شهود يهوه.. حكم الأرض لليهود

شهود يهوه جماعة دينية تضع نفسها بين اليهودية والمسيحية، تدعم الحركة الصهيونية وتبشر بحكم اليهود للأرض. تزعم أن لديها أعضاء يفوق عددهم الثمانية ملايين وينتشرون في مختلف بقاع الأرض، وهي تتخذ من العمل الإنساني غطاء لأنشطتها ولاستقطاب أعضاء و"خدم" جدد. 

التأسيس
شهود يهوه هي مجموعة يصفها الباحثون بأنها صهيونية ترتدي ثياب المسيحية، تأسست في الولايات المتحدة عام 1874 على يد تشارلز راسل، لذلك عرفت في بداياتها بـ"الراسلية". كما عرفت بمجموعة الدارسين الجدد للإنجيل.

أما الاسم الأخير الذي اشتهرت به فهو "شهود يهوه"، نسبة إلى "يهوه" إله بني إسرائيل بحسب العهد القديم في سفر الخروج.

وعندما تولى نارثان هرمر كنور رئاسة المنظمة عام 1905، أصبحت شهود يهوه من أقوى التنظيمات.

وتتبنى هذه الجماعة -التي يوجد مقرها الرئيسي في حي بروكلين بنيويورك الأميركية- الشمعدان السباعي رمزا لها، وهو رمز الإسرائيليين الوطني.

الفكر والأيديولوجيا
يؤكد شهود يهوه أنهم يؤمنون بالإله "يهوه"، وبالكتاب المقدس الذي يعتقدون أنه رسالة للبشر، وبأن عيسى عليه الصلاة والسلام هو "ابن الله ورئيس مملكة الإله".

وبحسب موقعهم الإلكتروني فيهوه هو "إله إبراهيم وموسى ويسوع"، والكتاب المقدس "هو رسالة إلى البشر موحى بها من الله"، وهم يؤسسون معتقداتهم "على كامل أسفاره التي يبلغ عددها 66 وتشمل العهد القديم والعهد الجديد".

وبينما تقبل هذه الجماعة كل ما هو مدون في الكتاب المقدس، فإنها لا تتمسك بحرفيته معللة موقفها بالقول "نحن ندرك أن أجزاء منه مكتوبة بلغة رمزية".

وتتضارب التفسيرات بشأن اعتقاد أتباع الجماعة بخصوص التثليث (عقيدة الثالوث)، فرغم أنهم يرون أن المسيح هو المخلص و"ابن الله"، فهم يقولون إنهم يختلفون عن باقي الطوائف المسيحية إذ لا يؤمنون بعقيدة التثليث ويرون أنها "ليست مؤسسة على الأسفار المقدسة".

ويؤمن شهود يهوه أيضا بأن "مملكة الله" ستسيطر على الأرض وتسقط الحكومات، إذ إن الحكومة الحقيقية في السماء وستحل محل الحكومات البشرية، "وسيحدث هذا قريبا" بحسب نبوءات الكتاب المقدس.

وبهذه الطريقة يستغلون العقول والقلوب للتمهيد لقبول الدولة اليهودية الكبرى، ويؤكدون أن من سيقيم تلك الدولة هو السيد المسيح الذي سيحرر -بحسب معتقدهم- كل حكومات الأرض؛ ولذلك فهم يرون أن الحكم سيكون بهيكل سليمان الذي يجب بناؤه لكي يحكم اليهود العالم.

ولطالما انتصر شهود يهوه للحركة الصهيونية العالمية ودعموها، وكانت مجلتهم الرئيسية التي صدرت عام 1879 تحمل عنوان "Zion’s watch tower"، ثم تم لاحقا حذف كلمة "صهيون" (Zion) من العنوان حرصا منهم على إخفاء حقيقة نواياهم.

ويرى منتقدوهم أنهم يتعاملون بتجزيء كبير مع الكتاب المقدس، إذ لا يختارون سوى المقاطع التي تدعم وجهات نظرهم وتحبب الناس إليهم، خاصة من الطوائف المسيحية.

كذلك فإنهم لا يؤمنون بالحساب يوم القيامة، ويعتقدون أن الأخوّة الإنسانية مقتصرة عليهم، ويعادون الأديان باستثناء اليهودية على عكس ما يقولون في أدبياتهم، ويؤكد باحثون أن جميع رؤسائهم من اليهود.

والملفت أيضا أنهم يشددون على أنهم لا يؤمنون بالصليب، على الرغم من أنه من أركان العقيدة المسيحية التي تؤمن بأن المسيح خلّص المسيحيين من خطاياهم بعدما "قدّم الرب ابنه فداء لخطايا الناس".

وعن مسألة الخلاص، تقول الجماعة في موقعها الإلكتروني "لا نقدر أن نكسب خلاصنا بمجهودنا الشخصي، بل نناله بفضل الله ونعمته".

أبرز المحطات
تزعم شهود يهوه أن عدد أعضائها يتجاوز الثمانية ملايين، وهم موزعون عبر العالم في أكثر من مئتي دولة. 

ولدى شهود يهوه محفل سنوي يستمر عادة ثلاثة أيام، يحضره الآلاف من الأعضاء والمتعاطفين. وفي 2017 حمل المحفل السنوي شعار "لا تستسلموا". وتحرص المنظمة على استعراض قوتها الجماهيرية حيث تعقد المحفل السنوي في الغالب داخل ملاعب لاحتضان آلاف الحاضرين.

ويعقد الأعضاء اجتماعين "للعبادة" كل أسبوع، يتم خلالهما دراسة مقاطع من الكتاب المقدس إلى جانب مناقشات عامة، وهي تستقطب الأعضاء ليحضروا تلك الاجتماعات مجانا.

ومثل المنظمات الماسونية، تعتمد شهود يهوه على مجالات الإغاثة الإنسانية لتلميع صورتها واستقطاب أعضاء وخدم داخل الدول العربية والإسلامية تحديدا، كما أن لها مدارس وصحفا ودور نشر خاصة بها، وهي تصدر آلاف الكتب والمنشورات التي توزعها مجانا.

وفي سبيل تحقيق أهدافها، لديها تعاون وثيق مع المنظمات التي تعمل لصالح الصهيونية العالمية علنا وخفية.

وبحسب ما نشرته الندوة العالمية للشباب الإسلامي، فعضوية شهود يهوه تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- الرجاء السماوي: وهي الإدارة العليا التي يرأسها "العبد العظيم".

2- الرجاء الأرضي (أو صف جلعاد): ويضم الأعضاء الرواد والمتعاونين.

3- المبشرون: ويسمون الخدم، وهم مكلفون بتوزيع مطبوعات شهود يهوه.

ألمانيا وروسيا
في عام 2005، قضت المحكمة الإدارية العليا في برلين بمنح منظمة شهود يهوه الدينية وضع وحقوق الطائفة الدينية المعترف بها رسميا من قبل الدولة الألمانية.

وبمقتضي هذا الحكم، حصلت شهود يهوه -كطائفة دينية معترف بها وخاضعة لقانون الحق العام- على سلسلة من الحقوق القانونية، مثل جمع الدولة الضرائب لصالح الطائفة ومنحها مزايا وإعفاءات ضريبية واسعة وتمويل الخزانة العامة الألمانية لتأسيس دور العبادة الخاصة بها، إضافة لمنحها مقابر خاصة لدفن موتاها.

هذا الحكم لم يرق للكنيسة البروتستانتية الألمانية التي انتقدت بقوة اعتراف المحكمة الإدارية العليا في برلين بشهود يهوه كطائفة دينية رسمية، واعتبرت أن الاتهامات الموجهة للمنظمة بممارسة ضغوط وتهديدات على الأعضاء الراغبين في الانفصال عنها هي اتهامات حقيقية لم تؤخذ من قضاة المحكمة بجدية كافية.

في المقابل، رفضت المحكمة الروسية العليا صيف 2017 الاستئناف الذي تقدمت به "شهود يهوه" لوقف الحظر الصادر بحقها في روسيا، بعد اعتبارها منظمة "متطرفة".

وحظرت المحكمة العليا أواخر أبريل/نيسان 2017 نشاط الجماعة في روسيا بناء على طلب قدمته وزارة العدل التي اعتبرت أن لهذه الحركة "بوادر نشاطات متطرفة".

وأدى قرار الحظر إلى وقف نشاط 395 مجموعة محلية لشهود يهوه على الأراضي الروسية ومصادرة أملاكها. وتقول الجماعة إن لها في روسيا 175 ألف عضو.

المصدر : رويترز + مواقع إلكترونية