بعد زيادة الإصابة بسرطان الثدي لدى الشابات.. ما السن المناسب لفحص "الماموغرام"؟
"لقد آن الأوان لتتخلصي من فكرة أنكِ ما زلت شابة، وأن هذا لا يمكن أن يحدث لكِ، فهو يحدث للشابات، ويؤثر على حياتهن أيضا"، كان هذا هو جرس الإنذار الذي دقته الدكتورة ديبرا مونتيتشيولو، الخبيرة البارزة في مجال تصوير الثدي بالأشعة، "للنساء الأصغر سنا"، العام الماضي، عبر صحيفة "واشنطن بوست"، بعد أن أظهرت دراسة نُشرت في أغسطس/آب 2023، أن معدلات الإصابة بسرطان الثدي آخذة في الارتفاع بين الأميركيات الأصغر سنا.
وفي العام نفسه، أظهرت بيانات مراكز السيطرة على الأمراض (سي دي سي) تعرض النساء الأصغر سنا للإصابة بسرطانات الثدي الأكثر شراسة.
كما أشارت بيانات "جمعية السرطان الأميركية" إلى ارتفاع الإصابة بسرطان الثدي لدى الأميركيات تحت سن الأربعين بنحو 3% سنويا، في الفترة من عام 2000 إلى عام 2019، وتُعرّف جمعية السرطان الأميركية النساء الأصغر سنا بأنهن "النساء المعرضات للإصابة بسرطان الثدي، دون أن يكن لديهن تاريخ عائلي قوي أو طفرة جينية تزيد من احتمال الإصابة، كما لم يخضعن لعلاج إشعاعي للصدر قبل سن الثلاثين".
ووفقا لتقرير نشرته مجلة "ذا لانسيت" الطبية عام 2021، "يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعا، والسبب الرئيسي لوفيات السرطان بين النساء"، كما نبهت دراسة، أجريت عام 2020، إلى تزايد خطر إصابة الفئات العمرية الأصغر سنا في جميع أنحاء العالم".
تغيير المبادئ التوجيهية لفحص سرطان الثدي
لم يمر حوالي 6 أشهر على تحذيرات دكتورة مونتيتشيولو، حتى أعلنت "اللجنة العليا لخبراء الصحة الوقائية" في الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء 30 أبريل/ نيسان الماضي، أنه "يجب على جميع النساء بدءا من سن الأربعين، تصوير الثدي بالأشعة السينية كل عامين، واستمرار ذلك حتى سن 74 عاما".
وقالت اللجنة أنه وفقا لتقديراتها، "يمكن إنقاذ حوالي 20% من الأرواح من الوفاة بسبب سرطان الثدي، عن طريق بدء الفحص المنتظم من سن 40 عاما، بدلا من 50 عاما".
وقالت واندا نيكلسون، أستاذة الوقاية وصحة المجتمع بجامعة جورج واشنطن، ورئيسة اللجنة "لقد أصيب عدد أكبر من النساء في الأربعينيات من العمر بسرطان الثدي"، مُعربة عن أملها "أن تُحدث هذه التوصية فرقا كبيرا في معدلات الإصابة"، وفقا لما ذكرته شبكة "يو إس نيوز".
وقالت لورا هودجز، أستاذة الأشعة المساعدة في كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك "نتفق جميعا على أن الفحص في سن الأربعين ينقذ الأرواح بالتأكيد".
وجاءت هذه الخطوة لتمثل تحولا في نهج اللجنة تجاه سرطان الثدي، حيث كانت توصياتهم السابقة تميل إلى أن "تقرر النساء بأنفسهن بين سن 40 و50 عاما، ما إذا كن يرغبن في إجراء فحص منتظم لسرطان الثدي، بناء على عوامل الخطر والتفضيلات الفردية الخاصة بهن".
في الوقت الذي كانت توصي فيه جمعية السرطان الأميركية "بأن تتخذ النساء قرارا بشأن ما إذا كن يرغبن في بدء تصوير الثدي بالأشعة السينية بين 40 و44 عاما، ثم الاستمرار في إجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية (سنويا) حتى سن 54 عاما".
مطالبات بفحص الثدي بحلول سن 25 عاما
ورغم ما سبق، قالت "الكلية الأميركية للأشعة"، في بيان لها، إن التوصيات الجديدة الصادرة عن اللجنة العليا لخبراء الصحة الوقائية لا تزال غير كافية لإنقاذ حياة المزيد من النساء.
وأنها سوف تستمر في حث اللجنة على توصية جميع النساء بإجراء تقييم لخطر الإصابة بسرطان الثدي "بحلول سن 25 عاما"، إلى جانب استمرار تلقي النساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي فحصا سنويا بالتصوير الشعاعي للثدي بدءا من سن الأربعين".
وهو ما تؤيده دكتورة مونتيشيولو، قائلة "أعتقد أنه يجب على النساء في سن 25 الحصول على تقييم للمخاطر، أما أولئك اللاتي يتبين أنهن أكثر عرضة للخطر، فيجب أن يخضعن للفحص بانتظام".
وتأتي الكلية الأميركية للأشعة في طليعة مطوري علم الأشعة، حيث تأسست عام 1923، وتضم أكثر من 41 ألفا من أخصائيي الأشعة التشخيصية وعلاج الأورام بالإشعاع.
عوامل الخطر المتطورة
تقول إليزابيث بورغمان، رئيسة قسم الأورام النسائية في شمال كاليفورنيا، "رغم أن الوراثة عامل خطر معروف للإصابة بسرطان الثدي، لكننا نلاحظ أن معظم النساء اللاتي يصبن بسرطان الثدي في سن مبكرة، ليس لديهن سبب وراثي"، ويوضح الخبراء أنه لا توجد تفسيرات واضحة لسبب إصابة المزيد من النساء بسرطان الثدي في سن أصغر، "رغم عدم وجود خطر وراثي"، ولكن هناك عدة عوامل محتملة، منها:
-
تأخير الحمل حتى سن 35 عاما أو بعد ذلك
فقد أظهرت دراسة، نُشرت عام 2013، أن النساء اللاتي يحملن وينجبن أطفالا في سن مبكرة، يقل لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي في المستقبل، حيث يجعل الحمل خلايا الثدي أقل عرضة للتكاثر، وبالتالي أقل عرضة للإصابة بالأورام". أما الحمل بعد سن 35، فقد يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي، حيث من المرجح أن يجعل أنسجة الثدي تحتوي على خلايا متراكمة تحمل طفرات مسببة للسرطان.
-
وجود ثديين كثيفين
فبحسب مراكز السيطرة على الأمراض "سي دي سي"، فإن كثافة الثدي تعني "زيادة كمية الأنسجة الليفية، مقارنة بالأنسجة الدهنية"، حيث يُوجد ثدي كثيف أو عالي الكثافة، وآخر دهني أو غير كثيف أو منخفض الكثافة، كما أن حوالي نصف النساء البالغات من العمر 40 عاما أو أكبر، "لديهن ثديان كثيفان"؛ وكلما كان الثديان أكثر كثافة، كلما زاد خطر الإصابة بسرطان الثدي، وأصبحت نتائج التصوير بالأشعة السينية غير دقيقة.
وهو ما يؤكده موقع منظمة سوزان كومين لمكافحة سرطان الثدي، بالقول "إن النساء ذوات الثدي الكثيف للغاية أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 4 – 5 مرات، أكثر من النساء ذوات الثدي الدهني"، موضحا أن كثافة الثدي "أكثر شيوعا في الشابات والنساء النحيفات".
-
الحيض المبكر وانقطاع الطمث المتأخر
- أيضا، تعتبر بورغمان أن "الحيض المبكر وانقطاع الطمث المتأخر من العوامل المحتملة، لأن الثديين يتعرضان لهرمون الاستروجين لفترة أطول".
نمط الحياة والنظام الغذائي والوزن والظروف البيئية
تقول بورغمان "إن نمط الحياة والنظام الغذائي والوزن والظروف البيئية كلها عوامل يمكن أن تؤدي لخطر الإصابة بسرطان الثدي".