بدر.. مليشيا عراقية حاربت صدام وقاتلت مع الأسد

Volunteers of the Iraqi Shiite Badr Army militia pose as they take up position, near Samara, northern Iraq, 04 March 2015. Media reports said Iraqi security forces were poised to make further advances on 04 March, the third day of an offensive aimed at recapturing the city of Tikrit from Islamic State extremists, who have held it since last summer. State television quoted unnamed officials as saying forces moving northwards towards Tikrit from the city of Samarra would seek to capture Dur.
يقدر عدد عناصر فيلق بدر عام 2016 بنحو مئة ألف عنصر مسلح (الأوروبية)
منظمة بدر، عراقية شيعية مسلحة، أنشئت عام 1982 بإرادة إيرانية في عهد الخميني واعتبرت جناحا عسكريا "للمجلس الأعلى الإسلامي" بزعامة رجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم.
 
شاركت إلى جانب إيران في حربها ضد العراق، وساهمت بإسقاط نظام صدام حسين، واتهمت بتصفية كوادر عراقية وارتكاب خروقات حقوقية، وحاربت إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا.

التأسيس
تشكل فيلق بدر في إيران بناء على فتوى للمرجع الشيعي الخميني، وعُهد لمحمد باقر الحكيم زعامة التنظيم الذي تألف من الجنود الهاربين، وأسرى الحرب العراقية الإيرانية ممن أعلنوا التوبة من نظام صدام السابق، والمسفرين الإيرانيين من العراق.

الحكاية بدأت عام 1979 عندما أصدر المرجع الشيعي محمد باقر الصدر فتواه بتحريم الانتماء إلى حزب البعث، الأمر الذي مهد لتشكيل المجاميع المسلحة السرية المناهضة لنظام صدام، وقد نفذت العديد من العمليات العسكرية داخل البلاد، جوبهت بقمع من قبل النظام.

وأجبر قرار إعدام محمد باقر الصدر، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، الكثير من الشيعة على الهروب إلى خارج العراق وإعادة تنظيم صفوفهم لمواجهة حكم نظام البعث، والتي تطورت مع مرور الوقت إلى ما عرف بقوات الشهيد الصدر.

وفي عام 1982، حولت القيادة الإيرانية فوج الصدر (الجناح الإيراني) إلى لواء 9 بدر، وبتعداد يتراوح ما بين 187 و250 عنصراً، مقسمين إلى ثلاثة أفواج: فوج الصدر (يمثل الدعاة الموالين لإيران) وفوج دسته غيب المختلط من المسفرين والدعاة الإيرانيين، وفوج بهشتي الذي يشكل 98% من أفراده العراقيين المسفرين (أغلبهم ذوو أصول إيرانية أو ينتمون لأحزاب موالية لإيران).

ونظرًا لرغبة ايران بتوحيد الفصائل المسلحة، دمج تشكيل الشهيد الصدر بلواء ٩ بدر، ومن ثم تحول التنظيم إلى فيلق بدر الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي.

اعتمد فيلق بدر أسلوب التعبئة الجماهيرية عند كل معركة، بالرغم على اختصار واجباته على نقاط حراسة في الأهوار والكمائن والدوريات والتنصت.

شغل رئاسة أركان الفيلق إسماعيل دقائقي، أحد الأعمدة المهمة في قيادة حرس الثورة الإيراني، وكان يساعد دقائقي في القيادة بدر فريدون جوبان الملحق العسكري الإيراني بالعراق (1990-1994) ويغلب على رأس قيادة بدر الأمراء الإيرانيون ويساعدهم عراقيون مناصرون لولاية الفقيه.

التجربة القتالية
ساهم فيلق بدر بشكل واضح في أحداث 1991 أو ما يعرف بالانتفاضة الشعبانية في مدن جنوب العراق، بعد حرب الخليج الثانية، حيث حشد المئات من المؤيدين له في محاولة للانقلاب على النظام الذي نجح في إجهاض الاحتجاجات المسلحة، وأجبر "بدر" على سحب عناصره إلى إيران، وهجرة المؤيدين الذين شكلوا فئة المهاجرين في الفيلق.

وشارك فيلق بدر في عملية احتلال العراق وإسقاط نظام صدام عام 2003، واشترك في اجتماع صلاح الدين في كردستان العراق مع الأحزاب العراقية المعارضة للنظام لتشكيل حكومة ما بعد صدام.

دخلت عناصر فيلق بدر إلى العراق بعد سقوط نظام صدام عام 2003 بنحو 16 ألف عنصر مسلح، وعملت كمليشيات مسلحة قرابة عام كامل، قبل أن تتحول إلى منظمة سياسية بعد صدور القانون 91 في يونيو/حزيران 2004، خلال فترة الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، والذي خيّر أعضاء المليشيات بين الانضمام لأجهزة الأمن الجديدة في العراق أو اختيار العمل المدني.

وقدر عدد عناصره عام 2016 بنحو مئة ألف عنصر مسلح تسليحاً كاملاً، بزعامة وزير النقل السابق وعضو البرلمان وأحد عناصره إبان التأسيس هادي العامري.

مرت المليشيات، ومنها منظمة بدر التي كانت متصدرة المشهد العام في البلاد بسبب قوتها ونفوذها المدعوم من إيران، بمرحلة الدمج بالمؤسسة الأمنية والتي استمرت منذ عام 2003 حتى 2006.

وفي فبراير/شباط 2006، انطلقت الحرب الطائفية بعد تدمير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء بمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد) وكان للمليشيات دور بارز في التصفيات التي مست العديد من الشخصيات والكوادر الأكاديمية والعسكرية في البلاد.

وعام 2012، وقع الانفصال بين المجلس الأعلى الإسلامي ومنظمة بدر، وأعلن عنه في مؤتمر صحفي مشترك بين قيادات الطرفين، وأكدا خلاله عمق العلاقة التي جمعتهما، وأن الانفصال لم يكن عدائيا وأن أبواب الوحدة من جديد ما زالت مفتوحة.

وأرجع مراقبون أسباب الانفصال إلى تعارض مواقف الطرفين بشأن دعم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إبان ولايته الثانية عام 2010، وكذلك الخلافات التي نشبت أعقاب مقتل زعيم المجلس الأعلى عبد العزيز الحكيم صيف 2009 وتنصيب نجله الشاب عمار خليفة له.

وعلى مشارف عام 2016، امتلكت بدر المنضوية ضمن التحالف الوطني الحاكم (الذي يضم غالبية الأحزاب الشيعية) 22 مقعدا في البرلمان وعدة وزارات أبرزها الداخلية ضمن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.

كلف فيلق بدر (قبل أن يتغير وصفه إلى منظمة) بمتابعة التحقيقات مع أسرى الجيش العراقي مع إيران، ووجهت إليه اتهامات بالقتل والتعذيب في معسكرات الاعتقال. 

تتهم مليشيا بدر بتصفية الكوادر والنخب العراقية من علماء وأطباء وعسكريين وبعثيين عراقيين انتقاما لسنوات الصراع مع إيران. وعام 2006 نسبت إليها جرائم ضد السُنة قتلا واعتقالا وتهجيرا، وخاصة في محافظة ديالى.

لدى منظمة بدر تاريخ من الصراع مع التيار الصدري وجيش المهدي ضمن الحرب على النفوذ في العراق، وهي من أكبر الداعمين لنظام بشار الأسد.

بعد يونيو/حزيران 2014، وعندما نجح تنظيم الدولة الإسلامية في احتلال مناطق واسعة من محافظتي نينوى وصلاح الدين (شمال بغداد) وأجزاء من ديالى فضلا عن مناطق واسعة من الأنبار (غرب بغداد) أصدر المرجع الشيعي الأعلى بالعراق آية الله علي السيستاني فتوى (الجهاد الكفائي) لمواجهة التنظيم.

ومثلت الفتوى الحاضنة الأولى لجمع المليشيات الشيعية ضمن ما يعرف بقوات الحشد الشعبي، الذي اتهمه الشارع السُني بتنفيذ عمليات انتقامية ذات طابع طائفي كذريعة لمزيد من الممارسات السلبية بحجة محاربة ما يسمى الإرهاب، وهو ما أكدته العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية.

معظم المليشيات -ومنها بدر- عادة ما تكون منضوية ضمن المؤسسة الأمنية لكنها تعمل لحساب أطراف أخرى سيما إيران، وقد أدى هذا إلى تطور في وضعها خلال المعارك ضد تنظيم الدولة بما توفر لها من دعم وتمويل، خاصة في معركة ناحية آمرلي (ذات الغالبية الشيعية) الواقعة بمحافظة صلاح الدين، حيث كان دورها أهم بكثير من الجيش الذي بات يأخذ أوامره من قادة الحشد الشعبي والمليشيات، خاصة بعد هزيمة الجيش العراقي في الموصل عام 2014.

أعلنت منظمة بدر عام 2015 عن فتح باب التجنيد أمام المدنيين الشيعة للانتساب إلى صفوفها، بغية ترحيلهم إلى سوريا لمواجهة معارضي نظام الأسد بحجة التصدي لتمدد تنظيم الدولة، والدفاع عن المقدسات الشيعية هناك.

وتنشط تلك المنظمة في سوريا تحت إمرة وقيادة مباشرة من مليشيا حزب الله اللبناني التي تتخذ من بلدة السيدة زينب بريف دمشق مقرا، وكانت قد شاركت مع قوات نظام الأسد في العديد من المعارك، فقدت خلالها العديد من قادتها والعناصر، كما تنشط المليشيا مع الحرس الثوري الإيراني الذي يوجد في مناطق معروفة من سوريا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية