تنظيم الدولة باليمن.. تمدد في فراغ الشرعية

ن فيديو نشره موالين لتنظيم الدولة باليمن بعنوان أباة الضيم يظهر استعراض التنظيم لقدراته القتالية في عدن (الجزيرة نت)
عناصر من فرع تنظيم الدولة الإسلامية باليمن خلال استعراض لقوتهم القتالية بمدينة عدن (الجزيرة)
فرع يمني لتنظيم الدولة الإسلامية المتمركز بالعراق وسوريا؛ برز اسمه حين ارتبط بمسلسل تفجيرات استهدفت مساجد يرتادها الحوثيون بالعاصمة صنعاء، ثم تحول وسط ظروف الحرب بين الحكومة الشرعية والحوثيين وحلفائهم ليكون قوة عسكرية فاعلة في البلاد.
 
بداية الظهور
جاء ظهور تنظيم الدولة باليمن بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على مفاصل الدولة اليمنية، وعقب إعلان جماعة أطلقت على نفسها اسم "مجاهدو اليمن" مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية وزعيمه أبو بكر البغدادي، وذلك في تسجيل صوتي نشر في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 على الإنترنت تحت عنوان "البيعة اليمانية للدولة الإسلامية".

ويتفق مراقبون وباحثون يمنيون على أن التنظيم في اليمن تطورٌ وامتداد طبيعي لتنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" الذي ينشط هو الآخر في أنحاء مختلفة من البلاد منذ بدايات عام 2009، وهو بذلك يعتبر نتاجا لفكر تنظيم القاعدة كما هو شأن نظيره في العراق وسوريا.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن ظهور تنظيم الدولة باليمن تزامن مع حالة التدهور المريع في البلاد، ومع تشكل بؤر صراع وانقسامات مذهبية وطائفية غير مسبوقة، وجد فيها التنظيم فرصة سانحة للتمدد في الفراغ الذي أحدثه سقوط السلطات الشرعية، إضافة إلى خلافات برزت داخل تنظيم القاعدة بـحضرموت (الحاضن الأكبر للقاعدة باليمن) وتهديد بعض قادته بالانشقاق عنه ومبايعة البغدادي.

أبرز العمليات
قاد التنظيم -منذ انقلاب الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في 21 سبتمبر/أيلول 2014- سلسلة هجمات متفرقة ومتزامنة في عدة مدن يمنية بالبلاد، شملت الحوثيين وحلفاءهم وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية وفصائل المقاومة الشعبية.

ففي 20 مارس/آذار 2015 نفذ التنظيم هجمات استهدفت مسجدين يرتادهما أنصار جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، وأدت سلسلة هجمات من هذا النوع خلال أشهر قليلة إلى مقتل نحو 142 شخصا على الأقل معظمهم من الموالين للحوثيين.

وفي نهاية أبريل/نيسان 2015 تبنى التنظيم -عبر تسجيل مصور نشره- عملية قطع رؤوس أربعة جنود يمنيين وقتل 11 جنديا آخرين بالرصاص في محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد.

وأعدم التنظيم -عبر فرعه المسمى "الدولة الإسلامية بولاية عدن"- في 18 يوليو/تموز 2015 عددا من قناصة الحوثيين في حي "شعب العيدروس" بمنطقة كريتر (محافظة عدن). وبعد ثلاثة أيام من هذه العملية، تبنى فرع الدولة في "ولاية صنعاء" تفجير سيارة مفخخة في مربع أمني تابع للحوثيين بمدينة صنعاء.

كما نشر موالون للتنظيم يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015 إصدارا مرئيا بعنوان "أباة الضيم"، يوثق رصد عناصره لمنزل كان يتحصن فيه الحوثيون ومباغتتهم لهم بإطلاق الرصاص عليهم من أسلحة متوسطة، مما دفع بالعديد من عناصر الحوثي للاستسلام.

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2015 تبنى التنظيم أربع هجمات انتحارية متزامنة استهدفت في عدن المقر المؤقت للحكومة اليمنية ومقريْ العمليات المركزية للقوات السعودية والإماراتية العاملة ضمن قوات التحالف العربي. كما أعلن قتله 50 جنديا في هجوم نفذه بمحافظة حضرموت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2015 استهدف التنظيم بسيارة مفخخة موكب محافظ عدن في جنوب اليمن اللواء جعفر سعد، مما أدى إلى مقتله على الفور مع ستة من مرافقيه.

إستراتيجية التنظيم
يعتقد التنظيم -بحسب إصداراته ومنشوراته- أن "الخلافة الإسلامية قائمة" بعد إعلان البغدادي "خليفة للمسلمين"، ويدعو للهجرة إليها ووجوب طاعتها ومبايعتها.

وفي سبيل تحقيق أهدافه يتبع التنظيم في عملياته إستراتيجية "النكاية بالأعداء بوقسوة" لقيت استنكاراً حتى من تنظيم القاعدة نفسه، إذ وصفها بـ"عدم الالتزام بالمعايير الشرعية والمنهج الجهادي"، خاصة تلك التي استهدف بها المساجد وكذلك مبالغته في التنكيل بالخصوم.

وفي حين يقسم تنظيم القاعدة خصومه إلى "عدو بعيد" (غير المسلمين) و"عدو قريب" (الأنظمة الإسلامية) مستثنيا جمهور المسلمين ومن لا يقاتل التنظيم، نجد أن تنظيم الدولة الإسلامية -بما فيه فرعه باليمن- يستهدف الجميع معتبرا أن كل من ليس معه عدوٌ له.

وعلى الصعيد الميداني؛ ينتهج التنظيم في وسائله وتكتيكاته أسلوب حرب العصابات واستنزاف العدو عبر تنفيذ الهجمات بالسيارات والأفراد المفخخين.

وضمن إستراتيجيته هذه تبنى التنظيم تفجيرات متعددة استهدفت شخصيات ومواقع مختلفة، وعددا من المساجد بينها مسجد في صنعاء استهدفه بتفجير نفذه أثناء اكتظاظه بالمصلين لأداء صلاة عيد الأضحى 2015، مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، كما تبنى التنظيم عمليات إعدام جماعية لعدد من خصومه المذهبين في اليمن وتوعد بتنفيذ المزيد منها.

المصدر : الجزيرة