاج الهرمونات خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا، وهو ما يعرف بسن اليأس.
عند الرجال يسمى هذا الانخفاض التدريجي في مستويات هرمون التستوستيرون "قصور الغدد التناسلية المتأخر" (late-onset hypogonadism) أو "انخفاض هرمون التستوستيرون المرتبط بالعمر" (age-related low testosterone)، وإن السن المرتبط بهذا الانخفاض عادة هو الـ40.
كيف يمكن التعرف على مستويات هرمون التستوستيرون المنخفضة؟
تنخفض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجل في المتوسط بنحو 1٪ سنويا بعد سن الـ40. ولكن معظم الرجال الأكبر سنا، لا تزال مستويات هرمون التستوستيرون لديهم ضمن النطاق الطبيعي، مع ما يقدر بنسبة 10٪ إلى 25٪ فقط لديهم مستويات تعتبر منخفضة.
وفي الأغلب تمر مستويات هرمون التستوستيرون المنخفضة لدى الرجال الأكبر سنا من دون أن يلاحظها أحد، وكثير من الرجال الذين لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون لا يعانون أي أعراض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العلامات والأعراض المرتبطة بانخفاض هرمون التستوستيرون ليست خاصة بانخفاض هرمون التستوستيرون، إذ يمكن أن تحدث أيضا بسبب عمر الشخص أو استخدام الأدوية أو حالات أخرى، مثل وجود مؤشر كتلة جسم يبلغ 30 أو أعلى، وذلك وفقا لمايوكلينك.
ومع ذلك، تشمل العلامات والأعراض التي توحي بانخفاض هرمون التستوستيرون ما يلي:
- انخفاض الرغبة الجنسية
- ضعف الانتصاب
- عدم ارتياح أو حدوث تورم في الثدي
- العقم
- تراجع طول الرجل
- انخفاض كثافة المعادن في العظام
- الهبات الساخنة أو التعرق
- انخفاض الطاقة والتحفيز
- تراجع المزاج والاكتئاب
- ضعف التركيز
- النعاس المتزايد
- اضطرابات النوم
- فقر الدم الخفيف غير المبرر
- انخفاض حجم العضلات وقوتها
- زيادة دهون الجسم
ما العلاج؟
وفقا لمايوكلنيك، تختلف التوصيات المتعلقة بعلاج التستوستيرون للرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون المرتبط بالعمر. ففي عام 2020، أوصت الكلية الأميركية للأطباء بأن يفكر الأطباء في بدء علاج هرمون التستوستيرون لدى الرجال الذين يعانون من خلل وظيفي جنسي ويريدون تحسين وظائفهم الجنسية، بعد شرح المخاطر والفوائد.
يوصي بعض الخبراء أيضا بتقديم علاج التستوستيرون للرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون المرتبط بالعمر دون ظهور علامات أو أعراض.
على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث، فإن علاج التستوستيرون قد يحفز نمو سرطان البروستات النقيلي وسرطان الثدي. وقد يزيد علاج التستوستيرون أيضا من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية ويساهم في تكوين جلطات الدم في الأوردة.
قبل البدء بالعلاج ناقش الخيارات العلاجية مع طبيبك وفوائدها لوضعك ومخاطرها المختلفة.
التغيرات الهرمونية لدى النساء
في تقرير نشره موقع "ماري كلير" في نسخته الروسية، تقول خبيرة التغذية وأخصائية الغدد الصماء، أوكسانا ميخاليفا، إن التغييرات الهرمونية ترتبط أساسا بالبرمجة الجينية التي يولد بها الإنسان، ولكن جسم المرأة يتأثر أيضا بعدد من العوامل الأخرى مثل نمط العيش والبيئة والتغذية والأمراض والتدخلات الطبية.
وتمر المرأة بتغيرات هرمونية يمكن ملاحظتها في مراحل مختلفة:
سن العشرين
توضح الكاتبة أن الفتيات عند بلوغ مرحلة العشرينات تستقر لديهن الدورة الشهرية، حيث يفترض أن تحدث 8 مرات على الأقل سنويا.
وتضيف الدكتورة أوكسانا أن التغيرات في فترة الدورة قد تتراوح بين 3 و5 أيام بالنسبة لمن تتمتع بصحة جيدة، وإذا تجاوز التغير هذه المدة فمن الضروري التوجه إلى أخصائي الغدد الصماء أو دكتور أمراض النساء. وتنصح الدكتورة بمراقبة الأمر من خلال تدوين كل ملاحظات الدورة الشهرية في مفكرة.
وتشير الكاتبة إلى ضرورة الحذر من مختلف المشاكل الهرمونية في سن العشرينات، والانتباه إلى العوامل الجينية. فإذا كان العديد من أفراد العائلة يعانون الوزن الزائد، يجب الانتباه للسلوك الغذائي وممارسة الرياضة. والمطلوب هنا ليس التقيد بحمية قاسية، بل التصرف بوعي والتركيز على الطعام الصحي.
وإذا كان بعض أفراد الأسرة مصابين بأمراض الغدة الدرقية، يجب الخضوع للفحص الطبي بقياس مستوى هرمون منبه الدرقية، مرة على الأقل كل سنتين أو 3 سنوات.
سن الثلاثين
تتسم هذه الفترة العمرية بتوجه أغلب النساء نحو الحمل والإرضاع (في المجتمعات التي تتزوج فيها المرأة متأخرا وتنجب متأخرا، أما إذا تزوجت وأنجبت في العشرينات، فهذا أيضا ينطبق عليها).
وينصح -بشكل عام- بالتخطيط للحمل بشكل مبكر، باعتبار أن الكثير من النساء في العصر الحالي يعانين أمراض الغدد الصماء.
وفي هذا السياق، يُنصح بالخضوع لفحص دوري للتثبت من نشاط الغدد الدرقية، من أجل الانتباه إلى وجود أي مشاكل، لأن ذلك يمكن أن يعرقل أحلام المرأة في إنجاب الأطفال، بما أنه يعتبر واحدا من أسباب العقم، ويؤثر أيضا في النمو الطبيعي للجنين، خاصة خلال تشكل الجهاز العصبي. كما ينصح بقياس مستوى الغلوكوز لاستبعاد احتمالات الإصابة بمرض السكري.
وتنصح الدكتورة ميخاليفا بالخضوع لفحص مستوى الكالسيوم وفيتامين "دي" (D)، من أجل معالجة أي نقص موجود في الجسم. وبالنسبة للنساء اللواتي يعانين الوزن الزائد، يجب قبل التخطيط للحمل أن يعملن على خفض الوزن من أجل زيادة فرص حدوث الحمل، وإبعاد شبح الإصابة بسكري الحمل. إلى جانب ذلك، من الضروري الحصول على حمض الفوليك خلال فترة الاستعداد للحمل، ولمدة 12 أسبوعا بعد حدوثه.
سن الأربعين
بحلول الأربعينات، تظهر مشاكل الخصوبة، ومن المفترض أن تكون المرأة حينها قد أنجبت أطفالا وحان الوقت للاهتمام فقط بالحفاظ على صحتها الهرمونية وجودة الحياة، وفقا للكاتبة.
من المهم في هذه المرحلة الانتباه جيدا إلى انتظام الدورة الشهرية، مع اقتراب موعد انقطاع الطمث وتراجع إنتاج البويضات. وعند حدوث أي اضطرابات في هذه الوظائف يجب التوجه مباشرة إلى طبيب أمراض النساء أو أخصائي الغدد الصماء.
في هذه المرحلة، تنصح الدكتورة ميخاليفا بإجراء فحص غلوكوز الدم مرة كل 3 سنوات، للكشف عن أي اضطرابات في التمثيل الغذائي للكربوهيدرات. كما تنصح باختبار مستوى هرمون منبه الدرقية، مرة كل عامين أو 3 أعوام.
ويعد ذلك ضروريا لأن مشكلة قصور الغدة الدرقية شائعة في هذه المرحلة العمرية، ومن الممكن اكتشافها وعلاجها مبكرا، لتوقي مشاكل الشيخوخة المبكرة، وتدهور الذاكرة، والاكتئاب، وزيادة الوزن، وباقي المشاكل المرتبطة بنقص هرمونات الغدة الدرقية.
وتشير الكاتبة أيضا إلى أهمية مراقبة مستويات فيتامين دي، وتناول ما يكفي من الكالسيوم، من أجل الوقاية من هشاشة العظام.
ماذا عن تباين وفيات كورونا بين النساء والرجال؟
تقول الكاتبة ماري دوسانج في تقرير نشرته مجلة "بريس سانتي" (Presse Sante) الفرنسية، إن هناك عوامل هرمونية وجينية تفسر اختلاف الاستجابة المناعية بين الرجال والنساء، إذ ثبت علميا أن فعالية الجهاز المناعي لدى النساء أفضل من الرجال في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وهو ما يقدم تفسيرا منطقيا للتفاوت في أعداد الوفيات بين الجنسين منذ انتشار كوفيد-19.
وتؤكد الكاتبة أنه تم رصد فروق واضحة في الاستجابة المناعية بين النساء والرجال في مواجهة فيروس كورونا، إذ تشير البيانات التي تم جمعها من الصين وأوروبا والولايات المتحدة إلى إصابة الرجال والنساء بالفيروس بنسب متقاربة، لكن الرجال يعانون في أغلب الأحيان مضاعفات أكثر خطورة، ويواجهون خطر الموت بمعدل مرتين أعلى من النساء.
ووفقا للمعطيات العلمية فإنه بشكل عام، تتمتع الإناث باستجابة مناعية أكثر نشاطا، وأظهرت الأدلة أن الهرمونات الجنسية الأنثوية تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الاستجابة المناعية المتزايدة.
ومن الواضح أن للهرمونات الجنسية الأنثوية تأثيرات مميزة على الخلايا اللمفاوية التائية أو الخلايا الليمفاوية البائية أو "البالعات وحيدة النواة" (Mononuclear phagocytes). يشير وجود مستقبلات الهرمونات الجنسية على الخلايا المناعية إلى أن تأثير الهرمونات الجنسية الأنثوية على هذه الخلايا يتم بوساطة هذه المستقبلات.
نظام مناعة أقوى عند النساء
تشير دراسة نشرت في مجلة "نيتشر" (Nature) إلى أن هذه الظاهرة ترجع إلى أن التوازن المناعي عند النساء أفضل منه لدى الرجال، فعندما تحدث عدوى فيروسية، فإن خط الدفاع الأول هو المناعة الفطرية. وفي هذه الحالة، تحدث استجابة التهابية عالية الشدة لدق ناقوس الخطر، ومن ثم تجنيد خلايا متخصصة في التعرف على الأجسام الغريبة.
وهذه الخلايا هي "الخلايا الليمفاوية البائية" (B lymphocytes) المنتجة للأجسام المضادة (antibodies) و"الخلايا اللمفاوية التائية" (T lymphocytes) المسؤولة عن تدمير الخلايا المصابة.
يعني ذلك أن الالتهاب الأولي مهم لبدء العمل في مواجهة الفيروس، لكن استجابة الخلايا الليمفاوية البائية والتائية هي الخطوة الأكثر أهمية لتحييد الفيروس بشكل فعال.
الخلايا التائية.. سلاح المرأة السري
عند المقارنة بين الرجال والنساء المصابين بكوفيد-19، وجد الباحثون أن الاستجابة الالتهابية موجودة بقوة لدى أغلبية الرجال، لكن النساء لديهن مستويات عالية من الخلايا الليمفاوية المتخصصة في القضاء على الفيروس.
وقد لاحظ الباحثون انخفاض معدلات إنتاج الخلايا الليمفاوية لدى معظم الرجال، وهو ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالمضاعفات الخطيرة للمرض، في حين أن أولئك الذين تمتعوا بمستويات عالية من الخلايا التائية كانت حالاتهم أكثر استقرارا.
من جانب آخر، لاحظ الباحثون أن إنتاج الخلايا التائية لدى الرجال ينخفض بشكل كبير مع تقدم السن، على عكس النساء اللاتي يحافظن على مستويات عالية من هذه الخلايا حتى بعد سن الـ90.
ونظرا لأن الأغلبية العظمى من الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 سجلت بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 75 عاما أو أكثر، فمن المحتمل أن يكون نقص الخلايا التائية قد لعب دورا رئيسيا في ارتفاع معدل الوفيات عند الرجال الأكبر سنا، وفقا للكاتبة.