الخلايا الجذعية.. أمل علاجي له حدود
لا يمر أسبوع لا نسمع فيه عن بحث جديد يستند إلى الخلايا الجذعية ويعد بتوفير علاج لمرض معين، مما يبعث الأمل في نفوس المصابين بأمراض استعصت على الشفاء، ومع ذلك فإن هذه التقنية لها إمكانيات معينة ولا تستطيع علاج جميع العلل، مما يتطلب فهم طبيعة المرض أولا وعدم تعليق آمال عريضة عليها أو غير منطقية.
كما تبرز تحذيرات من المبالغة في التوقعات من هذه التقنية، خاصة مع وجود مخاوف من إعطاء "أمل كاذب" للمرضى، مما قد يعرضهم للاستغلال أو الخضوع لعلاجات لا تفيد صحتهم، مما يستلزم أيضا التثبت من الادعاءات العلاجية المعلنة، فتقنية الخلايا الجذعية في النهاية ليست علاجا سحريا.
ويشرح المدير العام لمركز العلاج بالخلايا الجذعية في الجامعة الأردنية بعمّان الدكتور عبد الهادي العبادي، أن مصطلح الخلايا الجذعية يطلق على الخلايا غير المتمايزة التي تستطيع التكاثر والتمايز في حال خضوعها لظروف معينة سواء داخل الجسم أو خارجه.
ويوضح العبادي في حديث للجزيرة نت أن هناك نوعين من الخلايا الجذعية: الجنينية التي تتميز بالقدرة على التمايز لجميع أنواع الخلايا الأخرى مثل العضلات والعظام، وغير الجنينية التي تكون قادرة على التمايز إلى أنواع خلايا أخرى ولكن بدرجات مختلفة، ويمكن أن تكون بالغة -أي خلايا بالغة ومتمايزة مثل العضلات- أو من الأجنة داخل الرحم.
نوعان من الخلايا الجذعية
ويعزو الدكتور العبادي -وهو حاصل على اختصاص الأمراض الباطنية وأمراض الدم والسرطان من جامعة مانشستر في بريطانيا- وجود اهتمام عالمي بموضوع الخلايا الجذعية إلى سببين رئيسيين:
– الأول، كون البحث في بعض أنواعها يعتبر محرما بشكل مطلق في بعض الديانات، وفي ديانات أخرى تكون الحرمة بدرجة أقل.
– السبب الثاني هو أن هذا الموضوع حديث جدا ولم يسبق أن تطرق إليه علم الطب قديما، ومن هنا تعتبر الآفاق المؤمل فتحها لا حدود لها.
ويشير العبادي إلى أن الدراسات والأبحاث ستبقى متواصلة لعقود عديدة قادمة لتحديد أنجع الطرق لاستكشاف هذه الخلايا ومعرفة الأمراض التي يمكن علاجها بهذه الخلايا ومدى هذا العلاج وفعاليته، مضيفا أنه إذا ما استثنينا زراعة نخاع العظم -التي هي قائمة منذ عشرات السنين وتعتبر نوعا من العلاج بالخلايا الجذعية وتستخدم لعلاج سرطانات الدم والعقد اللمفاوية وضمور نخاع العظم وبعض أمراض الدم الموروثة- فقائمة الأمراض التي يمكن علاجها بالخلايا الجذعية طويلة.
ولدى سؤالنا الدكتور عن طبيعة الأنسجة التي يمكن تصنيعها خارج الجسم لعلاج بعض الأمراض، أجاب بأنها تشمل أنسجة الطبقة المخاطية للقرنية، والمثانة البولية، وغضروف القصبة الهوائية، وغضروف الركبة، وطبقة البشرة من الجلد. كما يمكن تصنيع خلايا لعلاج بعض الأمراض مثل التصلب اللويحي وأمراض التهابات الأمعاء المناعية المزمنة، وأمراض غضروف الركبة، وأمراض صمامات البول والغائط، وأمراض عضلة القلب، وبعض أمراض العضلات الموروثة، مع الإشارة إلى أن القائمة تزداد كل شهر.
العبادي أشار إلى أنه توجد أمراض لا يمكن لتقنية الخلايا الجذعية علاجها لحد الآن، مثل الشلل وقطع الحبل الشوكي والرجاف والخرف والسكري والعمى الصبغي، لافتا إلى أن الأبحاث مستمرة لتذليل العقبات المتعلقة بذلك |
أمراض لا يمكن علاجها لحد الآن
ويلفت الدكتور إلى أنه مع ذلك توجد أمراض لا يمكن لتقنية الخلايا الجذعية علاجها لحد الآن، مثل الشلل وقطع الحبل الشوكي والرجاف والخرف والسكري والعمى الصبغي، مشيرا إلى أن الأبحاث مستمرة لتذليل العقبات المتعلقة بذلك.
وعند توجيهنا السؤال للدكتور العبادي بشأن الفاصل بين الحقيقة والخداع في الخلايا الجذعية، خاصة مع مخاوف لدى البعض من تضخيم دورها بشكل قد يعطي أملا كاذبا للمرضى، أجاب بأن هناك الكثيرين الذين قد يستغلون حاجة الناس لعلاج أمراض عصية على الطب فيسوقون بدائل وهمية من الخلايا الجذعية وذلك لغايات تجارية ربحية، مؤكدا أن الحذر واجب والحيطة أساسية قبل الإقدام على قبول العلاج.
وردا على من يقول إن أبحاث الخلايا الجذعية حرام، أكد مدير مركز دراسات الخلايا الجذعية أن "الشريعة الإسلامية فيها من السماحة والانفتاح الشيء الكثير، وقد أوضح علماء الشريعة الحرام والحلال في هذا الجانب، وجميع التطبيقات العملية المنضبطة تقع في حدود الحلال".
ولفت العبادي إلى أن أبحاث الخلايا الجذعية ما زالت قليلة ومحدودة في العالم العربي. وأشار إلى أنه يتوقع أن تستطيع تقنية العلاج بالخلايا الجذعية حل غالبية مشاكل الأمراض خلال العقود القليلة القادمة.