محمد البهي.. الفيلسوف والإسلامي العائد من الاشتراكية

الموسوعة - محمد بن محمد عامر البهي
محمد البهي مفكر إسلامي مصري، تولى مناصب سامية وآمن بالاشتراكية لفترة ثم هجرها، وعرف بمواجهته للعلمانية والمتواطئين مع الاستعمار.

المولد والنشأة
ولد محمد بن محمد عامر البهي في 3 أغسطس/آب 1905 بقرية أسمانية التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة المصرية.

الدراسة والتكوين
حفظ القرآن الكريم في العاشرة من عمره ودرس في المعاهد الدينية بطنطا والإسكندرية. وبعد حصوله على الثانوية الأزهريّة بتفوّق رحل إلى القاهرة والتحق بالأزهر وتخرج فيه عام 1931 حيث نال الشهادة التخصصية في البلاغة والأدب.

وفي العام نفسه ابتعث إلى ألمانيا لدراسة الفلسفة في جامعة هامبورغ ونال منها درجة الدكتوراه عام 1936 عن أطروحة بعنوان "الشيخ محمد عبده والتربية القوميّة في مصر".

الوظائف والمسؤوليات
بعد عودته إلى مصر كلّف بتدريس الفلسفة الإسلاميّة والإغريقيّة وعلم النفس في كليتي اللغة وأصول الدين، ثم نقل عام 1950 إلى كلية اللغة العربية حيث عمل أستاذا ورئيسا لقسم الفلسفة.

بعد صدور قانون تطوير الأزهر عام 1961 عين مديرا لجامعة الأزهر وكان أول شخصية تتولى هذا المنصب.

شغل البهي منصب وزير الأوقاف وشؤون الأزهر عام 1963 بحكومة الجمهوريّة العربيّة المتّحدة.

وعمل أستاذا زائرا بجامعات ماكجل في كندا، والرباط بالمغرب، وقسنطينة بالجزائر، وجامعة قطر، وجامعة العين في الإمارات العربية المتحدة.

التجربة الفكرية والوظيفية
تميزت التجربة الفكرية والوظيفية للبهي بالثراء والتنوع والتحول، فقد تقلد العديد من الوظائف السامية وأشرف على خطط وبرامج عديدة وترك بصمة قوية على الوسط الديني والثقافي من خلال المعاهد والمؤسسات التي أنشأها.

ومن أهم المشاريع التي خطط لها وأنشأها: مشروع دار القرآن، جمعيّة الفقه المقارن والعلوم الإسلاميّة سنة 1383، مشروع المعاهد الأفريقيّة الإسلاميّة، مشروع الكتاب الإسلامي في أفريقيا.

فكريا، هاجم البهي التيار المتمالئ مع الاستعمار، ورفض طرْح العلمانيين الهادف لإبعاد الإسلام عن شؤون التربية والتشريع والعلاقات الاجتماعيّة والعلاقات الأسريّة. وضمن هذا السياق رفض مفهوم التجديد وفق ما ظهر في  كتابات بعض المفكرين في القرن العشرين أمثال علي عبد الرزاق وطه حسين. ودعا في المقابل إلى الإصلاح الديني بالعودة إلى الأصول.

وهو يعتزّ بتجربته مع الفكر الإسلامي في مواجهة مشكلات المجتمع المعاصر، ويرى أنّ الأجيال الجديدة من أبناء المسلمين أدركت حقيقة الوجه الشائه للاستعمار قديما وحديثا، وأنّه عامل مفرّق بين المسلمين ينهب ثرواتهم ويبدّد قواهم.

رأى البهي أن الفكر الإسلامي المعاصر يواجه زحفا إيديولوجيا خطيرا وأنه لا بد من جهد مقابل. ولذلك تصدى لما يسميه المبادئ المستوردة من الغرب وعمل على "كشف نوايا المستشرقين والمبشّرين".

وقد حدّد مفهوم الحريّة في الإسلام بأنّه السيادة على الهوى، وهي التحكم في ضبط شهوة النفس وميولها.

بيد أن المسار الفكري للبهي شهد تحولا مهما فقد تبنّى الاشتراكيّة العربيّة من منطلق إسلامي، وعول عليها في وضع الشعوب المسلمة على درب التقدّم والرفاه.

ومن هذا المنطلق شارك في الحكم من خلال وزارة الأوقاف عام 1963 في حكومة ما يعرف بالجمهورية العربية المتحدة.

لكنه أعرب بعد ذلك عن خيبة أمله في الشعارات التي رفعتها الاشتراكية العربية، وحذف الكثير مما كتبه عنها في كتبه عند إعادة طبعها وتمسك فقط بالحلول الإسلامية الخالصة.

وفي مؤتمر علماء المسلمين الذي انعقد بالقاهرة 1972 جهر البهي بأن الإسلام دعوة وليس ثورة، وأنه لا يقر الانقلابات العسكرية ولا تأميم ومصادرة ممتلكات الناس.

وتوضح المصادر أن البهي كان متعدّد المواهب، وقد غطى إنتاجه السياسة والفلسفة والحضارة والفكر الإسلامي.

المؤلفات
من مؤلفاته الكثيرة: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، خمس رسائل إلى الشباب المسلم، الإسلام ونظم الحكم المعاصرة، طبيعة المجتمع الأوروبي وانعكاس آثارها على المجتمع الإسلامي المعاصر، الإسلام في الواقع الأيديولوجي المعاصر، تهافت الفكر المادي التاريخي، غيوم تحجب الإسلام، منهج القرآن في تطوير المجتمع، مفاهيم يجب الوقوف عندها في لغة اليسار العربي.

وكتب عن سيرته الذاتية تحت عنوان "حياتي في رحاب الأزهر: طالبا وأستاذا ووزيرا".

الجوائز والأوسمة
بمناسبة الاحتفال بالعيد الألف للأزهر، منح البهي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

الوفاة
توفي البهي في 10 سبتمبر/أيلول 1982.

المصدر : الجزيرة