المشكلة القبرصية.. نزاع سياسي بلبوس عرقي

Peoples cross the Ledra street next to the UN buffer zone (Green Line) in divided Nicosia, Cyprus, 20 November 2016. UN-led talks for a solution of the Cyprus issue between the leaders of the two communities, namely President Nicos Anastasiades and Turkish Cypriot leader Mustafa Akinci, resume on 20 November in Mont Pelerin, Switzerland, for a two-day session. This is the second time the two leaders are meeting in Mont Pelerin for intensified talks.
الخط الأخضر يقسم نيقوسيا إلى شطرين حيث تراقب قوات أممية تطبيق اتفاق الهدنة بين الجانبين (الأوروبية)

المشكلة القبرصية نزاع سياسي عرقي؛ يعتبر من أقدم وأعقد أزمات السياسة الموروثة عن حقبة القرن العشرين. نشأ إثر استقلال قبرص عن بريطانيا 1960 بسبب الخلاف بين القوميتين الكبريين بالجزيرة (اليونانية والتركية) بشأن حكمها، وآل لتقسيمها إلى "دولتين". بُذلت جهود أممية ونُظمت جولات مفاوضات مضنية لحل الأزمة لكنها ما زالت تراوح مكانها دون نجاح يذكر.

معطيات عامة
1- الموقع الجغرافي: تقع جزيرة قبرص شمال شرقي البحر الأبيض المتوسط وتأتي في الرتبة الثالثة بين جزره من حيث الحجم (بعد جزيرتيْ صقلية وسردينيا). ويفصلها عن الشاطئ الجنوبي التركي 75 كلم، وعن غربي سوريا 105 كلم، وعن مصر 380 كلم، وعن اليونان حوالي ثمانمائة كلم.

2- المساحة: تبلغ مساحة قبرص الإجمالية 9.251 كلم2، منها 3.355 كلم مربعا في الشمال، وهي الجزء الذي أعلن فيه القبارصة الأتراك دولة مستقلة.

3- السكان والديانة: يقدر عدد سكان قبرص بـ1.172.458 نسمة (إحصاءات 2014)، يتوزعون عرقيا إلى 77% يونان و18% أتراك، والباقي ينتمي إلى عرقيات أخرى. ومن حيث الديانة فإن 78% يونان أرثوذكس يتكلمون اليونانية، و18% مسلمون سنة يتكلمون اللغة التركية، و4% أتباع ديانات أخرى.

لكن تجدر الإشارة إلى أن النسب العددية للسكان والأديان ظلت محل خلاف بين القوميتين الكبريين اليونانية والتركية، إذ يميل كل طرف إلى زيادة تعداده وتقليل تعداد الطرف الآخر. والإنجليزية هي اللغة الثانية للسكان عموما.

4- الموارد الاقتصادية: قبرص غنية بمواردها الطبيعية؛ فهي بلد زراعي يشتغل ثلثا سكانه في قطاع الزراعة، ومن مزروعاتها الشهيرة الزيتون والليمون والبرتقال والعنب والبطاطا.

كما أنها غنية بالمواد المعدنية وبالأخص النحاس والنيكل والكروم وتشكل المعادن 60% من صادرتها، وهناك تقديرات بوجود كميات كبيرة من النفط والغاز في سواحلها. هذا فضلا عن كونها بلدا سياحيا تمثل فيه السياحة موردا مهما للدخل القومي نظرا لطبيعة أرضها الخلابة وطقسها شبه المعتدل.

5- النظام الحاكم: تتألف الجزيرة القبرصية حاليا من دولتين مستقلتين، إحداهما معترف بها وعضوة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهي "الجمهورية القبرصية" المقامة على 65% من مساحة الجزيرة وعاصمتها نيقوسيا، والثانية مستقلة لكن لا يعترف بها سوى تركيا وتسمى "جمهورية شمالي قبرص التركية"، وهي مقامة على 35% من بقية مساحة الجزيرة وعاصمتها ليفكوشه.

جذور المشكلة
تحتل قبرص موقعا ذا أهمية إستراتيجية، فهي ملتقى للحضارات في قارات كبرى ثلاث (آسيا وأوروبا وأفريقيا)، وهو ما كان له دور إيجابي في تعزيز الثراء الحضاري لسكانها وتلاقحهم ثقافيا مع شعوب تلك الحضارات.

وقد أهّلها موقعها المتميز في البحر الأبيض للتحكم في طرق الملاحة الحيوية الرئيسية في العالم، فأسهم ذلك في إنعاش اقتصادها عبر عمليات التبادل التجاري التي كانت تتخذ من موانئها محطات للتزود بالمؤن اللازمة لمواصلة الرحلات البحرية. كما جعلها مطمعا لكل الإمبراطوريات التي حكمت في المنطقة.

وعلى الخصوص ارتبطت قبرص مع تركيا -التي تبعد سواحلها سوى 75 كلم- بتاريخ طويل، ففي 1571م دخلها السلطان العثماني سليم الثاني بجيوشه، ونجح في إجلاء البنادقة (حكام جمهورية البندقية القديمة) عنها بعد أن ظلوا دوما مصدر تهديد للمصالح العثمانية، وعامل إزعاج لقوافل الحجاج وطرق التجارة عبر شرق البحر الأبيض المتوسط.

ومنذ ذلك التاريخ ظلت قبرص تابعة للدولة العثمانية طوال ثلاثة قرون، شهدت الجزيرة فيها فترات من الاستقرار والازدهار وأخرى من الاضطراب السياسي والاجتماعي وشظف العيش.

وفي 1878 تنازلت تركيا -خلال حربها مع روسيا– عن قبرص لبريطانيا بموجب معاهدة سرية تعهدت فيها لندن بأن تساعد تركيا في دفع الخطر الروسي عنها. لكن بريطانيا ألغت هذه المعاهدة خلال الحرب العالمية الأولى وأعلنت في 1925 أن قبرص "مستعمرة ملكية".

وخلال القرون التي حكم فيها العثمانيون قبرص زادت معدلات هجرة الأتراك إلى الجزيرة، كما كانت في الوقت نفسه منفى لمن تريد السلطات التركية نفيه من قادة المعارضة الذين تعتقد أنهم يمثلون مصدر تهديد لحكم "الباب العالي" في العاصمة الأستانة (إسطنبول).

وبسبب العداء التاريخي والتنافس التقليدي على الموارد الحيوية بين اليونان وتركيا، ونظرا للروابط المتينة دينيا وعرقيا بين القبارصة ذوي الأصول اليونانية ودولة اليونان، فإن قبرص ظلت على الدوام تمثل مصدر تهديد للأمن القومي التركي.

فهي فضلا عن قربها الجغرافي (75 كلم) يمكن في حال اتحادها مع اليونان -بسبب الوجود العسكري اليوناني على أرض الجزيرة، وخلفيات الثارات التاريخية القديمة بين اليونان وتركيا- أن تزيد الحصار البحري على تركيا وتهدد أمنها، وتغلق منافذها البحرية عند مدخل بحر إيجه المؤدي إلى مضيق الدردنيل وخليج البوسفور، وكافة الموانئ التركية من إسطنبول وحتى لواء الإسكندرون.

وهذه الأخطار جميعا تحسب لها تركيا ألف حساب، ويضعها الساسة والعسكريون الأتراك نصب أعينهم على الرغم من أن البلدين (تركيا واليونان) عضوان في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ومع أوائل الخمسينيات نشأت في قبرص حركة سرية تسمى "المنظمة الوطنية للمقاتلين القبارصة" (أيوكا)، فكان قادتها وكوادرها من القبارصة اليونانيين وجعلت هدفها الحصول على الاستقلال والاتحاد مع اليونان.

دعمت الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان هذه الحركة وأمدتها بالمال والسلاح، وأضفت على أعمالها طابعا مقدسا حين نصبت زعيمها ميخائيل موسكوس (الملقب دينيا بـ"الأسقف مكاريوس") رئيسا لأساقفة قبرص، مما أكسب شخصيته طابعا دينيا فضلا عن الطابع القومي الذي اشتهر به.

شنت منظمة "أيوكا" حرب عصابات على الاحتلال البريطاني عام 1955 وطالت شظايا تلك الحرب القبارصة الأتراك، مما أدخل البلاد في حالة أشبه بالحرب الأهلية سقط فيها ضحايا كثر من الجانبين.

كما شهدت قبرص هبة شعبية حاولت بريطانيا إخمادها بنفي مكاريوس إلى جزيرة "سيشل" في المحيط الهندي، لكن الثورة اشتدت مما اضطرها إلى الإفراج عنه عام 1956، وتمهيد الأجواء للدخول في مفاوضات بشأن استقلال الجزيرة.

وفي مقابل منظمة "أيوكا" السرية نظم القبارصة الأتراك أنفسهم للدفاع عن وجودهم ومصالحهم، واستنهاض الشعب التركي في الأناضول لتقديم الدعم والإسناد لهم، فأسسوا عام 1957 حركة "فولفان" (البركان) بزعامة رؤوف دنكطاش فأعلنت العمل الكفاحي وأطلقت على نفسها "منظمة المقاومة التركية".

وفي 1959 اجتمع بمدينة زيورخ (سويسرا) قادة القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين وممثلون عن تركيا واليونان وبريطانيا (سميت الدول الثلاث الأخيرة بـ"الدول الضامنة") للتباحث بشأن استقلال قبرص.

وانتهت مفاوضاتهم الطويلة والشاقة إلى منح قبرص الاستقلال، فأعلِن بالفعل في 16 أغسطس/آب 1960 بعد الاتفاق على دستور ينظم شؤون الحكم وإدارة الدولة.

وقد اشترطت لندن أن يكون هناك التزام في الدستور القبرصي بمشاركة الأقلية التركية في الحكم، لكن الأغلبية اليونانية لم تنفذ ما عليها من التزامات بالدقة والقدر اللازمين، فنشب خلاف بين الطرفين تطور حتى أصبح يعرف إعلاميا بـ"المشكلة القبرصية".

فقد كان من أبرز ما نصت عليه اتفاقيات الاستقلال ودستور 1960 منح القبارصة الأتراك 30% من كل شيء تقريبا في الحكم وإدارة الدولة، سواء في الحقائب الوزارية أو في عدد مقاعد البرلمان أو في الوظائف العامة، مقابل منح القبارصة اليونانيين حوالي 70%.

كما نص الدستور آنذاك على تعيين نائب لرئيس الجمهورية من القبارصة الأتراك، واشتراط موافقته على القرارات المهمة المتعلقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، وعلى أن تكون لكل من تركيا واليونان قوات رمزية في قبرص (900 جندي لليونان و650 لتركيا)، وتستمر بريطانيا في احتفاظها بقاعدتيها العسكريتين في منطقتيْ أكروتيري ودهكيليا على الساحل الجنوبي للجزيرة.

اندلاع الصراع
في 31 يوليو/تموز 1960 انتخِب بالفعل أعضاء البرلمان القبرصي، وانتهى الحكم البريطاني للجزيرة في 15 أغسطس/آب 1960، وفي ديسمبر/كانون الأول 1960 انتخِب الأسقف مكاريوس أول رئيس لجمهورية قبرص المستقلة، وفي العام التالي انضمت الجزيرة إلى الأمم المتحدة.

لم تمر ثلاثة أعوام على استقلال قبرص حتى تقدم الرئيس مكاريوس بثلاثة عشر مقترحا بتعديلات على دستور 1960، مدعيا أن هذا الدستور قد شل أداء الحكومة، وأنه أعطى حقوقا أكثر من مما يجب للقبارصة الأتراك، وقال إن من شأن تعديلاته المقترحة تحسين إدارة البلاد.

رفض القبارصة الأتراك مقترحات مكاريوس، وقالوا إنها ستسلبهم حقوقهم الدستورية وتهدد الضمانات التي منحت لهم بمشاركتهم في الحكم، فسحبوا جميع موظفيهم في الحكومة المشتركة. وأيدهم في موقفهم القادة الأتراك فاندلعت على إثر ذلك أعمال عنف بين الجانبين في ديسمبر/كانون الأول 1963، وسقطت أعداد من القتلى والجرحى ودخلت الجزيرة في دوامة من الفوضى.

أرسلت الأمم المتحدة في 27 مارس/آذار 1964 قوات لحفظ السلام في قبرص، ونشطت الجهود الدبلوماسية الدولية لحل "المشكلة القبرصية"، وقد أسفرت هذه الجهود عن إعادة الهدوء المشوب بالحذر مرة أخرى إلى الجزيرة، لكن سرعان ما تجددت أعمال العنف بين الجانبين.

وهكذا دخلت البلاد في أزمة جديدة امتدت خلال 1967-1974، ولم تنفع معها المباحثات التي جرت بين القبارصة الأتراك واليونانيين لأن معضلة الدستور ظلت قائمة دون حل، كما بقي القبارصة الأتراك ينظرون إلى الحكومة القبرصية باعتبارها "حكومة يونانية" لا تمثلهم وإنما تمثل "جنوب جزيرة قبرص فقط".

أعيد انتخاب الأسقف مكاريوس رئيسا للجمهورية فترتين (1968 و1973)، وفي 15 يوليو/تموز 1974 شهدت الجزيرة انقلابا عسكريا ناجحا نفذته -بالتعاون مع ضباط يونانيين- عناصر قبرصية يونانية تدعو لاندماج الجزيرة مع اليونان.

أطاح الانقلابيون بحكم الرئيس مكاريوس الذي اضطر إلى الفرار خارج البلاد. وخلفه الناشر الصحفي نيكوس سامسون لكنه استقال بعد أسبوع واحد، فقاد البلاد رئيس مجلس النواب (البرلمان) غلافكوس كلرديس.

كانت الدولة التركية تراقب الأوضاع السياسية المضطربة في قبرص عن كثب، واعتقدت أن الوقت قد حان لحسم عسكري ينهي الصراع الطويل الممتد بين القبارصة الأتراك واليونانيين، فتدخل الجيش التركي في قبرص يوم 20 يوليو/تموز 1974 -باعتبار تركيا إحدى الدول الضامنة لأمن قبرص- واندلع قتال عنيف بينه وبين الجيش القبرصي.

استطاع الجيش التركي إحراز تقدم عسكري ملموس كان من نتيجته السيطرة على مساحات واسعة شمالي البلاد وإقامة ممر يعزل شمال قبرص عن جنوبها، وفرار آلاف القبارصة اليونانيين من هناك صوب الجنوب، كما فر الآلاف أيضا من القبارصة الأتراك من المناطق الجنوبية باتجاه الشمال، وقد تسبب ذلك في إيجاد مشكلة لاجئين ونازحين صاحبتها معاناة إنسانية كبيرة.

جهود التسوية
تدخل الوسطاء الدوليون لإنهاء القتال الدائر فاستطاعوا التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين القبارصة اليونانيين والجيش التركي، وطالب مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار وإرساء أسس مفاوضات بين اليونان وتركيا وبريطانيا. وسرى وقف إطلاق نار فعلي اعتبارا من 16 أغسطس/آب 1974.

وتمتد خطوط وقف إطلاق النار نحو 180 كيلومترا، وتغطي ما نسبته 3% تقريباً من مساحة الجزيرة. وقد أصبحت هذه الخطوط معلما رئيسيا من معالم قبرص الراهنة ذات المنطقتين والقوميتين والدولتين.

وافقت الأطراف على عودة الأسقف مكاريوس إلى الحكم في 7 ديسمبر/كانون الأول 1974. وطوال عاميْ 1974 و1975 لم يستطع طرفا الأزمة التوصل في مباحثاتهما لتسوية للأزمة، مما حدا بالقبارصة الأتراك بزعامة رؤوف دنكطاش لتشكيل هيئة تأسيسية 1975 لوضع دستور جديد لدولة مستقلة، وإعلان شمالي قبرص منطقة حكم ذاتي سموها "الولايات القبرصية التركية الفدرالية".

اتفق مكاريوس ودنكطاش على تسوية سياسية تقضي بإنشاء جمهورية مستقلة تقودها حكومة مركزية لحفظ وحدة الجزيرة طبقا لضوابط يقبل بها الطرفان، لكن مكاريوس توفي قبل تجسيد هذا الاتفاق يوم 3 أغسطس/آب 1977، فخلفه رئيس مجلس النواب سباريوس كبريانو وتواصل عدم استقرار الأوضاع.

وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1983 أجري استفتاء شعبي عام لسكان الجزء الشمالي من الجزيرة، وأعلن القبارصة الأتراك تلك المناطق جمهورية مستقلة تحت مسمى "جمهورية شمالي قبرص التركية" وأصبح دنكطاش رئيسا لها.

قررت تركيا على الفور الاعتراف بالجمهورية الوليدة لكنها عجزت عن نيل اعتراف أي دولة أخرى كما لم تمنحها الأمم المتحدة عضويتها، إلا أنها عضو مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي. وظلت قبرص التركية تعيش عزلة اقتصادية وتجارية دولية، ويعتمد اقتصادها على تمويل تركيا لها بنحو 700 مليون دولار سنويا.

وأصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 541 (عام 1983) الذي أعلن فيه عدم شرعية هذا الاستقلال مطالبا جميع الدول بعدم الاعتراف به، كما طالب القوات التركية بالانسحاب من الجزيرة، لكن أنقرة لا تعترف أيضا بقبرص اليونانية.

بقيت المشكلة القبرصية تراوح مكانها طوال عقود؛ حكومة في الشمال غير معترف بها سوى من تركيا ووجود عسكري تركي هناك يقدر بنحو ثلاثين ألف جندي، وحكومة أخرى في الجنوب تحظى بالشرعية الدولية، وظل الوحدويون في الجانبين يطالبون بعودة الوحدة إلى الجزيرة المقسمة، وارتفعت أصواتهم بضرورة تذليل الصعاب وتجاوز ضغائن الماضي.

وفي عام 2003 تخلى دنكطاش عن رئاسة قبرص التركية فخلفه فيها محمد علي طلعت (الحزب الجمهوري) الذي في عهده قدمت الأمم المتحدة خطة لإعادة توحيد قبرص عام 2004، وعُرضت على استفتاء عام فقبلها القبارصة الأتراك بنسبة 65% ورفضها القبارصة اليونانيون بنسبة 76%. وقد ولدت هذه النتيجة شعورا بالخيبة لدى غالبية الفرقاء الدوليين.

وفي 1 مايو/أيار من العام نفسه وافق الاتحاد الأوروبي على قبول عضوية قبرص فيه. لكن تركيا والقبارصة الأتراك رفضوا ذلك قائلين إن اتفاق 1960 ينص على "أنه لا يحق لقبرص أن تصبح عضوا في أي تجمع دولي ما لم تكن تركيا عضوا فيه".

وفي 8 يوليو/تموز 2006 اتفق الجانبان على تشكيل لجان عمل ومتابعة لما يتوصلان إليه من تفاهمات، لكن القرار بقي حبرا على ورق لأنهما لم يستطيعا أن يتفقا حتى على اسم تلك المجموعات ووظائفها أو أسماء المشاركين فيها.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2006، وافقت أنقرة على طلب أوروبي يقضي بفتح مرفأ ومطار أمام السفن والطائرات القبرصية اليونانية لمدة عام، وذلك ريثما يتم التوصل لتسوية شاملة للقضية القبرصية. وشرطت تركيا هذه الخطوة بفتح الاتحاد الأوروبي عددا مماثلا من الموانئ والمطارات في الشطر التركي من قبرص، لكن قبرص اليونانية رفضت العرض التركي.

وفي 24 فبراير/شباط 2008 فاز زعيم الحزب الشيوعي القبرصي ديميتريس خريستوفياس فأعلن أنه يريد استئناف المحادثات مع القبارصة الأتراك عبر عملية سلام تشرف عليها الأمم المتحدة. وأكد أنه سيعمل على "إعادة توحيد الشعب القبرصي، وأنه من أجل ذلك يمد يد الصداقة إلى القبارصة الأتراك وإلى زعمائهم".

وفي 23 مايو/أيار 2008 توصل الطرفان -تحت إشراف الأمم المتحدة- إلى تفاهم كان من أهم نقاطه الاتفاق على "دولة فدرالية بطرفين مؤسسين متساويين"، وهو ما اعتبره القبارصة الأتراك "نصرا عظيما". كما اتفقا في 3 سبتمبر/أيلول 2008 على أن يجري طرح أي اتفاق يتم التوصل إليه على استفتاء شعبي عام.

وفي 18 أبريل/نيسان 2010 نُظمت انتخابات رئاسية فأسفرت عن فوز رئيس الوزراء حينها درويش آر أوغلو (حزب الوحدة الوطنية) بمنصب رئاسة الشطر التركي من الجزيرة. وفي عهده تكرر فشل المحادثات مع القبارصة اليونانيين لحل المشكلة خلال جولات مفاوضات ولقاءات نُظمت خلال أعوام 2011 و2012 و2013 و2014.

وفي 26 أبريل/نيسان 2015 انتخِب مصطفى آكينجي (يسار الوسط) رئيسا لقبرص التركية خلفا لأوغلو، ويوصف آكينجي بأنه من أكبر الداعمين للمصالحة مع الحكومة القبرصية اليونانية. وفي جولة محادثات جمعته بنظيره القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسيادس (15 مايو/أيار 2015) أعلن الرئيسان الانتقال إلى "مرحلة جديدة لإرساء الأمن والمساواة في الجزيرة".

لكن جلسات الجولة الأخيرة من المفاوضات المنظمة في سويسرا خلال 7-21 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وصلت إلى طريق مسدود، وكان من المقرر أن تناقش موضوعيْ الأراضي وترسيم خريطة الجزيرة.

ويرى المراقبون أن تسوية المشكلة القبرصية تعوقها ثلاث مسائل ما زالت تمثل موضع خلاف بين الطرفين القبرصيين. وهذه المسائل هي: طريقة إدارة الدولة الفدرالية القادمة، وتحديد مستحقي الجنسية القبرصية، وملكية الأراضي والعقارات التي خسرها الأفراد نتيجة التقسيم.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية