إبراهيم علي الأحدب.. جامع الفقه والأدب والصحافة

الموسوعة - إبراهيم علي الأحدب

إمام في الفقه الحنفي، برع في العلوم الدينية واللغوية، وجمع بين الفقه والأدب والصحافة، عضو مجلس معارف بيروت.

المولد والنشأة
ولد إبراهيم علي الأحدب عام 1826 في طرابلس شمالي لبنان، وينتمي إلى أسرة قرشية تنتسب إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ظهر فيها عدد من الأعيان، والأحدب كنية السيف.

الدراسة والتكوين
طلب العلم أولا في طرابلس، وقرأ القرآن وجوّده في سن مبكرة، وتتلمذ على الشيخ عرابي أفندي بالمدرسة السقرقية، ثم قرأ على الشيخ عبد الغني الرافعي الفاروقي في المدرسة الطوشية، وبرع في العلوم الدينية والعقلية واللغوية.

سافر إلى الآستانة حاضرة الخلافة العثمانية، أيام السلطان عبد المجيد خان، وانتفع بعلم علمائها.

الوظائف والمسؤوليات
انتقل الأحدب إلى بلدة المختارة عام 1852 بدعوة من الأمير سعيد جنبلاط حاكم مقاطعة الشوف بجبل لبنان، ليكون مستشارا له في القضايا الشرعية، وعاد إلى طرابلس عندما نشبت الفتنة بين الدروز والمسيحيين عام 1860.

وفي عام 1861 عُيّن رئيسا للكتبة في محكمة بيروت الشرعية، وتولى عدة وظائف في القضاء العثماني، ولما عينته الدولة العثمانية قاضيا في صنعاء اعتذر لبعد المسافة عن بلده.

التجربة العلمية
سافر إلى مصر عام 1872 وأقام علاقة طيبة مع الشيخ عبد الهادي نجا الأبياري، مفتي المعية الخديوية في بلاط محمد توفيق باشا.

وعندما أنشئت ولاية بيروت عام 1888، عُيّن عضوا في شعبة المعارف، فنهض بالتعليم وعني عناية خاصة بالمدرسة السلطانية.

برع في فن المقالة بلغة عصره فكتب في "المقتطف" و"الجوائب"، واشتغل في ميدان الصحافة، وتولّى رئاسة جريدة "ثمرات الفنون"، أول جريدة إسلامية تصدر في بيروت، ونشر فيها المقالات الأدبية والفصول الحكميّة.

شغف بالمطالعة ونسخ الكتب، ووصف بأنه شاعر مرهف الحس دقيق المعاني، لا يعرف التزمت والانغلاق، نظم الشعر ومنه قصيدة في مدح الأمير عبد القادر الجزائري الحسني مطلعها:

عقود ودادي نظمها ليس يفسخ         وشرح غرامي محكم ليس ينسخ

إلى أن يقول:
شمائل ما للمسك في الشم طيبها       بأنفاسها برد الشمال مضمّخ

المؤلفات
استعمل الشعر في صياغة بعض الأحكام الشرعية، ونظم قصائد في الغزل، بلغت أبيات شعره ثمانين ألف بيت، ومنها ثلاثة دواوين معروفة باسمه، وكان أديبا ناثرا، كتب نحو ثمانين مقامة على نحو مقامات الحريري.

ومن مؤلفاته كتاب "فرائد الأطواق في إحياء محاسن الأخلاق" اشتمل على مئة مقالة نثرا ونظما على مثال مقامات الزمخشري، و"فرائد اللآل في مجمع الأمثال" نظم فيه الأمثال التي جمعها الميداني في كتابه "مجمع الأمثال" في نحو ستة آلاف بيت، ثم شرحه في مجلدين، وعنى أبناؤه بطبعه.

وله كتاب في الحكم والآداب، و"نشوة الصهباء في صناعة الإنشاء"، و"كشف الأرب في سر الأدب"، و"مهذّب التهذيب في المنطق"، و"كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان"، و"الذيل على ثمرات الأوراق لابن حجّة الحموي"، و"تأهيل الغريب"، و"فرائد الأطواق في أجياد محاسن الأخلاق"، و"تفصيل اللؤلؤ والمرجان في فصول الحكم والبيان"، و"ديوان النفح المسكي في الشعر البيروتي"، و"إبداع الإبداء لفتح باب البناء" في علم التصريف، و"نفحة الأرواح على مراح الأرواح" في علم التصريف أيضا، وله مجموعة رسائل "الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية".

الوفاة
توفي ببيروت في 1891، ودفن في مقبرة سيدنا عمر المشهورة بالباشورة.

ونقشت على قبره أبيات منها:
هذا ضريح توارى فيه ذو شرف         قد كان يملأ عين الدهر مرآه
كنز المعارف إبراهيم من شهدت         له بحسن التقى والفضل دنياه
بطلعة الأحدب الماضي له لقب          ورأيه قد حكى بالفضل معناه

المصدر : الجزيرة