نشر خريطة الجينوم وسط خلافات تجارية!

احتفل العلماء اليوم بنشر الحلقة الأولى من خريطة الجينات البشرية، لكن أجواء الاحتفال تعكر صفوها بسبب النزاع بين الفريقين المتنافسين بشأن حرية الوصول إلى المعلومات.
وسوف تغير خريطة الجينوم، أو سفر الحياة، من الطريقة التي ينفذ بها العلماء أبحاثهم كما تبشر بإحداث ثورة في العلوم والطب.
وتظهر خريطة الجينوم أن البشر يتألفون من عدد من الجينات يراوح بين 30 إلى 40 ألف جين، أي ما يعادل ضعفي عدد الجينات الموجودة في ذبابة الفاكهة أو دودة الأرض تقريبا. لكن العديد منها يعمل بطريقة مختلفة.
إنها كنز من المعلومات، بدأ العلماء في فك ألغازه للتو. لكنهم منقسمون على بعضهم بشأن الكيفية التي ينبغي فيها توفير المعلومات.
وقال د. مايك ديكستر مدير مؤسسة ويلكوم تراست الخيرية التي مولت الأبحاث البريطانية إن خريطة الجينوم هبة إلى العالم، ويتعين توفير جميع المعلومات المتاحة عنها.
ونشر المسؤولون عن مشروع الجينوم البشري -وهو كونسورتيوم حكومي يضم مئات العلماء من جميع أنحاء العالم- الحلقة الأولى من خريطة الجينات البشرية في مجلة جورنال نيتشر العلمية. وهي متاحة للاستخدام من جميع العلماء على شبكة الإنترنت.
وعلى النقيض فإن شركة سيليرا جينومكس الأميركية نشرت عملها في مجلة جورنال ساينس مع فرض قيود على حق النشر. ويعتقد العلماء العاملون في مشروع الجينوم البشري أن تقييد حرية استخدام المعلومات المتعلقة بالخريطة الوراثية البشرية سيعيق الأبحاث الطبية، لا سيما في دول العالم الثالث.
وفي الشهرين الماضيين، اطلع العلماء على المعلومات الخاصة بالجينوم مئات الآلاف من المرات عن طريق موقع الكونسورتيوم الدولي على شبكة الإنترنت، في حين استخدمت أقل من 50 مؤسسة البيانات التي خصصتها شركة سيليرا جينومكس بمقابل مادي.
وأكد د. ديكستر أن الالتزام بمبدأ الوصول المتساوي والحر لجميع المعلومات يساعد على تقليص الهوة بين الدول الغربية الغنية والدول الفقيرة الأخرى في العالم.
وأضاف "إذا لم تكن الخريطة الوراثية للبشر متاحة إلا بمقابل مادي فإن العديد من علماء الدول النامية لن يتمكنوا من الوصول إليها، لأنهم ببساطة لا يملكون الوسائل".
وأكد جون سالستون منسق الفريق البريطاني في مشروع الجينوم الدولي أن الجينوم البشري "ليس للبيع" ولو اقتصرت الأبحاث في هذا الميدان على القطاع الخاص لكانت "عملا إجراميا".
وقال سالستون في مؤتمر صحفي "غيرنا يريد جعل الجنس البشري يدفع ثمنا باهظا للسماح له بقراءة رموز خريطته الوراثية".
وأضاف منتقدا ضمنا الأبحاث التي أجرتها شركة "سيليرا جينوميكس" الأميركية الخاصة "لكننا هنا لنقول لهم إن الخريطة الوراثية للإنسان ليست للبيع".
من جانبه دافع كريف فينتر من شركة سيليرا عن الطريقة التي تتعامل بها شركته مع نشر المعلومات الخاصة بالجينوم البشري، وقال إن المعلومات متاحة للعلماء في جميع أنحاء العالم من دون أن تكون هناك أي قيود على الاكتشافات أو على النشر.
لكنه شدد على عدم السماح للعلماء الآخرين بأخذ البيانات الخاصة بالشركة، ومحاولة المتاجرة بها عن طريق إعادة نشرها لكي تتنافس مع شركة سيليرا.