مروان حديد: أنا عميل لله

مروان حديد

شخصية سياسية دينية من سوريا، عاشت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. والمعروف أنه مؤسس "الطليعة المقاتلة" للإخوان المسلمين في سوريا. وقد أطلقت المعارضة السورية المسلحة اسمه على عملياتها في شمال حماة.

المولد والنشأة
ولد مروان حديد عام 1934 في مدينة حماه السورية لأسرة عريقة ومحافظة، والده الحاج خالد حديد كان يعمل بالتجارة، وهو الرابع من خمسة أشقاء، ونشأ في وسط مثقف، وكان يلقب بالشاعر.

التوجه الفكري  
نشأ مروان في بيئة حزبية اشتراكية، لكنه انضم لاحقا إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية. وكانت نقطة التحول في مسار حياته تعود إلى واقعة مقتل الشيخ حسن البنا في مصر، حيث راح يبحث ويقرأ عن فكر ودور هذه الشخصية، ليصبح بعد ذلك أكثر تمسكا بالدعوة إلى الإسلام وبتعاليمه وشريعته.

الدراسة والتكوين
درس وتدرج في مدارس حماة، وحصل على الثانوية العامة في الفرع العلمي عام 1955، وتخرج بكلية الزراعة في جامعة عين شمس بمصر عام 1964، ثم التحق بكلية الآداب جامعة دمشق قسم الفلسفة وحصل على البكالريوس عام 1970.

الوظائف والمسؤوليات
تولى منصب مسؤول مالي عن التنظيم الاشتراكي بالثانوية في الفترة التي سبقت التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وكانت المرحلة التي انخرط فيها في صفوف الإخوان مرحلة انقلابات في سوريا ومضايقات للحركة الإسلامية من قبل الحكومات الانقلابية المتعاقبة، وكان العمل في تلك الحقبة سريّاً ويتركز في جامع النوري الشهير بحماة.

النشاط والاعتقال
سافر مروان إلى مصر والتقى بتلاميذ الشيخ حسن البنا وبسيد قطب وآخرين، ونشِط كثيراً في الدعوة ونصرتها في أوساط الشباب، وكانت المرحلة التي عاشها في مصر مرحلة دعوة وجهاد.

وبسبب سياسة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إزاء الإخوان المسلمين في مصر، أعلن مروان عداءه لعبد الناصر، وكان يطلق تصريحات لاذعة ضده أمام الجميع.

بعد حصوله على بكالريوس الهندسة شعبة محاصيل من كلية الزراعة بجامعة عين شمس، عاد مروان في أوائل مارس/آذار 1964 إلى سوريا، وعكف خلال هذه الفترة على عقد الندوات الدينية في بيته ومسجده الصغير بحيّ البارودية، وأقام المحاضرات والدروس في المساجد.

وكان مروان قد أحس بخطر حزب البعث الذي وصل إلى السلطة في انقلاب عام 1963، حيث راح يحذر الناس وينذرهم من أنه لا بد من مجابهة هذا النظام من اللحظة الأولى قبل أن يتمكن من الحكم.

شارك بصفته أحد المسؤولين عن قطاع الطلاب بحركة الإخوان في احتجاجات طلاب ثانوية عثمان الحوراني بمنطقة الحاضر في مدينة حماة يوم 7 أبريل/نيسان 1964، إذ خرج الطلاب في مظاهرة احتجاجية على اعتقال السلطة طالبا كتب على السبّورة الآية القرآنية "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون".

شارك في العمل الفدائي ضد إسرائيل بعد هزيمة 67. كما كان أحد أبرز الشخصيات التي قادت عملية مقاومة دستور 1973، ودعا العلماء إلى مقاومته بالقوة.

أسس عام 1975 ما يسمى "الطليعة المقاتلة" للإخوان المسلمين، غير أن المراقب العام الأسبق لإخوان سوريا عدنان سعد الدين أكد في شهادته لبرنامج "شاهد على العصر" في حلقات بثت عام 2012 "أن مروان لم يؤسس الطليعة المقاتلة قط ولم يتحدث باسمها قط".

تعرض لمحاولات اغتيال من قبل النظام البعثي، وحكموا عليه بالإعدام في محكمة صورية ترأسها المقدم مصطفى طلاس.

ومن أشهر ما نقل عنه إجاباته على أسئلة قاضي المحكمة العسكرية تتهمه بالخيانة والعمالة، فقد قال له طلاس: أنت عميل؟ فأجاب مروان حديد بجرأة "أنا عميل لله"، ثم سأله "أنت مأجور؟"، فرد "أنا مأجور من الله".

نطق طلاس بالحكم وقال إن المحكمة "حكمت عليك بالإعدام شنقا حتى الموت"، وهو الحكم الذي علق عليه حديد قائلا "والله يا مسكين لو عرفتُ أن بيدك الموت والحياة لعبدتك من دون الله".

ورغم صدوره، لم يُنفذ الحكم وأُطلِقَ سراحه بعد تدخل علماء حماة عند رئيس الجمهورية أمين الحافظ آنذاك.

حاول النظام اعتقال مروان في أوائل مارس/آذار 1973 بمنزله الكائن في حي البارودية وكادوا يقتلون ابن أخته، ثم انتقل بعدها إلى العاصمة دمشق، لتداهمه قوة من المخابرات يوم 30 يونيو/حزيران 1975.

التعذيب
تعرض مروان للتعذيب في سجون النظام السوري، حتى انهارت قواه وهزل جسده ونقل إلى مستشفى حرستا العسكري، ثم إلى سجون المخابرات العسكرية بالمزة وهو ما يزال مريضا. استدعي أهله على عجل ليجدوه ينازع في رمقه الأخير، وقد أشار إليهم بإصبعه إلى رقبته بأنه قد أعطي حقنة في عنقه، وإذ بالأجهزة الطبية تشير إلى أن ضغطه أخذ يهبط من جديد وتوفي خلال ساعات.

الوفاة
توفى بسجن المزّة العسكري في يونيو/حزيران 1976 ولم يُسمح لأهله بدفنه في حماة، فدُفِنَ في دمشق بمقبرة الباب الصغير تحت حراسة أمنية مشددة. وبعد دفنه بقيت الحراسة على قبره شهوراً، وكان النظام السوري يعتقل كل من يزور القبر.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية