ما نسبة المناعة المتكونة بعد الإصابة بكورونا؟
توصلت دراسة دانماركية إلى نسبة المناعة المتكونة بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فما هي؟ وما المعطيات المتوافرة لدينا عن السلالة المتحورة البروتانية (Breton variant) من فيروس كورونا التي تم اكتشافها في فرنسا؟
وهل فعلا لا يمكن اكتشافها عن طريق فحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل" (Polymerase chain reaction)، وهل هي قابلة للانتشار؟ وما درجة خطورتها مقارنة ببقية السلالات المتحورة؟ الأجوبة في هذا التقرير الذي يلخص آخر المعطيات العلمية والدراسات حول كورونا.
اقرأ أيضا
list of 4 items3 أمور يسمح لك القيام بها بعد تلقيك لقاح كورونا
هذه الدول علقت استخدام هذا اللقاح المضاد لكورونا بسبب مخاوف من حدوث جلطات
وكالة الدواء الأوروبية: لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا آمن وفعال
نبدأ من الدانمارك، حيث توصلت دراسة واسعة نشرت نتائجها الخميس إلى أن تكرر الإصابة بكورونا نادر، لكنه أكثر شيوعا لدى من تجاوزوا 65 عاما، كما لم تجد الدراسة -التي نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية- أي دليل على تراجع المناعة خلال مدى يتراوح بين 6 و7 أشهر.
واستعمل البروفيسور في معهد ستاتنس سيروم (كوبنهاغن) ستين إثيلبرغ وزملاؤه في دراستهم معطيات مستقاة من إستراتيجية فحوص "تفاعل البوليميراز المتسلسل" المجانية التي تبنتها الدانمارك عام 2020، وخولت فحص نحو 4 ملايين شخص (69% من إجمالي سكان البلاد).
وتوصلت الدراسة إلى أن المناعة المتكونة إثر الإصابة بالفيروس تبلغ 80% في صفوف الأصغر سنا، مقابل 47% فقط لدى الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما وأكثر، وفق الدراسة التي نشرت في مجلة "ذي لانست" (The Lancet)، وتشمل مقارنة بين نتائج فحوص "بي سي آر" (PCR) خلال الموجة الوبائية الأولى (بين مارس/آذار ومايو/أيار 2020) والموجة الوبائية الثانية (بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2020) في الدانمارك.
وتطرق الباحثون أيضا إلى المناعة لدى عناصر الطاقم الطبي، بسبب ارتفاع مخاطر تعرضهم للفيروس، وقدروا أنها تبلغ 81.1%، وهو مستوى قريب للنتائج التي توصلت لها دراسات سابقة.
وأشار الباحثون الدانماركيون إلى أنهم "لم يجدوا أي اختلاف" في مستوى المناعة من تكرر الإصابة لدى الجنسين، كما لم يجدوا أي دليل على تراجع المناعة على مدى يتراوح بين 6 و7 أشهر.
واهتمت الدراسة بنسخة كوفيد-19 الأصلية، ولم تتناول نسخه المتحورة.
ويوضح الرسم التالي "روزنامة" مريض كورونا، أي ما يحدث له من اليوم الأول من الإصابة وحتى الشفاء، ومتى يصبح غير معد. ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول سير المرض اضغط على هذا الرابط.
السلالة المتحورة البروتانية.. أين ظهرت؟ ومتى؟
في التقرير الذي نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، تقول الكاتبة جين سينشال إنه في يوم الاثنين 15 مارس/آذار الجاري، أعلنت المديرية العامة للصحة في فرنسا -في بيان صحفي- عن "اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا في منطقة بروتاني (شمال غربي فرنسا)"، ولم تتمكن اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل من رصدها.
للوهلة الأولى، قد تبدو هذه المعلومات مقلقة، لكن المديرية العامة للصحة أكدت أن "التحليلات الأولى لهذه السلالة المتحورة الجديدة ليس بخطورة السلالات الأخرى، وأن قابلية انتشارها محدودة".
وأشارت الكاتبة إلى أنه تم اكتشاف "سلالة متحورة في منطقة بروتاني" لأول مرة في مركز مستشفى لانيون، بعد الكشف عن عدد من الحالات في 22 فبراير/شباط الاضي، ثم بعد 3 أسابيع، ووفقا للمديرية العامة للصحة، "تم تحديد 79 حالة، بما في ذلك 8 حالات حاملة للسلالة المتحورة الجديدة".
لماذا لا يمكن اكتشاف السلالة المتحورة البروتانية بواسطة فحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل"؟
أوضحت الكاتبة أنه رغم ظهور أعراض نموذجية واضحة تشير إلى إصابة بعض الأشخاص بفيروس كورونا، فإن نتيجة الاختبارات التي أجريت على عينات البلعوم الأنفي كانت سلبية. وأوضح عالم الأوبئة باسكال كريبي، وهو مدرس وباحث في علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في كلية الدراسات العليا في الصحة العامة، أنه "يترتب عن ذلك سيناريوهان: أحدهما مطمئن والآخر مقلق".
بخصوص السيناريو "المطمئن"، فإن عدم اكتشاف الفيروس في الشعب الهوائية العليا، يعني أنه غير موجود، وأنه هاجر بسرعة إلى الرئتين. لكن هذا يعني أيضا أنه سيكون أقل عدوى، لأن المسار الرئيسي للعدوى -الهباء الجوي- سيكون أقل.
أما في إطار السيناريو المقلق، فتثبت النتائج السلبية لفحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل"، أو أيضا أن الفيروس قد تحور بدرجة كافية بحيث لا يمكن اكتشافه، وهو ما من شأنه أن يمثل مشكلة حقيقية في تشخيص الإصابة، لأنه لا يمكن تتبع حالات الإصابة أو كشفها بسهولة.
وإن كان باسكال كريبي رجح السيناريو الأول، لأن الفيروس "اكتشف في الرئتين بمجرد إجراء الفحوص العميقة"، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: "كيف انتقل بين هؤلاء الأشخاص إذا كان أقل عدوى؟"
هل يمكن أن تنتشر السلالة المتحورة البروتانية في مناطق أخرى؟
يوضح باسكال كريبي أنه "إذا لم نتمكن من الكشف عن إحدى السلالات المتحورة، فهذا قد يعني أنها انتشرت في مناطق أخرى بالفعل من دون أن ندرك ذلك". إن التحقيق في هذه الكتلة الفيروسية جار لعدة أسابيع، وقد اتخذت السلطات المحلية والمحافظات ووكالة الصحة الإقليمية تدابير للحد من انتشار الفيروس، لا سيما من خلال "تسريع التطعيم، والتذكير بأهمية الحفاظ على التباعد الجسدي والحد من التجمعات، كما تم إجراء مراقبة وبائية للسكان.
وحذرت السلطات الفرنسية من ظهور أعراض محتملة لدى السكان المحيطين، لكن لم يتم الاشتباه في أن هذه الحالات حاملة للسلالة المتحورة الجديدة". وحسب قوله، يبدو الوضع تحت السيطرة.
عدوى موسمية
لم تستبعد الأمم المتحدة الخميس أن يصبح انتشار كوفيد-19 موسميا، لكنها أوضحت أن البيانات لا تزال غير كافية لاقتراح الاعتماد على الطقس وجودة الهواء لتكييف تدابير مكافحة الجائحة.
وشكّلت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة فريق عمل يضم 16 خبيرا لدراسة تأثير عوامل الأرصاد الجوية وجودة الهواء على انتشار الفيروس.
وقدّر الخبراء في تقريرهم الأول أن موسمية الأمراض الفيروسيّة التنفسيّة التي تتفاقم في ذروة موسم البرد توحي بأن كوفيد-19 "سيكون على الأرجح مرضا موسميا إذا استمر عدة أعوام".
كذلك أظهرت الدراسة أن انتشاره "قد يصير موسميا بمرور الوقت، مما يشير إلى أنه قد يكون من الممكن الاعتماد على عوامل الأرصاد الجوية وجودة الهواء لرصد المرض وتوقعه" في المستقبل.
لكنهم اعتبروا أن من المبكر الاعتماد على العوامل الجوية ونوعية الهواء، وأشاروا إلى أن آليات التحكم في انتشار فيروس كوفيد-19 العام الماضي "ارتكزت بشكل رئيسي على التدخلات الحكومية وليس على عوامل الأرصاد الجوية".
واعتبر بن زيتشيك المدير المشارك لفريق الخبراء والأستاذ بجامعة جونز هوبكنز أنه "في هذه المرحلة، لا تدعم البيانات المتاحة استخدام الحكومات عوامل الطقس وجودة الهواء لتخفيف تدابير الحد من العدوى".
وأضاف في بيان "في العام الأول للوباء، لاحظنا موجات من الإصابات في مواسم دافئة وفي المناطق الدافئة، ولا يوجد دليل على أن ذلك لن يتكرر في العام المقبل".
وأوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه بينما وجدت الدراسات المختبرية بعض الأدلة على أن الفيروس يعيش فترة أطول في الظروف الباردة والجافة، فإنه لم يتحدد بعد إذا كان لعوامل الطقس تأثير كبير على معدلات العدوى في ظروف واقعية.
وخلص فريق المختصين إلى أنه لا توجد بعد أدلة قاطعة حول تأثير العوامل المرتبطة بنوعية الهواء.
ورغم وجود معطيات أولية بأن سوء جودة الهواء يرفع معدلات الوفيات، أشار الخبراء إلى أنه لم يثبت أن التلوث له تأثير مباشر على الانتشار عبر الهواء لفيروس كورونا.