أئمة مساجد بأميركا ينصرون العلم ويدعون للتطعيم

عندما واجه المسؤولون الصحيون في مينيسوتا في الولايات المتحدة أكبر تفشٍ للحصبة منذ عقود، كانوا يعلمون أن كسب ثقة المجتمع أمر حاسم، واستعانوا بأئمة مسلمين لدعوة المسلمين الصوماليين إلى تطعيم أبنائهم ضد المرض.

وكان الأميركيون الصوماليون في الولاية يطعمون أطفالهم أكثر من غيرهم من سكان مينيسوتا، إلا أن المعدل انخفض بين عامي 2004 و2014 من 92% إلى 40%. وقد ربط المسؤولون ذلك بالزيارات المدفوعة للمجتمع المحلي من قبل ناشطين مناهضين للتطعيم، يستندون في ادعاءاتهم على دراسة ظهر أنها مزورة.

ولمساعدة الدولة على إيصال رسالتها بشكل أكثر فعالية، طلب المسؤولون في مينيسوتا المساعدة من قادة المجتمعات المحلية، ولا سيما أئمة المساجد.

ويقول أحد الأئمة الذين كان دورهم مركزيا في الحملة، شريف عبد الرحمن، في مسجد دار الهجرة في حي سيدار ريفرسايد في مينيابولس، إنه كان قادرا على مناشدة الناس عبر الدين والعلم على حد سواء.

وقال "تقول الآيات في القرآن.. إذا لم تكن تعرف الموضوع، فاطلب نصيحة من الأشخاص الذين يعرفون الموضوع جيدا" (الأطباء والهيئات الصحية).

وخلصت دراسة نشرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA) إلى أن الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح كانوا السبب الأكثر احتمالا للزيادة المطردة في معدل الإصابة بالحصبة وتفشي المرض في الولايات المتحدة.

من أين أتى الادعاء بأن التطعيم يؤدي إلى التوحد؟

يعود هذا إلى عام 1998 عندما نشر الطبيب أندرو وكفيلد دراسة في المجلة الطبية البريطانية "لانسيت" وشملت 12 طفلا مصابا بالتوحد، وزعم فيها أن المطعوم الثلاثي (MMR) الذي يعطى ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية قد يؤدي إلى الإصابة بالتوحد.

وبعد نشر الدراسة تم إجراء مراجعات لها، وتبين الآتي:

  • المراجعون وصفوا البحث بـ"تزوير متقن".
  • تم إجراء أبحاث لاحقة، لكن لم ينجح أي منها في إثبات مزاعم وكفيلد.
  • في عام 2010 سحبت مجلة لانسيت الدراسة.
  • في العام نفسه تم سحب ترخيص وكفيلد لممارسة الطب في المملكة المتحدة.

وفي قرار المجلس الطبي البريطاني بسحب ترخيص وكفيلد قال المجلس إن وكفيلد كان بإمكانه التراجع عن نتائج بحثه والاعتراف بوجود إشكاليات، ولكنه لم يفعل وتصرف بصورة غير صادقة وغير مسؤولة.

ورغم ثبات بطلان مزاعم وكفيلد فإن هذه الدراسة ما زال يستخدمها معارضو التطعيم لدعم مزاعمهم التي كثيرا ما يجري تقديمها مع مزاعم بوجود "مؤامرة" من قبل جهات معينة أو شركات الأدوية التي تصنع التطعيمات ولا تريد للناس معرفة الحقيقة للحفاظ على أرباحها على سبيل المثال.

ويشكل الزعم بأن التطعيم يؤدي إلى التوحد خدعة كبرى للناس وجريمة بحق المجتمع، فهو يمنعهم من إعطاء التطعيمات لأبنائهم، مما سيؤدي إلى تفشي الأوبئة والأمراض، ويعد تفشي مرض الحصبة في ولاية كاليفورنيا الأميركية في عام 2015 مثالا على ذلك.

المصدر : إندبندنت + الجزيرة