تودوروف.. مفكر فرنسي "منسي" ندد بالرسوم المسيئة

(FILE) - A file picture dated 22 November 2008 shows Bulgarian-French historian and philosopher Tzvetan Todorov at his arrival to Oviedo, Asturias, Spain. Todorov has died 07 February 2017 at the age of 77 in Paris, France, according to media reports.
 
كما عارض التدخلات الأجنبية بدول أخرى مؤكدا أنها "تحفز الإرهاب"؛ توفي عام 2017 ولم تحظ وفاته بتغطية إعلامية في الغرب تناسب حجمه الفكري.

المولد والنشأة
ولد تزفيتان تدوروف في 1 مارس/آذار 1939 بالعاصمة البلغارية صوفيا.

الدراسة والتكوين
واصل تودوروف دراسته ببلغاريا، ودخل جامعة صوفيا حيث درس فقه اللغة السلافية وتخرج عام1961، ثم انتقل إلى فرنسا ونال شهادة الدكتوراه التي أعدها بإشراف رولاند بارت وكان عنوانها "الأدب والدلالة".

الوظائف والمسؤوليات
عمل تودوروف رئيسا شرفيا للمركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي، ودرّس بعدة جامعات أميركية.

التوجه الفكري
يعد تودوروف من أبرز الأسماء الفكرية التي تبنت الدعوة للانفتاح على الحضارات الأخرى وتجنب الانغلاق على الذات، موضحا في كتاباته أن البربرية تحدث عندما تعتقد مجموعة بشرية ما أنها تجسد الحضارة والتقدم والحرية ما يؤدي بها في نهاية المطاف إلى الانغلاق على الذات ورفض الآخر.

وكان تودوروف يؤكد أن "ما يجمع الناس أكثر أهمية مما يفرقهم".

التجربة الفكرية
دشن تودوروف مساره الفكري في مجال الأدب، وعرف بكتاباته الأولى في هذا المجال وبينها "الأدب والدلالة" و"مدخل إلى الأدب الرفيع".

انتقل تودوروف إلى فرنسا عام 1963، وتابع دروس رولان بارت في مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، وعبر بارت بدأ يكتب لمجلة كومينيكاسيون.

ونشر عام 1964 مقالته الشهيرة "وصف الدلالة في الأدب" ناقش فيها كيف أن تحليل الشكل أهم من دراسة المضمون.

وشغل الناس عام 1965 عندما نشر كتابه "نظرية الأدب.. نصوص الشكلانيين الروس"، وفي 1966 نشرت مجلة "تواصل"الفرنسية كومينيكاسيون له مقالة ثانية بعنوان "أنماط السرد الأدبي".

ومع بداية السبعينيات من القرن الماضي "ابتعد" تودوروف عن الأدب والتحليل الأدبي قليلا، ودشن مسارا يحلل ويناقش تاريخ الأفكار والعلاقات الإنسانية، وكان كتابه "غزو أميركا" الذي صدر عام 1979 تدشينا عمليا لهذا المسار.

بعدها أصدر كتابه "نحن والآخرون" الذي ظهر فيه توجهه الإنساني واضحا، وسرعان ما تتالت مؤلفاته التي ظل يؤكد فيها أن المنظومة الإنسانية منظومة واحدة، ووجه انتقادات عميقة لنظرية صدام الحضارات لصاحبها صموئيل هنتيغتون، والتي أكد أنها نظرية تبسيطية وهو ما يفسر انتشارها السريع وسط الناس.

وحرص تودوروف على التوضيح دائما بأن "النظريات سهلة التسويق" هي مطية لغزو الأمم الأخرى باسم الإنسانية أو الديمقراطية أو الحرية، مشددا على أنه لا يوجد شيء اسمه "فرض الديمقراطية بالقوة".

وفي كتابه "روح الأنوار" يستدعي قول مونتسكيو "أنا أساسا إنسان، ولست فرنسيا سوى بالصدفة"، ليكرس مفهوم أن الإنسانية كيان واحد.

وعشق تودوروف للانفتاح والحرية، لم يمنعه من انتقاد "التوظيفات المنحرفة للحرية" مثل الإساءة إلى رسول الإسلام في الرسوم الكاريكاتيرية التي رأى فيها وسيلة للتيار اليميني المتطرف ليعلن عن نفسه.

عبر تودوروف أكثر من مرة عن رفضه التام لتدخل القوات الأجنبية ببلدان بعينها بينها العراق وليبيا، معتبر ذلك تحفيزا "للإرهاب والعمليات الإرهابية"، وفي هذا السياق اعتبر أن التدخل الفرنسي في ليبيا كان تدخلا "غير مشروع".

وحذر تودوروف دائما من سياسة صناعة الخوف من الآخر لتبرير السيطرة على الدولة وتوجيه حركة المجتمع، وانتقد الليبرالية الجديدة التي يرى أنها تفرض صنع قوالب فكرية وقانونية تقصي الآخر وتعمل على تدجينه لخدمتها، وشجع بالتالي ظهور حركات احتجاج تساعد على حفظ التوازن.

المؤلفات
نشر تودوروف كتبا كثيرة تنوعت بين الأدب والتاريخ والفكر، من أشهرها "شاعرية النثر (1971)"، "مقدمة الشاعرية (1981)"، و"غزو أميركا (1982)"، و"مواجهة المتطرف: الحياة الأخلاقية في معسكرات الاعتقال (1991)"، وذلك إلى جانب مؤلفات بينها "حول التنوع الإنسان (1993)"، و"الأمل والذاكرة (2000)"، "والحديقة المنقوصة.. تركة الإنسانية (2002)،  و"ميخائيل باختين: المبدأ الحواري" (1981)، و"الخوف من البرابرة: ما وراء صدام الحضارات"، و"نحن والآخرون"، و"الأعداء الحميميون للديمقراطية"، و"ذاكرة الشر: محاولة للخير".

الوفاة
توفي تودوروف يوم 7 فبراير/شباط 2017، وقالت وزيرة التعليم الفرنسية نجاة فالو بلقاسم في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر إنها تشعر بحزن كبير على رحيل تودوروف، ووصفته بالإنساني العظيم وبالأوروبي ومؤرخ الأفكار العظيم.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات