المغربي "الشاذلي".. من جلباب السلفية إلى عباءة السياسة

عبد الكريم الشاذلي ، أحد الوجوه البارزة للتيار السلفي بالمغرب، ومن الوجوه الأكثر بروزا لقادة المراجعات الفكرية داخل هذا التيار.

أحد الوجوه البارزة للتيار السلفي بالمغرب، ومن الوجوه الأكثر بروزا لقادة المراجعات الفكرية داخل هذا التيار، يقود مبادرة لإدماج السلفيين، خاصة الموقوفين السابقين منهم في الحياة السياسية.

مظهره كما هو، فلحيته الطويلة ما زالت تتوسط صدره، ولباسه لا يخرج عن قمصان فضفاضة وجلباب يكاد طوله لا يصل ما فوق الكعب، لكن باطن أفكاره عرفت تغيرات كبيرة، خاصة في الفترة التي قضاها بالسجن بتهم تتعلق بـ"التحريض والتنظير للإرهاب"، قبل أن يفرج عنه بعفو ملكي.

المولد والنشأة
ولد عبد الكريم الشاذلي سنة 1960 بمدينة الدار البيضاء.

الدراسة والتكوين
قبل دخوله السجن، درس الشاذلي الملقب بأبي عبيدة الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط وحصل على الدكتوراه في مطلع 2000، وكان موضوع رسالته في فكر شيخ الإسلام ابن تيمية.

التجربة السياسية
نُسبت إلى الشاذلي تصريحات في وقت سابق وصفت بـ"الداعمة لتنظيم القاعدة"، واعتبرت أسامة بن لادن "مصلح القرن، وأدرجت تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بأميركا في "الواجبات الشرعية".

حققت معه السلطات الأمنية مرارا في وقت سابق للاشتباه بحيازته منشورات ومجلات تدعو للجهاد.

له مسار "دعوي" طويل، فقد كان عضوا بتنظيم الشبيبة الإسلامية، ثم ساهم في تأسيس "الجماعة الإسلامية" (قبل أن يتركها)، وهي التي تحولت فيما بعد إلى حركة "التوحيد والإصلاح" الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية المغربي.

بعد انفصاله عن تنظيم "الجماعة الإسلامية" عام 1985، التحق بالجيش المغربي (قبل أن يتركه).
وبعدما كان عام 2001 "مُنظرا للإرهاب"، بحسب تهم وجهت إليه آنذاك، صار حتى عام 2011 معتدل الخطاب نابذا للعنف والإرهاب، ليُفرج عنه بعفو ملكي بعد إعلانه إلى جانب آخرين قيامهم بمراجعات فكرية.

ففي سنة 2001، أصدر مؤلفا تحت عنوان "فصل المقال في أن من تحاكم إلى الطاغوت من الحكام كافر من غير جحود ولا استحلال".

وفي عام 2003 عقب تفجيرات 16 مايو/أيار التي هزت مدينة الدار البيضاء، وجهت إليه تهم تتعلق بـ"التحريض على الإرهاب والتنظير له"، و"محاولة تكوين خلايا إرهابية داخل الجيش المغربي"، ليُحكم عليه بعدها بالسجن 30 سنة، قضى منها نحو 8 سنوات ثم غادر السجن بعفو ملكي عام 2011.

تجربة السجن
يرفض الشاذلي تسمية ما قدمه "مراجعات فكرية" ويعدها "وقفات للتعقل والواقعية"، وفق ما أفاد لمراسل وكالة الأناضول للأنباء.

ومع ذلك يقر الشاذلي بمجموعة من التغييرات الفكرية التي خرج بها من السجن وكانت على خلاف ما دخل به إليه.

فداخل السجن قام الشاذلي مع مجموعة من السلفيين الآخرين بمراجعة أفكارهم، إذ ظهر نوع من المرونة والمراجعة للأفكار "التي كان بعضها متطرفا".

وفي هذا الصدد أوضح الشاذلي أنه مع أشخاص آخرين عقدوا العزم آنذاك على "سحب هذه الأفكار، وبالأساس الدعوة للمشاركة في الحياة السياسية وعدم مُقاطعتها".

بعض الكتابات التي ألفها الشاذلي قبل فترة توقيفه، كانت تُنسخ وتوزع من طرف بعض الشباب، وتروج على أساس أنها "دعوات للجهاد".

واليوم يقول الشاذلي "ندعو لإدماج الشباب في الحياة السياسية في نوع من المراجعات عما فهم منا خطأ في مرحلة سابقة قبل دخولنا السجن".

بعد خروجه من السجن أسس الشاذلي "الجمعية الوطنية للإدماج والإصلاح" (غير حكومية)، تعمل على إعادة إدماج المعتقلين السابقين في المجتمع، وتوفير فرص عمل لهم.

وتطالب الجمعية السلطات المغربية بـ"التفاعل الجاد من أجل إيجاد فرص عمل وتسهيل الإدماج الاجتماعي للمعتقلين الإسلاميين السابقين".

انضم الشاذلي أيضا إلى حزب الحركة الديمقراطية الشعبية (معارض)، ويعمل رفقة سلفيين آخرين على تأسيس جناح دعوي تابع للحزب على غرار حركة "التوحيد والإصلاح".

ويرى الشاذلي أن إدماج الشباب في العمل السياسي وسوق الشغل من أهم وسائل تحصينهم ضد "التطرف والإرهاب"، فإن الشاب السلفي أيضا منشغل بما يفيد بلده، على حد قوله.

ويقود الشاذلي حاليا مبادرة لإدماج السلفيين خصوصا الموقوفين السابقين منهم في الحياة السياسية، وذلك عبر الانتماء إلى حزبه "الحركة الديمقراطية الشعبية".

في أبريل/نيسان 2017 أعلن عبد الكريم الشاذلي تأسيس أول نقابة للسلفيين بعدما قررت نقابة تدعى الكونفدرالية الوطنية للشغل الانضمام إلى حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية التي يشغل الشاذلي منصب منسقها العام.

وقال الشاذلي في تصريح صحفي إن النقابة "ستفتح أبوابها في وجه السلفيين الذين لم يجدوا موطئ قدم في النقابات الأخرى، وستدافع عن حقوقهم في العمل وفي العثور على عمل أيضا".

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالة الأناضول