جبهة البوليساريو

شعار جبهة البوليساريو

الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب تعرف اختصارا بـالإسبانية بـ"البوليساريو" (Polisario)، وهي حركة سعت منذ أواسط السبعينيات لاستقلال الصحراء الغربية وتأسيس "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".

التأسيس
تأسست "البوليساريو" في 10 مايو/أيار 1973 بمبادرة من شباب من أصول صحراوية، كانوا يتابعون دراستهم في جامعة محمد الخامس بعاصمة المغرب الرباط، أبرزهم الولي مصطفى السيد ومحمد عبد العزيز وولد الشيخ بيد الله، كانوا يتبنون الفكر اليساري الاشتراكي.

لقيت دعما غير محدود من نظام العقيد معمر القذافي الزعيم الليبي السابق، واحتضانا من الجزائر التي سمحت لها بإقامة مخيماتها في ولاية تيندوف جنوبا.

اختلفت الروايات بشأن أسباب النشأة فهناك من أرجعها إلى قمع سلطات الاحتلال الإسباني لمظاهرات جماهيرية في منتصف يونيو/حزيران 1970 في ما عرف بانتفاضة حي الزملة بمدينة العيون، وهي المظاهرات التي دعت لها المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء، فقمعتها إسبانيا واعتقلت جل قياداتها.

وهناك من يرجع النشأة إلى اللحظة التي قمعت فيها السلطات المغربية بقسوة مظاهرة مجموعة من الطلبة في أزقة طنطان -التي كانت تابعة إداريا لعمالة طرفاية- عام 1972 على هامش احتفالات بموسم المدينة.

المسار
بدأ النشاط العسكري للبوليساريو إبان الاستعمار الإسباني في 20 مايو/أيار 1973 في الهجوم على الحامية الإسبانية بموضع الخنكة، ونالت دعما عسكريا وماديا كبيرا من ليبيا منذ 1973 ولم تتخل عنها إلا عام 1984، كما دعمتها الجزائر منذ 1975، وانتشرت معسكرات تدريب الصحراويين في الدولتين إبان السبعينيات.

تولى الولي مصطفى السيد الرقيبي رئاسة "البوليساريو" لمدة ثلاث سنوات منذ تأسيسها عام 1973 وحتى مقتله في 9 يونيو/حزيران 1976 خلال هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، خلفه محمد عبد العزيز أميناً عاماً للجبهة ورئيسا لمجلس قيادة الثورة من أغسطس/آب 1976 وحتى وفاته يوم 31 مايو/أيار 2016.

وقعت مع موريتانيا في الجزائر يوم 5 أغسطس/آب 1979 اتفاقية تخلت بموجبها نواكشوط عن إقليم وادي الذهب الصحراوي بعد معارك عسكرية، وحصول انقلاب عسكري على الرئيس الموريتاني حينها المختار ولد داداه.

خاضت الجبهة منذ عام 1976 حروبا ضد المغرب، الذي بنى عام 1980 حائطا حول ما عرف بـ"المثلث المفيد" (السمارة-العيون-بوجدور) لوقاية هذه المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات، وحمايتها من هجمات البوليساريو.

توقفت الحرب بين الجبهة والمغرب عام 1991 عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة مع التوجه للبحث عن حلول سياسية للنزاع.

لقيت الجبهة دعما من الحكومة الجزائرية، خاصة على المستوى الدبلوماسي، والسعي لدى عدد من دول العالم للاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" بشكل جعل منظمة الوحدة الأفريقية تعترف رسميا بالحكومة الصحراوية عضوا فيها عام 1984، وقد رد المغرب على ذلك بالانسحاب من المنظمة في العام نفسه.

طرحت الأمم المتحدة عدة حلول في إطار جهودها لتسوية النزاع بين المغرب "البوليساريو"، لكن أيا منها لم يلق موافقة من الطرفين، فحل الاستفتاء‏ المطروح منذ الثمانينات يؤول لأحد خيارين، إما الانضمام للمغرب‏ وهو ما ترفضه الجبهة جملة وتفصيلا، أوالانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء الغربية المستقلة وهو ما يرفضه المغرب ويعتبره انتقاصا من سيادته وخرقا لها.

ورغم ذلك، قامت الأمم المتحدة بالترتيبات الكاملة لتنظيم عملية الاستفتاء في الصحراء الغربية‏، لكن العملية تعطلت بسبب عدم الاتفاق على من يحق له المشاركة في الاستفتاء.

قدم ممثل الأمين العام في قضية الصحراء الغربية جيمس بيكر‏ خيار الحل الثالث القائم على منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا واسعا تحت الإدارة المغربية، الأمر الذي وافق عليه المغرب ورفضته الجبهة وتضامنت معها الجزائر.

في عام ‏2002 طرح كوفي أنان خيار التقسيم حلا رابعا على أن يكون للمغرب الثلثان وللبوليساريو الثلث، وهو الحل الذي رحبت به الجزائر ورفضه المغرب رفضا قاطعا واتهم الجزائر بأن قبولها للمقترح يكشف عن أطماع إقليمية لديها.

تعاقب أكثر من شخص على منصب ممثل الأمين العام الخاص بقضية الصحراء الغربية دون الوصول لحل سياسي متوافق عليه، وفشلت مفاوضات "مانهاست" التي انطلقت أولى جولاتها بمشاركة وفدين من الجزائر وموريتانيا بتاريخ 18يونيو/حزيران 2007 بضواحي نيويورك لحلحلة النزاع.

رفضت البوليساريو مقترح المغرب الذي قدمه بتاريخ 11 أبريل/نيسان 2007 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ويتعلق بمنح الحكـم الذاتـي للصحـراء الغربية مع الاحتفاظ برموز السيادة من قبيل العلم والسياسة الخارجية والعملة وغيرها.

تحدث عدد من وسائل الإعلام عن وجود انشقاق داخل "البوليساريو" وظهور تيار عام 2010 يطلق على نفسه اسم "خط الشهيد" يطالب بالدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب.

كما ظهر بمخيمات تندوف ما يسمى "حركة شباب التغيير" تتهم قيادة الجبهة بالفساد وتطالب بتحسين حال اللاجئين الصحراويين، وبرحيل الوجوه القديمة وإدخال عناصر شابة إلى قيادة الجبهة.

المصدر : الجزيرة