جائحة كورونا تثقل كاهل اليمنيين
يعيش المواطن اليمني في دوامة الأزمات الاقتصادية والإنسانية والعسكرية التي خلفتها الحرب الدامية منذ 6 أعوام، لتضاف إليها ويلات الموجة الثالثة من جائحة كورونا التي انتشرت في جسد ضعيف لا يقوى على المقاومة.
وتتزايد طرق الموت يوميا في بلد صارت فيه أخبار الرحيل أمرا اعتياديا، ومألوفا في ظل حرب قتلت 233 ألف شخص حتى نهاية العام 2020 حسب مفوضية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل يحتوي لقاح أسترازينيكا على مكونات من لحم الخنزير؟
لماذا عادت إصابات كورونا إلى الارتفاع؟ وطبيب يفند شبهات حول المطاعيم
هذا الدواء أنقذ حياة مليون شخص من الموت بفيروس كورونا
الأسبوع الماضي غادر أحمد مصلح الحياة بعد تعرضه لالتهابات تنفسية ولم يقو قلبه المريض على الصمود، في ظل خدمات متواضعة في المشافي التي تأثرت سلبا بفعل الحرب.
بعد أيام قضاها المواطن في العناية المركزة بصنعاء طلب منه العودة لمنزله مع أسطوانة أكسجين وبعض الأدوية، على أمل أن تتحسن حالته تدريجيا، لكن الموت كان أسرع.
دفن أحمد في أجواء اعتيادية دون اتخاذ إجراءات وقائية وحضر جنازته العشرات، واستقبل أهله العزاء في صالة ضمت المئات. إنها صورة معتادة يوميا لكثير من الضحايا.
تكتم.. لامبالاة
هذا الوضع ليس غريبا على بلد يستهين فيه الناس بخطورة الوباء بعد أن طحنتهم الصراعات والأزمات، فنجد الأسواق مزدحمة، وأماكن التجمعات خالية من أية إجراءات وقائية.
ويبقى هم المواطن الأول توفير لقمة العيش ومستلزمات الحياة الضرورية، غير مبال بمخاطر الأوبئة في واقع تستوطنه أسوأ أزمة إنسانية حسب الأمم المتحدة.
ورغم إعلان وزارة الصحة التابعة للحكومة الشرعية عن إصابات يومية بمناطق سيطرتها، تستمر سلطة الحوثيين في سياسة التكتم عن حالات الإصابة والتي اتخذتها حكومتهم حسب مسؤول بوزارة الصحة في صنعاء.
المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب سياسة تكتم تتخذها حكومة الحوثيين بصنعاء، أوضح أن القدرة الاستيعابية استنفدت في بعض المشافي، مما جعل الوزارة تفكر في فتح أقسام استقبال في مشاف جديدة، مشيرا إلى وجود نقص في مسحات الفحص، وأدوات الوقاية الشخصية للكادر الطبي والصحي، ونقص في الأدوية بسبب الحصار.
وتحدث عن تأثير انعدام المشتقات النفطية بسبب الحصار على أداء المشافي والعنايات المركزة، وأجهزة التنفس، مطالبا بضرورة السماح للسفن المحتجزة من الدخول إلى ميناء الحديدة.
وعقب الجائحة الأولى قالت السلطة الحوثية بصنعاء إن إستراتيجية "لا تهويل ولا تهوين" بعدم نشر حالات المصابين كانت من أجل رفع معنويات المواطنين، وزيادة مناعتهم النفسية دون تخويفهم من الوباء.
واعتبرت الوزارة (التابعة للحوثيين) حينها أن هذه السياسة نجحت في مواجهة الأوبئة والتقليل من الضغط النفسي على المواطنين سواء المصابين بالفيروس أو المشتبه بإصابتهم، وهي السياسة المتبعة حتى اليوم في مناطق السيطرة.
الأطباء يفقدون 115 كادرا
في السياق ذاته، يؤكد الدكتور محمد المهيوبي نائب نقيب الأطباء والصيادلة اليمنيين تفشي الوباء في مختلف المدن بما فيها صنعاء، ومناطق سيطرة الحوثيين التي تعتمد السلطات فيها سياسة التكتم عن الحالات.
ويضيف المهيوبي -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك حالات في مراكز العزل بالمستشفيات، بينها 4 أطباء مصابين في العناية المركزة.
ويفيد أن القطاع الصحي منهار وإمكانيته ضعيفة، مؤكدا أن "الجيش الأبيض" قدم 115 "شهيدا" حتى الآن في ظل ظروف عمل تفتقد لأدوات الوقاية وإجراءات السلامة.
ويقول المهيوبي إن الأطباء والصيادلة هم الأكثر عرضة للإصابة بسبب احتكاكهم بالمرضى، في ظل إجراءات وقائية ضعيفة بالقطاع الطبي والعنايات المركزة.
ويرجع هذا الضعف إلى الانهيار الذي تعرض له القطاع الطبي بفعل الحرب التي خلفت وضعا مأساويا في مختلف المحافظات.
وتبقى الإمكانيات محدودة في حال تفشى الوباء بشكل واسع، وقد تعجز المشافي عن استقبال الحالات حسب أطباء أوضحوا أن مستشفى الكويت بصنعاء مجهز بطاقة استيعابية تقدر بـ 300 سرير، إضافة إلى 20 سريرا بالعناية المركزة و21 جهاز تنفس صناعي.
الأطباء أوضحوا للجزيرة نت أن القدرة الاستيعابية لمركز العزل في مستشفى فلسطين بصنعاء 18 سريرا منها 6 للعناية المركزة، إضافة إلى 16 وحدة عناية مركزة لاستقبال الحالات الحرجة، و70 سريرا لحالات الرقود، و10 لحالات الطوارئ.
ضعف المواجهة
يقول الدكتور عبد الله دحان نائب وزير الصحة بالحكومة الشرعية إن الحديث عن الوباء ليس لبث الرعب لدى المواطنين، وإنما لرفع مستوى الوعي الصحي لديهم ليتحاشوا الإصابة وللحفاظ على عدم انتشار الوباء.
وشدد نائب الوزير -في حديثه للجزيرة نت- على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تحول دون الإصابة بالوباء أو تسبب انتشاره ونقله للآخرين.
وقال إن النظام الصحي يمر بأزمات متعددة جراء الحرب الدائرة، مما تسبب بإضافة المزيد من الأعباء، وقد يساهم في ضعف القدرة على مواجهة الاحتياجات المتزايدة في حال انتشر الوباء ووصوله إلى مرحلة الانتشار المجتمعي.
وأشار دحان إلى أن التعامل مع التداعيات والمضاعفات، التي لو طالت الفئات الأكثر تضررا، فقد يساهم في عدم القدرة على احتواء الوباء ومعالجة مضاعفاته.
وتحدث عن الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة والسكان -التابعة للحكومة الشرعية- مثل رفع جاهزية المؤسسات الصحية المختلفة خصوصا مراكز العزل والمستشفيات في مختلف المحافظات، والعمل على توفير أجهزة التنفس الصناعي التي تساعد في تخفيف حال الحالات الحرجة، والتقليل من احتمالات الوفاة.
ويشير دحان إلى أن وزارة الصحة عملت، بالتعاون مع الشركاء الصحيين في الإقليم والعالم، على توفير أجهزة التنفس الصناعي وتدريب الكوادر الطبية العاملة بهذه المراكز.
ويضيف "نعمل جاهدين على توفير وسائل الحماية الشخصية للكوادر الصحية في مختلف المراكز والمستشفيات".
خطة اللقاحات
يوضح دحان أن الحكومة عملت، عبر اللجنة الوطنية للطوارئ، على إقرار خطة اللقاحات بغرض توفير ملايين الجرعات من اللقاحات المضادة للوباء كوسيلة فاعلة لجأ إليها العالم للحد من احتمالات الإصابة ومنعها، وتقليل التداعيات المصاحبة، ولدفع الناس للعودة إلى الحياة الطبيعية دون خوف من احتمالات الإصابة.
وأكد أن الحكومة ستبدأ تنفيذ الخطة فور وصول أول شحنة من اللقاحات المنتظرة نهاية مارس/آذار الجاري، وسيتم تنفيذها على الفئات المستهدفة التي تم تحديدها بدقة حسب الأولوية.
وأكد نائب الوزير أهمية تضافر الجهود لمواجهة الاحتياجات المتزايدة للقطاع الصحي، واستمرار وزيادة الدعم المقدم من الأشقاء والأصدقاء.