بالصور
روائع الأطلس: رحلة آسرة عبر تراث المغرب الإسلامي
صُمّم معرض "روائع الأطلس: رحلة عبر تراث المغرب" لينقل الزوار في رحلة آسرة عبر التراث المتعدد الأوجه للمغرب في عصر الإسلام. وتنقسم هذه التجربة الغامرة إلى قسم تعريفي جذاب و3 أقسام رئيسة تقدم استكشافا وفق مواضيع معينة للتاريخ الإسلامي الغني والفريد للبلاد، وروعة حرفها وتميزها، وتعرض أمثلة من تقاليدها في الموسيقى وفنون الطهي التي تعد تعبيرات ثقافية نابضة بالحياة عن تراثها غير المادي.
ويبدأ المعرض – المقام بمتحف الفن الإسلامي بالدوحة – بتقديم "وجوه" المغرب المتعددة، حيث يعرض صورا مذهلة للمناظر الطبيعية المتنوعة ونسيج البلاد العرقي والثقافي الغني. وفي هذه الصور، يلتقط مصورون مشهورون مثل برونو باربي وموس المرابط بهاء المناظر الطبيعية في المغرب، فضلا عن تقديمهم مشاهد من الحياة اليومية وصور البورتريه الآسرة.
وكان متحف الفن الإسلامي قد افتتح قبل يومين معرض "روائع الأطلس: رحلة عبر تراث المغرب"، وهو معرض بارز يستكشف تقاليد المغرب الفنية والثقافية الغنية. وحضرت حفل الافتتاح الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر ومبادرة الأعوام الثقافية. ويأتي المعرض في إطار العام الثقافي قطر-المغرب 2024، وهو تبادل ثقافي دولي صُمم لتعميق التفاهم بين الدول وشعوبها.
ويضم معرض "روائع الأطلس" نحو 200 قطعة من التحف والمخطوطات والحلي والصور الفوتوغرافية والآلات الموسيقية، يُعرض بعضها لأول مرة، ويروي المعرض تاريخ المغرب النابض بالحياة وإرثه الثقافي الباقي رغم الزمن. ويضم المعرض إعارات رئيسية من مؤسسات مغربية بارزة، مثل المؤسسة الوطنية للمتاحف والمكتبة الوطنية بالرباط. وستُتوج هذه القطع النادرة بأعمال تعرض لأول مرة من مجموعات متاحف قطر ومتحف الفن الإسلامي ومتحف لوسيل المستقبلي، منها غطاء رأس علوي مزين برصيعات ذهبية وأحجار كريمة، وحلي أمازيغية فضية، بالإضافة إلى دعامات خشبية من مبنى في فاس يعود تاريخه إلى الفترة الممتدة من القرن الـ11 إلى الـ13.
وعلى الرغم من اقتناء متاحف قطر لهذه الدعامات كل على حدة، فقد ثبت أنها تعود للهيكل نفسه أثناء عملية الترميم قبيل المعرض الذي أشرفت على تقييمه فنيا الدكتورة منية شخاب أبو دية، نائبة مدير متحف الفن الإسلامي للشؤون المتحفية، وسيقام المعرض في الفترة من الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى الثامن من مارس/آذار 2025.
وقالت شيخة النصر، مديرة متحف الفن الإسلامي "يأتي هذا المعرض تكريما للإنجازات الفنية الهائلة والمتنوعة التي حققها المغرب على مدى قرون من تاريخه الثقافي الزاخر. ومن خلال عرض قطع صنعت بحرفية عالية، من الحلي البديعة إلى قدائم المخطوطات، فإننا نقدم إطلالة نادرة من صميم التراث الفني المغربي. وندعو الزوار لاستكشاف هذه الكنوز والتأمل في التراث الثقافي الفريد للمغرب، وهو يواصل تألقه على الساحة العالمية".
وأضافت الدكتورة منية شخاب أبو دية "يقوم مفهوم المعرض على اصطحاب الزوار في رحلة لاستكشاف المغرب من خلال شعبه ومناظره الطبيعية ومساهماته العلمية ونتاجه الفني. وأثناء الإعداد للمعرض، أخذنا على عاتقنا مهمة سارّة ولكنها تتسم بالصعوبة، إذ كان علينا الاختيار من بين مجموعة كبيرة من القطع من مجموعات مقتنيات المغرب ومتاحف قطر. وسيعرض حوالي 60% إلى 70% من القطع التي يضمها هذا المعرض لأول مرة".
ويضم المعرض عملا خاصا كُلّف به الفنان نور الدين أمير، الذي يستخدم الملابس في ابتكار أعماله الفنية. وقد ابتكر أمير عملا فنيا تركيبيا من الألواح التي صنعت من مواد مغربية عضوية خام باستخدام تقنيات النسيج التقليدية.
وقال الفنان نور الدين "تحدد المواد التي أستخدمها كيفية تشكيل كل قطعة من الملابس. ويأتي هذا النهج من مهمتي المتمثلة في إيقاظ دافعنا الفطري لإعادة الاتصال بالطبيعة والأرض، وهو أمر متجذر عميقا في تراثي، وكلي حماس لمشاركته مع زوار معرض "روائع الأطلس" في متحف الفن الإسلامي".
وقد قُسِّم معرض "روائع الأطلس" إلى مواضيع مختلفة، لتسلط الضوء على ثقافات المغرب المتنوعة والمترابطة وتأثيرها المتواصل على الحياة المعاصرة. وتشمل الأقسام:
"وجوه المغرب: الطبيعة والمجتمع" يغمر هذا القسم التمهيدي الزوار في لوحات فسيفساء تشكلها صور فوتوغرافية رائعة لكل من برونو باربي وإرفينغ بن وللا السعيدي، وموس المرابط، ومنير راجي. وتقدم الصور سكان المغرب المعاصرين والمناظر الطبيعية ذات التنوع البيئي فيه، وترسم لمحة عن الحياة اليومية للمجتمعات العربية والأمازيغية وتضاريس المغرب المتنوعة.
"روح المغرب: ملوك، أولياء وعلماء" يأخذ الزوار عبر التاريخ الغني للسُّلالات الحاكمة في المغرب، وهي فترة تميزت بازدهار الدراسات الدينية والتقدم العلمي الرائد في مدينتي فاس ومراكش، وهما مركزان أساسيان من مراكز العلم. ويوضح القسم كيف أنشأ حكام المغرب، الذين ينحدرون من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بيئة خصبة للبحوث في علم الفلك والرياضيات والطب. ويضيء على الإرث الفكري لذلك العصر، ويولي اهتماما خاصة بمؤسسات التعليم العالي كجامعة القرويين المرموقة التي أسستها الرائدة فاطمة الفهرية في عام 859، والتي تعدّ أقدم جامعة في العالم تواصل منح الدرجات العلمية حتى الآن.
"نسيج التقاليد: براعة الحرف اليدوية في المغرب" هو القسم الأكبر في المعرض، وهو مخصص لاستعراض أهمية الحرف اليدوية بالنسبة للثقافات المختلفة في المغرب. ومن بين المعروضات أعمال جلدية ومنسوجات وقطع من السجاد والخزف والحُلي والمشغولات الخشبية، وهي خير شاهد على البراعة الحرفية التي ازدهرت في المغرب على مدى أجيال متعاقبة. وتعكس القطع الخزفية غنى التراث الإسلامي في المغرب، لا سيما التراث الأمازيغي والأندلسي، بينما تظهر قطع السجاد المنسوجة باحترافية فائقة، دور المغرب كملتقى ثقافي تجتمع فيه التأثيرات الأفريقية والأوروبية والشرق أوسطية. أخيرا، تظهر قطع الحُلي والأزياء، ومنها الملابس التقليدية مثل قفاطين الزفاف، كيف حافظ المصممون والحرفيون على التقاليد وكيّفوها لتلبية الاحتياجات المعاصرة. ويعتمد تصميم قاعة العرض على ورش العمل الحرفية والأسواق المغربية، مما يخلق تجربة غامرة.
"أصوات المغرب التقليدية " يقدم لنا هذا القسم مجموعة من الآلات الموسيقية، أبرزها قطع من متحف دار الجامعي المرموق في مكناس. ويحتفل بالمشهد الموسيقي الفريد للمغرب، من الألحان الكلاسيكية الأندلسية التي يتردد صداها في أثير مدن الشمال، إلى موسيقى "كناوة" الإيقاعية الجنوبية. وتساهم مقاطع الفيديو المرافقة رحلة سمعية عبر التقاليد الموسيقية المتميزة لمختلف المناطق.
أما القسم الأخير من المعرض، فيتغنى بالحرف اليدوية المغربية المعاصرة. ويضم 7 أعمال فنية كُلّف بها الفنان المغربي نور الدين أمير، الذي يبتكر أعمالا تستلهم الحرف التقليدية، غير أنها تعيد ابتكارها على شكل أعمال تجريدية جريئة جديدة تتدلى من سقف قاعة العرض، بالإضافة لعمل تركيبي ضوئي يستحضر مواد الحرف التقليدية وتقنياتها.