المعارضة الفنزويلية.. كفاح لإسقاط أعتى قلاع اليسار بالعالم

الموسوعة - epa05518705 Venezuelan opposition leader Henrique Capriles (C) participates in a demonstration demanding the electoral power to announce a date for the recall referendum promoted by opposition to revoke the Venezuelan President Nicolas Maduro, in Caracas, Venezuela, 01 September 2016. The protest named 'Toma de Caracas' is a manifestation convened by the party alliance Mesa de la Unidad Democratica (MUD). EPA/MIGUEL GUTIERREZ
تلح المعارضة على مطلبين يتعلقان بإجراء انتخابات عامة مبكرة ورحيل الرئيس مادورو قبل انتهاء ولايته (وكالة الأنباء الأوروبية)

"طاولة الوحدة الديمقراطية" مجموعة من القوى والأحزاب السياسية ذات توجهات يمينية -في غالبها- معارضة للنظام "الاشتراكي" الحاكم في فنزويلا. تتجمع هذه الأحزاب التي تصل إلى ثلاثين حزبا سياسيا ضمن إطار ائتلافي يطالب بإقالة الرئيس نيكولاس مادورو وتنظيم انتخابات مبكرة.

التأسيس
تأسس تجمع المعارضة الفنزويلية يوم 23 يناير/كانون الثاني 2008 من مجموعة من المنظمات السياسية المعارضة لنظام الرئيس الراحل هوغو شافيز.

ويضم تحالف المعارضة نحو ثلاثين حزبا أغلبها من اليمين، ورغم اتفاقها على معارضة النظام فهي تعاني من الفرقة والانقسام الداخلي خصوصا بين الجناح "المعتدل" يمثله إنريكي كابريليس، وآخر يوصف بالمتشدد على رأسه ليوبولدو لوبيز.

يتزعم ائتلاف المعارضة كابريليس، وهو محام ورجل أعمال كان رئيس بلدية باروتا بالعاصمة كراكاس بين أعوام 2000 و2008، هزم مرشحيْن تابعيْن لشافيز في انتخابات ولاية ميراندا.

بدأ مساره السياسي عام 1998عندما انتخب عضوا بمجلس النواب بوصفه أصغر عضو في تاريخ المجلس، وأسس عام 2000 حزب "العدالة أولا للجميع". وفي العام 2012 حقق فوزا كبيرا (64%) على مستوى الانتخابات التمهيدية للمعارضة، ثم ترشح ضد شافيز وخسر الانتخابات (2012) ثم أعاد الترشح مرة أخرى ضد الرئيس نيكولاس مادورو عام 2013.

ومن أهم قادتها أيضا ليوبولدو لوبيز، وهو سياسي اشتهر بمعاداته للتيار اليساري الحاكم وقاد ضده مظاهرات احتجاجية عدة، يعتبر من المقربين من واشنطن وأيد الانقلاب ضد شافيز، حكم عليه في سبتمبر/أيلول 2015 بالسجن 14 عاما بتهمة التحريض على العنف خلال مظاهرات للمعارضة أسفرت عن 43 قتيلا عام 2014.

ومن قادتها البارزين أيضا خوليو بورخيس رئيس البرلمان (المؤسسة الدستورية الوحيدة التي بيد المعارضة) وتم انتخابه رئيسا للبرلمان يوم 05 يناير/كانون الثاني 2017، وهو محام ومؤسس حزب بريميرو جوستيسيا المعارض، ويصفه مقربون بأنه "حذر للغاية" و"صبور".

التوجه الأيديولوجي
يضم الائتلاف عشرات القوى والأحزاب السياسية من مختلف المشارب، ولكنها بشكل عام أحزاب وقوى يمينية، تتراوح بين اليمين المتشدد ويمين الوسط، مقابل المعسكر اليساري الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة.

الأهداف
يهدف ائتلاف المعارضة إلى تحقيق جملة من الأهداف من أهمها -وفق ما يعلن- تعزيز النظام الديمقراطي وضمان حقوق الإنسان، وتعزيز السيادة الوطنية، وإيجاد مجتمع عادل وحر وتحقيق أعلى مستويات الرفاهية للمواطنين.

ومع اشتداد الأزمة السياسية والاقتصادية، أصبحت تلح على مطلبين يتعلقان بإجراء انتخابات عامة مبكرة ورحيل مادورو قبل انتهاء ولايته في ديسمبر/كانون الأول 2018.

أهم المحطات
برز الائتلاف بشكل قوي بعد رحيل شافيز، وشارك بالانتخابات الرئاسية التي جرت في العامين 2012، و2013، وفرضت السلطات عام 2017 عقوبات على أحد قادتها كابريليس، الذي نافس مادورو بانتخابات 2013 الرئاسية حيث منع في العام 2017 من ممارسة العمل السياسي.

وكان الصعود الكبير للمعارضة كان بالانتخابات التشريعية التي عرفتها البلاد عام 2015، بعد أن حققت فوزا كاسحا في تلك الانتخابات للمرة الأولى منذ 17 عاما حيث حصلت على 109 من أصل 167 عضوا بالبرلمان، ثم حصلت لاحقا على ثلاثة مقاعد لنواب كان القضاء قد علق عضوياتهم، وأصبحت بذلك تتمتع بأغلبية الثلثين (112 من أصل 167) التي تمنحها سلطات واسعة.

وقد رفض زعيم كتلة الشافيزيين في البرلمان والرجل الثاني بالنظام ديوسدادو كابيلو الاعتراف بهؤلاء النواب الجدد، وأعلن أنه سيرفع الأمر إلى المحكمة العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.

وأعلنت المحكمة العليا لاحقا يوم 12 يناير/كانون الثاني 2016 أن كل القرارات التي سيتخذها البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة ستكون باطلة، لأنه تم تنصيب ثلاثة نواب من المعارضة بالرغم من تعليق عضويتهم من قبلها.

وجاء في قرار المحكمة أنها ستعتبر كل الأعمال التي ستقوم بها الجمعية الوطنية سابقا ولاحقا -وطالما لا يزال النواب الثلاثة بالبرلمان- "لاغية".

وعدد النواب أمر حاسم بالنسبة للمعارضة، فمع 112 نائبا بدل 109 تكون المعارضة قد انتقلت من ثلاثة أخماس عدد نواب البرلمان إلى الثلثين بحيث إنها مع العدد 112 تستطيع الدعوة إلى استفتاء وحتى تقليص ولاية الرئيس.

وشكل فوز المعارضة في تلك الانتخابات انتكاسة كبرى للثورة الاشتراكية التي بدأت قبل 17 عاما بقيادة الراحل هوغو شافيز الذي كان له مفعول السحر في التعبير عن طموحات قطاع عريض من الجماهير التي ظلت مغيبة عن المشهد السياسي. وتجاوزت تأثيرات نتائج تلك الانتخابات حيث مثلت ضربة كبيرة لليسار بأميركا اللاتيني، الذي وصل السلطة عقب بزوغ نجم شافيز، بالتزامن مع أزمات اقتصادية تضرب عددا من دول المنطقة في ظل حديث معلومات وتقارير عن فساد مستشرٍ في عدد من دول المنطقة.

وبعد يومين من هزيمته بالانتخابات، طلب الرئيس مادورو من حكومته الاستقالة وعين فريقا جديدا، وقال إنه مستعد لـ "ثورة راديكالية" مضيفا "إما أن نخرج من هذا المستنقع عن طريق الثورة أو تدخل فنزويلا في نزاع كبير يمكن أن يؤثر على منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي برمتها".

وفي ختام مؤتمر للحزب الاشتراكي الحاكم، قبل أيام بعد ظهور نتائج الانتخابات اتهم مادورو المعارضة بالسعي لزعزعة سلطته، وقال يوم 11 ديسمبر/كانون الثاني 2015 إن "هذا اليمين شغله الشاغل هو مواصلة خطته الثابتة لزعزعة الاستقرار والانقلاب عبر استخدام الدستور".

ومنذ ذلك الوقت، دخلت المعارضة في صراع سياسي متصاعد مع نظام الرئيس، وسعت إلى استخدام أغلبيتها البرلمانية لتحقيق مكاسب سياسية، ومن ضمن القوانين الهامة التي أصدرها البرلمان قانون العفو عن المساجين السياسيين والمصالحة الوطنية الذي تبنته الجمعية الوطنية في الـ 29 من مارس/آذار 2016، ولكن الرئيس مادورو رفضه وأعلن أن "قانون الإفلات من العقاب لا يمكن أن يمر، إذا كنا نريد السلام فإن ذلك القانون لا يمكن أن يمر".

ولاحقا، رفضت المحكمة العليا قانون العفو، وقضت الدائرة الدستورية في المحكمة بعدم دستوريته "لأنه يشجع على الإفلات من العقاب ويعرض عفوا عن جرائم غير مؤهلة لمثل هذه المعاملة".

وكثيرا ما أيدت المحكمة مادورو في نزاعاته مع الهيئة التشريعية عقب فوز المعارضة المدوي في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2015 التي أعطتها أغلبية الثلثين بالبرلمان.

ومع "تقييد" عمل البرلمان من قبل المحكمة العليا بدأت المعارضة خطوات أخرى للضغط من أجل إسقاط الحكومة، حيث حركت عريضة مطلبية تسعى من خلالها لإجراء استفتاء بشأن عزل الرئيس، وأعلنت بالثامن من يونيو/حزيران 2016 أن اللجنة الوطنية للانتخابات قبلت تواقيع 1.3 مليون مواطن يلتمسون إجراء استفتاء بشأن عزل مادورو الذي تتهمه بقيادة البلاد إلى حافة الانهيار.

ولكن المجلس الوطني الانتخابي الموالي للحكومة أوقف تلك العريضة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016 بذريعة وجود تلاعب في تلك العملية.

وفي نهاية مارس/آذار وبداية أبريل/نيسان 2017 دخلت الأزمة بين المعارضة والرئيس معززا بالمحكمة العليا مرحلة حرجة، حيث أعلنت المحكمة العليا سحب صلاحيات البرلمان إليها، وتجريد النواب من حصانتهم فرد عليه النواب بالبدء في إجراءات لإقالة قضاة المحكمة، ولكن المحكمة العليا تراجعت أول أبريل/نيسان 2017 عن القرار بعد انتقادات داخلية وخارجية واسعة له.

وفي خطوة زادت من حدة الصراع أعلن يوم 7 أبريل/نيسان 2017 عن منع أحد أبرز قادتها كابريليس من تولي أي منصب حكومي لمدة 15 عاما، بسبب ما وصفته بـ "مخالفات إدارية" وقعت خلال حكم كابريليس لولاية ميراندا الشمالية التي ما زال يحكمها، ما سيمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018.

وإثر ذلك بدأت المعارضة حملة احتجاجات واسعة، وقابلت حكومة مادورو تلك الاحتجاجات بقمع شديد، وسقط حتى مايو/أيار 2017 نحو خمسين قتيلا في تلك الاحتجاجات والاشتباكات المتصاعدة.

وفي غمرة الاحتجاجات، وفي مسعى لاحتوائها على ما يبدو أصدر الرئيس الفنزويلي مرسوما بإعادة صياغة دستور جديد، ولكن المعارضة رفضت، ثم دعا للعودة إلى طاولة الحوار ولكن المعارضة رفضت أيضا، وطلب من الفاتيكان -حيث تتهم الحكومة الكنيسة بأنها لاعب أساسي إلى جانب المعارضة- المساعدة للعودة إلى الحوار.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية