دور محتمل لمناعة الأم في إصابة طفلها بالتوحد

قالت دراسة طبية حديثة إنه من المحتمل أن يكون لنشاط الجهاز المناعي عند الأمهات خلال فترة الحمل دور في إصابة أبنائهن بمرض التوحد.
وتؤكد الدراسة، التي أعدها باحثون من جامعة جون هوبكنز الأميركية، أن إنتاج الجهاز المناعي عند الأم أجساما مضادة –وهي بروتينات ينتجها الجهاز المناعي- تهاجم النسيج الدماغي للطفل بعد عبور المشيمة، قد يكون له دور محتمل في الإسهام في إصابة الطفل بمرض التوحد.
ومرض التوحد هو اضطراب عصبي تطوري ينتج عن خلل في وظائف الدماغ، وتنشأ عنه إعاقة عند الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره، وتتلخص أهم أعراضه في التأخر في تطور المهارات الكلامية واضطراب السلوك واضطراب التفاعل والتواصل الاجتماعي.
تجارب
وأجرى الباحثون تجارب على حيوانات مخبرية بهدف البحث عن مدى تأثير الأجسام المضادة لدى الحوامل في زيادة احتمال إصابة الجنين بمرض التوحد.
وحقن الدارسون مجموعة من إناث الفئران الحوامل بأجسام مضادة أخذت من أمهات لأطفال مصابين بالتوحد، كما حقنوا مجموعة أخرى بأجسام مضادة مصدرها أمهات لأطفال سليمين من هذا المرض، وحرصوا على أن تبقى بعض الإناث الحوامل دون حقن بهدف المقارنة.
وأبرزت نتائج الدراسة –التي نشرتها دورية "علم المناعة العصبي"- زيادة في نشاط الخلايا المناعية الدماغية عند الفئران، التي حقنت أمهاتها بأجسام مضادة من سيدات أصيب أطفالهن بمرض التوحد، وفقا لفحوص أجريت لهذا الغرض.
" تؤكد الدراسة أن إنتاج الجهاز المناعي عند الأم أجساما مضادة تهاجم النسيج الدماغي للطفل بعد عبور المشيمة قد يكون له دور محتمل في الإسهام بإصابة الطفل بمرض التوحد " |
سلوكات عصبية
وقام الفريق بتقييم السلوكات العصبية عند الفئران المواليد من المجموعات المذكورة في ثلاث مراحل، الأولى عقب الولادة، والثانية بعد مرور خمسة أسابيع تقريباً من عمر الفئران الصغيرة، وهي تقابل مرحلة المراهقة عند البشر، والأخيرة أُجريت عندما أصبحت تلك الفئران بالغة.
ووفقا للدراسة فإن الفئران التي تعرضت لأجسام مضادة من أمهات المصابين بالتوحد كانت أكثر قلقا وتبدي نشاطا زائدا، كما أظهرت سلوكات غير طبيعية، حيث بدت أقل مخالطة للفئران الأخرى، وأكثر تأثراً بالضوضاء، وتميل إلى قضاء الوقت في زيارة الحجرات الفارغة.
وعلى الرغم من أن الفروق بين مجموعات الفئران بدت أقل وضوحا خلال مرحلة المراهقة، فإن الأعراض المشابهة للتوحد عند تلك الفئران ازدادت مع تقدمها في العمر.
ويعلق مدير دائرة الأمراض العصبية عند الأطفال في مستشفى جون هوبكنز للأطفال البروفيسور هارفي سينغر -وهو عضو في فريق البحث- على هذه النتائج قائلا إنه من المرجح أن يكون لعدد من العوامل تأثير على نشوء هذا المرض، ومنها العوامل البيئية، وتلك المرتبطة بالمورثات، وأخرى لها علاقة بعمليات الاستقلاب، مؤكدا في الوقت ذاته أن الدراسة الأخيرة لم تكشف سوى عن واحد من هذه العوامل.