تخوف بألمانيا من وباء إي كولاي

خالد شمت-برلين
فشلت الجهود المكثفة للسلطات الصحية الألمانية في التوصل إلى مصدر عدوى بكتيريا إي كولاي المعوية الخطيرة المنتشرة في البلاد، وحذر معهد روبرت كوخ للأبحاث والتحاليل الطبية في برلين من تحول العدوى إلى وباء، كما جدد مسؤول طبي في برلين الحديث عن احتمال تخليق البكتيريا القاتلة بدافع إجرامي.
وارتفع عدد المصابين في ألمانيا بعدوى إي كولاي إلى أكثر من 2200 شخص، منهم 520 يعانون من أعراض مرضية شديدة حسب التقديرات الرسمية، وأعلن السبت في ولاية تورينغين الشرقية عن وفاة سيدة مسنة متأثرة بأعراض المرض مما رفع عدد الوفيات بألمانيا إلى 18.
وقال هاينر غارج وهو وزير الصحة بولاية شليزفيج هولشتاين الشمالية -التي تعد ثانية بؤر العدوى البكتيرية في ألمانيا بعد هامبورغ– إن عدد المصابين بالعدوى في ولايته وصل إلى 517 شخصا، منهم 153 يعانون من أعراض متقدمة.

مصدر العدوى
وتزامن انتشار إي كولاي في ألمانيا مع إعلان منظمة الصحة العالمية عن انتشارها في دول عديدة هي ألمانيا والنمسا والتشيك والدانمارك وهولندا وفرنسا وإسبانيا والنرويج وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة، وأشارت المنظمة إلى أن معظم هذه الإصابات حدثت لأشخاص زاروا ألمانيا.
واعتبر أحد خبراء معهد روبرت كوخ أن الانتشار المتسارع للبكتيريا المعوية ينذر بتحولها إلى وباء، وكشف تقرير نشرته أسبوعية فوكوس الألمانية عن جزم المعهد بظهور العدوى البكتيرية لأول مرة خلال مشاركة مليون ونصف مليون شخص في احتفال أقيم بهامبورغ أوائل مايو/أيار الماضي بمناسبة ذكرى تأسيس المدينة.
وذكر بيان لمعهد روبرت كوخ أنه أرسل عددا من خبرائه إلى مدينة لوبيك الساحلية الشمالية للبحث عن مصدر محتمل للعدوى البكتيرية بعد اكتشاف إصابة 17 شخصا معظمهم نساء بالعدوى جراء تناولهم طعاما في منتصف الشهر الماضي بمطعم هناك، وتوفيت إحدى المصابات.
وأشارت دراستان لمعهد روبرت كوخ والمعهد الألماني لتقييم المخاطر الصحية إلى أن 95% من المصابين ظهرت عليهم أعراض المرض بعد أكلهم طماطما أو خيارا أو خسا، وحث المعهدان المواطنين على تجنب أكل هذه الخضراوات الثلاث دون طهيها.
غسل الخضراوات لمدة ثلاثين ثانية وتقشيرها إن أمكن يقلل مخاطر العدوى |
خضراوات أم لحوم
من جانبها، أشارت المتحدثة باسم معهد روبرت كوخ د. سوزانا غلاسماخر في حديث للجزيرة نت إلى أن غسل الخضراوات الأخرى غير المشتبه في نقلها لإي كولاي لمدة ثلاثين ثانية وتقشيرها إن أمكن يقلل مخاطر العدوى.
وأضافت أن مقدارا ضئيلا من إي كولاي قادر على الإصابة بالعدوى، فضلا عن عدم تأثر هذه البكتيريا بالحموضة مما يساعدها على التسلل من المعدة والمرور عبر السائل الحامض الموجود فيها إلى الأمعاء.
ونفت غلاسماخر انتقال البكتيريا القاتلة إلى البشر من خلال أكل لحوم الحيوانات، وقالت إن كل المصابين بالعدوى ذكروا أنهم تناولوا خضراوات وليس لحومًا.
وكان المسؤول بمنظمة الصحة العالمية دانتو جيريكو قد رجح في مقابلة مع صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية انتقال العدوى من خلال وجبة لحم نيئ أوروبية تعرف باسم تترا، أو شطائر هامبورغر غير مكتملة النضج.

علاج وشبهة
وضمن محاولات السلطات الصحية الألمانية لوقف انتشار العدوى، أعلن المعهد الألماني للأوبئة والجمعية الألمانية لأمراض الكلى أنهما يدرسان استخدام عقار يحمل اسم "إي كولاي تسوماب" لعلاج المصابين بأعراض شديدة من البكتيريا المعوية.
وأشارَا إلى أن العقار المستخدم حاليا في علاج نوع نادر من أمراض الدم يمكن أن يعطى -إلى جانب غسيل الدم- لمن تتضرر كليته بتأثير بكتيريا إي كولاي.
ودعا رئيس قسم النظافة والوقاية بمستشفى فيافنتس في برلين كلاوس ديتر تساسترو السلطات الألمانية للتعامل بجدية مع فرضية "تخليق شخص مجنون لبكتيريا إي كولاي بدوافع غير طبيعية"، معتبرا أنه من الخطأ تجاهل هذا الاحتمال في ضوء مجيء البكتيريا المميتة من سلالة غير معروفة من إي كولاي.
في المقابل، أشار متحدث باسم الداخلية الألمانية إلى عدم وجود أدلة لدى حكومته على خلفيات إرهابية وراء انتشار عدوى بكتيريا إي كولاي.