بلاك بلوك

بلاك بلوك

شباب ملثمون يرتدون ثيابا سوداء، يضعون أقنعة عند نزولهم للشارع لإخفاء هوياتهم، يسمون أنفسهم "black block" (الكتلة السوداء) و"فرسان الظلام"، ظهروا في مصر بعد ثورة "25 يناير".

التأسيس والنشأة
عرف المصريون حركة "الكتلة السوداء" لأول مرة وسط المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن معارضتهم للرئيس المصري محمد مرسي في الذكرى الثانية لثورة "25 يناير/كانون الثاني 2011" التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

كانت المجموعة تقليدا لحركة ظهرت أول مرة في الثمانينيات في ألمانيا الغربية، حيث عملت في مقاطعات مدينتي برلين وهامبورج، على التصدي لمحاولات الإخلاء المتكررة من قبل الشرطة الألمانية لأحيائها من أجل إنشاء محطة للطاقة النووية.

انتقلت الظاهرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989 في مظاهرات أمام البنتاجون في يوم الأرض، وكذلك ضد سياسات حرب الخليج، كما ظهرت الحركة خلال المظاهرات المناهضة لمنظمة التجارة العالمية عام 1999.

قيل إن مصر سبق لها أن عرفت جماعة بنفس الاسم في أربعينيات القرن العشرين لمواجهة الاحتلال الإنجليزي. 

توصف المجموعة في الغرب بالفوضوية والمشاغبة نظرا لأساليبها العنيفة في الاحتجاجات.

التوجه الأيديولوجي
ليس لحركة أو جماعة "بلاك بلوك" توجه أيديولوجي محدد، إذ للعضو كامل الحرية في فكره ورأيه. لكن بعض التقارير الإعلامية ذهبت إلا أنها تضم شباب من حركة 6 أبريل وبعض شباب الألتراس وشباب من بعض الحركات الاشتراكية اليسارية.

 قالوا عن أنفسهم "نحن المشاغبون في كل الجمهورية، نحن من لا نجعلكم تنامون، نحن من نقلق راحتكم، أيها النظام الحاكم، نحن الذين ننتشر كفيروس في هذا الجسد الذي حكامه خائنون، نحن الداء والدواء".

المسار
لوحظ خلال الاحتجاجات ضد الرئيس محمد مرسي عام 2013 أن عددا من أعضاء هذه الحركة يرافقون المسيرات للتصدي لأي اعتداء على المتظاهرين حسب قولهم، ولمواجهة مخططات الإسلاميين وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين التي وصفوها بالفاشية، مؤكدين أنهم "يستهدفون هدم الفساد وإسقاط الطاغية".

بدا أعضاء الحركة أكثر عنفا من بقية المتظاهرين حيث قذفوا العديد من المقرات العامة بالحجارة وشاركوا في الهجوم على مقر الموقع الإلكتروني التابع لجماعة الإخوان المسلمين "إخوان أون لاين"، كما أغلقوا العديد من الطرق والجسور مما أثار مواجهات بينهم وبين عدد من السائقين والمارة.

تتكون الحركة من مجموعات، كل مجموعة تكون تقريبا في حدود 15 فردا وربما تزيد أو تقل، يسمى رئيس كل مجموعة كابو، وأثناء وجود مهمة يكون هناك مجموعة للتنفيذ وأخرى للتأمين.

امتد نشاطهم إلى قصر الاتحادية الرئاسي حيث حاولوا إشعال النار بداخله عبر إلقاء الزجاجات الحارقة، في حين جاءت الأخبار من محافظات مختلفة تفيد بمشاركتهم مع أعضاء بروابط مشجعي كرة القدم وخصوصا "ألتراس الأهلي" في المظاهرات ومحاولات الاعتداء على المقرات العامة ومقرات جماعة الإخوان، فضلا عن الاحتكاك بقوات الشرطة التي حاولت الدفاع عن هذه المقرات.

أصبح اسمهم على كل لسان في مصر، لكن لا أحد يعرف شيئا يذكر عنهم. إنهم "بلاك بلوك" أو الكتلة السوداء، المعارضون الجدد لنظام محمد مرسي، نشروا دعوتهم وحركتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

تجاوبت معهم أعداد كثيرة من الشباب المصري، و أكد رئيسهم، في حوار مع إحدى وسائل الاعلام، أن هدفهم واحد فقط هو حق الشهيد، وأنهم لن يتركوا النظام الحاكم ينام حتى يحقق حق الشهيد.

أحرقت "البلاك بلوك" مقر الإخوان المسلمين، واقتحمت مقر موقع "إخوان أون لاين" وأحرقت مقر جريدة "الحرية والعدالة" ومطاعم شهيرة بحجة أنها تابعة للإخوان. وهاجمت قصر الاتحادية وأغلقت ميدان التحرير في أواخر أبريل/نيسان ۲۰۱۳.

اعتقلت السلطات المصرية عددا من أعضاء المجموعة، وضبطت بحوزتهم أسلحة متنوعة و"مخطط يستهدف شركات البترول والمواقع الحيوية" حسب أحد تصريحات النيابة العامة المصرية، التي صنفت تنظيم "البلاك بلوك" بأنه تنظيم إرهابي، وأمرت بضبط و إحضار كل منتم له.

ذكرت بعض المصادر، أن المحرك الأساسي لهذه المجموعة هي مؤسسة إسرائيلية يعمل بها عدد من الخبراء في المجالات العسكرية والأمنية والنفسية، وتحصل على دعم من مؤسسات أمنية إسرائيلية وغربية بهدف تدريب كوادر من الشباب المصري من أجل إسقاط نظام الإخوان.

وأضافت المصادر أن هذه المؤسسة تعتمد على خداع الشباب تحت ستار دعم الديمقراطية، وتقدم لهم تدريبات تتراوح بين تنظيم المظاهرات واستخدام المتفجرات، فضلا عن التنكر وتوجيه الحشود واستغلالها لصناعة الأزمات وخلق حالة من عدم الاستقرار.

ولم تستبعد فرضية دعم الحركة من جهات أمنية عربية، حيث كان الفريق أحمد شفيق -الذي خسر الانتخابات الرئاسية أمام محمد مرسي- على صلة بهذه المجموعات من مقر إقامته في الإمارات التي استقر بها بعيدا عن ملاحقات من القضاء المصري بتهم الفساد.

وقد نفى أحد منسقي "البلاك بلوك" أن تكون الحركة صناعة غربية أو عميلة للغرب، وأكد في حديث صحفي، أنهم صناعة محلية و"يعبرون عن الشعب المصري والثوار الحقيقيين".

لكن مدونين مصريين ومحللين سياسيين اعتبروا أن ظهور حركة "بلاك بلوك" دلالة واضحة على التوجه المتطرف الذي انحدرت إليه بعض الحركات الثورية المصرية، الأمر الذي زاد الوضع تأزما وفوضوية وعطل الحوار الوطني. فيما اتهمها مسؤولون في جماعة الإخوان المسلمين وبعض وسائل الإعلام بالعمالة للخارج وزرع ثقافة العنف في البلاد.

المصدر : الجزيرة