فجر الأوديسا

The guided-missile destroyer USS Barry launches a Tomahawk cruise missile from the ship's bow in the Mediterranean Sea in this U.S. Navy handout photo dated March 29, 2011. Barry is currently supporting Joint Task Force (JTF) Odyssey Dawn. JTF Odyssey Dawn is the U.S. Africa Command task force established to provide operational and tactical command and control of U.S. military forces supporting the international response to the unrest in Libya and enforcement of United Nations Security Council Resolution (UNSCR) 1973.
البنتاغون شارك بالصواريخ والطائرات في الحرب ضد القذافي فيما سمي "فجر الأوديسا" (رويترز)

في الوقت الذي اشتدت فيه الهجمات العسكرية الغربية على معاقل قوات العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في مارس/آذار 2011، دارت معركة أخرى لا تقل ضراوة، حول التسميات التي أطلقت على هذه العمليات، والدلالات المختلفة التي تحملها.

فبينما حرص العقيد القذافي على وصف الهجمات بكونها "حربا صليبية" جديدة في محاولة منه لاجتذاب الرأي العام العربي والإسلامي إلى صفه، أطلقت فرنسا عليها اسم "لارمتان" وهي كلمة تعني الريح الجافة التي تهب على أفريقيا بشكل خاص.

كما أطلقت عليها المملكة المتحدة اسم "إيلامي"، بينما أسمتها القوات الكندية "العملية المتحركة".

وحظي الاسم الأميركي للهجمات "فجر الأوديسا" بالقسط الأكبر من الترويج الإعلامي، وهو ما يعني وفق محللين أهمية دور الولايات المتحدة بالعمليات من جهة، وإيجابية الدلالات التي تحملها التسمية من جهة أخرى.

ملحمة يوليسيس
يرتبط الاسم بأسطورة الأوديسا التي تنسب إلى هوميروس، وهي ملحمة شعرية مكملة لـ"الإلياذة" يعتقد أنها كتبت مع نهاية القرن الثامن قبل الميلاد.

وتحكي ملحمة الأوديسا قصة عودة أحد أبطال حصار طروادة "يوليسيس" إلى بلاده "إيثاكا" بعد الانتهاء من حرب طروادة، ونجاحه في تجاوز الصعاب الجمة التي صادفها في طريقه لمدة عشر سنوات كاملة بسبب غضب إله البحر "بوصيدون" عليه.

وخلال تلك الفترة، أفلحت زوجته "بينولب" في الإفلات من محاولات النبلاء في "إيثاكا" إجبارها على الزواج من أحدهم، وتحكي الملحمة أنها كانت تعدهم باتخاذ قرار الزواج من أحدهم بمجرد الانتهاء من حياكة ثوب الزفاف، غير أنها كانت تنقض في الليل ما تغزله في النهار.

والغريب أن رحلة السفر الطويلة المليئة بالمغامرات لـ"يوليسيس" صادف أن مرت عبر بلاد "أكلة البردي لوتوفاجي" التي يعتقد الدارسون أنها هي ليبيا الحالية.

وخلال عودته إلى منزله، تحكي الأسطورة أن الإلهة "أثينا" وهي ربة الحكمة والقوة، حذرت "يوليسيس" من وجود ملاحقين لزوجته بالقرب من منزله، فعاد متنكرا، وأقام حفل وليمة لهم انتهت بقتلهم جميعا.

تحليلات متضاربة
وتضاربت التحليلات بشأن دلالات تسمية البنتاغون للحرب على قوات القذافي في ليبيا بـ"فجر الأدويسا" فمن قائل إنها تعبير عن رحلة مليئة بالمغامرات خاضتها قوات الدول المشاركة في الهجمات على الأرض الليبية، إلى آخر موضح بأن التسمية أغفلت المشاق التي عاشها "يوليسيس" مدة طويلة خلال مرحلة العودة، ما كان ينذر بتورط تلك القوات في ليبيا مدة أطول من التي تتصورها.

غير أن مدونة الأفق الجامعي الفرنسية نشرت مقالا حمل توقيع كاتب اسمه "أونوسطوس" أكد فيه أن اختيار الولايات المتحدة "فجر الأوديسا" اسما لعملياتها في ليبيا، هو مجرد محاولة لإضفاء طابع إيجابي على الحرب، غير أنه يؤكد أنها تبقى في نهاية المطاف حربا بكل ما تعنيه من دمار وقتل.

ويضيف المقال بأن أجواء المعارك كانت تفترض من باب أولى أن تكون التسمية مرتبطة بالإلياذة، كونها تحكي حرب طروادة وقصة الانتصار عليها، لكن البنتاغون فضل "فجر الأوديسيا" لإضفاء طابع إيجابي حالم على الهجمات وهذا أمر مهم للجنود والرأي العام.

وعن دلالات الفجر في "الأوديسا" يؤكد الدارسون أن له معان خاصة في تلك الملحمة، حيث يرمز إلى مرحلة النضج والحكمة وإنجاز المهام، والأهم من ذلك كله، انتهاء الصعاب والمشاق التي عاشها "يوليسيس" قبل العودة إلى بلاده وأسرته بعد غياب دام عشرين عاما، نصفها الأول في محاصرة طروادة، والنصف الثاني في محاولة الرجوع.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية