أول ناشطة سعودية تواجه الإعدام.. من هي وما قصتها؟

تقبع منذ أكثر من عامين في السجن، ولم تكمل عقدها الثالث، وغير متهمة بأي أعمال عنف، ولكنها مع ذلك تواجه خطر الإعدام، وقد تكون أول ناشطة حقوقية سعودية تتعرض للإعدام، فمن تكون؟

إنها الناشطة الحقوقية السعودية إسراء الغمغام ذات 29 ربيعا، والتي دأبت على المشاركة في المظاهرات المطالبة بإنصاف الأقلية الشيعية في السعودية منذ عام 2011، وتواجه اليوم خطر الموت بعد أن طالب الادعاء العام في السعودية بإعدامها على خلفية مواقفها السياسية والحقوقية المناهضة لسياسة الحكومة السعودية.

المولد والنشأة
ولدت إسراء الغمغام في يناير/كانون الثاني 1990، وتنحدر من منطقة القطيف (شرقي السعودية).

قصة الاعتقال والاتهام
لم تكن إسراء الغمغام وجها حقوقيا معروفا قبل عام 2011، وفي غمرة موجات الربيع العربي التي هبت على أجزاء واسعة من العالم العربي، وأثارت احتجاجات واضطرابات في بعض الدول العربية، ظهرت الغمغام ناشطة مدافعة عن حقوق الأقلية الشيعية في السعودية.

وانخرطت الشابة العشرينية في الأنشطة والتحركات الشعبية التي شهدتها المنطقة الشرقية بالسعودية، وشاركت في العديد من المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بوقف ما يصفونه "بسياسة التمييز ضد الأقلية الشيعية"، ونشرت عددا من الصور والمقاطع من تلك الاحتجاجات في وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع انكسار موجة الربيع العربي منتصف عام 2013، وصعود ما يوصف بالثورات المضادة بعيد ذلك، تراجعت وتيرة الاحتجاجات في المناطق الشرقية بالسعودية، وأودع العديد من النشطاء في السجون والمعتقلات.

وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول 2015 داهم زوار الفجر شقة إسراء الغمغام وزوجها موسى الهاشم بشكل مفاجئ، واقتادوهما إلى وجهة لم تكن معروفة في البداية.

وتتهم السلطات السعودية الغمغام بمناهضة الحكومة والتحريض على التظاهر واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر صور ومقاطع الاحتجاج المناهضة والمحرضة على الحكومة وغيرها من التهم.

وبعد أكثر من عامين من الاعتقال، طالبت النيابة العامة في السعودية بإعدام الغمغام وأربعة نشطاء آخرين أمام محكمة تنظر ما يوصف بقضايا "الإرهاب".

ونقلت هيومن رايتس ووتش عن نشطاء سعوديين تأكيدهم أن مطلب النيابة العامة الأخير يجعل الغمغام أول ناشطة قد تواجه الإعدام بسبب عملها الحقوقي، مما يشكل سابقة خطيرة للناشطات الأخريات اللائي يقبعن حاليا وراء القضبان.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن النيابة العامة اتهمت النشطاء المحتجزين بتهم عدة لا تشبه الجرائم المتعارف عليها، منها "المشاركة في المسيرات والمظاهرات في منطقة القطيف"، والتحريض على التظاهر، و"ترديد عبارات مناوئة للدولة"، و"محاولة التأثير في الرأي العام وضد السلطة"، وتصوير المسيرات ونشرها على وسائل الإعلام الاجتماعي، و"توفير الدعم المعنوي للمشاركين في التجمعات".

وبحسب المنظمة الحقوقية الدولية، فقد دعت النيابة العامة إلى تنفيذ حكم الإعدام على أساس مبدأ "التعزير" في الشريعة، والذي تكون للقاضي فيه حرية التصرف في تعريف الجريمة وتحديد الحكم.

وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش تعليقا على طلب النيابة السعودية إعدام الغمغام: "كل إعدام مروع، لكن السعي إلى إعدام نشطاء مثل إسراء الغمغام، وغير متهمين حتى بأعمال عنف، أمر فظيع. يوما بعد يوم، يجعل استبداد السلطات السعودية غير المحدود أكثر صعوبة على فِرق العلاقات العامة أن تروّج قصة "الإصلاح" الخرافية بين حلفائها والشركات الدولية".

من جهتها، طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) السلطات السعودية بإسقاط حكم الإعدام عن الناشطة السعودية إسراء الغمغام وأربعة آخرين متهمين بالمشاركة في تظاهرات مناهضة للحكومة.

وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية سماح حديد إن إعدام إسراء الغمغام -التي اعتقلت في القطيف عام 2015- في حال تنفيذه "سيشكل تهديدا لناشطين آخرين بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان وتظاهرهم السلمي".

واعتبرت حديد أن الهدف من محاكمة الغمغام هو "إسكات المعارضة في المنطقة الشرقية بالمملكة"، مضيفة أن السعودية "هي أكثر بلدان العالم تنفيذا لحكم الإعدام"، وأن "على العالم عدم تجاهل سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، ووضع حد لتلك المحاكمات السياسية والممارسات المخالفة للقانون الدولي".

ومما يزيد من قلق الحقوقيين على حياة الغمغام سوابق القضاء السعودي في التعاطي مع حالات مشابهة، خاصة إذا تعلق الأمر "بالمحكمة الجزائية المتخصصة" التي أنشئت عام 2008 للنظر في قضايا "الإرهاب"، حيث استُخدمت منذ تأسيسها بشكل متزايد –وفقا لما ذكرته هيومن رايتس ووتش- لمقاضاة المعارضين السلميين، وهي مشهورة بتجاوزاتها لمعايير المحاكمة العادلة.

وسبق أن حكمت المحكمة ذاتها –وفقا للمصدر ذاته- "على نشطاء شيعة آخرين بالإعدام بتهم ذات دوافع سياسية، من بينهم رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر، وسبعة رجال آخرين بالإعدام لدورهم في مظاهرات المنطقة الشرقية عام 2014، وعلى 14 شخصا آخرين في 2016 للمشاركة في الاحتجاجات.

وأعدمت السلطات السعودية النمر و33 رجلا شيعيا في الثاني من يناير/كانون الثاني 2016، عندما نفذت أكبر إعدام جماعي منذ عام 1980، إذ أعدمت 477 رجلا".

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية