انتقاد للإعلام بلبنان لتقديمه "مشعوذين" بالطبابة

ينتشر ما يسمى بالطب التقليدي (الشعبي) في لبنان بحكم التنشئة الاجتماعية من جهة والترويج الإعلامي من جهة أخرى، وهو أمر مثار انتقاد من قبل البعض الذين يرون أن بعض وسائل الإعلام تقدم مشعوذين يمارسون التنجيم على مستوى الطبابة.
ويقوم الطب الشعبي بشكل أساسي باستخدام الأعشاب في علاج الأمراض والأوجاع، لكنه لا يخضع للدليل العلمي. ويندفع معظم اللبنانيين، بغض النظر عن مستوياتهم المعرفية، إلى تجريب بعض الأعشاب لمجرد سماع خبر عن فعاليتها.
ويشير مصطلح الطب الشعبي إلى المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء عبر التنشئة الاجتماعية، وهي ممارسات عرفتها مختلف الثقافات واستخدمت للوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية. ويُشار إلى هذا الطب في بعض البلدان بمصطلح "الطب البديل" أو "الطب التكميلي".
وقال عميد معهد العلوم الاجتماعية الدكتور يوسف كفروني إن النمط المعرفي السائد في المجتمع اللبناني لا يزال نمطا غيبيا خرافيا سحريا، وهو الذي يحكم نمط المعرفة الصحيّة، في حين لا نزال بعيدين عن نمط التفكير العلمي.
وتابع كفروني أن وسائل الإعلام تساهم في تعزيز النمط المعرفي التقليدي الغيبي الخرافي والسحري، فلا نجد على وسائل الإعلام سوى المشعوذين الذين يملؤون الشاشات على مستوى التبصير والتنجيم أو على مستوى الطبابة.
وأضاف أن ضعف الواقع الاجتماعي وترديه وعدم قدرة اللبنانيين على تحقيق إرادتهم بذاتهم تجعلهم عرضة لكلّ هذه الخزعبلات ولا سيما في مجال الطب.
وأوضح أن هناك العديد من الأعشاب في لبنان لها منافع لصحة الإنسان، وقد تمّ اكتشافها واستخدامها عبر السنين لكنها لم تخضع للاختبار العلمي لمعرفة مكوناتها، وقد تكون فيها مواد مضرة إلى جانب المفيدة، وهنا تكمن الخطورة، فالمعرفة إما تكون علمية وإما مرتبطة بالغيب.
وقال طبيب الطوارئ محمد ناصر الموسوي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، إن الطب الحديث هو الطب المستوحى من "أبو قراط" وهو يستند إلى النظرية العلمية والأدوية المعتمدة كعلاج خاضع للدراسة عبر إثبات فعاليتها، ويعتمد الطب الحديث على الأبحاث السريرية، ولكن 80% من الأدوية التي يصفها الأطباء كعلاج مأخوذة من الأعشاب بعد أن يتم إخضاعها لعملية تصفية من المواد الأخرى الموجودة فيها والتي لا يحتاجها الإنسان وقد تكون مضرة بصحته.

أزمة
وتابع الموسوي أن طب الأعشاب يشهد أزمة تتمثل في عدم الاعتماد على دليل علمي واضح في أي علاج يعتمد على الأعشاب، فقد يصف البعض النعناع لوجع البطن ولكن النعناع قد يكون أيضاً محرضاً على التقيؤ.
وقال إن العديد من اللبنانيين يندفعون باتجاه طب الأعشاب، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في ذهنية الناس من جهة، وفي الترويج لبعض الأعشاب بهدف الإفادة المادية من جهة ثانية، وذلك في ظل غياب دور الدولة التي ينبغي أن تنظم هذا النوع من الطب، كما عليها أن تضع القوانين المنظمة لعملية التداوي بالأعشاب.
ورغم التقدم والتطور الذي يحكم الدراسات في مجال الطب، فإن أنصار الطب الشعبي يقولون إن مكانته تبقى محفوظة في عدد كبير من المجتمعات ومنها المتقدمة. أما معارضوه فيقولون إن اليأس والأوجاع قد تدفع الإنسان إلى خوض غمار المجهول وتجريب هذه العلاجات.