الطائفة الدرزية.. مذهب لا يعرف أتباعه تعاليمه قبل الأربعين

إجماع لرفض قانون "يهودية الدولة" وتعالي الأصوات المناهضة للقانون في صفوف أبناء الطائفة المعروفية التوحيدية الدرزية‏ الذي فرض عليها التجنيد الإجباري بالجيش الإسرائيلي، الصور التقطت في شهر أغسطس-آب 2014، خلال تشيع جنازة الشاعر الراحل سميح القاسم في بلدة الرامة بالجليل شمال فلسطين.
شيوخ الطائفة الدرزية في إحدى تجمعاتهم بفلسطين (الجزيرة)

طائفة دينية عربية معروفة بتماسكها الداخلي، تعيش في سوريا بنواحي دمشق وجبل حوران، وفي لبنان وفلسطين المحتلة، وأسسها محمد بن إسماعيل الدرزي -المعروف بأنوشتكين- في القرن الـ11 ميلادي، ولها راية خاصة بها. ويقدر عدد أفرادها بمن فيهم أولئك الذين هاجروا إلى أوروبا أو أميركا أو غرب أفريقيا، بنحو مليون ونصف مليون شخص. 

التأسيس والنشأة

تعود الأصول التاريخية للطائفة الدرزية إلى عهد الخليفة السادس للدولة الفاطمية الحاكم بأمر الله -الذي امتدت فترة حكمه من عام 996 ميلادي إلى 1021 ميلادي- على يد محمد بن إسماعيل الدرزي (نسبة إلى أولاد درزة أي صانعي الثياب) الذي هاجر إلى الشام، واشتهرت الطائفة باسمه.

لكن مراجع أخرى تذكر أن المؤسس الفعلي للطائفة هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني، الذي يعتبر أحد مؤسسي مذهب الموحدين الدروز، والمؤلف الرئيسي للنصوص الدرزية.

وبدأ الدروز الدعوة لمذهبهم في الفترة ما بين عامي 1017-1020 ميلادي، وامتدت حتى سنة 1043 ميلادي، ليقفل بابه بعد ذلك، ويقتصر على معتنقي المذهب الأوائل وأبنائهم ومن يولد منهم، وصار ممنوعا انضمام أي شخص للطائفة الدرزية إذا لم يولد في الأصل درزيا.

Members of the Druze community attend the funeral of Israeli Druze police officer Kamil Shanan in the village of Hurfeish, Israel July 14 2017 REUTERS/Ammar Awad
المجتمع الدرزي مجتمع متماسك ومنغلق عن نفسه (رويترز)

ومن الشخصيات التاريخية المعروفة في الطائفة -بالإضافة إلى المؤسسين- الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأجدع، وبهاء الدين السموقي المعروف بالضيف.

وعلى المستوى السياسي، اشتهر في الطائفة سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة على الفرنسيين بسوريا في عشرينيات القرن الماضي، والأمير شكيب أرسلان، والزعيم السياسي اللبناني كمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، وابنه وليد جنبلاط، وطلال أرسلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني.

عقيدة الطائفة الدرزية

يحيط عقيدة الطائفة ومذهبها كثير من الغموض، لأن مؤسسيها اختاروا عدم البوح بها وحصر معرفتها على دائرة ضيقة، وعدم تعليمها إلا لمن بلغ الأربعين سنة من أبناء الطائفة، ويقول البعض إن الدروز نشروا هذه الفكرة من أجل إثناء الناس عن سؤالهم عن دينهم، وهي فكرة مبنية على الاعتقاد بالتكتم.

ويعرّف الدروز أنفسهم باسم الموحدين، أو "بنو معروف"، وهو اسم لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها.

ويؤمنون بميثاق أو عهد ولي الزمان، وهو قَسم يصبح به الشخص درزيا، ويعدونه ميثاقا أزليا. وعُرف الدروز بالانغلاق على أنفسهم وتماسكهم الاجتماعي والثقافي والسياسي، واشتهر رجالهم بشوارب كبيرة لها مدلول ديني.

Druze clerics attend the funeral ceremony of top Druze cleric Sheikh Ahmed Salman al-Hajri in al-Suwayda city March 27, 2012. Hajri died in a car accident when the car he was travelling in collided with another car in southern Syria, on Saturday.
رجال دين دروز يشاركون في مراسم تشييع أحد مشايخ الدروز في السويداء (رويترز)

تدين الطائفة الدرزية بمذهب التوحيد، وكل عقائدها مأخوذة عن الطائفة الإسماعيلية، وقد تأثرت العقيدة الدرزية بتيارات فلسفية ودينية متعددة ومن أصول مختلفة، ومن مبادئها السرية في نشر أفكارها.

يؤمن أبناء الطائفة بوحدانية الله المطلقة، وأن الله هو الخالق والمتحكم الأزلي في الكون، وأن العقل البشري غير قادر على استيعاب عظمته.

كما يؤمنون بالقرآن الكريم، لكنهم يفسرونه تفسيرا باطنيا خاصا بهم، بعيدا عن المعاني الواضحة في النص، كما أن لهم كتابا يسمى "رسائل الحكمة" ألفه حمزة بن علي بن أحمد، وهو "تفسير للقرآن"، ويمنعون الاطلاع عليه من طرف أي كان، ما عدا شيوخ الطائفة الدرزية.

وعلى الرغم من أن العقيدة الدرزية تطورت في الأصل من الإسماعيلية، لكنهم لا يعرفون أنفسهم كمسلمين، ويدعي بعضهم ذلك لأسباب سياسية بحتة، كشكل من أشكال التقية، حفاظا على دينهم وسلامتهم، وتجنبا لأي خلاف مع المسلمين.

ومن بين المعتقدات التي يتميز بها أهل الطائفة الدرزية، هي إيمانهم بتناسخ الأرواح، أي رجوع الروح البشرية إلى الحياة بمجرد وفاة صاحبها، وذلك عن طريق انتقالها إلى جسد مولود آخر.

المجتمع الدرزي هو مجتمع متماسك ومنغلق عن نفسه، ومن النادر أن تجد درزيا متزوجا من خارج الطائفة، أو العكس، كما لا يجوز عندهم تعدد الزوجات، لذلك يمنع رجال الدين أو "العقّال" التعدد لأن ذلك في نظرهم يضرب في مبدأ الإنصاف بين الجنسين.

People take part in a protest against Syria's President Bashar al-Assad in the southern Druze city of Sweida, Syria, September 8, 2023. Suwayda 24/Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVES. MANDATORY CREDIT. MUST NOT OBSCURE LOGO.
أشخاص من الطائفة الدرزية في سوريا يشاركون في احتجاج ضد الرئيس السوري في سبتمبر/أيلول 2023 (روينرز)

وتقول بعض المصادر إن أصل نشأة العقيدة الدرزية يعود إلى شهر فبراير/شباط عام 1021 ميلادي، حينما خرج الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ذات ليلة بدون حراسة ولم يعد، فاضطر القائمون على الأمر إلى إعلان وفاة الحاكم بأمر الله وخلافة ابنه الظاهر لإعزاز دين الله، إماما وحاكما لهم زمن الدولة الفاطمية.

رفض حمزة بن علي مبعوث الحاكم إلى الشام التسليم بموت الحاكم، ورفض الاعتراف بإمامة ابنه الظاهر، وقال إن الخليفة اختفى فقط وسيعود في وقت لاحق ليملأ الأرض عدلا، معلنا هو ومن معه انشقاقهم عن الدولة الفاطمية، لتكون بداية ولادة الفكر الدرزي.

درجات الطائفة

وينقسم الدروز إلى درجات ثلاث:

  1.  الأولى طبقة رجال الدين: الدارسين له والمحافظين عليه، وتعرف بالعُقّل. وتنقسم بدورها إلى ثلاثة أقسام: رؤساء أو عقلاء أو أجاويد، ويدعى رئيسهم شيخ العُقّل.
  2.  الثانية الأجاويد، وهم المطلعون على تعاليم الدين والملتزمون بها.
  3.  الثالثة فهم عامة الناس و"الجاهلون بالدين" والمنغمسون في الأمور الدنيوية لا الدينية.

ويفرق الدروز -بشكل عام- بين "الشخص الروحاني" و"الشخص الجثماني"؛ فالأول بيده أسرار الطائفة (رؤساء، وعقلاء، وأجاويد)، أما الثاني فلا يبحث في الروحانيات، ولكنه منغمس في الدنيويات (يسمونهم الجهال).

أفراد من الأقلية الدرزية الإسرائيلية يحضرون جنازة جنوب شرق حيفا (الفرنسية)

وتعرف أماكن العبادة لدى الدروز بالخلوات، يسمعون فيها ما يتلى عليهم، ولا يسمح "للجهال" بحضورها أو سماع الكتب المقدسة إلا في عيدهم الوحيد، الذي يوافق عيد الأضحى عند المسلمين.

وحول حقيقة اسم الطائفة قال الباحث والأكاديمي اللبناني محمد شية إن الموحدين دفعوا ثمنا غاليا لتسميتهم بـ"الدروز"، وقال إن هذا الاسم ألصق بهم "زورا وبهتانا"، وأكد أن الواقع والوقائع تثبت أنهم مسلمون وموحدون.

وذكر بأن خصوصية المشرق تكمن في كونه أرضا للأقليات، و"منها طائفة الموحدين، الذين ظلت سمتهم الغالبة هي العروبة منذ نشأتهم وقبولهم للمعتقد الإسلامي، وأرسلوا إلى ساحل الدولة الإسلامية ليدافعوا عنها ضد الروم والبيزنطيين".

التاريخ

فرّ كثير من الدروز من ملاحقة الخليفة الفاطمي السابع علي الظاهر قبل عام 1026 ميلادي، وسكنوا في جبال لبنان وسوريا وفلسطين، ودفعتهم تلك الملاحقة إلى الانغلاق على أنفسهم.

ورغم قلة عددهم كانت لهم مشاركات سياسية وعسكرية تاريخيا، فقد ساعدوا الأيوبيين ومن بعدهم المماليك على مقاومة تقدم الصليبيين على الساحل اللبناني خلال الحروب الصليبية.

ودخلوا في فترات معينة في صراعات، مثل ما حصل لهم مع المسيحيين (الموارنة) في لبنان عام 1841م وعام 1860م، وشاركوا في مقاومة الاستعمار الفرنسي.

Large portraits of past Israeli and Druze leaders of hang in the hall of remembrance at the town of Daliat al-Karmel with an inscription above that reads
صور كبيرة لزعماء إسرائيليين ودروز سابقين معلقة بقاعة الذكرى ببلدة دالية الكرمل (رويترز)

وتمتع الدروز بقدر كبير من الحكم الذاتي في ظل الدولة العثمانية، وكثيرا ما تمردوا ضدها، وساعدتهم في ذلك التضاريس الجبلية للمناطق التي سكنوها.

وهيمنت سلسلة من الإقطاعيين على الحياة السياسية الدرزية ما بين القرن الـ16 والقرن الـ19، وكان أحد أشهر هؤلاء حاكم القرن الـ17 فخر الدين المعني الثاني (من آل معن)، الذي شكل تحالفا مع المسيحيين الموارنة من جبال لبنان، وتحدى السلطة العثمانية في التحالف مع توسكانا، إضافة إلى عائلات إقطاعية أخرى كبيرة كعائلة الشهاب وعائلة أصلان وعائلة جنبلاط.

وحافظوا في البداية على علاقات حسن الجوار مع الموارنة (نسبة إلى الكنيسة المارونية، وهم مجموعة دينية تتواجد في بلاد الشام، خاصة في لبنان، ويتبعون الكنيسة المارونية)، حتى إنهم ساعدوهم على تحرير أنفسهم، لكن في القرن التاسع عشر، اشتدت الخلافات بين زعماء العشائر وبين الطائفتين وأدت التوترات المتصاعدة بينهم إلى مذابح عام 1860، التي عجلت في النهاية بدخول القوى الأوروبية إلى لبنان.

ويعتقد بعض الباحثين بأن عدد المنتمين للطائفية الدرزية يتجاوز المليون، وأن 80% منهم استقروا في سوريا بمدينة السويداء ومرتفعات الجولان وبنواحي دمشق، وفي مدينة الأزرق الأردنية، وفي جنوب لبنان، وشمال ووسط فلسطين.

كما يقطن بعض أبنائها في فلسطين المحتلة ويحملون الجنسية الإسرائيلية. ويقدر عدد الدروز في المهجر بالولايات المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها بنحو مئة ألف، وشاركوا في الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) ضمن الجيش الشعبي بقيادة وليد جنبلاط.

الطائفة والسياسة

تسبب الخلاف اللبناني السوري في أزمة وخلافات داخل الطائفة الدرزية، وسعت إلى فصل موضوع سوريا عن لبنان، لكن دون جدوى، وبات الوضع أصعب بعد اندلاع الثورة السورية، حيث انقسم الزعيمان السياسيان للطائفة وليد جنبلاط الذي وقف ضد نظام بشار الأسد، وطلال أرسلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الذي ساند النظام، وازداد وضع الطائفة سوءا عندما وصلت الحرب بين النظام والمعارضة المسلحة لمحافظة السويداء.

وحصل الانقسام بين من يدعو لضرورة تسليحها لمواجهة المعارضة المسلحة وتنظيم الدولة الإسلامية، كرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، وبين من يرى ذلك مجرد ورقة لجرّ أبناء الطائفة للفتنة -التي وإن كانت بشكل عام تؤيد بشار الأسد فإنها بقيت محايدة ولم تنخرط في القتال إلى جانبه- لصالح نظام يجب أن يسقط، ويدعو تنظيم الدولة والمعارضة السورية المسلحة لتفهم وضع الدروز وإبقائهم محايدين كوليد جنبلاط.

قتل عدد من أبناء الطائفة على يد جبهة النصرة في قرية قلب لوزة بمحافظة إدلب (شمال غرب سوريا)، لكن المساعي السياسية حاولت احتواء ما حصل لإبقاء الدروز خارج دائرة الصراع والقتال، حيث دعا وليد جنبلاط إلى تهدئة الخطاب وتجنب ما يعرّض الدروز للخطر، وقال "حادثة قلب لوزة فردية وسأعالجها بالسياسة".

من جهتها، اعترفت جبهة النصرة بتورط أفراد منها في قتل قرويين دروز في القرية المذكورة، وقالت إنهم خالفوا التوجيهات وقدمتهم للمحاكمة.

لكن مقتل 26 شخصا -من بينهم الشيخ الدرزي (المعروف بمناهضته لنظام بشار الأسد والجماعات الدينية المسلحة كجبهة النصرة وتنظيم الدولة)- في انفجار بسيارة مفخخة في الرابع من سبتمبر/أيلول 2015 في ضواحي السويداء (جنوب سوريا)، كشف -بحسب محللين- أن النظام السوري سعى بوضوح لجرّ الطائفة للصراع وقتال المعارضة المسلحة، خاصة جبهة النصرة.

صورة للشيخ وحيد البلعوس (يمين) أحد مشايخ الطائفة الدرزية المعارض في مدينة السويداء (ناشطون)
الشيخ وحيد البلعوس (يمين) أحد مشايخ الطائفة الدرزية في مدينة السويداء (وسائل التواصل الاجتماعي)

ورغم أن الحكومة السورية سارعت إلى إدانة التفجيرات بمدينة السويداء، وتحدثت عن التصدي للإرهاب، فإن معارضة الشيخ البلعوس لقيام الدروز بالخدمة العسكرية الإلزامية التي يفرضها النظام على المواطنين السوريين خارج مناطقهم، ورعاية احتجاجات وتظاهرات بالسويداء تطالب بالماء والكهرباء وتحسين المستوى المعيشي، طرحت علامات استفهام عديدة.

واتهم وليد جنبلاط نظام بشار الأسد باغتيال البلعوس زعيم مجموعة "مشايخ الكرامة" التي عملت على حماية المناطق الدرزية وإبقائها خارج الصراع بسوريا، واعتبره "قائد انتفاضة ترفض الخدمة العسكرية في جيش النظام".

وبينما اتهم شيخ عُقّل الدروز في سوريا يوسف جربوع من وصفهم "بأعداء الوطن والدولة والإنسانية"، في إشارة إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة، رد مسلحون من تجمع "مشايخ الكرامة" على مقتل البلعوس بالسيطرة بشكل كامل على فرع الأمن العسكري بمدينة السويداء.

وقتلوا أكثر من ستة جنود، منهم نائب رئيس الفرع وعدد من العناصر، بينما أسقط آخرون تمثال ‏‏حافظ الأسد بالساحة المركزية لمدينة السويداء، وطالبوا بالانتقام من قتلة الشيخ البلعوس، الذي طالب أبناء الطائفة بحماية منطقتهم، أي حدود ‏الجبل، وعدم تجاوزها.

وشهدت المحافظة السورية ذات الأغلبية الدرزية في الأول من سبتمبر/أيلول 2023، احتشاد مئات المحتجين جنوب سوريا مطالبين بتنحي الرئيس بشار الأسد بعد ما يقرب من أسبوعين من المظاهرات احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية، لكنها تحولت مجددا إلى دعوات للتغيير السياسي.

الدروز عبر العالم

الدروز هم مجتمع عربي، عاشوا لقرون طويلة بمنطقة الشرق الأوسط، وبفعل الأحداث السياسية التي عاشتها المنطقة العربية مع توالي السنين، تم تقسيمها إلى دول متعددة تفصل بينها حدود جغرافية، الأمر الذي أدى إلى تقسيم الطائفة الدرزية أيضا، خاصة في أوائل القرن العشرين، وأصبحوا منتشرين بشكل أساسي بين ثلاث دول رئيسية، هي سوريا ولبنان وفلسطين.

ونتيجة للصراعات والأحداث السياسية التي عاشها الدروز على مدى عقود، هاجر بعضهم إلى دول أخرى خارج المنطقة العربية، وأصبحوا يتواجدون في دول عديدة، ويقدر عددهم بحوالي 1.5 مليون درزي عبر العالم.

الطائفة الدرزية في لبنان

يتمركز أبناء الطائفة الدرزية في لبنان بشكل أساسي على طول الجهة الغربية لجبال لبنان، وكذلك في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، ويبلغ عددهم هناك أكثر من 300 ألف شخص.

وقد تولى الدروز السلطة السياسية بشكل كبير في لبنان الحديث منذ استقلاله. ومن أبرز الشخصيات السياسية الدرزية في البلاد كمال جنبلاط، الزعيم الدرزي الذي شغل خلال مسيرته السياسية عدة مناصب من أبرزها وزير الداخلية.

كما أن معارضته للرئيس كميل شمعون، بما في ذلك التحريض على الانتفاضة ضده عام 1958، أكسبته أيضا احترام القوميين العرب.

وبعد اغتيال كمال جنبلاط عام 1977، تولى ابنه وليد القيادة السياسية للطائفة الدرزية في لبنان. وقد عارض التدخل السوري في لبنان عام 1976، مما جعل البعض يصف توجهه بالمؤيد لتوجهات الغرب، لكنه في عام 2011، دعم حزب الله الموالي لسوريا في الأزمة السياسية اللبنانية، مما جعل البعض الآخر يقول إنه يفضل الوحدة العربية على التوجهات الموالية للغرب أو الموالية لسوريا.

وتنافس عائلة جنبلاط عائلة أرسلان على زعامة الدروز في لبنان، التي غالبا ما تكون على خلاف مع السياسة اللبنانية، وكان ماجد أرسلان، الذي شغل منصب وزير الدفاع في عهد كميل شمعون، منافسا لكمال جنبلاط. علاوة على ذلك، وعلى عكس آل جنبلاط، حافظ آل أرسلان على علاقات وثيقة مع سوريا.

الطائفة الدرزية في سوريا

يوجد في سوريا، بحكم مساحتها الكبيرة مقارنة بلبنان، أكبر كثافة سكانية درزية، بعدد يزيد عن 600 ألف شخص. وصل الجزء الأكبر منهم إلى هناك، من لبنان في القرن الثامن عشر. وتم توطينهم في السويداء في منطقة جبل الدروز (الجبال الدرزية).

وفي عام 1925، ثار القائد الدرزي سلطان الأطرش ضد الهيمنة الفرنسية. وبعد نجاح هذه الثورة، انضم القوميون السوريون في صفوف الطائفة الدرزية إلى الثورة، التي امتدت إلى جميع أنحاء المنطقة ووصلت إلى دمشق قبل أن يتم قمعها في عام 1927.

ويتذكر السوريون هذه الثورة باعتبارها أول انتفاضة قومية في البلاد، وقد ظل عدد من المسؤولين الدروز على إثرها يعتبرون شخصيات سياسية ذات أهمية كبرى في البلاد لعقود من الزمن.

وأدت ثورة درزية أخرى إلى انتفاضة وطنية أطاحت بحكومة الرئيس أديب الشيشكلي عام 1954. بالإضافة إلى ذلك، أصبح نجل سلطان الأطرش، منصور الأطرش، أحد الأعضاء المؤسسين لحزب البعث السوري. ثم شغل منصب رئيس البرلمان لفترة وجيزة عام 1965، قبل أن يتم اعتقاله عام 1966.

الطائفة الدرزية في فلسطين

يوجد في بعض الأراضي الفلسطينية المحتلة عدد كبير من الطائفة الدرزية يقدر بحوالي 150 ألف شخص، يتواجدون بالكامل في الشمال. تعرف الطائفة بولائها لإسرائيل، إذ إنه بعد ما هدد حكام القدس عام 1942 بالسيطرة على قبر يثرون (الذي يطلق عليه الدروز شعيب) في طبريا، وقف الدروز إلى جانب القوات اليهودية في حرب عام 1948.

إصافة إلى ذلك، قاتل الجنود الدروز مع إسرائيل في كل الحروب العربية الإسرائيلية. وهم المجموعة العربية الوحيدة المجندة في قوات الدفاع الإسرائيلية، ويشاركون في أمن الحدود الإسرائيلية والسلك الدبلوماسي.

وفي يوليو/تموز 2018، عندما سن الكنيست الإسرائيلي قانونا له ثقل دستوري يكرس إسرائيل كدولة يهودية، انتفض الدروز ضده، معتبرين أن القانون جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ورأوا فيه خيانة لتفانيهم وخدمتهم لإسرائيل.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية